عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 03:46 AM   #2
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


فمعلوم أن الظالم لنفسه يتناول المضيعللواجبات والمنتهك للمحرمات والمقتصد يتناول فاعل الواجبات وتارك المحرمات والسابقيدخل فيه من سبق فتقرب بالحسنات مع الواجبات فالمقتصدون هم أصحاب اليمين والسابقونالسابقون أولئك المقربون
ثم ان كلا منهم يذكر هذا فى نوع من أنواعالطاعات كقول القائل السابق الذى يصلى فى أول الوقت والمقتعد الذى يصلى فى أثنائهوالظالم لنفسه الذى يؤخر العصر الى الاصفرار ويقول الآخر السابق والمقتصد والظالمقد ذكرهم فى آخر سورة البقرة فانه ذكر المحسن بالصدقة والظالم يأكل الربا والعادلبالبيع والناس فى الاموال اما محسن وإما عادل وإما ظالم فالسابق المحسنباداء
المستحبات مع الوجبات والظالم آكل الربا أومانع الزكاة والمقتصد الذى يؤدى الزكاة المفروضة ولا يأكل الربا وأمثال هذهالأقاويل فكل قول فيه ذكر نوع داخل فى الآية ذكر لتعريف المستمع بتناول الآية لهوتنبيهه به على نظيره فان التعريف بالمثال قد يسهل أكثر من التعريف بالحد المطلقوالعقل السليم يتفطن للنوع كما يتفطن اذا أشير له الى رغيف فقيل له هذا هوالخبز

