عرض مشاركة واحدة
قديم 15 Mar 2010, 04:42 AM   #11
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


ثم هل يعتبر هذا الجواب تحريفاً أم له نظير؟
نقول : له نظير، كما في ا: بيت الله ، وناقة الله ، وعبد الله ؛ لآن هذه الصورة ( أي : صورة آدم) منفصلة بائنة من الله وكل شيء أضافه الله إلى نسفه وهو منفصل بائن عنه؛ فهو من المخلوقات ؛ فحينئذ يزول الإشكال.
ولكن إذا قال لقائل: إيما أسلم المعنى الأول أو الثاني؟ قلنا : المعنى الأول أسلم، ما دمنا نجد أن لظاهر اللفظ مساغاً في اللغة العربية وإمكاناً في العقل؛ فالواجب حمل الكلام عليه ونحن وجدنا أن الصورة لا يلزم منها مماثلة الصورة الأخرى، وحينئذ يكون الأسلم أن نحمله على ظاهره.
فإذا قلت : ما هي الصورة التي تكون لله ويكون أدم عليها ؟
قلنا : إن الله عز وجل له وجه وله عين وله يد وله رجل عز وجل، لكن لا يلزم من أن تكون هذه الأشياء مماثلة للإنسان ؛ فهناك شيء من الشبه لكنه ليس على سبيل المماثلة؛ كما أن الزمرة الأولى من أهل الجنة فيها شيه من القمر لكن بدون مماثلة، وبهذا يصدق ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة؛ من أن جميع صفات الله سبحانه وتعالى ليست مماثلة لصفات المخلوقين؛ من غير تحري ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
نسمع كثيراً من الكتب التي نقرأها يقولون : تشبيه ؛ يعبرون بالتشبيه وهم يقصدون التمثيل ؛ فإيما أولى : أنعبر بالتشبيه ، أو نعبر بالتمثيل؟
نقول بالتمثيل أولى.
أولاً : لأن القرآن عبر به : : )ِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )(الشورى: من الآية11)،(فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً)(البقرة: من الآية22)... وما أشبه ذلك ، وكل ما عبر به القرآن؛ فهو أولى من غيره؛ لأننا لا نجد أفصح من القرآن ولا أدل على المعنى المراد من القرآن، والله أعلم بما يريده من كلامه، فتكون موافقة القرآن هي الصواب، فنعبر بنفي التمثيل. وهكذا في كل مكان؛ فإن موافقة النص في اللفظ أولى من ذكر لفظ مرادف أو مقارب.
ثانياً: أن التشبيه عند بعد الناس يعني إثبات الصفات ولهذا يسمون أهل السنة: مشبهة؛ فإذا قلنا : من غير تشبيه وهذا الرجل لا يفهم من التشبيه إلا إثبات الصفات؛ صار كاننا نقول له : من غير إثبات صفات! فصار معنى التشبيه يوهم عنى فاسداً فلهذا كان العدول عنه أولى.
ثالثاً: أن نفي التشبيه على الإطلاق غير صحيح ؛ لأن ما من شيئين من الأعيان أو من الصفات إلا وبينهما أشتراك من بعض الوجوه، والاشتراك نوع تشابه ، فلو نفيت التشبيه مطلقاً؛ لكنت نفيت كل ما يشترك فيه الخالق والمخلوق في شيء ما.
مثلاً: الوجود ؛ يشترك في أصله الخالق والمخلوق، هذا نوع اشتراك نوع تشابه، لكن فرق بين الوجودين؛ وجود الخالق واجب ووجود المخلوق ممكن.
وكذلك السمع ؛ فيه اشتراك ؛ الإنسان له سمع ، والخالق له سمع ، لكن بينهما فرق، لكن أصل وجود السمع مشترك.
فإذا قلنا : من غير تشبيه ونفينا مطلق التشبيه ؛ صار في هذا إشكال.
وبهذا عرفنا أن التعبير بالتمثيل أولى من ثلاثة أوجه
فإن قلت : ما الفرق بينهما من وجهين.
الأول: أن التمثيل ذكر الصفة مقيدة بمماثل ؛ فتقول يد فلان مثل يد فلان، والتكييف ذكر الصفة غير مقيدة بمماثل؛ مثل أن تقول: كيفية يد فلان كذا وكذا.
وعلى هذا نقول : كل ممثل مكيف ، ولا عكس.
