عرض مشاركة واحدة
قديم 03 Apr 2010, 02:32 AM   #9
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


# وأما إن أراد بلفظ الأجزاء الأجزاء والأبعاض ما يريده المتكلمون بلفظ الجسم والتركيب وهو الذي أراده فإن الجسم كل جسم عندهم له أبعاض وأجزاء إما بالفعل على قول من يثبت الجوهر الفرد وإما بالإمكان على قول من ينفيه فيقال له هذا المعنى هو كما يريده الفلاسفة والمعتزلة بلفظ الأجزاء الصفات القائمة به ويقولون ليس فيه أجزاء حد ولا أجزاءكم وعندهم أن الأنواع مركبة من الجنس وهو جزؤها العام والفصل وهو جزؤها الخاص فإن أردت هذا المعنى فلا ريب أن الحنابلة هم من مثبتة الصفات وهم متفقون على أن له علما قدرة وحياة فهذا النزاع الموجود فيهم هو موجود في سائر الصفاتية # وأما وصفه بالحد والنهاية الذي تقول أنت أنه معنى الجسم فهم فيه كسائر أهل الإثبات على ثلاثة أقوال منهم من يثبت ذلك كما هو المنقول عن السلف والأئمة ومنهم من نفى ذلك ومنهم من لا يتعرض له بنفي ولا إثبات ونفاة ذلك منهم يثبتون له مع ذلك الصفات الخبرية لكن لا اختصاص للحنابلة بذلك كما تقدم بعضه وكما سيأتي حكاية مذاهب الأئمة والأمة في ذلك ومنهم طائفة لا تثبت الصفات الخبرية # الوجه التاسع عشر أن هذا القول الذي حكيته عن الحنابلة مع أنك لم تؤد الأمانة في نقله بل نقلته بلفظ لا يطلقونه بحيث يفهم المستمع معان لم يقصدوها ويوجب أن يعتقد في مذهب القوم ما لا يعتقدونه لم تذكر عنهم تناقضا فيه كما ذكرته عن الكرامية ولا ذكرت أنهم خالفوا لا المحسوس ولا المعقول كما ذكرته عن الكرامية ولا ذكرت أنهم أثبتوا شيئا يعلم بالحس أو بالعقل بطلانه كما ذكرته عن الكرامية ولا وصفت به قولك من مخالفة البديهة العقلية وهذا الذي ذكرته هو الواقع فإن أحدا من العقلاء لم نعلمه ادعى أن فساد هذا القول

معلوم بالضرورة العقلية كما يقولونه في قولك والقول الذي ذكرته عن الكرامية بل غايتهم أن يدعوا أنه معلوم الفساد بدقيق النظر ثم كل طائفة يثبتون فساد الطريق التي نفت بها الأخرى ذلك وهذا يبين أنه ليس عند العقلاء في ذلك دليل يبقى عليه بل ذكرت أنهم مع هذا الإثبات يقولون بأن ذات الباري لا تماثل الذوات وهذا حق لا ريب فيه # فما ذكرته هو تقرير لهذا لاقول ومدح له وليس فيه ما يكون إلزاما لك عليهم ولا ما يقتضي تناقضا فيه فإن إثبات موجود ليس مماثلا لغيره من الموجودات لا يخالف حسا ولا عقلا وهذا هو الذي تقدم ذكرنا له أن قوله لا بد من الاعتراف بوجود موجود على خلاف الحس والخيال أنه إذا أراد بذلك أنه لا يماثل المحسوسات فلا فرق في ذلك بين المحسوسات والمعقولات وغيرها فإنه لا يماثل شيئا من الأشياء المخلوقة بوجه من الوجوه سواء سميت حسيات أو متخيلات أو عقليات أو سميت جسمانيات أو روحانيات فإذن ما تثبته من نفي المماثلة لا يدل على ما قصدته من إثبات شيء على خلاف حكم الحس والخيال دون حكم العقل أو نفي التماثل لا فرق بين المدركات بجميع أنواع الإدراكات # وقد ذكرنا فيما تقدم أن نفي المماثلة بين الخالق والمخلوق مما علم بالشرع والعقل وذلك لا يقتضي إثبات ما يعلم بالبديهة انتفاؤه أو إثبات موجود لا داخل العالم ولا خارجه فهو أيضا يقتضي انتفاء مماثلة الخالق للمخلوق كما بيناه فيما تقدم إذ التماثل يقتضي أن يجوز ويجب ويمتنع لكل منهما ما يجوز ويجب ويمتنع للآخر فيلزم أن يكون الشيء الواحد خالقا مخلوقا قديما محدثا موجودا معدوما واجبا ممكنا قادرا عاجزا عالما جاهلا غنيا فقيرا حيا ميتا ولهذا كان مذهب السلف قاطبة يثبتون هذه الصفات الخبرية وينفون التمثيل وكانوا ينكرون على المشبهة الذين

يمثلون الله بخلقه وهم على الجهمية الذين ينكرون أعظم نكيرا وأشد تضليلا وتكفيرا وكلامهم في ذلك أكثر وأكبر # وأما لفظ الجسم والجوهر والمتحيز والمركب والمنقسم فلا يوجد له ذكر في كلام أحد من السلف كما لا يوجد له ذكر في الكتاب والسنة لا بنفي ولا إثبات إلا بالإنكار على الخائضين في ذلك من النفاة الذين نفوا ما جاءت به النصوص والمشبهة الذين ردوا ما نفته النصوص # كما ذكرنا أن أول من تكلم بالجسم نفيا وإثباتا هم طوائف من الشيعة والمعتزلة وهم من أهل الكلام الذين كان السلف يطعنون عليهم وهم في مثل هذا على المعتزلة أعظم إنكارا إذ المتشيعة لم يشتهر عن السلف الإنكار عليهم إلا فيما هو من توابع التشيع مثل مسائل الإمامة التي انفردوا بها عن الأمة وتوابعها بخلاف مسائل الصفات والقدر فإن طعنهم فيه على المعتزلة معروف مشهور ظاهر عند الخاص والعام وقدماء الشيعة كانوا مخالفين للمعتزلة في ذلك فأما متأخروهم من عهد بني بويه ونحوهم من أوائل المائة الرابعة ونحو ذلك فإنهم صار فيهم من يوافق المعتزلة في توحيدهم وعدلهم والمعتزلة شيوخ هؤلاء إلى ما يوجد في كلام ابن النعمان المفيد وصاحبه أبي جعفر الطوسي والملقب بالمرتضى

ونحوهم هو من كلام المعتزلة وصار حينئذ في المعتزلة من يميل إلى نوع من التشيع إما تسوية علي بالخليفتين وإما تفضيله عليهما وإما بالطعن في عثمان وإن كانت المعتزلة لم تختلف في إمامة أبي بكر وعمر وقدماء المعتزلة كعمرو بن عبيد وذويه كانوا منحرفين عن علي حتى كانوا يقولون لو شهد هو وواحد من مقاتليه شهادة لم تقبلها لأنه قد فسق أحدهما لا بعينه فهذا الذي عليه متأخرو الشيعة والمعتزلة خلاف ما عليه أئمة الطائفتين وقدماؤهم # الوجه العشرون أنك ذكرت عن الحنابلة أنهم معترفون بأن ذاته تعالى مخالفة لذوات هذه المحسوسات وهذا حق لكن تخصيصك هذه المحسوسات يشعر أن في الوجود أو في العلم ما لا تكون ذات الله مخالفة له وليس كذلك هو سبحانه ليس كمثله شيء فإن كان لفظ المحسوسات يعم سائر الموجودات فلا فرق بين قولك مخالفة لذوات هذه المحسوسات وقولك مخالفة لذوات هذه الموجودات والمعلومات وإن لم يكن عاما كانت هذه عبارة ردية وكان الواجب أن يقال مخالفة لذوات المحسوسات وكما قيل إنه ليس من المحسوسات كما يقوله الفلاسفة في العقول والنفوس الناطقة وكذلك لو قيل المخالف للجسمانيات والروحانيات على لغة العامة الذين يفرقون بين مسمى الجسم والروح إذ الجسم عندهم أخص مما هو عند المتكلمين ولهذا يفرقون بين الأجسام والأرواح وأما اصطلاح المتكلمين فلفظ الجسم عندهم يعم هذا كله # وكذلك قولك لا يساوي هذه الذوات في قبول الاجتماع والافتراق والتغير والفناء والصحة والمرض والحياة والموت كلام صحيح بل لا يساويها في شيء من الأشياء في صفات كمالها وأما صفات النقص فلا يوصف بها بحال فهو سبحانه حي قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم حي لا يموت لا يجوز عليه ضد العلم والقدرة

والغنى وعير ذلك من صفات كماله بل هو القدوس السلام وصفات الكمال العلم والقدرة والرحمة لا يساوي فيها شيء من صفاته شيء من صفات مخلوقاته وهذا لفظ القاضي أبي يعلى في كتابه إبطال التأويلات لأخبار الصفات مع جمعه فيه للأخبار الواردة في الصفات وإبطاله التأويلات التي ذكرها ابن فورك وغيره مثل ما ذكره الرازي في تأسيس تقديسه # قال القاضي أبو يعلى لا يجوز رد هذه الأخبار ولا التشاغل بتأويلها والواجب حملها على ظاهرها وأنها صفات لله لا تشبه سائر الموصوفين بها من الخلق ولا يعتقد التشبيه فيها لكن على ما روي عن الإمام أحمد وسائر الأئمة وذكر كلام الزهري ومكحول ومالك والثوري ووكيع والأوزاعي والليث وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وابن عيينة والفضيل ابن عياض وعبدالرحمن بن مهدي وأسود بن سالم وإسحاق

ابن راهويه وأبي عبيد وقال في كلامه يدل على إبطال التأويل أن الصحابة ومن بعدهم من التابعين حملوها على ظاهرها ولم يتعرضوا لتأويلها ولا صرفها عن ظاهرها ولو كان التأويل سائغا لكانوا إليه أسبق لما فيه من إزالة التشبيه ورفع الشبهة # الوجه الحادي والعشرون أن يقال ما ذكره أنه لو كانت ذاته مساوية لسائر الذوات في هذه الصفات لزم افتقاره إلى خالق آخر ولزم التسلسل أو لزم القول بأن الإمكان والحدوث غير محوج إلى الخالق وذلك يلزم منه نفي الصانع فهذه الحجة إن كانت في نفسها صحيحة تدل على نفي هذه النقائص فليست حجة على نفي التمثيل والتشبيه فإن هذه النقائص يجب نفيها مطلقا وأما صفات الكمال فيجب نفي التشبيه والتمثيل فيها فإن قوله لو كانت ذاته مساوية لسائر الذوات في هذه الصفات فرض في الدليل من غير حاجة إليه وتخصيص موهم في هذه الصفات لاستلزام ذلك وليس ناف فرض المساواة في غير هذه الصفات ولا يستلزم ذلك وليس الأمر كذلك بل المساواة في أي صفة تستلزم المحال والجمع بين النقيضين وأما هذه الصفات المذكورة فلا يحتاج تنزيهه عنها إلى أن ينفي مساواته لسائر الذوات في ذلك بل هذه منتفية عنه مع قطع النظر عن التشبيه والتمثيل فإن انتفاء الموت والمرض وغير ذلك عنه لم ينف لمجرد لزومه التشبيه والتمثيل



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس