عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 03:02 AM   #31
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


أعينهم وعذبهم وجعل عذابهم مستمرا فنكل بهم نكالا لم ينكله أمة سواهم وذلك لعظم مفسدة هذه الجريمة التي تكاد الأرض تميد من جوانبها إذا عملت عليها وتهرب الملائكة إلى أقطار السموات والأرض إذا شهدوها خشية نزول العذاب على أهلها فيصيبهم معهم وتعج الأرض إلى ربها تبارك وتعالى وتكاد الجبال تزول عن أماكنها وقتل المفعول به خير له من وطئه فانه إذا وطأه الرجل قتله قتلا لا ترجي الحياة معه بخلاف قتله فانه مظلوم شهيد وربما ينتفع به في آخرته.
قالوا: والدليل على هذا: أن الله سبحانه جعل حد القاتل إلى خيرة الولي أن وإن شاء عفا وحتم قتل اللوطي حدا كما أجمع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ودلت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم





ص -202- الصحيحة الصريحة التي لا معارض لها بل عليها عمل أصحابه وخلفائه الراشدين رضي الله عنهم أجمعين.
وقد ثبت عن خالد بن الوليد"أنه وجد في بعض نواحي العرب رجلا ينكح كما تنكح المرأة فكتب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه فاستشار أبو بكر الصديق الصحابة رضي الله عنهم فكان على بن أبي طالب أشدهم قولا فيه فقال: ما فعل هذا إلاّ أمة من الأمم واحدة وقد علمتم ما فعل الله بها أرى أن يحرق بالنار فكتب أبو بكر إلى خالد فحرقه".
وقال عبد الله بن عباس:"أن ينظر أعلا ما في القرية فيرمى اللوطي منها منكسا ثم يتبع بالحجارة"وأخذ ابن عباس هذا الحد من عقوبة الله للوطية قوم لوط وابن عباس هو الذي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به"رواه أهل السنن وصححه ابن حبان وغيره واحتج الإمام أحمد بهذا الحديث وإسناده على شرط البخاري.
قالوا: وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لعن الله من عمل عمل قوم لوط لعن الله من عمل عمل قوم لوط لعن الله من عمل عمل قوم لوط"ولم تجيء عنه لعنة الزانى ثلاث مرات في حديث واحد وقد لعن جماعة من أهل الكبائر فلم يتجاوز بهم في اللعن مرة واحدة وكرر لعن اللوطية فأكده ثلاث مرات وأطبق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتله لم يختلف منهم فيه رجلان وإنما اختلفت أقوالهم في صفة قتله فظن بعض الناس ذلك اختلاف منهم في قتله فحكاها مسألة نزاع بين الصحابه وهي بينهم مسألة إجماع لا مسألة نزاع.
قالوا: ومن تأمل قوله سبحانه {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً}. وقوله في اللواط {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ





ص -203- أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ}. تبين له تفاوت ما بينهما فانه سبحانه نكر الفاحشة في الزنا أي هو فاحشة من الفواحش وعرفها في اللواط وذلك يفيد أنه جامع لمعاني اسم الفاحشة كما تقول زيد الرجل ونعم الرجل زيد أي تأتون الخصلة التي استقر فحشها عند كل أحد فهي لظهور فحشها وكماله غنية عن ذكرها بحيث لا ينصرف الاسم إلى غيرها وهذا نظير قول الفرعون لموسى {وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ} أي الفعلة الشنعاء الظاهرة المعلومة لكل أحد.
ثم أكد سبحانه شأن فحشها بأنها لم يعملها احد من العالمين قبلهم فقال: {مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} ثم زاد في التأكيد بان صرح بما تشمئز منه القلوب وتنبوا عنها الأسماع وتنفر منه أشد النفور وهو إتيان الرجل رجلا مثله ينكحه كما ينكح الأنثى فقال: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ}. ثم نبه على استغنائهم عن ذلك. وأن الحامل لهم عليه ليس إلاّ مجرد الشهوة لا الحاجة التي لأجلها مال الذكر إلى الأنثى من قضاء الوطر ولذة الاستمتاع وحصول المودة والرحمة التي تنسي المرأة لها أبويها وتذكر بعلها وحصول النسل الذي هو حفظ هذا النوع الذي هو أشرف المخلوقات وتحصين المرأة وقضاء للوطر وحصول علاقة المصاهرة التي هي أخت النسب وقيام الرجال على النساء وخروج أحب الخلق إلى الله من جماعهن كالأنبياء والأولياء والمؤمنين ومكاثرة النبي صلى الله عليه وسلم الأنبياء بأمته إلى غير ذلك من مصالح النكاح والمفسدة التي في اللواط تقاوم ذلك كله وتربى عليه بما لا يمكن حصره وفساده ولا يعلم تفصيله إلاّ الله عز وجل.
ثم أكد سبحانه قبح ذلك بأن اللوطية عكسوا فطرة الله التي فطر عليه الرجال



