عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 15 Apr 2007, 06:05 PM
ابرهيم الرفاعى
وسام الشرف
ابرهيم الرفاعى غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 455
 تاريخ التسجيل : Mar 2007
 فترة الأقامة : 6268 يوم
 أخر زيارة : 22 Mar 2012 (03:41 PM)
 المشاركات : 897 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : ابرهيم الرفاعى is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
Red face باب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم



بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


باب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم

جناب التوحيد وسده محل طريق يوصل إلى الشرك

وقول الله تعالى: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ الآية .
--------------------------------------------------------------------------------


هذا الباب عقده الشيخ -رحمه الله- في بيان حماية المصطفى -صلى الله عليه وسلم- لجناب التوحيد، والأبواب التي قبله -أيضا- هي في حماية التوحيد، لكن الأبواب التي قبله عامة، وما في هذا الباب أمور خاصة، وإلا كل الأبواب السابقة: الغلو في الصالحين، وبناء المساجد على القبور، والغلو في القبور، كل هذا من الوسائل المفضية إلى الشرك، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عنها سدا للطريق الموصل إلى الشرك، وهذه الأبواب كلها في موضوع واحد .

ولا تعجبوا من كون الشيخ كرر هذه الأبواب واحدا بعد واحد؛ لأن هذه المسألة عظيمة، فالشرك إنما حصل في هذه الأمة بسبب الفتنة في القبور والغلو فيها، وبسبب الغلو في الصالحين، والغلو في الرسول -صلى الله عليه وسلم- فالشرك إنما حصل في هذه الأمة بسبب هذه الأمور، منذ أن بنيت المساجد على القبور، ومنذ أن ظهر التصوف في هذه الأمة، والشرك يكثر ويتعاظم في هذه الأمة إلا من رحم الله -عز وجل- فالأمر خطير جدا .

ولذلك كرر الشيخ -رحمه الله- في هذا الموضوع، وأبدى وأعاد؛ لأنه هو المرض الذي أصاب الأمة من أجل أن ينبه العلماء، وينبه المسلمين على هذا الخطر الشديد ليقوموا بعلاجه، والدعوة إلى التوحيد ونفي الشرك من هذه الأمة، وإلا إن سكت العلماء عن هذا الأمر فإنه يتعاظم، وبالتالي في النهاية يكثر الجهل، وتعتبر هذه الأمور من الدين، ويعتبر من نهى عنها من الخارجين عن الدين كما حصل الآن: أن من ينكر هذه الأمور، وينبه الناس إلى خطرها، ويدعو إلى التوحيد يرمونه بأنه متشدد، وأنه خارج عن الأمة؛ لأن الأمة عندهم هم عباد القبور، ومن أنكر عبادة القبور صار خارجا عن الأمة، وهذا من قلب الحقائق -والعياذ بالله- فالدين الذي جاءت به الرسل هو إخلاص العبادة لله -عز وجل- هذا هو الدين .

أما عبادة القبور فهي دين أبي جهل وأبي لهب ودين المشركين، ليست هي دين الرسل -عليهم الصلاة والسلام- ولكن إذا ظهر الجهل، وظهر اتباع الهوى حصل في الأمة ما حصل من جعل هذه الأمور الشركية من الدين، وجعل التوحيد هو الخروج عن الدين، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

قوله: " باب ما جاء في حماية المصطفى " المصطفى معناه: المختار، من الصفوة، أصله: مصتفى بالتاء، ثم أبدلت التاء طاء، فصار مصطفى: اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ يعني: يختار وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ .

أي: المختارين، ومنهم: نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- بل هو خيرهم وأفضلهم، فهو المصطفى -صلى الله عليه وسلم- اختاره الله للرسالة، والقيام بدعوته على فترة من الرسل، وهو خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم .

وقوله: " جناب التوحيد " الجناب هو: الجانب، فالجناب والجانب بمعنى واحد ، أي: حمايته -صلى الله عليه وسلم- حدود التوحيد أن يدخل عليه الشرك بسبب وسائل الشرك والتساهل فيها، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- حمى حدود التوحيد حماية بليغة، بحيث إنه نهى عن كل سبب أو وسيلة توصل إلى الشرك، ولو كانت هذه الوسيلة في أصلها مشروعة كالصلاة، فإذا فعلت عند القبور، فهو وسيلة إلى الشرك، ولو حسنت نية فاعلها، فالنية لا تبرر ولا تزكي العمل إذا كان يؤدي إلى محذور، والدعاء مشروع، ولكن إذا دعي عند القبر، فهذا ممنوع؛ لأنه وسيلة إلى الشرك بهذا القبر، هذا سد الوسائل .

فالرسول نهى عن الصلاة عند القبور ونهى عن الدعاء عند القبور ونهى عن البناء على القبور ونهى عن العكوف عند القبور واتخاذ القبور عيدا، إلى غير ذلك، كل هذا من الوسائل التي تفضي إلى الشرك، وهي ليست شركا في نفسها، بل قد تكون مشروعة في الأصل، ولكنها تؤدي إلى الشرك بالله عز وجل، ولذلك منعها صلى الله عليه وسلم .

قال: " وقول الله تعالى : لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ " وتمام الآية: حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ هذه الآية في ختام سورة التوبة .

قوله تعالى: لَقَدْ جَاءَكُمْ اللام لام القسم، تدل على قسم مقدر، تقديره: والله لقد جاءكم، وقد حرف تحقيق، والخطاب للعرب خاصة، وهو للناس عامة أيضا، لكن للعرب خاصة لأن الرسول عربي، بعث بلسانهم، فالمنة عليهم به أعظم .

" لَقَدْ جَاءَكُمْ " أيها المسلمون عموما والعرب خصوصا .

" رَسُولٌ " الرسول هو: من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه .

وأما النبي فهو: من أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه .

هذا التعريف المشهور عند أهل العلم، ويذكره المفسرون عند قوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ من سورة الحج، يذكرون هناك تعريف الرسول وتعريف النبي، والفرق بينهما وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه، وأشهرها كتابه: النبوات (الرسول من أوحي إليه بشرع، بخلاف النبي، فإن النبي يبعث بشريعة من قبله، كأنبياء بني إسرائيل ، يبعثون بالدعوة إلى التوراة التي نزلت على موسى -عليه السلام- .

وقد يوحى إلى النبي وحي خاص في بعض القضايا، لكن الغالب أنه يبعث بشريعة سابقة، كأنبياء بني إسرائيل ، أما الرسول فإنه يبعث بشريعة مستقلة .

والمراد بتبليغه هنا: الجهاد والإلزام، أي: أمر أن يلزم الناس باتباعه، ويجاهدهم على ذلك، خلاف النبي فإنه يؤمر بالتبليغ؛ بمعنى: تعليم الناس شرع من قبله وإفتائهم فيه، وهذا مأمور به غير الأنبياء، حتى العلماء .

فالتبليغ الذي معناه التعليم والإفتاء، وبيان الحلال والحرام والحق من الباطل، هذا مأمور به كل من عنده علم، إنما المراد بالتبليغ هنا: التبليغ الخاص الذي هو الإلزام، والجهاد على ذلك، والنبي أيضا يجاهد، لكن يجاهد على شرع من قبله .

" مِنْ أَنْفُسِكُمْ " أي: من جنسكم من العرب، تعرفون لسانه، ويخاطبكم بما تعرفون، كما قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فهذا من نعمة الله أن جعل هذا الرسول عربيا يتكلم بلغتنا، ولم يجعله أعجميا لا نفهم ما يقول؛ ولهذا قال: وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ .

فمن رحمة الله أن جعل هذا الرسول يتكلم بلغتنا، ونعرف نسبه، ونعرف لغته، ولم يكن أجنبيا لا نعرفه، أو يكن أعجميا لا نفهم لغته، هذا من تمام النعمة على هذه الأمة، ولم يكن من الملائكة، وهم جنس آخر من غير بني آدم، بل هو من جنسنا، ويتكلم بلغتنا .

عَزِيزٌ عَلَيْهِ أي: شاق .

مَا عَنِتُّمْ العنت معناه: العتب والمشقة . معناه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يشق عليه ما يشق على أمته، وكان يحب لهم التسهيل دائما؛ ولهذا كان -صلى الله عليه وسلم- يجب أن يأتي بعض الأعمال ولكنه يتركها رحمة بأمته خشية أن يشق عليهم، ومن ذلك: صلاة التراويح، فإنه صلاها بأصحابه ليالي من رمضان، ثم تخلف عنهم في الليلة الثالثة أو الرابعة، فلما صلى الفجر، بين لهم -صلى الله عليه وسلم- أنه لم يتخلف عنهم إلا خوف أن تفرض عليهم صلاة التراويح، ثم يعجزوا عنها، هذا من رحمته وشفقته بأمته .

وقال -صلى الله عليه وسلم- لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة فلم يمنعه من ذلك إلا خوف المشقة على أمته، وكان يحب تأخير صلاة العشاء إلى ثلث الليل، ولكنه خشي المشقة على أمته -عليه الصلاة والسلام- .

وهكذا كل أوامره، يراعي فيها التوسيع على الأمة، وعدم المشقة، لا يحب لهم المشقة أبدا، ويحب لهم دائما التيسير عليهم؛ ولذلك جاءت شريعته سمحة سهلة، كما قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ .

