عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 19 Feb 2013, 11:41 AM
طالب علم
باحث علمي ـ جزاه الله خيرا
طالب علم غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 2783
 تاريخ التسجيل : May 2008
 فترة الأقامة : 5848 يوم
 أخر زيارة : 24 Apr 2024 (02:36 PM)
 المشاركات : 3,116 [ + ]
 التقييم : 11
 معدل التقييم : طالب علم is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
أمر الله رَسُولَهُ أَنْ يُخْبَرَقَوْمَهُ : أَنَّ الْجِنَّ اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ .



[ ص: 238 ] تَفْسِيرُ سُورَةِ الْجِنِّ وَهِيَ مَكِّيَّةٌ .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ( 1 ) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ( 2 ) وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا ( 3 ) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا ( 4 ) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ( 5 ) وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ( 6 ) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا ( 7 ) )
التحليل الموضوعي :

يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْبَرَ قَوْمَهُ : أَنَّ الْجِنَّ اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ فَآمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ وَانْقَادُوا لَهُ ، فَقَالَ تَعَالَى : ( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ ) أَيْ : إِلَى السَّدَادِ وَالنَّجَاحِ ، ( فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ) وَهَذَا الْمَقَامُ شَبِيهٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ ) [ الْأَحْقَافِ : 29 ] وَقَدْ قَدَّمْنَا الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي ذَلِكَ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا .

وَقَوْلُهُ : ( وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا ) قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( جَدُّ رَبِّنَا ) أَيْ : فِعْلُهُ وَأَمْرُهُ وَقُدْرَتُهُ .

وَقَالَ الضَّحَّاكُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : جَدُّ اللَّهِ : آلَاؤُهُ وَقُدْرَتُهُ وَنِعْمَتُهُ عَلَى خَلْقِهِ .

وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ : جَلَالُ رَبِّنَا . وَقَالَ قَتَادَةُ : تَعَالَى جَلَالُهُ وَعَظَمَتُهُ وَأَمْرُهُ . وَقَالَ السُّدِّيُّ : تَعَالَى أَمْرُ رَبِّنَا . وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَمُجَاهِدٌ أَيْضًا وَابْنُ جُرَيْجٍ : تَعَالَى ذِكْرُهُ . وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : ( تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا ) أَيْ : تَعَالَى رَبُّنَا .

فَأَمَّا مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : الْجَدُّ : أَبٌ ، وَلَوْ عَلِمَتِ الْجِنُّ أَنَّ فِي الْإِنْسِ جِدًّا مَا قَالُوا : تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا .

فَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ ، وَلَكِنْ لَسْتُ أَفْهَمُ مَا مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ ; وَلَعَلَّهُ قَدْ سَقَطَ شَيْءٌ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَقَوْلُهُ : ( مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا ) أَيْ : تَعَالَى عَنِ اتِّخَاذِ الصَّاحِبَةِ وَالْأَوْلَادِ ، أَيْ : قَالَتْ [ ص: 239 ] الْجِنُّ : تَنَزَّهَ الرَّبُّ تَعَالَى جَلَالُهُ وَعَظَمَتُهُ ، حِينَ أَسْلَمُوا وَآمَنُوا بِالْقُرْآنِ ، عَنِ اتِّخَاذِ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ .

ثُمَّ قَالُوا : ( وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا ) قَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ : ( سَفِيهُنَا ) يَعْنُونَ : إِبْلِيسَ ، ( شَطَطًا ) قَالَ السُّدِّيُّ ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ : ( شَطَطًا ) أَيْ : جَوْرًا . وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ : ظُلْمًا كَبِيرًا .

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ : ( سَفِيهُنَا ) اسْمَ جِنْسٍ لِكُلِّ مَنْ زَعَمَ أَنَّ لِلَّهِ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا ؛ وَلِهَذَا قَالُوا : ( وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا ) أَيْ : قَبْلَ إِسْلَامِهِ ) عَلَى اللَّهِ شَطَطًا ) أَيْ : بَاطِلًا وَزُورًا ; ( وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ) أَيْ : مَا حَسِبْنَا أَنَّ الْإِنْسَ وَالْجِنَّ يَتَمَالَئُونَ عَلَى الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ فِي نِسْبَةِ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ إِلَيْهِ ، فَلَمَّا سَمِعْنَا هَذَا الْقُرْآنَ وَآمَنَّا بِهِ ، عَلِمْنَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْذِبُونَ عَلَى اللَّهِ فِي ذَلِكَ .

وَقَوْلُهُ : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) أَيْ : كُنَّا نَرَى أَنَّ لَنَا فَضْلًا عَلَى الْإِنْسِ ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعُوذُونَ بِنَا ، أَيْ : إِذَا نَزَلُوا وَادِيًا أَوْ مَكَانًا مُوحِشًا مِنَ الْبَرَارِي وَغَيْرِهَا كَمَا كَانَ عَادَةُ الْعَرَبِ فِي جَاهِلِيَّتِهَا ، يَعُوذُونَ بِعَظِيمِ ذَلِكَ الْمَكَانِ مِنَ الْجَانِّ ، أَنْ يُصِيبَهُمْ بِشَيْءٍ يَسُوؤُهُمْ كَمَا كَانَ أَحَدُهُمْ يَدْخُلُ بِلَادَ أَعْدَائِهِ فِي جِوَارِ رَجُلٍ كَبِيرٍ وَذِمَامِهِ وَخَفَارَتِهِ ، فَلَمَّا رَأَتِ الْجِنُّ أَنَّ الْإِنْسَ يَعُوذُونَ بِهِمْ مِنْ خَوْفِهِمْ مِنْهُمْ ، ( فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) أَيْ : خَوْفًا وَإِرْهَابًا وَذُعْرًا ، حَتَّى تَبْقَوْا أَشَدَّ مِنْهُمْ مَخَافَةً وَأَكْثَرَ تَعَوُّذًا بِهِمْ ، كَمَا قَالَ قَتَادَةُ : ( فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) أَيْ : إِثْمًا ، وَازْدَادَتِ الْجِنُّ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ جَرَاءَةً .

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ : ( فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) أَيِ : ازْدَادَتِ الْجِنُّ عَلَيْهِمْ جُرْأَةً .

وَقَالَ السُّدِّيُّ : كَانَ الرَّجُلُ يَخْرُجُ بِأَهْلِهِ فَيَأْتِي الْأَرْضَ فَيَنْزِلُهَا فَيَقُولُ : أَعُوذُ بِسَيِّدِ هَذَا الْوَادِي مِنَ الْجِنِّ أَنْ أُضَرَّ أَنَا فِيهِ أَوْ مَالِي أَوْ وَلَدِي أَوْ مَاشِيَتِي ، قَالَ : فَإِذَا عَاذَ بِهِمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ ، رَهِقَتْهُمُ الْجِنُّ الْأَذَى عِنْدَ ذَلِكَ .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ : كَانَ الْجِنُّ يَفْرَقُونَ مِنَ الْإِنْسِ كَمَا يَفْرَقُ الْإِنْسُ مِنْهُمْ أَوْ أَشَدَّ ، وَكَانَ الْإِنْسُ إِذَا نَزَلُوا وَادِيًا هَرَبَ الْجِنُّ ، فَيَقُولُ سَيِّدُ الْقَوْمِ : نَعُوذُ بِسَيِّدِ أَهْلِ هَذَا الْوَادِي .

فَقَالَ الْجِنُّ : نَرَاهُمْ يَفْرَقُونَ مِنَّا كَمَا نَفْرَقُ مِنْهُمْ ، فَدَنَوْا مِنَ الْإِنْسِ فَأَصَابُوهُمْ بِالْخَبَلِ وَالْجُنُونِ ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا )

وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَالرَّبِيعُ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ : ( رَهَقًا ) أَيْ : خَوْفًا . وَقَالَ الْعَوْفِيُّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : ( فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) أَيْ : إِثْمًا . وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ . وَقَالَ مُجَاهِدٌ : زَادَ الْكُفَّارَ طُغْيَانًا .

[ ص: 240 ]

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ الْمَغْرَاءِ الْكِنْدِيُّ ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ - يَعْنِي الْمُزَنِيَّ - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ كَرْدِمِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ : خَرَجْتُ مَعَ أَبِي مِنَ الْمَدِينَةِ فِي حَاجَةٍ ، وَذَلِكَ أَوَّلَ مَا ذُكِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ ، فَآوَانَا الْمَبِيتُ إِلَى رَاعِي غَنَمٍ ، فَلَمَّا انْتَصَفَ اللَّيْلُ جَاءَ ذِئْبٌ فَأَخَذَ حَمَلًا مِنَ الْغَنَمِ ، فَوَثَبَ الرَّاعِي فَقَالَ : يَا عَامِرَ الْوَادِي ، جَارَكَ ، فَنَادَى مُنَادٍ لَا نَرَاهُ ، يَقُولُ : يَا سِرْحَانُ ، أَرْسِلْهُ ، فَأَتَى الْحَمَلُ يَشْتَدُّ حَتَّى دَخَلَ فِي الْغَنَمِ لَمْ تُصِبْهُ كَدْمَةٌ . وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ بِمَكَّةَ ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا )

ثُمَّ قَالَ : وَرُوِيَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَالْحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعَيِّ نَحْوُهُ .

وَقَدْ يَكُونُ هَذَا الذِّئْبُ الَّذِي أَخَذَ الْحَمَلَ - وَهُوَ وَلَدُ الشَّاةِ - وَكَانَ جِنِّيًّا حَتَّى يُرْهِبَ الْإِنْسِيَّ وَيَخَافُ مِنْهُ ، ثُمَّ رَدَّهُ عَلَيْهِ لَمَّا اسْتَجَارَ بِهِ ، لِيُضِلَّهُ وَيُهِينَهُ ، وَيُخْرِجَهُ عَنْ دِينِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَقَوْلُهُ : ( وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا ) أَيْ : لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ رَسُولًا . قَالَهُ الْكَلْبِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ .

الكتب - تفسير القرآن العظيم - تفسير سورة الجن - تفسير قوله تعالى " قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا " - تفسير قوله تعالى " قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا "- الجزء رقم8




 توقيع : طالب علم


رد مع اقتباس