الثاني: أن الكيفية لا تكون إلا في الصفة والهيئة، والتمثيل يكون في ذلك كما في قوله تعالى )اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُن)(الطلاق: من الآية12)؛ أي : في العدد.
بل يؤمنون بأن الله سبحانه )ِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(1).................................... ....
(1) أي: يقر أهل السنة والجماعة بذلك إقراراً وتصديقاً بأن الله ليس كمثله شيء؛ كما قال عن نفسه:)َليْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)( الشورى:11) ؛ فهنا نفى المماثلة، ثم أثبت السمع والبصر فنفى العيب، ثم أثبت الكمال؛ لأن نفي العيب قبل إثبات الكمال أحسن، ولهذا يقال التخلية قبل التحلية. فنفي العيوب يبدأ به أولاً ثم يذكر إثبات الكمال.
وكلمة (شيء) نكرة في سياق النفي، فتعم كل شيء، ليس شيء مثله أبداً عز وجل أي مخلوق وإن عظم؛ فليس مماثلاً لله عز وجل؛ لأن مماثلة الناقص نقص، بل إن طلب المفاضلة بي الناقص والكامل تجعله ناقصاً ؛ كما قيل:
ألم تر أن السيف ينقص قدره
إذا قيل إن السيف أمضى من العصا
فهنا لو قلن : إن لله مثيلاً؛ لزم من ذلك تنقص الله عز وجل؛ فلهذا نقول: نفى الله عن نفسه مماثلة المخلوقين؛ لأن مماثلة المخلوقين نقص وعيب؛ لأن المخلوق نقص وعيب؛ لأن المخلوق ناقص وتمثيل الكامل بالناقص يجعله ناقصا، بل ذكر المفاضلة بينهما يجعله ناقصاً؛ إلا إذا كان في مقام التحدى؛ كما في قوله تعالى : ) آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ)(النمل: من الآية59)، وقوله: ) قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ )(البقرة: من الآية140).
وفي قوله : )َليْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) رد صريح على الممثلة الذين يثبتون أن الله سبحانه وتعالى له مثيل.
وحجة هؤلاء يقولون: إن القرآن عربي، هذا كان عربياً ؛ فقد خاطبنا الله تعالى بما نفهم، ولا يمكن أن يخطابنا بما لا نفهم، وقد خاطبنا الله تعالى ، فقال : إن له وجهاً وإن له عيناً ، وإن له يدين... وما أشبه ذلك ونحن لا نعقل بمقتضى اللغة العربية من هذه الأشياء إلا مثل ما نشاهد، وعلى هذا ؛ فيجب ان يكون مدلول هذه الكلمات مماثلاً لمدلولها بالنسبة للمخلوقات : يد ويد، وعين وعين، ووجه ووجه... وهكذا ؛ فنحن إنما قلنا بذل لأن لدينا دليلاً.
لا شك أ هذه الحجة وأهية يوهيها ما سبق من باين أن الله ليس له مثيل ونقول : إن الله خاطبنا بما خاطبنا به من صفاته، لكننا نعلم علم اليقين أن الصفة بحسب الموصوف ودليل هذا في الشاهد؛ فإنه يقال للجمل يد وللذرة يد، ولا أحد يفهم من اليد التي أضفناها إلى الجمل أنها مثل اليد التي أضفناها إلى الذرة!
هذا وهو في المخلوقات ؛ فكيف إذا كان كان ذلك من أوصاف الخالق؟! فإن التابين يكون أظهر وأجلى.
وعلى هذا ؛ فيكون قول هؤلاء الممثلة مردوداً بالعقل كما أنه مردود بالسمع.
قال الله تعالى (هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) فأثبت لنفسه سبحانه وتعالى السمع والبصر؛ لبيان كماله ، ونقص الأصنام التي تُعبد من دونه؛ فالأصنام التي تعبد من دونه ؛ فالأصنام التي تعبد من دون الله تعالى لا يسمعون، ولو سمعوا؛ ما استجابوا ، ولا يبصرون ؛ كما قال الله عز وجل: )وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) (20) )أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (النحل:20-21) ؛ فهم ليس لهم سمع ولا عقل ولا بصر ولو فرض أن لهم ذلك ؛ ما استجابوا : )وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ) (الاحقاف:5).
فأهل السنة والجماعة يؤمنون بانتفاء المماثلة عن الله ؛ لأنها عيب ويثبتون له السمع والبصر؛ لقوله تعالى : )ِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )(الشورى: من الآية11).



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس