الموضوع: كتاب النبوات
عرض مشاركة واحدة
قديم 23 Mar 2013, 12:45 AM   #16
الابن البار
مراقب قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا


الصورة الرمزية الابن البار
الابن البار غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2964
 تاريخ التسجيل :  Jul 2008
 أخر زيارة : 12 May 2020 (08:02 PM)
 المشاركات : 1,180 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب النبوات



والجن المؤمنون قد يعينون المؤمنين بشيء من الخوارق كما يعين الانس المؤمنون للمؤمنين بما يمكنهم من الإعانة وما لا يكون إلا مع الإقرار بنبوة الانبياء فهو من آياتهم فوجوده يؤيد آياتهم لا يناقضها مع أن آيات الانبياء التي يدعون اعلى من هذا وأعلى من كرامات الاولياء فإن تلك هي الآيات الكبرى والذين ذكر عنهم إنكار كرامات الاولياء من المعتزلة وغيرهم كأبي اسحاق الاسفراييني وأبي محمد بن أبي زيد وكما ذكر ذلك أبو محمد بن حزم لا ينكرون الدعوات المجابة ولا ينكرون الرؤيا الصادقة فإن هذا متفق عليه بين المسلمين وهو أن الله تعالى : قد يخص بعضهم بما يريه من المبشرات وقد كان سعد بن أبي وقاص معروفا باجابة الدعاء فإن النبي صلى الله عليه و سلم قال اللهم سدد رميته وأجب دعوته وحكاياته في ذلك مشهورة وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال لم يبق بعدي من النبوة الا الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له وثبت عنه في الصحيح أنه قال ان من عباد الله من لو أقسم على الله لابره ذكر ذلك لما أقسم أنس بن النضر أنه لا تكسر ثنية الربيع فاستجاب الله ذلك وايضا فإن منهم البراء بن مالك أخو أنس بن مالك وكانوا اذا اشتد الحرب يقولون يا براء أقسم على ربك فيقسم على ربه فينصرون والقسم قيل هو من جنس الدعاء لكن هو طلب مؤكد بالقسم فالسائل يخضضع ويقول أعطني والمقسم يقول أقسم عليك لتعطيني وهو خاضع سائل لكن من الناس من يدعي له من الكرامات مالا يجوز ان يكون للانبياء كقول بعضهم ان لله عبادا لو شاءوا من الله أن لا يقيم القيامة لما اقامها وقول بعضهم إنه يعطي كن أي شيء أرادة قال له كن فيكون وقول بعضهم لا يعرب عن قدرته ممكن كما لا يعزب عن قدرة ربه محال فانه لما كثر في الغلاة من يقول بالحلول والاتحاد وإلهية بعض البشر كما قاله النصارى في المسيح صاروا يجعلون ما هو من خصائص الربوبية لبعض البشر وهذا كفر وأيضا فإن كثيرا من الناس لا يكون من أهل الصلاح وتكون له خوارق شيطانية كما لعباد المشركين وأهل الكتاب فتتجلى لهم على أنها كرامات فمن الناس من يكذب بها ومنهم من يجعل أهلها من أولياء الله وذلك لأن الطائفتين ظنت أن مثل هذه الخوارق لا يكون إلا لأولياء الله ولم يميزوا بين الخوارق الشيطانية التي هي جنس ما للسحرة والكهان ولعباد المشركين وأهل الكتاب وللمتنبئين الكذابين وبين الكرامات الرحمانية التي يكرم الله بها عباده الصالحين فلما لم يميزوا بين هذا وهذا وكان كثير من الكفار والفجار وأهل الضلال والبدع لهم خوارق شيطانية صار هؤلاء منهم حزبين حزبا قد شاهدوا ذلك وأخبرهم به من يعرفون صدقه فقالوا هؤلاء اولياء الله وحزبا رأوا أن أولئك خارجون عن الشريعة وعن طاعة الله ورسوله فقالوا ليس هؤلاء من الأولياء الذين لهم كرامات فكذبوا بوجود ما رآه أولئك وأولئك قد عاينوا ذلك