ص -204- وقلبوا الطبيعة التي ركبها الله في الذكور وهي شهوة النساء دون الذكور فقلبوا الأمر وعكسوا الفطرة والطبيعة فاتوا الرجال شهوة من دون النساء ولهذا قلب الله سبحانه عليهم ديارهم فجعل عاليها سافلها وكذلك قلبوهم ونكسوا في العذاب على رؤوسهم
ثم أكد سبحانه قبح ذلك بأن حكم عليهم بالإسراف وهو مجاوزة الحد فقال: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} فتأمل هل جاء ذلك أو قريبا منه في الزنا؟ وأكد سبحانه ذلك عليهم بقوله: {وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ} ثم أكد سبحانه عليهم الذم بوصفين في غاية القبح فقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ} وسماهم مفسدين في قول نبيهم فقال: {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ} وسماهم ظالمين في قول الملائكة لإبراهيم عليه السلام: {إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ}. فتأمل من عوقب بمثل هذه العقوبات ومن ذمه الله بمثل هذه المذمات ولما جادل فيهم خليله إبراهيم الملائكة وقد أخبروه بإهلاكهم فقيل له: {يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ}.
وتأمل خبث اللوطية وفرط تمردهم على الله حيث جاؤا نبيهم لوطا لما سمعوا بأنه قد طرقه أضياف هم من أحسن البشر صورا فأقبل اللوطية إليهم يهرعون. فلما رآهم قال لهم: {قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} ففدا أضيافه ببناته يزوجهم بهم خوفا على نفسه وعلى أضيافه من العار الشديد. فقال: {قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ}. فردوا عليه ولكن رد جبار عنيد {قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ}. فنفث نبي الله نفثه مصدور وخرجت من قلب مكروب فقال: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ}



ص -205- فنفس له رسل الله وكشفوا له عن حقيقة الحال وأعلموه إنه ممن ليس يوصل إليهم ولا إليه بسببهم فلا تخف منهم ولا تعبأ بهم وهون عليك فقالوا: {قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ} ومبشروه بما جاؤا به من الوعد له ولقومه من الوعيد المصيب فقالوا: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} فاستبطأ نبي الله عليه السلام موعد هلاكهم وقال: أريد أعجل من هذا فقالت الملائكة: {أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}. فوالله ما كان بين إهلاك أعداء الله ونجاة نبيه وأوليائه إلاّ ما بين السحر وطلوع الفجر وإذا بديارهم قد اقتلعت من أصولها ورفعت نحو السماء حتى سمعت الملائكة نباح الكلاب ونهيق الحمير فبرز المرسوم الذي لا يرد من عند الرب الجليل إلى عبده ورسوله جبرائيل بان يقلبها عليهم كما أخبر به في محكم التنزيل فقال عز من قائل: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} فجعلهم آية للعالمين وموعظة للمتقين ونكالا وسلفا لمن شاركهم في أعمالهم من المجرمين وجعل ديارهم بطريق السالكين {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} أخذهم على غرة وهم نائمون وجاءهم بأسه وهم في سكرتهم يعمهون فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون تلك اللذات آلاما فأصبحوا بها يعذبون.

