أما التشاؤم فإن الشارع حاربه أشد المحاربة، وإذا كان التشاؤم بشيء لا علاقة له بالأمر فإن هذا عده الشرع من الشرك، ويحكم عليه بأنه مخالف للدين، إما مخالفة كلية تُخرج صاحبها عن الإسلام إذا تشاءم بأشياء واعتقد بأنها هي التي تؤثر بنفسها، كمن يتشاءم بالأيام أو بالشهور، فيرى بأنه إذا فعل الشيء الفلاني في اليوم الفلاني أو في الشهر الفلاني فإنه لن يوفقك فيه، أو يتفاءل ببعض المناظر التي يراها كمن يرى إنسانًا أعور فيتشاءم، أو يرى طيرًا أسود فيتشاءم أو نحو ذلك مما جرت به عادة عوام الناس، فإن هذا التشاؤم يسميه الشرع الحكيم بالطيرة، والنبي – عليه الصلاة والسلام – حكم على الطيرة بأنها شرك، فإن كان المُعْتِقد يعتقد في قلبه أن هذا الشيء بنفسه يفعل الضر ويجلب المكروه فهذا شرك أكبر مُخرج من الإسلام والعياذ بالله، لأنه اعتقد أن هناك من يُدبر أمر الخلق غير الله تعالى ويتصرف في المخلوقات، وهذا من خصائص الله، فهو سبحانه وتعالى الرب الحكيم.
أما إذا كان يعتقد بأن هذه الأشياء سببًا لحصول مكروه ولكن المكروه لا يحصل إلا بتقدير الله فهذا شرك أصغر، أي معصية لا تُخرج صاحبها عن الإسلام، ولكنها معصية مبغوضة يبغضها الله تعالى وينفر منها رسوله – صلى الله عليه وسلم – .
وبهذا تعلم أيها الحبيب أن تفاؤلك أمر مطلوب وهو شيء حسن، ولكن لا تعلق هذا التفاؤل على كل شيء، فإن هذا التفاؤل لابد أن يُبنى على مقدمات صحيحة، كما سمعت كسماع الإنسان للكلمة الطيبة ونحو ذلك.