أو تواتر عندهم فصار تكذيب هؤلاء مثل تكذيب من ينكر السحر والكهانة والجن وصرعهم للانس إذا كذب ذلك عند من رأى ذلك أو ثبت عنده ومن كذب بما تيقن غيره وجوده نقصت حرمته عنه هذا المتيقن وكان عنده إما جاهلا وإما معاندا فربما رد عليه كثيرا من الحق بسبب ذلك ولهذا صار كثير من المنتسبين إلى زهد أو فقر أو تصرف أو وله أو غير ذلك لا يقبلون قولهم ولا يعبأون بخلافهم لأنهم كذبوا بحق قد تيقنه هؤلاء وأنكروا وجوده وكذبوا بما لم يحيطوا بعلمه وقد يدخلون انكار ذلك في الشرع كما أدخلت المعتزلة ونحوهم إنكار كرامات الأولياء وإنكار السحر والكهانة في الشرع بناء على أن ذلك يقدح في آيات الانبياء فجمعوا بين التكذيب بهذه الامور الموجودة وبين عدم العلم بآيات الانبياء والفرق بينها وبين غيرها حيث ظنوا أن هذه الخوارق الشيطانية من جنس آيات الانبياء وأنها نظير لها فلو وقعت لم يكن للأنبياء ما يتميزون به والذين ردوا على هؤلاء من الأشعرية ونحوهم يشاركونهم في هذا في التسوية بين الجنسين وأنه لا فرق لكن هؤلاء لما تيقنوا وجودها جعلوا الفرق ما ليس بفرق وهو اقترانها بالدعوى والتحدي بمثلها وعدم المعارضة وهم يقولون إنا نعلم بالضرورة أن الرب إنما خلقها لتصديق النبي وهذا كلام صحيح لكنه يستلزم بطلان ما أصلوه من أنه لا يخلق شيئا لشيء وأيضا فاختصاصها بوجود العلم الضروري عندها دون غيرها لا بد أن يكون لأمر أوجب التخصيص وهم يقولون بل قد تستوي الامور ويوجد العلم الضروري ببعضها دون بعض كما قالوا مثل ذلك في العادات انه يجوز انخراقها كلها بلا سبب على أعظم الوجوه كجعل الجبال بواقيت لكن يعلم بالضرورة أن هذا لا يقع فكذلك قالوا في المعجزات يجوز أن يخلقها على يد كاذب إنما خلقها على يد الصادق بما ادعى من العلم الضروري صحيح وأما قولهم إن المعلوم به يماثل غيره فغلط عظيم بل هم لم يعرفوا الفرق بمنزلة العامي الذي أوردت عليه شبهات السوفسطائية فهو يعلم بالضرورة أنها باطلة ولكن لا يعرف الفرق بينها وبين الحق ولكن العامي يقول فيها فساد لا أعرفه لا يقول دلائل الحق كدلائل الباطل وهؤلاء ادعوا الاستواء في نفس الامر فغلطوا غلطا عظيما ولو قالوا بينهما فرق لكنه لم يتخلص لنا لكان قولهم حقا وكانوا قد ذكروا عدم العلم لا العلم بالعدم كما يقول ذلك كثير من الناس يقول ما أعرف الفرق بينهما وذلك أن العلم الضروري يحصل ببعض الأخبار دون بعض وقد قيل إنا نعلم أنه متواتر بحصول علمنا الضروري به والتحقيق انه اذا حصل له علم ضروري كان قد حصل الخبر الذي يوجبه لهم وقد لا يحصل لغيرهم والعلم يحصل بعدد المخبرين وبصفاتهم وبأمور أخرى تنضم الى الخبر ومن جعل الاعتبار بمجرد العدد فقد غلط والأكثرون يقولون العلم الحاصل به ضروري وقيل انه نظري وهو اختيار الكعبي وأبي الحسين وأبي الخطاب والتحقيق أنه قد يكون ضروريا وقد يكون نظريا وقد يجتمع فيه الأمران يكون ضروريا ثم إذا نظر فيه وجد أنه يوجب العلم وكذلك العلم الحاصل عقب الآيات قد يكون ضروريا وقد يكون نظريا وكل نظري فإن منتهاه أنه ضروري ولهذا قال أبو المعالي المرتضى عندنا أن جميع العلوم ضرورية أي بعد حصول أسبابها ولا بد من فرق في نفس الامر بين ما يوجبه العلم ومالا يوجبه وأصل خطأ الطائفتين أنهم لم يعرفوا آيات الانبياء وما خصهم الله به ولم يقدروا قدر النبوة ولم يقدروا آيات الانبياء قدرها بل جعلوا هذه الخوارق الشيطانية من جنسها فإما ان يكذبوا بوجودها وإما أن يسووا بينهما ويدعوا فرقا لا حقيقة له ولهذا يوجد كثير ممن يكذب بهذه الخوارق الشيطانية أن تكون لبعض الاشخاص لما يراه من نقص دينه وعلمه فاذا عاينها بعد ذلك أو ثبتت عنده خضع لذلك الشخص الذي كان عنده إما كافرا وإما ضالا وإما مبتدعا جاهلا وذلك لأنه أنكر وجودها معتقدا أنها لا توجد إلا للصالحين فلما تيقن وجودها جعلها دليلا على الصلاح وهو غالط في الاصل بل هذه من الشياطين من جنس ما للسحرة والكهان ومن جنس ما للكفار من المشركين وأهل الكتاب فإن لمشركي الهند والترك وغيرهم ولعباد النصارى من هذه الخوارق الشيطانية أمورا كثيرة يطول وصفها أكثر وأعظم من أكثر مما يوجد منها لاهل الضلال والبدع من المسلمين وما يوجد منها للمنافقين فإن الشياطين لا تتمكن من إغواء المسلمين وإن كان فيهم جهل وظلم كما تتمكن من إغواء المشركين وأهل الكتاب ولهذا ثنى في القرآن قصة موسى مع السحرة وذكر ما يقولوه الكفار لانبيائهم فإنه ما جاء نبي صادق قط الا قيل فيه إنه ساحر أو مجنون كما قال تعالى : كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون وذلك أن الرسول يأتي بما يخالف عاداتهم ويفعل ما يرونه غير نافع ويترك ما يرونه نافعا وهذا فعل المجنون فإن المجنون فاسد العلم والقصد ومن كان مبلغه من العلم إرادة الحياة الدنيا كان عنده من ترك ذلك وطلب مالا يعلمه مجنونا ثم النبي مع هذا يأتي بأمور خارجة عن قدرة الناس من إعلام بالغيوب وأمور خارقة لعاداتهم فيقولون هو ساحر وهذا موجود في المنافقين الملحدين المتظاهرين بالاسلام من الفلاسفة ونحوهم يقولون ان ما أخبرت به الانبياء من الغيوب والجنة والنار هو من جنس قول المجانين وعندهم خوارقهم من جنس خوارق السحرة والممرورين المجانين كما ذكر ابن سينا وغيره لكن الفرق بينهما أن النبي حسن القصد بخلاف الساحر وأنه يعلم ما يقول بخلاف المجنون لكن معجزات الانبياء عندهم قوى نفسانية ليس مع هذا ولا هذا شيء خارج عن قوة النفس والقاضيان أبو بكر وأبو يعلى ومن وافقهما متوقفون في وجود المخدوم الذي تخدمه الجن قالوا لا يقطع بوجوده وكذلك الكاهن ذكروا فيه القولين قول من يقول إنه المتخرص وقول من يقول إنه مخدوم وهم متوقفون فيه لا يقطعون بوجود مخدوم كاهن كما يقطعون بوجود الساحر لأنه في زمانهم وجد الساحر والقرآن أخبرنا بالسحر في سورة البقرة بخلاف الكاهن فإن القرآن ذكر اسمه ولو تدبروا لعلموا ان الكاهن هو المذكور في قوله هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قيل له ان منا قوما يأتون الكهان قال فلا تأتوهم وسئل عن الكهان وما يخبرون به فأخبر أن الجن تسترق السمع وتخبرهم به فالكتاب والسنة أثبتا وجود الكاهن وأحمد قد نص على أنه يقتل كالساحر لكن الكاهن إنما عنده أخبار والساحر عنده تصرف بقتل وإمراض وغير ذلك وهذا تطلبه النفوس أكثر وابن صياد كان كاهنا ولهذا قال له النبي صلى الله عليه و سلم قد خبأت لك خبيئا فقال الدخ فقال اخسأ فلن تعدو قدرك انما أنت من إخوان الكهان ولما قضى في الجنين بغرة قال حمل بن مالك أيودي من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل قتل ذلك يطل فقال إنما أنت من إخوان الكهان من أجل سجعه الذي سجع فكانوا يسجعون أساجيع وقد رأيت من هؤلاء شيوخا يسجعون أساجيع كأساجيع الكهان ويكون كثير منها صدقا ولهذا جمع الله بين الكاهن والشاعر في قوله وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين وكذلك في الشعراء ذكر الكاهن والشاعر بعد قوله وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين الى قوله هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك اثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون والرسول في آية الحاقة محمد وقال ايضا انه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين وما صاحبكم بمجنون ولقد رآه بالافق المبين وما هو على الغيب بضنين وما هو بقول شيطان رجيم فأين تذهبون إن هو إلا ذكر للعالمين فلما أخبر به أنه قول رسول هو ملك من الملائكة نفى أن يكون قول شيطان ولما أخبر هناك أنه قول رسول من البشر نفى أن يكون قول شاعر أو كاهن فهذا تنزيه للقرآن نفسه ونزه الرسول أن يكون على الغيب بظنين أي متهم وأن يكون بمجنون فالجنون فساد في العلم والتهمة فساد في القصد كما قالوا ساحر أو مجنون وقال في الطور فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون قل تربصوا فإني معكم من المتربصين وقد أخبر عن الانبياء قبله أنه ما أتى الذين من قبلهم من رسول الا قالوا ساحر أو مجنون ولم يقولوا كاهن لأن الكاهن عند العرب هو الذي يتكلم بكلام مسجوع وله قرين من الجن وهذا الاسم ليس بذم عند أهل الكتاب بل يسمون أكثر العلماء بهذا الاسم ويسمون هارون وأولاده الذين عندهم التوراة بهذا الاسم والقدر المشترك العلم بالامور الغائبة والحكم بها فعلماء أهل الكتاب يخبرون بالغيب ويحكمون به عن الوحي الذي أوحاه الله وكهان العرب كانت تفعل ذلك عن وحي الشياطين وتمتاز بأنها تسجع الكلام بخلاف اسم الساحر فإنه اسم معروف في جميع الامم وقد يدخل في ذلك عندهم المخدوم الذي تخبره الشياطين ببعض الامور الغائبة ولكون الساحر يأتي بالخوارق شبهوا به النبي وقالوا ساحر فدل ذلك على قدر مشترك لكن الفرقان بينهما أعظم كالفرق بين الملائكة والشياطين وأهل الجنة وأهل النار وخيار الناس وشرارهم وهذا أعظم الفروق بين الحق والباطل والكفار قالوا عن الانبياء انهم مجانين وسحرة فكما يعلم بضرورة العقل وجود أعظم الفرق بينهم وبين المجانين وأنهم أعقل الناس وأبعدهم عن الجنون فكذلك يعلم بضرورة العقل أعظم الفرق بينهم وبين السحرة وأنهم أفضل الناس وأبعدهم عن السحر فالساحر يفسد الادراك حتى يسمع الانسان الشيء ويراه ويتصور خلاف ما هو عليه والانبياء يصححون سمع الانسان وبصره وعقله والذين خالفوهم صم بكم عمي فهم لا يعقلون فالسحرة يزيدون الناس عمى وصمما وبكما والانبياء يرفعون عماهم وصممهم وبكمهم كما في الصحيح عن عطاء بن يسار أنه سأل عبد الله بن عمرو روى عبد الله بن سلام أنه قيل له أخبرنا ببعض صفة رسول الله صلى الله عليه و سلم في التوراة فقال انه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للاميين انت عبدي سميتك المتوكل لست بفظ ولا غليظ ولا سخاب بالاسواق ولا تجزي بالسيئة السيئة ولكن تجزي بالسيئة الحسنة وتعفو وتغفر ولن أقبضه حتى أقيم به الملة العوجاء فأفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا بأن يقولوا لا اله الا الله وهذا مذكور عند أهل الكتاب في نبوة أشعيا .



 

رد مع اقتباس