قَوْلُهُ تَعَالَى : وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ
فِيهِ سَبْعُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى وَقُلْنَا اهْبِطُوا حُذِفَتِ الْأَلِفُ مِنَ اهْبِطُوا فِي اللَّفْظِ لِأَنَّهَا أَلِفُ وَصْلٍ . وَحُذِفَتِ الْأَلِفُ مِنْ قُلْنَا فِي اللَّفْظِ لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ الْهَاءِ بَعْدَهَا . وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى عَنْ أَبِي حَيْوَةَ ضَمَّ الْبَاءِ فِي ( اهْبُطُوا ) ، وَهِيَ لُغَةٌ يُقَوِّيهَا أَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ وَالْأَكْثَرُ فِي غَيْرِ الْمُتَعَدِّي أَنْ يَأْتِيَ عَلَى يَفْعُلَ . وَالْخِطَابُ لِآدَمَ وَحَوَّاءَ وَالْحَيَّةِ وَالشَّيْطَانِ ، فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ . وَقَالَ الْحَسَنُ : آدَمُ وَحَوَّاءُ وَالْوَسْوَسَةُ . وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ أَيْضًا : بَنُو آدَمَ وَبَنُو إِبْلِيسَ . وَالْهُبُوطُ : النُّزُولُ مِنْ فَوْقٍ إِلَى أَسْفَلَ ، فَأُهْبِطَ آدَمُ بِسَرَنْدِيبَ فِي الْهِنْدِ بِجَبَلٍ يُقَالُ لَهُ " بُوذُ " وَمَعَهُ رِيحُ الْجَنَّةِ فَعَلِقَ بِشَجَرِهَا وَأَوْدِيَتِهَا فَامْتَلَأَ مَا هُنَاكَ طِيبًا ، فَمِنْ ثَمَّ يُؤْتَى بِالطِّيبِ مِنْ رِيحِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ . وَكَانَ السَّحَابُ يَمْسَحُ رَأْسَهُ فَأَصْلَعَ ، فَأَوْرَثَ وَلَدَهُ الصَّلَعَ . وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا الْحَدِيثَ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَسَيَأْتِي . وَأُهْبِطَتْ حَوَّاءُ بِجَدَّةَ وَإِبْلِيسُ بِالْأُبُلَّةَ ، وَالْحَيَّةُ بِبَيْسَانَ ، وَقِيلَ : بِسِجِسْتَانَ . وَسِجِسْتَانَ أَكْثَرُ بِلَادِ اللَّهِ حَيَّاتٍ ، وَلَوْلَا الْعِرْبَدُّ الَّذِي يَأْكُلُهَا وَيُفْنِي كَثِيرًا مِنْهَا لَأُخْلِيَتْ سِجِسْتَانُ مِنْ أَجْلِ الْحَيَّاتِ ، ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ الْمَسْعُودِيُّ .
يتبع..