عرض مشاركة واحدة
قديم 26 Oct 2009, 09:12 PM   #3
طالب ليبي
باحث ذهبي


الصورة الرمزية طالب ليبي
طالب ليبي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 5544
 تاريخ التسجيل :  May 2009
 أخر زيارة : 27 Feb 2018 (10:36 AM)
 المشاركات : 226 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue



هل الجن مكلفون ؟ وهل يحاســبون







أجمع المســلمون على أن نبينا صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى الجن , كما أنه مبعوث الى الأنس

قال الفخر الرازي : أطبق الكل على أن الجن كلهم مكلفون : أي : مأمورون ومنهيون وأنه صلى الله عليه وسلم أرسل إليهم

وقال القاضي عبدالجبار ( من المعتزلة ) : لا نعلم خلافا بين أهل النظر : أن الجن مكلفون الا ما نقل عن الحشوية

( وهم طائفة تمسكوا بالظواهر وذهبوا إلى التجسيم وغيره ) أنهم ليســوا مكلفين ,,, ومن كلام بعضهم : لا يخالف أحد من طوائف المسلمين في أن الله تعالى أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم بشيرا ونذيرا إلى الأنس والجــن

روى وشمة بن موسى من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( أرسلت إلى الجن والأنس

وإلى كل أحمر وأسود ))




رأي ابن تيميـة





قال أبوالعباس ابن تيمية : أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى جميع الثقلين : الأنس والجن وأوجب عليهم الإيمان وما جاء به وهو أصل متفق عليه بين الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين وسائر طوائف أهل السنة والجماعة فهم مكلفون بفروع شرائعنا اجماعا معلوم من الدين بالضرورة يكفر جاحده لكنا لا ندري تفاصيل تكليفهم ..

قال تعالى ((( وما خلقت الجن والأنس الا ليعبدون ))) فالله تعالى خلق الأنس والجن لغاية وضحها لنا سبحانه فالجن على ذلك مكلفون يثابون على الطاعة ,, أو يحاســــبون على المعصية



وقال ابن مفلح الحنبلي , في كتاب الفروع : " الجــن مكلفون في الجملة , يدخل كافرهم النار , ويدخل مؤمنهم الجنة , لا أنهم يصيرون ترابا كالبهائم , وثوابهم النجاة من النار , وظاهر الأمر في الجنة كغيرهم بقدر ثوابهم خلافا لمن قال : أنهم لا يأكلون ولايشـــــربون فيها , أو أنهم في رياض الجنــة , وقوله عليه الســلام (( كان النبي يبعث الى قومه خاصة )) يدل على أنه لم يبعث اليهم نبي قبل نبينا , وليس منهم رســول ... ذكره القاضي , وابن عقيل , وغيرهما ,, وأجابوا عن قوله (( يامعشــر الجــن والأنـــس ألم يأتكم رســل منكـم )) أنها كقــوله تعالى (( يخـــرج منهما اللؤلؤ و المرجان )) وأنما يخرج من أحدهما




رأي الحنــابــلة





في كتب الحنابلة : الجن مكلفون في الجملة إجماعا ,, أي : مشــاركون الأنس في جنس الأمر والنهي والتحليل والتحريم ,, إلا في خصوص ما أمروا به أو نهوا عنه أو حلل لهم أو حرم عليهم ...



وفي كلام بعضهم المكلفون على ثلاثة أقســــام

قســــم : كلف من أول الفطرة قطعا وهم الملائكة وآدم وحواء

وقســـم : لم يكلف من أول الفطرة قطعا وهم أولاد آدم

وقســـم : فيه نزاع والظاهر أنهم مكلفون من أول الفطرة وهم الجان






اختلاف العلماء في ثواب الجن على الطاعات





اختلف العلماء في ثواب الجن على الطاعات بعد اتفاقهم أنهم يعاقبون على المعاصي ,, فقد قيل لأبن عباس : هل للجن ثواب ؟

قال : وعليهم عقاب ,, وقيل : لا ثواب لهم الا النجاة من النار ,, واســتدل القائل : بقوله تعالى عن الجن الذين أسلموا : أنهم قالوا لقومهم ( يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم )

وبقوله تعالى : ((( فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخســـا ولا رهقا )))

فلم يذكر في الآيتين ثوابا غير النجاة من العذاب ,,, ولم يقولوا ليثيبكم على الحســـنة ,,, وأجيب : بأن أولئك خفي عليهم ما أعد الله لهم من الثواب






هـــل يدخلون الجنـــة





قيل : ولا يدخلون الجنة بل يقال لهم : كونوا ترابا كالبهائم ,,, والجمهور : يدخلون الجنــة ,,, بل قال بعضهم : أنه مما أجمع المســـلمون عليه , واســتدل له بقوله تعالى خطابا للجن والأنس : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان * فبأي آلاء ربكما تكذبان ) ومن ثم جاء أنه صلى الله عليه وسلم لما تلا هذه الســورة على الصحابة قال لهم : الجن أحســـن منـكم ردا ,,, فعن جابر بن عبدالله قال : (( قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ســورة الرحمن حتى ختمها ثم قال : مالي أراكم ســـكوتا ؟ للجن أحسن منكم ردا ,, ما قرأت عليهم هذه الآية من مرة ( فبأي آلاء ربكما ) الا قالوا : " ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد "

وفي رواية ( الا جوابا منكم ما تكون عليهم آية الا قالوا : ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب , وعلى هذا أحسن القول : قيل : لا يأكلون في الجنة ولا يشربون , بل يلهمون من التقديس والتسبيح ما يجدونه به مثل ما يجده أهل الجنة من لذة الطعام والشراب



وفي كتب الحنابلة : يدخل كافرهم النار إجماعا ,, ويدخل مؤمنهم الجنة وفاقا لمالك والشافعي ,, وهم في الجنة كغيرهم من الآدميين على قدر ثوابهم خلافا لمن قال : لا يأكلون ولا يشربون فيها وهم فيها على العكس من الدنيا نراهم ولا يروننا






هــل يرون الحــق ســــبحانه ؟؟





قيل : ولا يرون الحق سبحانه وتعالى كالملائكة وأن الرؤية للحق سبحانه وتعالى في الجنة خاصة لمؤمني الأنس ,, وقيل : لا يدخلون الجنة بل يكونون في ربضها , أي : حولها ,,, وقيل : على الأعراف ...

ويرى سلطان العلماء الشيخ عز الدين بن عبدالســلام : أن مؤمني الجن اذا دخلوا الجنة لا يرون الله ,, وأن الرؤية مخصوصة لمؤمني البشر , فأنه صرح بأن الملائكة لا يرون الله في الجنة , ومقتضى هذا أن الجن لا يرونه ,,,, ويعلق الأمام الســيوطي على كلام العز بقوله : قد ثبت أن الملائكة يرون الله , وجزم به البيهقي , وعقد لذلك بابا في كتاب " الرؤية " , وذكر القاضي جلال الدين البلقيني بحثا من عنده أن الجن يرون لعموم الأدلة , ونقله ابن العماد في شرح أرجوزته في الجن عن شيخه سراج الدين البلقيني , ولكن في أسئلة الصفا من أئمة الحنفية أن الجن لا يرون ربهم في الجنة .






هــل يوجــد فيهم نبي أو رسول قبل بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم





جمهور العلماء سلفا وخلفا على أنه لم يكن من الجن قط رسول عن الله تعالى إليهم إلى غيرهم ,, وفي كلام ابن عباس أن يوســف الذي قتلوه كان أرســله رســولا إليهم وأمرهم بطاعته ,, وقيل : ويؤيده أن الضحاك سئل : هل كان من الجن رسول ؟ فقال للسائل : ألم تســمع قول الله تعالى : ((( يا معشـــر الجن والأنس ألم يأتكم رســـل منكــم ))) ,, وقد يــرد : بأن هؤلاء الرســل لم يكونوا من الله تعالى إليــهم ... أما رأي الحنابلة : لم يرســل إليهم من قبل نبينا رسول ,,, وقوله تعالى ((( يخرج منهما اللؤلؤ والمرجــان ))) وإنما يخرج من أحدهما ,,, وقوله تعالى ((( وجعل القمر فيهن نــورا ))) أي : في الســماوات وإنما هو في ســماء واحدة فهو تغليب ... وفي كلام الشبلي : ولا شــك أن الجن مكلفون في الأمم الماضية كما أنهم مكلفون في هذه الملة والتكليف أنما يكون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ,, وأما كون ذلك أنســانا أو جنيا فلم يرد فيه دليل قاطع وتحقيق ذلك مما لا فائدة فيــه ... وفي حياة الحيوان : لو كانت بجملتها ( أي : الشريعة ) لازمة لهم لكانوا يترددون الى النبي صلى الله عليه وسلم حتى يعلموها ولم ينقل أنهم أتوه إلا مرتين بمكة وقد تحدد بعد ذلك أكثر الشريعة لكن لا يلزم من عدم النقل عدم اجتماعهم به وحضورهم مجلسه وسـماعهم كلامه وهو صلى الله عليه وسلم يراهم ولا يراهم أصحابه






ذكر تصفيدهم في رمضـــــــان





أخرج الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( اذا كان أول ليـلة من رمضــــان صفــدت الشـــياطيـن ومـــردة الجـــن )) ,, أي : شــــدت وأوثــقت ,,, قال عبدالله بن أحمد بن حنبل : سألت أبي عن هذا الحديث ,, وقلت : الرجـل يوسـوس في رمضان ويصــرع ؟ قال : هكذا جاء في الحديث






بيان ما ينتحلونه من الأديان





الجن فيهم مسـلمون وكفار منهم يهود ونصارى ومجوس ( المجوس : قوم كانوا يعبدون الشمس والقمر والنار , وأطلق عليهم هذا اللقب منذ القرن الثالث الهجري ) وعبدة أوثـان ... وقد قال صلى الله عليه وسلم في بعض الجن : ذاك فلان النصراني وفي المسلمين منهم أهل ســنة , وبدعة , وقدرية , ومرجئة ( المرجئة هم : فرقة إسلامية لا يحكمون على أحد من المسلمين بشيء بل يرجئون الحكم الى يوم القيامة , ومن أقوالهم " أنه لا يضر مع الأيمان معصية , ولا ينفع مع الكفر طاعة " ) , وشيعية ( الشيعة هم : فرقة كبيرة من المسلمين اجتمعوا على حب علي وآلاه وأحقيتهم بالإمامة ) , ورافضية ( الرافضية هم : فرقة من الشيعة تجيز الطعن في الصحابة , سموا بذلك لأن أوليهم رفضوا زيد بن علي حين نهاهم عن الطعن في الشيخين )






علمهم بالفـقـه والنـحو والحـديث





عن الحسـن بن كيسـان : رأيت في القوم جماعة من الجن يتذاكرون في الفقه والحديث والنحو والشـعر ,, قلت : أفيكم علماء ؟ قالوا : نعم ,, قلت : إلى من تميــلون ؟ قالوا : إلى ســيبويه



وذكر الشيخ " عبدالوهاب الشعراوي " عن الجني الذي جاء له بأسئلة الجان " في صورة كلب أصفر " أنهم يميلون بطباعهم الى الشــــــعر ..






ما حفظ عنهم من المواعظ والحــكم والأشـــعار







قال بعضهم : مات لي ابن صغير فوجدت عليه " وجد يجد وجدا : حزن " وجدا شــديدا ,, وصرت لا أنام إلا ما قل وأني ذات ليلة على ســريري ,, فســمعت من زاوية من زوايا البيت " الســـلام عليك ورحمة الله يا أبا خليـفة " فقلت : " وعليك السلام " ورعبت رعبا شديدا ,, ثم قرأ آيات من آخر سـورة آل عمران حتى انتهى إلى قوله :

(( وما عند الله خير للأبرار )) ثم قال : يا أبا خليفة ,, قلت : لبيك . قال : ماذا تريد أن تختص في الحياة في ولدك دون الناس ؟! أأنت أكرم على الله , أم محمد صلى الله عليه وسلم ؟ مات ولده أبراهيم فقال : (( تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يســـخط الرب )) ,,

فقلت له : من أنت يرحمك الله ؟ قال : امرؤ من الجن من جيرانك ...

وسمع من كلامهم : إن أطيب شيء رائحة ريح زهر وعطر ,,, وســـــمع من شـــــعرهم :


الخيـــر يبقى وأن طال الزمان بـه والشــر أخبث ما أوعيت من زاد



ومن ذلك :


أرى الأيام لا تبقي عزيــزا لعزتــه ولا تبقي ذليــل



وروى الفاكهي في كتاب ( مكة ) من حديث ابن عباس , عن عامر بن ربيعة , قال : بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة في بدء الإســلام إذ هتــف هاتــف على بعض جبال مكــة , فحرض على المســـلمين ,, فقال النبي صلى الله عليه وسلم :

(( هــذا شـــيطان ولم يعلن شـــيطان بتحريض على نبي إلا قتــله الله )) ,, فلما كان بعد ذلك قال لنا النبي صلى الله عليه وسلم :

(( قد قتــله الله بيــد رجــل من عفــاريت الجــن يدعى ســـمحجا وقد ســميته عبــد الله )) فلما أمســـينا سمعنا هاتفا بذلك المكان يقـــول :