ولما ذكر الإفطار في رمضان للمسافر والمريض ذكر أنه شرع ذلك من أجل التسهيل: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ .

هذا من صفة هذا الرسول - صلى الله عليه وسلم- أنه يحب التيسير لأمته ويكره المشقة عليها .

بِالْمُؤْمِنِينَ خاصة .

رَءُوفٌ رَحِيمٌ الرأفة هي : شدة الشفقة رَحِيمٌ يعني: عظيم الرحمة بأمته كيف، أما بالكفار فإنه كان شديدا على الكفار، كما وصفه الله تعالى بذلك: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ وكما قال الله -سبحانه وتعالى- فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ يعني: رحماء أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يعني: يتصفون بالغلظة والشدة على الكافرين؛ لأنهم أعداء لله وأعداء لرسوله، فتناسبهم الشدة والغلظة: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً لأنهم كفار، لا تأخذكم بهم الرحمة والشفقة فلا تقاتلونهم، بل قاتلوهم، واقتلوهم، ما داموا مصرين على الكفر: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ الكافر ليس له جزاء إلا القتل إذا أصر على الكفر أو يخضع لحكم الإسلام ويدفع الجزية صاغرا، هذا في الدنيا، وأما في الآخرة فله النار -والعياذ بالله- وهذا أشد من القتل؛ لأنه عدو لله، وعدو لرسوله، وعدو لدينه، فلا تناسب معه الرحمة والشفقة .

فهذه الآية الكريمة مناسبة إيراد الشيخ لها في هذا الباب: أنه إذا كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- متصفا بهذه الصفات التي هي أنه عربي، يتكلم بلساننا ونفهم لغته، وأنه يشق عليه ما يشق علينا، وأنه بالمؤمنين رءوف رحيم، فهل يليق بمن هذه صفاته أن يترك الأمة تقع في الشرك الذي يبعدها عن الله، ويسبب لها دخول النار؟ هل يليق بمن هذه صفاته أن يتساهل بأمر الشرك؟ أو أن يتركه ولا يهتم بالتحذير منه؛ لأن هذا هو أعظم الخطر على الأمة؟ وهذا هو الذي يشق على الأمة؛ لأنه يفسد عليها حياتها، ولا يجعل لها مستقبلا عند الله -عز وجل- لأن المشرك مستقبله النار، ليس له مستقبل إلا العذاب، فهل يليق بهذا الرسول الذي هذه صفاته أن يتساهل في أمر الشرك؟ لا، بل اللائق به أن يبالغ أشد المبالغة في حماية الأمة من الشرك، وقد فعل -صلى الله عليه وسلم- فقد سد كل الطرق الموصلة إلى الشرك بالأحاديث التي سمعتم في الأبواب السابقة .

هناك ناس الآن يقولون: لا تذكروا الشرك، ولا تذكروا العقائد، يكفي التسمي بالإسلام؛ لأن هذا ينفر الناس، ويفرق الناس، اتركوا كلا على عقيدته، دعونا نجتمع ولا تفرقونا .

يا سبحان الله! نترك الشرك ولا نتكلم في أمر التوحيد من أجل أن نجمع الناس!

وهذا الكلام باطل من وجوه:

أولا : لا يمكن اجتماع الناس إلا على العقيدة الصحيحة .

وثانيا : ما الفائدة من الاجتماع على غير عقيدة هذا ماذا يؤدي إليه؟ لا يؤدي إلى نتيجة أبدا .

فلا بد من الاهتمام بالعقيدة ولا بد من تخليصها من الشرك، ولا بد من بيان التوحيد، حتى يحصل الاجتماع الصحيح على الدين، لا يجتمع الناس إلا على التوحيد، لا يوحد الناس إلا كلمة: لا إله إلا الله؛ قولا وعملا واعتقادا .

هذا هو الذي جمع العرب على عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وجعلهم أمة واحدة، هو الذي يجمعهم في آخر الزمان، أما بدون ذلك فلا يمكن الاجتماع مهما حاولتم، فلا تتعبوا أنفسكم أبدا، وهذا من الجهل أو من المغالطة .

فالتوحيد ليس هو الذي يفرق الناس، بل العكس: الذي يفرق الناس هو الشرك، والعقائد الفاسدة، والبدع والمنهجيات، هذه هي التي تفرق الناس، أما التوحيد والاتباع للرسول -صلى الله عليه وسلم- فهذا هو الذي يوحد الناس، كما وحدهم في أول الأمر، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها .

بصراحـــــــــــــــــــه منقوووووووووول





رد مع اقتباس