موسوعة دراسات وأبحاث من الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح

بسم الله الرحمن الرحيم .

يقول الله سبحانه وتعالى: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا» ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) من هذا المنطلق الرباني والهدي النبوي الشريف نجد أن الله تعالى اختار هذا الدين العظيم لأنه هو الذي يصلح لنا وسعادة العباد مرهونة به ويتأكد في قوله سبحانه وتعالى: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ» (إن الله اصطفى لكم الدين) أي أنه عندما اختـار هذا الدين فإنما اختاره لصالحنا، ولحاجتنا إليه، «قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» هذه الآيات الكريمة ما هي إلا بيان واضح لا لبس فيه من الله عز وجل لنا لتوضح لكل عاقل أن الله سبحانه وتعالى هو أعلم بما يصلح للعباد في أمور دينهم ودنياهم لأنه هو الخالق العالم بما يصلح لمن خلق من أجل هذا شرع الله عز وجل الدين الحنيف لتسيير أمور العباد من حيث العبادة بين العبد وربه والتعاملات بين العبيد بعضهم ببعض كما شرع أيضا المنهاج في التعامل مع كل أدوات الحياة.

ومما ينبغي ذكره أن الله عز وجل عندما خلق الإنسان، شاء عز وجل أن يجعله خليفةً في الأرض: «هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا» أنشأكم من الأرض وكلفكم بأن تعمُرُوها العمرانَ الحضاري المتكامل، ولا يتم هذا العمران إلا بعوامل عدة منها الشرع والمنهاج والنظام والعلم والقوة وعن طريق هذه العوامل يولد المجتمع وتنشأ الحضارة ويتكامل العمران، من أجل ذلك أمد الله سبحانه وتعالى الإنسان بقدرات يستعين بها لعمارة الكون ولكي يستمر العمران لابد من عوامل أخرى أولها السلام ولا يتحقق إلا بنسيج من الأمْنِ والعدالة والصدق في المعاملة، وعدم الخيانة، وعدم السرقة.

وعدم الغش والخداع ، وعدم الإفساد في الأرض، ونعلم جميعا أن السلام لا يتحقق إلا بالطمأنينة التي تأتي من نسيج هذه الأمور كلها، ولا يتأتى ذلك إلا عن طريق شرع قويم يقوم على أساس العدل بين الناس ويكون قوامه معرفة حقيقة الإنسان ألا وهي أنه عبدٌ لله عز وجل يراقب الله سبحانه وتعالى في جميع أفعاله وأقواله وفق نهج قويم يصلح للمجتمع ويرضي الله الخالق العالم بكل أسرار خلقه، وعندما تكون رقابة الله سبحانه وتعالى مهيمنةً على الإنسان لا نجد من يغش أو يخدع أو يفسد أو يسرق أو ينهب او يسفك الدماء أو من يأكل أموال الناس بالباطل بل نجد مجتمعا قائما على المحبة والصدق والإخلاص لرب العالمين واتباع سنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم.

المصدر | البيان .