نحــن قتــلنا مســـــعرا لمـــا طغـــــى واســـتكبــرا

وصغــر الحق و ســن المنــكرا بشــتمه نبينـــا المظفـــــرا






صرعهم للأنس بدخولهم في أبدانهم





يعتبر الصرع من أكثر الأمراض العصبية انتشــارا في العالم إذ تشير الإحصاءات إلى أنه يصيب من واحد إلى اثنين في المائة من السكان في مختلف الأقطار والصرع مرض معروف منذ القدم حيث أشار إليه الإغريق في كتاباتهم منذ القرن الخامس قبل الميلادكما كان الأطباء العرب زوادا في الكتابة عن الصرع حيث قال عنه (الرازي) منذ أكثر من ألف عام :

" الصرع تشــنج يعرض في جميع البدن إلا أنه ليس بدائم لأن علته تنقضي ســـريعا "

ويعرف الطب الحديث الصرع بأنه عبارة عن : " نوبات متكررة من اضطراب بعض وظائف المخ النفسية أو الحركية أو الحسية أو الحشوية ,, تبدأ فجأة وتتوقف فجأة وقد تكون مصحوبة بنقص في درجة الوعي إلى حد الغيبوبة أحيانا "

وأهم أســباب مرض الصرع هي الوراثة حيث تلعب دورا بارزا إلى الحد الذي جعل عددا من الدول تحرم زواج مرضى الصرع خلال النصف الأول من هذا القرن ,, كما إن إدمان الخمور يؤدي إلى الإصابة بالمرض ,, كما أنها تعمل على زيادة معدل حدوث النوبات لدى المرضى



وقد جاء في الحديث أن امرأة جاءت بابن لها مصاب من الجن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ,, فقالت : يا رسول الله , إن ابني به جنون ,, فمس رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره ,, وقال : اخرج يا عدو الله , فإني رسول الله , فخرج من جوفه كالجرو الأســـود ,,, فعن ابن عباس أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بابن لها فقالت : إن ابني هذا به جنون يأخذه عند غدائنا وعشائنا فيخبث علينا ,, فمسح النبي صدره ودعا فثع ثعة ( سعل ) فخرج من جوفه مثل الجرو الأسود فشفى )) أحمد في المسند والدارمي في المقدمة ومجمع الزوائد للهيثمي وقال : رواه أحمد والطبراني ..



وفي الحديث : أنه جيء له صلى الله عليه وسلم بمصروع فضرب صلى الله عليه وسلم ظهر ذلك المصروع ,, وقد رفع يده حتى بان بياض أبطه صلى الله عليه وسلم ففارقه ذلك الجني ,,, فعن أم أبان بنت الوازع عن أبيها أن جدها الوازع انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق معه بابن له مجنون أو ابن أخت له ,, قال جدي : فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة , قلت : يا رسول الله إن معي ابنا لي أو ابن أخت أخت لي مجنون , أتيتك به , فتدعو الله عزوجل له , قال : ائتني به فانطلقت إليه وهو في الركاب , فأطلقت عنه , وألقيت عليه ثياب السفر , وألبسته ثوبين حسنين , وأخذت بيده حتى انتهيت به إلى رسول الله , فقال : أدنه مني واجعل ظهره مما يليني , قال : فأخذ بمجامع ثوبه من أعلاه وأسفله , فجعل يضرب ظهره حتى رأيت بياض إبطيه , ويقول : أخرج عدو الله , أخرج عدو الله , فأقبل ينظر نظر الصحيح ليس بنظره الأول ثم أقعده رسول الله بين يديه , فدعا له , فمسح وجهه , فلم يكن في الوفد أحد بعد دعوة رسول الله يفضل عليه ))



قال القاضي عبد الجبار من المعتزلة : إذا صح قولنا ( أي : معاشر المعتزلة ) أنها أي " الجن " أجســام رقيقة , لم يمتنع دخولهم في أجسادنا , لأنها كالهواء , ولا يؤدي ذلك الى اجتماع جواهر في حيز واحد , لأن اجتماع ذلك على سبيل المجاورة , لا على سبيل الحلول , كما يدخل الجسم الرقيق في الظرف كدخول الحية جحرها , واجتماع الدود في الجوف