وقد يجىء كثيرا من هذا الباب قولهم هذهالآية نزلت فى كذا لا سيما ان كان المذكور شخصا كأسباب النزول المذكورة فى التفسيركقولهم ان آية الظهار نزلت فى امرأة أوس بن الصامت وان آية اللعان نزلت فى عويمرالعجلانى أو هلال بن أمية وأن آية الكلالة نزلت فى جابر بن عبدالله وأن قوله وانأحكم بينهم بما أنزل الله نزلت فى بنى قريظة والنضير وان قوله ومن يولهم يومئذ دبرهنزلت فى بدر وان قوله شهادة بينكم اذا حضر أحدكم الموت نزلت فى قضية تميم الدارىوعدى بن بداء وقول أبى ايوب ان قوله ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة نزلت فينا معشرالأنصار الحديث ونظائر هذا كثير مما يذكرون أنه نزل فى قوم من المشركين بمكة أو فىقوم من أهل الكتاب اليهود والنصارى أو فى قوم من المؤمنين
فالذين قالوا ذلك لم يقصدوا أن حكم الآيةمختص بأولئك الاعيان دون غيرهم فان هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل على الاطلاق والناسوان تنازعوا فى اللفظ العام الوارد على سبب هل يختص بسببه أم لا فلم يقل أحد منعلماء المسلمين ان عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين وانما غاية ما يقالأنها تختص بنوع ذلك الشخص فيعم ما يشبهه ولا يكون العموم فيها بحسباللفظ
والآية التى لها سبب معين ان كانت أمراونهيا فهى متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته وان كانت خبرا بمدح أو ذم فهىمتناولة لذلك الشخص وغيره ممن كان بمنزلته أيضا
ومعرفة سبب النزول يعين على فهم الآية فإنالعلم بالسبب يورث العلم بالمسبب ولهذا كان أصح قولى الفقهاء أنه اذا لم يعرف مانواه الحالف رجع الى سبب يمينه وما هيجها وأثارها
وقولهم نزلت هذه الآية فى كذا يراد به تارةأنه سبب النزول ويراد به تارة أن ذلك داخل فى الآية وان لم يكن السبب كما تقول عنىبهذه الآية كذا
وقد تنازع العلماء فى قول الصاحب نزلت هذهالآية فى كذا هل يجرى مجرى المسند كما يذكر السبب الذى أنزلت لأجله أو يجرى مجرىالتفسير منه الذى ليس بمسند فالبخارى يدخله فى المسند وغيره لا يدخله فى المسندوأكثر المساند على هذا الاصطلاح كمسند أحمد وغيره بخلاف ما اذا ذكر سببا نزلت عقبهفانهم كلهم يدخلون مثل هذا فى المسند
وإذا عرف هذا فقول أحدهم نزلت فى كذا لاينافى قول الآخر نزلت فى كذا اذا كان اللفظ يتناولهما كما ذكرناه فى التفسيربالمثال واذا ذكر أحدهم لها سببا نزلت لأجله وذكر الآخر سببا فقد يمكن صدقهما بأنتكون نزلت عقب تلك الاسباب أو تكون نزلت مرتين مرة لهذا السبب ومرة لهذاالسبب
وهذان الصنفان اللذان ذكرناهما فى تنوعالتفسير تارة لتنوع الأسماء والصفات وتارة لذكر بعض أنواع المسمى وأقسامهكالتمثيلات هما الغالب فى تفسير سلف الأمة الذى يظن أنه مختلف
ومن التنازع الموجود عنهم ما يكون اللفظفيه محتملا للأمرين اما لكونه مشتركا فى اللفظ كلفظ قسورة الذى يراد به الرامىويراد به الأسد ولفظ عسعس الذى يراد به اقبال الليل وادباره
وأما لكونه متواطئا فى الأصل لكن المراد بهأحد النوعين أو أحد الشيئين كالضمائر فى قوله ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنىوكلفظ الفجر وليال عشر والشفع والوتر وما أشبه ذلك
فمثل هذا قد يجوز أن يراد به كل المعانىالتى قالها السلف وقد لا يجوز ذلك فالأول اما لكون الآية نزلت مرتين فأريد بها هذاتارة وهذا تارة وإما لكون اللفظ المشترك يجوز أن يراد به معنياه اذ قد جوز ذلك أكثرالفقهاء المالكية والشافعية والحنبلية وكثير من اهل الكلام وإما لكون اللفظ متواطئافيكون عاما اذا لم يكن لتخصيصه موجب فهذا النوع اذا صح فيه القولان كان من الصنفالثانى
ومن الأقوال الموجودة عنهم ويجعلها بعضالناس اختلافا أن يعبروا عن المعانى بألفاظ متقاربة لا مترادفة فان الترادف فىاللغة قليل وأما فى ألفاظ القرآن فاما نادر واما معدوم وقل أن يعبر عن لفظ واحدبلفظ واحد يؤدى جميع معناه بل يكون فيه تقريب لمعناه وهذا من اسباب اعجاز القرآنفاذا قال القائل يوم تمور السماء مورا ان المور الحركة كان تقريبا اذ المور حركةخفيفة سريعة
وكذلك اذا قال الوحى الاعلام أو قيل أوحينااليك أنزلنا اليك أو قيل وقضينا الى بنى اسرائيل أى اعلمنا وأمثال ذلك فهذا كلهتقريب لا تحقيق فإن الوحى هو اعلام سريع خفى والقضاء اليهم أخص من الاعلام فإن فيهانزالا إليهم وإيحاء إليهم والعرب تضمن الفعل معنى الفعل وتعديه تعديته ومن هنا غلطمن جعل بعض الحروف تقوم مقام بعض كما يقولون فى قوله لقد ظلمك بسؤال نعجتك الىنعاجه أى مع نعاجه و من أنصارى الى الله أى مع الله ونحو ذلك والتحقيق ما قاله نحاةالبصرة من التضمين فسؤال النعجة يتضمن جمعها وضمها الى نعاجه وكذلك قوله وان كادواليفتنونك عن الذى أوحينا اليك ضمن معنى يزيغونك ويصدونك وكذلك قوله ونصرناه منالقوم الذين كذبوا بآياتنا ضمن معنى نجيناه وخلصناه وكذلك قوله يشرب بها عباد اللهضمن يروى بها ونظائره كثيرة
ومن قال لا ريب لا شك فهذا تقريب والافالريب فيه اضطراب وحركة كما قال دع ما يريبك الى ما لا يريك وفى الحديث أنه مربظبى حاقف فقال لا يريبه أحد فكما أن اليقين ضمن السكون والطمأنينة فالريب ضده ضمنالاضطراب والحركة ولفظ الشك وان قيل أنه يستلزم هذا المعنى لكن لفظه لا يدلعليه
وكذلك اذا قيل ذلك الكتاب هذا القرآن فهذاتقريب لأن المشار اليه وان كان واحدا فالاشارة بجهة الحضور غير الاشارة بجهة البعدوالغيبة ولفظ الكتاب يتضمن من كونه مكتوبا مضموما ما لا يتضمنه لفظ القرآن من كونهمقروءا مظهرا باديا فهذه الفروق موجودة فى القرآن فاذا قال أحدهم ان تبسل أى تحبسوقال الآخر ترتهن ونحو ذلك لم يكن من اختلاف التضاد وان كان المحبوس قد يكون مرتهناوقد لا يكون اذ هذا تقريب للمعنى كما تقدم وجمع عبارات السلف فى مثل هذا نافع جدافان مجموع عباراتهم ادل على المقصود من عبارة أو عبارتين ومع هذا فلابد من اختلافمحقق بينهم كما يوجد مثل ذلك فى الأحكام
ونحن نعلم أن عامة ما يضطر اليه عموم الناسمن الاختلاف معلوم بل متواتر عند العامة أو الخاصة كما فى عدد الصلوات ومقاديرركوعها ومواقيتها وفرائض الزكاة ونصبها وتعيين شهر رمضان والطواف والوقوف ورمىالجمار والمواقيت وغير ذلك

ثم اختلاف الصحابة فى الجد والأخوة وفىالمشركة ونحو ذلك لا يوجب ريبا فى جمهور مسائل الفرائض بل ما يحتاج اليه عامة الناسهو عمود النسب من الآباء والابناء والكلالة من الأخوة والأخوات ومن نسائهم كالأزواجفان الله أنزل فى الفرائض ثلاث آيات مفصلة ذكر فى الأولى الأصول والفروع وذكر فىالثانية الحاشية التى ترث بالفرض كالزوجين وولد الأم وفى الثانية الحاشية الوارثةبالتعصيب وهم الأخوة لأبوين أو لأب واجتماع الجد والأخوة نادر ولهذا لم يقع فىالاسلام الا بعد موت النبى صلى الله عليه وسلم والاختلاف قد يكون لخفاء الدليل أولذهول عنه وقد يكون لعدم سماعه وقد يكون للغلط فى فهم النص وقد يكون لاعتقاد معارضراجح فالمقصود هنا التعريف بجمل الأمر دون تفاصيله

فصل
الاختلاف فى التفسير على نوعين منه مامستنده النقل فقط ومنه ما يعلم بغير ذلك اذ العلم اما نقل مصدق واما استدلال محققوالمنقول اما عن المعصوم واما عن غير المعصوم والمقصود بان جنس المنقول سواء كان عنالمعصوم أو غير المعصوم وهذا هو النوع الأول منه ما يمكن معرفة الصحيح منه والضعيفومنه ما لا يمكن معرفة ذلك فيه وهذا القسم الثانى من المنقول وهو ما لا طريق لناالى جزم بالصدق منه عامته مما لا فائدة فيه فالكلام فيه من فضول الكلام
وأما ما يحتاج المسلمون الى معرفته فانالله نصب على الحق فيه دليلا فمثال ما لا يفيد ولا دليل على الصحيح منه اختلافهم فىلون كلب أصحاب الكهف وفىالبعض الذى ضرب به موسى من البقرة وفى مقدار سفينة نوح وماكان خشبها وفى اسم الغلام الذى قتله الخضر ونحو ذلك فهذه الأمور طريق العلم بهاالنقل فما كان من هذا منقولا نقلا صحيحا عن النبى صلى الله عليه وسلم كاسم صاحبموسى أنه الخضر فهذا معلوم وما لم يكن كذلك بل كان مما يؤخذ عن أهل الكتاب كالمنقولعن كعب ووهب ومحمد بن اسحق وغيرهم ممن يأخذ عن أهل الكتاب فهذا لا يجوز تصديقه ولاتكذيبه الا بحجة كما ثبت فى الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال اذا حدثكمأهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم فاما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه واما أن يحدثوكمبباطل فتصدقوه



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس