الْخَامِسَةُ : الْأَمْرُ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ مِنْ بَابِ الْإِرْشَادِ إِلَى دَفْعِ الْمَضَرَّةِ الْمَخُوفَةِ مِنَ الْحَيَّاتِ ، [ ص: 297 ] فَمَا كَانَ مِنْهَا مُتَحَقَّقُ الضَّرَرِ وَجَبَتِ الْمُبَادَرَةُ إِلَى قَتْلِهِ ، لِقَوْلِهِ : اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ فَإِنَّهُمَا يَخْطَفَانِ الْبَصَرَ وَيُسْقِطَانِ الْحَبَلَ . فَخَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ مَعَ أَنَّهُمَا دَخَلَا فِي الْعُمُومِ وَنَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِسَبَبِ عِظَمِ ضَرَرِهِمَا . وَمَا لَمْ يَتَحَقَّقْ ضَرَرُهُ فَمَا كَانَ مِنْهَا فِي غَيْرِ الْبُيُوتِ قُتِلَ أَيْضًا لِظَاهِرِ الْأَمْرِ الْعَامِّ ، وَلِأَنَّ نَوْعَ الْحَيَّاتِ غَالِبُهُ الضَّرَرُ ، فَيُسْتَصْحَبُ ذَلِكَ فِيهِ ، وَلِأَنَّهُ كُلَّهُ مُرَوِّعٌ بِصُورَتِهِ وَبِمَا فِي النُّفُوسِ مِنَ النَّفْرَةِ عَنْهُ ، وَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الشَّجَاعَةَ وَلَوْ عَلَى قَتْلِ حَيَّةٍ . فَشَجَّعَ عَلَى قَتْلِهَا . وَقَالَ فِيمَا خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا : اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ كُلَّهُنَّ فَمَنْ خَافَ ثَأْرَهُنَّ فَلَيْسَ مِنِّي . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
يتبع..