لكن هناك طائفة من المعتزلة أنكروا دخول الجن في بدن المصروع , وذكر أبو الحسن الأشعري أن أهل الســنة والجماعة يقولون : أن الجن يدخلون في بدن المصروع , كما قال تعالى ((( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشــيطان من المــس ))) وعن دخول الجن في بدن المصروع قال ابن أحمد بن حنبل : قلت لأبي : أن قوما يقولون : أن الجن لا يدخل في بدن المصروع من الأنس ! فقال : يا بني يكذبــون , وهو ذا يتــكلم على لســـانه ,,, وأخرج أبو يعلى , وأبو نعيم والبيهقي , عن أسامة بن زيد قال : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحجة التي حجها فأتته امرأة ببطن الروحاء بابن لها , فقالت : يا رسول الله , هذا ابني ما أفاق من يوم ولدته إلى يومه هذا , فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم منها , فوضعه فيما بين صدره وواسطه الرحل , ثم تفل في فيه , وقال : ( أخرج يا عدو الله فأني رسول الله ) , قال : ثم ناولها إياه , وقال : ( خذيه فلا بأس عليـــه ) رواه البيهقي في دلائل النبوة



وقد ورد في الحديث (( أن الشيطان يضع رأسه على قلب الإنسان ,, وأنه يجري من الإنسان مجرى الدم ))

ومما يؤيده ذلك أن المصروع يضرب الضرب الشديد الذي لا يقوى على احتماله لو كان سليما , ويصبر , ويصيح وإذا أفاق أخبر أنه لا يحس بشيء , وما ذاك إلا لأنه يقع على الجني , وهو الذي يتكلم على لســـان المصروع , ويحدث الحاضرين بأمور غريبة إذا أفاق المصروع , وسئل عنها لا يدريها






ســـــبب صـــرعـــهم للإنــــــس





قال ابن تيمية : " صــرع الجن للأنس قد يكون عن شـــهوة وهوى وعشـــق , وقد يكون عن بغض ومجازاة لمن آذاهم أما ببول أو بصب ماء أو بقتــل بعضــهم أن كان الأنــس لا يعــرف ذلك , وفي الجن ظلــم وجهــل , فيعاقبونه بأكثر مما يســـتحق وقد يكون عن عبث منهم وشـــر مثـل ســـفهاء الأنس , فيخاطب الجني الأول , ويعرف أن هذا فاحشـــة محرمة , وفي الثاني يعرف أن هذا لم يعلم ومن لم يتعمد الأذى لم يســـتحق العقوبة أن كان فعل ذلك في داره وملكه وعذره أن الدار ملكه فله أن يتصرف فيها , وأنتم ليس لكم أن تمكثــوا في ملك الأنس بغير أذنهم , بل لكم ما ليس من مســاكن الأنس كالخراب والفلاة ,,, ويســتعان عليهم بالذكر والدعاء وقراءة المعوذتين , والصلاة , وأن تضمن مرض طائفة من الجن أو موتهم فهم الظالمون لأنفســهم , ومن أعظم ما ينتصر به عليهم آية الكرسي , فقد جرب المجربون بأن لها تأثيرا عظيما في طرد الشياطين عن نفس الأنس , وعن تلبس المصروع وأبطال أحوالهم وتجنب الذنوب التي بها يســتطيلون عليه ,, أما الاســتعانة عليهم مما يقال ويكتب , مما لا يعرف معناه فلا يشــرع , وما يقوله أهل العزائم فيه شرك فليحذر " ,,, أخرج الحكيم وأبويعلى وابن أبي حاتم والعقيلي وأبونعيم في الحلية وابن مردويه عن ابن مســعود , قال : بينما أنا والنبي صلى الله عليه وسلم في بعض طرقات المدينة إذا برجل قد صرع , فدنوت منه , وقرأت في أذنه فأفاق , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( ماذا قرأت في أذنه ؟ )) فقلت : قرأت :

((( أفحسبتم أنـما خلقناكــم عبثــا وأنكــم ألينا لا ترجعـون ))) حتى فرغ من السورة , فقال صلى الله عليه وسلم :

(( والذي نفســـي بيــده لو أن رجـلا مؤمنـــا قرأها على جبــل لــزال ))






ذكـــر اختــطافهــم للإنـــــــــس





أخرج ابن أبي الدنيا , عن عبد الرحمن بن أبي ليلى : أن رجلا من قومه خرج ليصـلي صــلاة العشـاء ففقد , فانطلقت امرأته إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه , فحدثته بذلك , فأمرها أن تتربص أربع سنين , فتربصت , فأمرها أن تتزوج , ثم أن زوجها الأول قدم , فارتفعوا إلى عمر , فقال عمر : يغيب أحدكم الزمان الطويل لا يعلم أهله حياته ! قال الرجل : كان لي عذر ,,, قال : ما عذرك ؟ قال : خرجت أصلي صلاة العشاء فســبتني الجن , فكنت فيهم زمانا طويلا فغزاهم جن مؤمنون فقاتلوهم , فظهروا عليهم , فأصابوا لهم ســبايا , فكنت فيمن أصابوا , فقالوا : ما دينك ؟ قلت : مســـلم , قالوا : أنت على ديننا لا يحل لنا سباك فخيروني بين المقام وبين القفول " الرجوع " , فاخترت القفول , فأقبلوا معي بالليل بشر يحدثوني , وبالنهار إعصار ريح أتبعها قال : فما كان طعامك ؟ قلت : كل ما لم يذكر اسم الله عليه , فما شرابك ؟ قلت : الجدف : الجدف ما لم يخمر من الشراب , قال : فخيــره عمــر رضي الله تعالى عنه بين المرأة وبين الصــداق






الاختلاف في جواز ما يدفع ذلك عنهم





أختلف في جواز دفع ذلك بالرقى والعزائم والطلاسم ,, والحق امتناع ذلك إن لزم على ذلك معصية ككتابة شيء من القرآن بالنجاسة كالدم والبول ,, وكتابة شيء من القرآن مقلوب الحروف فإن كثيرا من الناس ( والعياذ بالله تعالى ) يتقرب إلى الجن بمثل ذلك ,, وربما تقرب إليهم بترك الصلاة والصيام ,, وفعل الفواحش كنكاح المحارم ,, والجمع بين الرجال والنساء الأجانب ,, ومن ذلك الإتيان بكلمات لا يفهم معناها فالجفار ( الجفار جمع , مفردها جفر , وعلم الجفر : علم يبحث فيه عن الحروف من حيث دلالتها على أحداث العالم ) ما اشتملت على كفر ,, فقد ذكر أن الجن لما مات سيدنا سليمان صلوات الله وسلامه عليه كتبت كلمات فيها كفر وجعلت ذلك تحت كرسي سليمان ,, وقالت : إن سليمان كان يســـتخدم الجن بذلك فما لا يفهم معناه مظنة الشـــرك ,,, وقد جاء في الحديث :

(( فناء أمتي بالطعن والطاعون )) فقالوا : يا رسول الله , الطعن عرفناه , فما الطاعون ؟؟ قال : ( وخز إخوانكم ) وفي رواية (( أعدائكم من الجن وفي كل شهادة أي " للمسلم " )) ,, كما جاء في بعض الروايات وهو شهادة وزجر على الكافر , والزجر الطعن الذي ينفذ , ثم تارة يظهر عن ذلك الوخز غدة يقال لها : كبة , وتارة يظهر عنه شيء , ككي النار ويقال له طاعون , ولا منافاة بين رواية " أعدائكم " و " إخوانكم " لأن عداوة الجن للأنس بالطعن وان كانوا مؤمنين وفي كلام بعضهم أن لفظ " إخوانكم " لم يوجد في شيء من كتب الحديث والموجود لفظ " أعدائكم وعلى فرض وجود إخوانكم لا منافاة أيضا , لجواز أن يكون وخز المؤمنين من الجن المعبر عنه بالإخوان للكافرين , وبالعكس , أو أن ذلك الوخز لصدوره بأمره تعالى لم يخرج الفاعل عن الأخوة ولو كان كافرا ,,, واعترض أيضا بأنه يقع في رمضان مما يؤدي إلى ما يترتب عليه أثم ,,, وهذا يترتب عليه الشهادة ولا ينافي كونه شهادة صون مكة والمدينة عنه , لأن الموت بأحدهما شهادة وقد علمت أنه شهادة للمسلم , ونقمة للكافرين , وحينئذ يكون قوله صلى الله عليه وسلم :

(( إنه شهادة )) أي : " نقمة " فيكون من باب الاكتفاء على حد قوله تعالى ((( ســــرابيل تقيكم الحر ))) أي : البرد فإن قيل : قد جاء في الحديث أن كثرة الزنا من أسباب الطاعون فلا يقتصر على كونه من وخز الجن !! أجيب : بأن الزنا خصوصا إذا كثر وفشى يوجب غضب الله تعالى وينشأ عن غضبه تعالى أشــد الوحشة المستلزمة لظهور الجن فيحصل منه ما ذكر









 

رد مع اقتباس