السَّادِسَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : إِلَى حِينٍ اخْتَلَفَ الْمُتَأَوِّلُونَ فِي الْحِينِ عَلَى أَقْوَالٍ ، فَقَالَتْ فِرْقَةٌ : إِلَى الْمَوْتِ ؛ وَهَذَا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ : الْمُسْتَقَرُّ هُوَ الْمُقَامُ فِي الدُّنْيَا وَقِيلَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ ، وَهَذَا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ : الْمُسْتَقَرُّ هُوَ الْقُبُورُ وَقَالَ الرَّبِيعُ إِلَى حِينٍ إِلَى أَجَلٍ . وَالْحِينُ الْوَقْتُ الْبَعِيدُ فَحِينَئِذٍ تَبْعِيدٌ مِنْ قَوْلِكَ الْآنَ قَالَ خُوَيْلِدٌ :
كَابِي الرَّمَادِ عَظِيمُ الْقِدْرِ جَفْنَتُهُ حِينَ الشِّتَاءِ كَحَوْضِ الْمَنْهَلِ اللَّقِفِ
لَقِفَ الْحَوْضُ لَقْفًا ، أَيْ تَهَوَّرَ مِنْ أَسْفَلِهِ وَاتَّسَعَ . وَرُبَّمَا أَدْخَلُوا عَلَيْهِ التَّاءَ قَالَ أَبُو وَجْزَةَ :
الْعَاطِفُونَ تَحِينُ مَا مِنْ عَاطِفٍ وَالْمُطْعِمُونَ زَمَانَ أَيْنَ الْمُطْعِمُ
وَالْحُيْنُ أَيْضًا : الْمُدَّةُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ وَالْحِينُ السَّاعَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْحِينُ الْقِطْعَةُ مِنَ الدَّهْرِ كَالسَّاعَةِ فَمَا فَوْقَهَا وَقَوْلُهُ فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ أَيْ حَتَّى تَفْنَى آجَالُهُمْ وَقَوْلُهُ تَعَالَى تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ أَيْ كُلَّ سَنَةٍ ، وَقِيلَ : بَلْ كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ، وَقِيلَ : بَلْ غُدْوَةً وَعَشِيًّا ، قَالَ الْأَزْهَرِيُّ الْحِينُ اسْمٌ كَالْوَقْتِ يَصْلُحُ لِجَمِيعِ الْأَزْمَانِ كُلِّهَا طَالَتْ أَوْ قَصُرَتْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ وَلَا يَنْقَطِعُ نَفْعُهَا الْبَتَّةَ قَالَ وَالْحِينُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَالْحِينُ الْغُدْوَةُ وَالْعَشِيَّةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَيُقَالُ عَامَلْتُهُ مُحَايَنَةً مِنَ الْحِينِ وَأَحْيَنْتُ بِالْمَكَانِ إِذَا أَقَمْتُ بِهِ حِينًا . وَحَانَ حِينَ كَذَا أَيْ قَرُبَ ، قَالَتْ بُثَيْنَةُ :
وَإِنَّ سُلُوِّيَ عَنْ جَمِيلٍ لَسَاعَةٌ مِنَ الدَّهْرِ مَا حَانَتْ وَلَا حَانَ حِينُهَا
يتبع..