عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 03:59 AM   #12
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


وإلا كان العلم حجة عليه ولم يكن مهتديا والعبد محتاج إلى أن يجعله الله قادرا على العمل بتلك الإرادة الصالحة # فإنه لا يكون مهتديا إلى الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين إلا بهذه العلوم والإرادات والقدرة على ذلك # ويدخل في ذلك من أنواع الحاجات ما لا يمكن إحصاؤه # ولهذا كان الناس مأمورين بهذا الدعاء في كل صلاة لفرط حاجتهم إليه فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى هذا الدعاء # وإنما يعرف بعض قدر هذا الدعاء من اعتبر أحوال نفسه ونفوس الإنس والجن والمأمورين بهذا الدعاء ورأى ما في النفوس من الجهل والظلم الذي يقتضي شقاءها في الدنيا والآخرة فيعلم أن الله بفضله ورحمته جعل هذا الدعاء من أعظم الأسباب المقتضية للخير المانعة من الشر & العبرة في قصص الأنبياء & #53 ومما يبين ذلك أن الله تعالى لم يقص علينا في القرآن قصة أحد إلا لنعتبر بها لما في الاعتبار بها من حاجتنا إليه ومصلحتنا # وإنما يكون الاعتبار إذا قسنا الثاني بالأول وكانا مشتركين في المقتضى للحكم فلولا أن في نفوس الناس من جنس ما كان في نفوس المكذبين للرسل فرعون ومن قبله لم يكن بنا حاجة إلى الاعتبار بمن لا نشبهه قط ولكن الأمر

كما قال تعالى ^ ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك ^ وكما قال تعالى وكذلك ما أتي الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون ^ وقال تعالى ^ كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم ^ وقال تعالى ^ يضاهون قول الذين كفروا من قبلهم ^ & إنها السنن & #54 ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لتسلكن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا حجر ضب لدخلتموه قالوا اليهود والنصارى قال فمن # وقال لتأخذن أمتي مأخذ الأمم قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع قيل يا رسول الله فارس والروم قال فمن وكلا الحديثين في الصحيحين # ولما كان في غزوة حنين كان للمشركين شجرة يقال لها ذات أنواط يعلقون عليها أسلحتهم وينوطونها بها ويستظلون بها متبركين فقال بعض الناس يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لم ذات أنواط فقال الله أكبر قلتم كما قال قوم موسى لموسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة إنها السنن لتركبن سنن من كان قبلكم # وقد بين القرآن أن السيئات من النفس وإن كانت بقدر الله & أعظم السيئات & #55 فأعظم السيئات جحود الخالق والشرك به وطلب النفس

أن تكون شريكة وندا له أو أن تكون إلها من دونه وكلا هذين وقع فإن فرعون طلب أن يكون إلها معبودا دون الله تعالى وقال ^ ما علمت لكم من إله غيري ^ و ^ قال أنا ربكم الأعلى ^ وقال لموسى ^ لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين ^ و ^ استخف قومه فأطاعوه ^ # وإبليس يطلب أن يعبد ويطاع من دون الله فيريد أن يعبد ويطاع هو ولا يعبد الله ولا يطاع # وهذا الذي في فرعون وإبليس هو غاية الظلم والجهل وفي نفوس سائر الإنس والجن شعبة من هذا وهذا إن لم يعن الله العبد ويهديه وإلا وقع في بعض ما وقع فيه إبليس وفرعون بحسب الإمكان # قال بعض العارفين ما من نفس إلا وفيها ما في نفس فرعون غير أن فرعون قدر فأظهر وغيره عجز فأضمر # وذلك أن الإنسان إذا اعتبر وتعرف نفسه والناس وسمع أخبارهم رأى الواحد منهم يريد لنفسه أن تطاع وتعلو بحسب قدرته & حب الرياسة والعلو & #56 فالنفس مشحونة بحب العلو والرياسة بحسب إمكانها فتجد أحدهم يوالي من يوافقه على هواه ويعادي من يخالفه في هواه وإنما معبوده ما يهواه ويريده قال تعالى ^ أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون

عليه وكيلا ^ والناس عنده في هذا الباب كما هم عند ملوك الكفار من المشركين من الترك وغيرهم يقولون يا رباعي أي صديق وعدو فمن وافق هواهم كان وليا وإن كان كافرا مشركا ومن لم يوافق هواهم كان عدوا وإن كان من أولياء الله المتقين وهذه هي حال فرعون # والواحد من هؤلاء يريد أن يطاع أمره بحسب إمكانه لكنه لا يتمكن مما تمكن منه فرعون من دعوى الإلهية وجحود الصانع # وهؤلاء وإن كانو يقرون بالصانع لكنهم إذا جاءهم من يدعوهم إلى عبادته وطاعته المتضمنة ترك طاعتهم فقد يعادونه كما عادى فرعون موسى # وكثير من الناس ممن عنده بعض عقل وإيمان لا يطلب هذا الحد بل يطلب لنفسه ما هو عنده فإن كان مطاعا مسلما طلب أن يطاع في أغراضه وإن كان فيها ما هو ذنب ومعصية لله ويكون من أطاعه في هواه أحب إليه وأعز عنده ممن أطاع الله وخالف هواه وهذه شعبة من حال فرعون وسائر المكذبين للرسل # وإن كان عالما أو شيخا أحب من يعظمه دون من يعظم نظيره حتى لو كانا يقرآن كتابا واحدا كالقرآن أو يعبدان عبادة واحدة متماثلان فيها كالصلوات الخمس فإنه يحب من يعظمه بقبول قوله والاقتداء به أكثر من غيره وربما أبغض نظيره وأتباعه حسدا وبغيا كما فعلت اليهود لما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم يدعو إلى مثل ما دعا إليه موسى قال تعالى ^ وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه

وهو الحق مصدقا لما معهم ^ وقال تعالى ^ وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة ^ وقال تعالى ^ وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ^ & عمل بني إسرائيل كعمل فرعون & #57 ولهذا أخبر الله تعالى عنهم بنظير ما اخبر به فرعون وسلط عليهم من انتقم به منهم فقال تعالى عن فرعون ^ إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين ^ وقال تعالى عنهم ^ وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا ^ ولهذا قال تعالى ^ تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا ^ # والله سبحانه وتعالى إنما خلق الخلق لعبادته ليذكروه ويشكروه ويعبدوه وأرسل الرسل وأنزل الكتب ليعبدوا الله وحده وليكون الدين كله لله ولتكون كلمة الله هي العليا كما أرسل كل رسول بمثل ذلك قال تعالى ^ وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ^ وقال تعالى ^ واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ^ # وقد أمر الله الرسل كلهم بهذا وأن لا يتفرقوا فيه فقال ^ إن هذه

أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ^ وقال تعالى ^ يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون ^ # قال قتادة أي دينكم دين واحد وربكم رب واحد والشريعة مختلفة وكذلك قال الضحاك عن ابن عباس ^ إن هذه أمتكم أمة واحدة ^ أي دينكم دين واحد قال ابن أبي حاتم وروى عن سعيد بن جبير وقتادة وعبد الرحمن ابن زيد نحو ذلك وقال الحسن بين لهم ما يتقون وما يأتون ثم قال إن هذه سنتكم سنة واحدة # وهكذا قال جمهور المفسرين & معنى الأمة & #58 والأمة الملة والطريقة كما قال تعالى ^ بل قالوا إنه وجدنا آباءنا على أمة وأنا على آثارهم مهتدون مقتدون ^ كما يسمى الطريق إماما لأن السالك فيه يأتم به فكذلك السالك يؤمه ويقصده # والأمة أيضا معلم الخير الذي يأتم به الناس كما أن الإمام هو الذي يأتم به الناس وإبراهيم عليه السلام جعله الله إماما وأخبر أنه ^ كان أمة ^ # وأمر الله الرسل أن تكون ملتهم ودينهم واحدا لا يتفرقون فيه كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إنا معشر الأنبياء ديننا

واحد وقد قال الله تعالى ^ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ^ ولهذا كان جميع رسل الله وأنبيائه يصدق بعضهم بعضا لا يختلفوا مع تنوع شرائعهم & أتباع الرسل المخلصون & #59 فمن كان من المطاعين من العلماء والمشايخ والأمراء والملوك متبعا للرسل أمر بما أمروا به ودعا إلى ما دعوا إليه وأحب من دعا إلى مثل ما دعا إليه فإن الله يحب ذلك فيحب ما يحبه الله تعالى وهذا قصده في نفس الأمر أن تكون العبادة لله تعالى وحده وأن يكون الدين كله لله # وأما من كان يكره أن يكون له نظير يدعو إلى ذلك فهذا يطلب أن يكون هو المطاع المعبود فله نصيب من حال فرعون وأشباهه # فمن طلب أن يطاع دون الله فهذا حال فرعون ومن طلب أن يطاع مع الله فهذا يريد من الناس أن يتخذوا من دون أندادا يحبونهم كحب الله والله سبحانه وتعالى أمر أن لا يعبد إلا إياه وأن لا يكون الدين إلا له وأن تكون الموالاة فيه والمعاداة فيه وأن لا يتوكل إلا عليه ولا يستعان إلا به فالمؤمن المتبع للرسل يأمر الناس بما أمرتهم به الرسل ليكون الدين كله لله لا له وإذا أمر أحد غيره بمثل ذلك أحبه



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس