بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
الخلق كلهم مفتقرون إلى الله محتاجون لما عنده ، وهو غني عنهم
غير محتاج إليهم . وقد أوجب الله عز وجل على عباده الدعاء فقال
سبحانه وتعالى ((ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي
سيدخلون جهنم داخرين )) أي عن دعائي
وقال صلى الله عليه وسلم ((من لم يسأل الله يغضب عليه ))ابن ماجه
ومع هذا فالله سبحانه وتعالى يفرح بسؤال عبده إياه ، ويحب الملحين
عليه ويدنيهم منه . ولقد استشعر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
هذا الأمر فكان أحدهم لا يحتقر شيئاً أن يسأل الله إياه ، ولا ينزلون مسائلهم
على أحد من خلقه ، وما ذاك إلا لتعلقهم بربهم وقربهم منه وقربه منهم
امتثالاً لقوله عز وجل ((وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ))
والدعاء له منزله عظيمه عند الله ، فهو أكرم شئ على الله ،
وقد يرد القضاء ، وكل من دعا الله استجاب له إن وجدت الأسباب
وانتفت الموانع ، ويعطى الداعي أحد أمور ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم
بقوله ((ما من مسلم يدعوا بدعوه ليس فيها إثم ولا قطيعه رحم إلا أعطاه الله
بها إحدى ثلاث : إما أن تعجل له دعوته ، وإما أن يدخرها له في الآخره ،وإما أن
يصرف عنه من السوء مثلها قالوا إذن نكثر ؟ قال : الله أكثر )) أحمد..
والدعاء نوعان ....
1)دعاء عباده : كالصلاه والصيام .
2)دعاء مسأله وطلب .
ومن هنا يخطر سؤال على بال القارئ وهو ......
هل قراءه القرآن أفضل ، أم الذكر ، أم الدعاء والطلب ؟؟
بالطبع قراءه القرآن أفضل الأعمال مطلقاً ، ثم الذكر والثناء ،
ثم الدعاء والطلب ، وهذا من حيث الإجمال ، ولكن قد يعرض للمفضول
ما يجعله أولى من الفاضل ، فالدعاء يوم عرفه أفضل من قراءه القرآن ،
والانشغال بالأذكار الوارده دبر الصلوات المكتوبه أولى من قراءه القرآن .
كيف تصبح مجاب الدعوه ..؟
أسباب إجابه الدعاء : هناك أسباب ظاهره ، وأسباب باطنه...
1)الأسباب الظاهره
تقديم الأعمال الصالحه ، كالصدقه والوضوء ، والصلاه ، واستقبال القبله ،
ورفع اليدين ، والثناء على الله عز وجل بما هو أهله ، واستعمال أسماء الله
وصفاته بما يتناسب مع المدعوِّ به ،
فإذا كان الدعاء بطلب الجنه يكون التضرع بفضله ورحمته ،
وإذا دعى على ظالم مثلاً ، فلا يستخدم اسم الرحمن الرحيم وإنما يستعمل
اسم الجبار أو القهار ، ومن أسباب الإجابه أيضاً الصلاه على النبي
في أوله ووسطه وآخره ، والإقرار بالذنوب ، وشكر الله على نعمه ،
واغتنام الأوقات الفاضله التي ورد الدليل بأنها مظنه الإجابه ،
وهي كثيره ومنها :
* في اليوم والليله
- ثلث الليل الأخيرحين ينزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا
- بين الآذان والإقامه
- بعد الوضوء
- في السجود
- قبل السلام من الصلاه
- دبر كل صلاه
- عند ختم القرآن
- عند صياح الديك
- عند السفر
- دعوه المظلوم والمضطر
- دعوه الوالد لولده
- دعوه المسلم لأخيه في ظهر الغيب
- عند لقاء العدو في الحرب
* في الأسبوع
- يوم الجمعه وبخاصه في آخر ساعه منه
* في الأشهر
- شهر رمضان عند الفطر وعند السحر
- ليله القدر
- يوم عرفه
* في الأمكنه الشريفه
- في المساجد عموما
- عند الكعبه وبخاصه عند الملتزم
- عند مقام إبراهيم عليه السلام
- فوق الصفا والمروه
- في عرفات ومزدلفه ومنى أيام الحج
- عند شرب ماء زمزم
2) أسباب باطنه
فقبل الدعاء يتوجب علينا الآتي...
- تقديم التوبه الصادقه
- رد المظالم
- أن يكون المطعم والملبس والمشرب والمسكن من الكسب الحلال
- الإكثار من الطاعات
- اجتناب المحرمات
- التعفف عن الشبهات والشهوات
أما أثناء الدعاء فيكون ذلك بالآتي ...
- بحضور القلب
- الثقه بالله وقوه الرجاء
- اللجوء إليه مع التضرع والإلحاح
- تفويض الأمر إليه جل في علاه
- قطع النظر عمن سواه
- تيقن الإجابه
وقد يدعوا الإنسان ولا يستجاب له ، أو تتأخر الإجابه ، والأسباب كثيره منها ....
- دعاء غير الله مع الله
- التفصيل في الدعاء
كالإستعاذه من حر جهنم وضيقها وظلمتها ..مع أنه يكفي الإستعاذه من النار فقط.
- دعاء المسلم على نفسه أو غيره ظلما
- الدعاء بالإثم وقطيعه الرحم
- تعليق الدعاء بالمشيئه
بقول اللهم اغفر لي إن شئت ونحوها
- استعجال الإجابه
حيث يقول دعوت ولم يستجب لي
- الإستحسار
وهو ترك الدعاء تعبا ومللا
- الدعاء بقلب غافل لاه
- عدم التأدب بين يدي الله
وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو في صلاته
فلم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم
:((عجِل هذا )) ثم دعاه فقال له أو لغيره ((إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله
والثناء عليه ، ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليدع بعد بما شاء ))
الترمذي
- الدعاء بأمر قد فرغ منه
كأن يدعوا بالخلود في الدنيا
- السجع المتكلف في الدعاء
قال عز وجل :((ادعوا ربكم تضرعاً وخُفيه إنه لا يُحبُ المعتدين ))،
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : ((فانظر السجع من الدعاء فاجتنبه فإني
عهدتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك ،
يعني : لا يفعلون إلا ذلك الإجتناب )) البخاري
- الإفراط في رفع الصوت في الدعاء :
قال عز وجل ((ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغِ بين ذلك سبيلا )) ،
وقالت عائشه رضي الله عنها (( أنزل هذا في الدعاء))
فسبحان من هو أرحم بعبده من الأم بولدها ..
وبقيت نقطه مهمه ينبغي التنبيه عليها : وهي أنه قد تؤخر الإجابه
لمده طويله كما أخر سبحانه إجابه يعقوب في رد إبنه يوسف إليه ،
وكما أخر إجابه نبيه أيوب عليه الصلاه والسلام في كشف الضر عنه ،
وهما نبيان كريمان .
فينبغي ألا ييأس العبد من رحمه ربه ، وألا يترك الدعاء فهو في ذاته
عباده لله تحمل للعبد كل خير وفلاح
تقبلوا تحياتي
ولا تنسوني من صالح دعائكم
فراشه الربيع