عرض مشاركة واحدة
قديم 23 Mar 2010, 11:29 AM   #3
((( الباحث )))
باحث فضي


الصورة الرمزية ((( الباحث )))
((( الباحث ))) غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8198
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 03 Jan 2012 (07:37 PM)
 المشاركات : 173 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue



الحب و الزواج أهم القضايا الواردة على الشعوذة.

إن الوضعية الاجتماعية المزرية التي تعيشها المرأة المغربية في ظل الجهل، الأمية، قلة الوعي، العنف، غياب الدعم والاستقرار الأسري، الإيمان بالخرافات وقدرة الشعوذة على امتلاك مفاتيح كل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي ليس لها حل، هذا الواقع يعطي المرأة مبررا للدفاع عن نفسها وكرامتها التي تهدر يوما بعد يوم، خاصة وأن المدونة الشهيرة لم تحقق لها الحماية الكاملة، لذلك فهي تعتقد أن الانجراف وراء الشعوذة وموادها وطقوسها الغريبة، وسيلة لتحصين علاقتها الزوجية واستقرار بيتها من تهديد الطلاق أو تعدد الزوجات وأيضا المتنفس الوحيد للتعبير عن غضبها وحريتها، لأن الشعوذة في نظر المرأة أقصر الطرق للوصول إلى قلب الرجل، لذلك لا تتردد في الارتماء بين أحضان الشعوذة مهما كانت مكانتها الاجتماعية والثقافية، (ربة بيت، أمية، متعلمة، مثقفة، فنانة، سياسية، موظفة)، حسب تصريح إحداهن: «عندما يتعلق الأمر بالرجل، تنسى المرأة مبادئها وأخلاقها وثقافتها، لأن بذور الشك والغيرة تعمي بصيرتها، فلا ترى أمامها سوى شبح المرأة التي ستخطف زوجها أو حبيبها، لذلك تبحث عن أي وسيلة للانتقام لنفسها و لكرامتها المجروحة، فتلجأ إلى أبشع الوسائل إن اقتضى الأمر، المهم أن تحافظ على سعادتها وتستعيد زوجها، حتى لو كان ذلك عن طريق الشعوذة وموادها السامة…»، وتشير عاملة في 30 من عمرها إلى أن المرأة: «لن تتوانى عن فعل أي شيء من أجل تحقيق رغباتها وأهدافها، من أجل تدمير المرأة التي تنافسها على زوجها، تستطيع أن تأخذ خرقة حيض ضرتها أو عشيقة زوجها، وتغمسها في الماء وتضيف هذا الماء إلى طعام قوي مثل الحريرة أو المساخن، كما تمرر قطع السكر على فم الحمار وتصنع به الشاي لزوجها، أو تمرر قطعة خبز على فم الحيوان نفسه وتقديمها رفقة وجبة الغذاء حتى يصبح بليدا مثل الحمار».
إن إيمان المرأة الأعمى بقدرة الفقيه على حل كل مشاكل الحب و الزواج يدفعها إلى تنفيذ كل تعاليمه ووصفاته الغريبة التي ستمكنها من الإيقاع بالرجل في غرامها أو التخلص منه، ويعترف أحد الفقهاء بأن الجمع بين رجل وامرأة من أسهل الأمور التي ترد عليه بشرط أن يمتلك أثرا له، مثل ملابسه الداخلية، أو شعيرات من رأسه أو لحيته، ليتم الجمع بين الطرفين، وتصرح إحدى الشوافات : « نأخذ شعرة من رجل و نلفها في ورق مكتوب بمداد القطران ونقرأ عليه بعض التعاويذ و التعازيم، ثم تعلق في مهب الريح وكلما داعب الريح هذه التميمة إلا وخفق معها قلب الرجل المقصود، ويعود الدفء إلى علاقة المرأة بزوجها أو عشيقها…».
و يبدو أن هناك قناعة كبيرة بقدرة الشعوذة على استرجاع الرجل إلى أحضان زوجته، تقول امرأة في 40 من عمرها: « تزوجت أحمد بعد أن رفضت عائلتي هذا الزواج، وهربت معه إلى مدينة أخرى حيث مقر عمله، كانت الأيام الجميلة التي قضيتها معه، تعويضا على فقداني لأهلي، لكن بعد طفلي الأول بدأت المشاكل، اعتقدت في البداية أنها مجرد غيرة يبديها الأب اتجاه طفله الأول لأنه يحظى بالاهتمام الأكبر، لكن بعد الطفل الثاني بدأت بذور الشك و الغيرة تنغرس في أعماقي، وأصبح لدي يقين كبير بأن هناك امرأة أخرى في حياة زوجي خاصة وأنه أصبح كثير السهر في الخارج، لا يعود إلا في الثالثة أو الرابعة صباحا، وكنت قد سمعت من إحدى الجارات أن هناك ” شوافة ” ذائعة الصيت يقصدها مختلف الرجال و النساء، لم أتحمس للفكرة في البداية، لكن رغبتي في استرداد زوجي كان قويا، أخبرتني “الشوافة” بأن زوجي على علاقة بامرأة أخرى تمكنت منه بفعل السحر، وأنهما بصدد الاستعداد للزواج، اسودت الدنيا في عيني وأصبح الشك و الغيرة هاجسا يجثم على أنفاسي، كثرت زيارتي ل” الشوافة” ومع كل زيارة كنت أمنحها 300 درهم مقابل بعض الأوراق الصغيرة محروقة بعود الند أو مصحوبة بالفاسوخ أو مكتوبة بالقطران والتي غالبا ما أبخر جسدي ببعضها واستحم بالبعض الآخر، وعندما فشلت في جلبه إلى أحضاني، طلبت مني “الشوافة” أن أحضر رأس كلب أطحنه مع الخضر ثم أمزجه بالتوابل القوية الرائحة، وأعد منه وجبة من الكسكس ولاحقا طلبت مني حرق خصلات من شعر القط الأسود على النار ثم صنعت منه القهوة السوداء الممزوجة بالقرفة و قدمتها لزوجي، لكن لم تكن هناك أي نتيجة فقصدت ” شوافة أخرى” طلبت مني أن أحرق ظفر الهدهد وأقدمه لزوجي في القهوة السوداء، وذلك من أجل السيطرة عليه واسترجاعه إلى أحضاني…».
وكثيرا ما تختار المرأة ليلة القدر موعدا لتنفيذ أعمالها السحرية اعتقادا منها أن أبواب السماء تكون مفتوحة خلال هذه الليلة، التي يتحدد فيها مصير الإنسان ورزقه، وبذلك تكون ليلة القدر وقتا مناسبا لتحقيق آمالها وأهدافها الرامية إلى امتلاك قلب الرجل أو إحضاره إليها إن كان غائبا، أو ترويضه وإخضاعه لرغباتها، خاصة أمام أنواع العنف التي تتعرض لها المرأة والإحساس بالضعف وعدم المقاومة، ورغبتها في التفوق على زوجها باعتباره الرجل الأكثر تسببا في العنف الموجه ضدها، لذلك تضطر إلى الشعوذة لحماية نفسها من جبروت الرجل، واضطهاده المستمر لها، هذا الواقع يدفع المرأة إلى ممارسة مجموعة من الأعمال السحرية لإبراز حضورها في المنزل وإثبات مكانتها والوقوف في وجهه، وقد تدفع ثمنا باهظا مقابل الحصول على وصفة خاصة بتطويع الرجل وترويضه، وبهذا الخصوص تشير متطوعة في برنامج محاربة الأمية بهذا الخصوص:« هناك اعتقاد سائد بأن تحريك الكسكس بيد الميت، يمكن المرأة من تطويع الرجل وإخضاعه للسيطرة، و جعله مثل الميت لا يرفع صوتا أو يحرك يدا، بل يتحول إلى عبد رَهْنَ إشارة الزوجة، وقد تتجشم المرأة من أجل هذه النتيجة عناء البحث عن يد الميت، بالتعاون مع غسالي الموتى أو حراس القبور للحصول على يد الميت، و تنفق في سبيل ذلك أموالا باهظة، وتمرر يد الميت على الكسكس مرددة بعض العبارات: ” ما تهز يد ما تحط يد بحال هاد الميت “، وبمجرد أن يتناول الرجل لقمة من الكسكس لمرات عديدة يتحول إلى رجل مطيع ، فتتمكن المرأة من توجيهه حسب رغبتها»، و يصرح أحد غسالي الموتى « عندما نقوم بغسل الميت، نتخلص من الصابونة والخرقة والإبرة، لأنها غاية تنشدها بعض النساء اللواتي يرغبن في سحر الرجال فغسل الرجل بالصابونة التي غسل بها الميت يجعله لا يرفع يده في وجه الزوجة، لذلك أحيانا يدفن أهل الميت الصابونة والخرقة معه في القبر، تفاديا لهذا الحدث».
وإن تطرقت للحديث عن الطقوس و التعاويذ التي تمارسها المرأة من أجل استقدام الزوج أو الحبيب الغائب، فإنها كثيرة ومختلفة حسب نوعية الفقيه أو الشوافة التي تقصدها، قد تنصحها الشوافة بأن توقد النار عند الغروب، موجهة نظرها نحو جهة طلوع الشمس وهي تلوح بمنديل أبيض سبق و استعمله زوجها أو حبيبها أثناء الجماع، وهي تردد هذه العبارات:

المْغْرْبْ وْدْنَاتْ عْلى فلان وْلدْ فلانة
بالوَحْشْ و الغمة
من وحشي بكا
من وحشي شكا
من وحشي طرطق السلاسل و جا…

وأحيانا ينصحها الفقيه بأن تلقي بالشيح في المجمر( موقد صغير) وتعرض جسدها للدخان المتصاعد وهي تردد العبارات التالية:

الشيح يا شيح
الناس تقول ليك الشيح
و أنا نقول للطالب المليح
اطلع للسما و صيح
جيب فلان عند فلانة بنت فلانة

ثم تضع مزيدا من البخور….
هذا الإيمان الأعمى بفعالية وصفات الشعوذة وموادها السامة، المضرة بجسد الإنسان، يجعل المرأة زبونة دائمة لدى الفقيه، فهو المستشار الرئيس في مسألة الحب والزواج، فكل من أرادت الزواج تلجأ إلى الشعوذة لجلب زوج مناسب، وكل من طرق بابها عريس يخطب ودها، تقبل يدي الفقيه لمعرفة إن كان الرجل المتقدم للزواج منها، مناسبا لها أم لا، من خلال قراءة الطالع و المستقبل، وأحيانا تتفاجأ المرأة بعبارات الفقيه الذي يوهمها بأن « هذا الرجل غير مناسب وهناك من هو أفضل منه، سيأتي إليها خاطبا بعد مدة 85 يوما، وأنه عليها عدم الاستعجال واستغلال الفرص القادمة، لأنها مازالت صغيرة وكلما انتظرت أكثر كلما جاءها الخير من كل الأبواب»، أيضا عندما ترغب المرأة في جعل زوجها وفيا لها، غير قادر على الخيانة، فإنها غالبا ما تلجأ إلى ساحرة متمكنة من الحرفة لتجعله عاجز جنسيا خارج إطار العلاقة الزوجية، لأن الساحرة هي الشخص المناسب لمثل هذه الأمور، بناءا على توصية صديقة أو قريبة أو جارة، التي تشهد لها بفعاليتها وصداها الواسع في هذا الحي الشعبي أو ذاك، والتي غالبا ما تطلب ثمنا باهظا مقابل خدماتها، إلا أن المرأة من أجل الحفاظ على بيت الزوجية من خطر امرأة أخرى تهدد سعادتها، وتدفعها إلى بيع حاجياتها ومجوهراتها وذلك من أجل تمويل الأعمال السحرية التي ستمارسها اتجاه زوجها، وكثيرا ما تكون المرأة المنافسة لها على زوجها شقراء أو سمراء حسب نوعية الساحرة التي تم اللجوء إليها، وبناء على ذلك تبعث بها إلى عطار أو عشاب صديق لها، بحجة أن المواد التي تريدها غير موجودة إلا عنده، وأحيانا تصف لهم بعض الطقوس لتنفيذها، مثل: وضع علبة الثقاب مفتوحة على جانبي الباب بحيث تضع كل جزء في جهة من الباب و عندما يمر الزوج من البوابة تنادي عليه وعندما يرد عليها تهمس في أعماقها ” غوت عليك الوقيد ماغوتش عليك أنا” أي نادى عليك عود الثقاب، ثم تغلق العلبة وتضعها في جيبها وهي مطمئنة على وفاء زوجها وعدم خيانتها مع امرأة أخرى مهما وصلت شدة جمالها وإغراءها، وتشير أمينة 55 سنة من عمرها خبيرة بأمور السحر: « إن إحراق الشرويطة (قطعة ثوب ملوثة بمني الرجل) مع الماء القاطع والشمع يجعل المرأة تعتقد أن الدخان المتصاعد من هذا الحريق، يؤدي إلى إشعال نيران الرغبة في المرأة التي مارس الجنس معها آخر مرة ويجعله عبدا لجسدها ولا يطمع في غيرها». وهناك دائما وراء التعطيل الجنسي أو “ الثقاف “ حسب المصطلح الشعبي المتداول في المجتمع المغربي، أداة تغلق و تفتح القفل مثل علبة الثقاب، سكين مطوية، قرشال، عصا الرحى،.. والتعطيل الجنسي / “ الثقاف“ هو وسيلة لربط الرجل أو الانتقام منه، وجعله غير قادر على الغدر بزوجته أو المرأة التي وعدها بالزواج، وكثيرا ما تلجأ الزوجة إليه من أجل الحفاظ على زوجها من اٌمرأة أخرى، وتلجأ إليه العشيقة لجعل الرجل عبدا لجسدها، وتلجأ إليه الحبيبة لضمان أن هذا الرجل سيعود إليها ولن يغدر بها، وأحيانا تلجأ إليه المرأة للانتقام من الرجل الذي خانها واعتدى عليها.
وتتعدَّدُ أغراض ممارسة الشعوذة حسب نوعية وطبيعة المرأة اللاجئة إليها، ومن بين الأغراض التي تدفعها إلى هذا الميدان الرغبة في التفرقة بين الزوجين وإحداث الكراهية بينهما بهدف الانتقام من هذا الزوج لأنه فضل اٌمرأة أخرى عليها، أو لأنه طلقها وتزوج غيرها، ومن أجل إحداث الكراهية بين الزوجين، تقول السيدة السعدية في هذا الإطار : «يأخذ شعر المرأة و يبخر به كأس ماء لم يستعمل من قبل، ثم يملأ بالماء أو بالعصير ويسقى منه الرجل دون أن يعلم، وتكرر هذه العملية 5 مرات أو أكثر إلى أن تظهر النتيجة، وبعدها سيكره تلك المرأة إلى درجة أنه لا يطيق النظر إليها،» وفي شهادة أخرى تقول السيدة الزهرة وهي جارة لإحدى الشوافات: « تأخذ صورة المرأة وزوجها ويكتب على ظهرهما عبارات سحرية و طلاسم وتدفن كل صورة في مكان لا يطأه قدم فيتم الفراق بعد أيام قصيرة »، وقد تصل بشاعة هذه الوصفات و الطقوس الخاصة بإحداث الكراهية والتفرقة بين الرجل والمرأة إلى وضع هذه الصور في فم القطط أو حيوانات أخرى وإغلاق فمها بخيط سميك، وكثيرا ما يعثر المارة على هذه النماذج من القطط، كما يتمُّ دفن بعض الحروز والطلاسم في القبور القديمة المنسية من طرف أصحابها، بحيث يتم نبش هذه القبور لتكون مكانا لهذه الطلاسم التي تخلف آثارا كبيرة نفسيا وجسديا على الضحايا المستهدفين « كنت أعيش مع زوجي قصة حب جميلة، تحديت من أجله الجميع، لكن فجأة انهار هذا الحلم، بدون سبب، فجأة وجدت هذا الحبيب لا يطقيني و يطلب مني الطلاق، كانت صدمة بالنسبة لي، لم أكن أعرف السبب أو الحل المناسب سوى الدموع التي أنهكت جسدي الضعيف، وبمشورة قريبة لي لجأت إلى فقيه أخبرني بأن زوجي مسحور وأن أحدا من عائلته قام بالتفرقة بيننا و أنه أكل شيئاً ما في الطعام وتخطى شيئاً آخر في عتبة المنزل، لم أصدق فقصدت فقيها آخر وآخر إلى أن تعبت ، حاولت أن استرجعه في البداية و لم أنجح، فسعيت إلى الفراق، لأنه اختفى فجأة وتركني معلقة لست متزوجة ولا مطلقة ومازلت إلى حد الساعة منهارة نفسيا لأني معلقة، وليس في وسعي إلا ندعيه لله هو يخذ فيه الحق…».
وتعتبر الطقوس والوصفات التي تهدف إلى التفرقة و الكراهية بين الرجل و المرأة من أبشع الممارسات السحرية التي تلجأ إليها المرأة، بسبب قلة وعيها ورغبتها في التحرر والتخلص من الاضطهاد الممارس عليها من طرف الرجل والمجتمع، يدفعها إلى الانجراف وراء الأوهام و الخرافات والأساطير، ومتاهات الشوافات والفقهاء والعطار والبخور والتعاويذ ومواد سامة وغريبة، تختلف حسب نوعية الشعوذة الذي تلجأ إليها، فالكثيرات يعتبرن الشعوذة حل للنزاعات القائمة بين الزوجين أو التفريق بينهما، وقد حاولت من خلال هذا الجزء تسليط الضوء على بعض الأسباب والعوامل التي تدفع المرأة إلى ممارسة الشعوذة ومظاهر هذه الممارسة في المجتمع المغربي، مستشهدة ببعض النماذج التي لم أرى حرجا في نشرها، في حين أحجمت عن نشر مجموعة من الشهادات لبشعاتها و فظاعتها على نفسية القارئ و المتلقي، وسأحاول خلال الجزء الثاني من هذا الموضوع التطرق إلى علاقة المرأة بالأضرحة و تأثير الشعوذة على نفسية المجتمع.



 

رد مع اقتباس