مآرب كانت في الحياة لأهلها عذبا فصارت في الممات عذابا

ذهبت اللذات وأعقبت الحسرات وانقضت الشهوات وأورثه الشقوات تمتعوا قليلا وعذبوا طويلا رتعوا مرتعا وخيما فأعقبهم عذابا



ص -206- أليما أسكرتهم خمرة تلك الشهوات فما استقاموا منها إلاّ في ديار المعذبين وأرقدتهم تلك الغفلة فما استيقظوا منها إلاّ وهم في منازل الهالكين فندموا والله أشد الندامة حين لا ينفع الندم وبكوا على ما أسلفوه بدل الدموع بالدم فلو رأيت الأعلى والأسفل من هذه الطائفة والنار تخرج من منافذ وجوههم وأبدانهم وهم بين أطباق الجحيم وهم يشربون بدل لذيذ الشراب كؤوس الحميم ويقال لهم وهم على وجوههم يسحبون: ذوقوا ما كنتم تكسبون {اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} ولقد قرب الله سبحانه مسافة العذاب بين هذه الأمة وبين إخوانهم في العمل فقال مخوفا لهم بأعظم الوعيد {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ}.

فيا ناكح الذكران يهنيكم البشرى فيوم معاد الناس إن لكم أجرا

كلوا واشربوا وازنو ولوطوا وأبشروا فإن لكم زفا إلى الجنة الحمراء

فإخوانكم قد مهدوا الدار قبلكم وقالوا إلينا عجلوا لكم البشرى

وها نحن أسلاف لكم في انتظاركم سيجمعنا الجبار في ناره الكبرى

ولا تحسبوا أن الذين نكحتموا يغيبون عنكم بل ترونهم جهرا

ويلعن كلا منهم لخليله ويشقى به المحزون في الكرةالأخرى

يعذب كل منهم بشريكه كما اشتركا في لذة توجب الوزر

فصل:
في الأجوبة عما احتج به من جعل عقوبة هذه الفاحشة دون عقوبة الزنى. أما قولهم إنها معصية لم يجعل الله فيه حدا معينا فجوابه من وجوه: أحدها: أن المبلغ عن الله جعل حد صاحبها القتل حتما وما شرعه رسوله صلى الله عليه وسلم فإنما شرعه عن الله فان أردتم أن حدها غير معلوم بالشرع



ص -207- فهو باطل وإن أردتم أنه غير ثابت بنص الكتاب لم يلزم من ذلك انتفاء حكمه لثبوته بالسنة.
والثاني: أن هذا ينتقض عليكم بالرجم فانه إنما ثبت بالسنة.
فان قلتم: بل ثبت بقرآن نسخ لفظه وبقى حكمه.
قلنا: فينقض عليكم بحد شارب الخمر.
والثالث: أن نفى دليل معين لا يستلزم نفى مطلق الدليل ولا نفي المدلول فكيف وقد قدمنا أن الدليل الذي نفيتموه غير منتف؟
وأما قولكم إنه وطء في محل لا تشتهيه الطباع بل ركب الله الطباع على النفرة منه فهو كوطء الميتة والبهيمة فجوابه من وجوه:
أحدها: أنه قياس فاسد الاعتبار مردود بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع الصحابة. كما تقدم بيانه.
الثاني: أن قياس وطء الأمرد الجميل الذي تربي فتنته على كل فتنة على وطء أتان أو امرأة ميتة من أفسد القياس وهل تعدل ذلك أحد قط باتان أو بقرة أو ميتة أو سبي ذلك عقل عاشق قلبه أو استولى على فكره ونفسه فليس في القياس أفسد من هذا.



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس