عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 04:39 AM   #17
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


قالت : في السماء . قال من أنا ؟ قالت أنت رسول الله ; فقال هي مؤمنة وأمره بعتقها } . وقال أمية بن أبي الصلت : - مجدوا الله فهو للمجد أهل ربنا في السماء أمسى كبيرا بالبناء الأعلى الذي سبق الناس وسوى فوق السماء سريرا شرجعا ما يناله بصر العين ترى دونه الملائك صورا وصورا جمع أصور وهو المائل العنق وهكذا قيل في حملة العرش صور وكل من حمل شيئا ثقيلا على كاهله أو على منكبه لم يجد بدا من أن يميل عنقه . وفي " الإنجيل " أن المسيح عليه السلام قال : لا تحلفوا بالسماء فإنها كرسي الله . وقال للحواريين : إن أنتم غفرتم للناس فإن أباكم - الذي في السماء - يغفر لكم كلكم انظروا إلى طير السماء : فإنهن لا يزرعن ولا يحصدن ولا يجمعن في الأهواء وأبوكم الذي في السماء هو الذي يرزقهم أفلستم أفضل منهن ؟ ومثل هذا من الشواهد كثير يطول به الكتاب . قال ابن قتيبة : وأما قوله تعالى : { وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله } فليس في ذلك ما يدل على الحلول بهما وإنما أراد أنه إله السماء ومن فيها وإله الأرض ومن فيها . ومثل هذا من الكلام قولك : هو بخراسان أمير وبمصر أمير ; فالإمارة تجتمع له فيهما وهو حال بأحدهما أو بغيرهما . هذا واضح لا يخفى . فإن قال لنا : كيف النزول منه جل وعز ؟ قلنا لا نحكم على النزول منه بشيء ; ولكنا نبين كيف النزول منا وما تحتمله اللغة من هذا اللفظ والله أعلم بما أراد . والنزول منا يكون بمعنيين :
( أحدهما) : الانتقال من مكان إلى مكان كنزولك من الجبل إلى الحضيض ومن السطح إلى الدار . والمعنى الآخر : إقبالك إلى الشيء بالإرادة والنية . كذلك الهبوط والارتفاع والبلوغ والمصير وأشباه هذا من الكلام . ومثال ذلك إن سألك سائل عن محل قوم من الأعراب - وهو لا يريد المصير إليهم - فتقول له : إذا صرت إلى جبل كذا فانزل منه وخذ يمينا وإذا صرت إلى وادي كذا فاهبط فيه ثم خذ شمالا وإذا سرت إلى أرض كذا فاعل هضبة هناك حتى تشرف عليهم ; وأنت لا تريد في شيء مما تقوله افعله ببدنك إنما تريد افعله بنيتك وقصدك . وقد يقول القائل : بلغت إلى الأحزاب تشتمهم وصرت إلى الخلفاء تطعن عليهم وجئت إلى العلم تزهد فيه ونزلت عن معالي الأخلاق إلى الدناءة ; ليس يراد في شيء من هذا انتقال الجسم وإنما يراد به القصد إلى الشيء بالإرادة والعزم والنية , وكذلك قوله : { إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون } لا يراد به أنه معهم بالحلول ; ولكن بالنصر والتوفيق والحياطة . وكذلك قوله عز وجل : { من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة } . قال : ثنا عن عبد المنعم عن أبيه عن وهب بن منبه { أن موسى عليه السلام لما نودي من الشجرة { فاخلع نعليك } أسرع الإجابة وتابع التلبية وما كان ذلك إلا استئناسا منه بالصوت وسكونا إليه . وقال : إني أسمع صوتك وأحس حسك ولا أدري مكانك فأين أنت ؟ . قال : أنا فوقك وأمامك وخلفك ومحيط بك وأقرب إليك من نفسك } يريد أني أعلم بك منك ; لأنك إذا نظرت إلى ما بين يديك خفي عليك ما وراءك وإذا سموت بطرفك إلى ما هو فوقك ذهب عنك علم ما تحتك وأنا لا يخفى علي خافية منك في جميع أحوالك . ونحو هذا قول رابعة العابدة العدوية قالت : شغلوا قلوبهم عن الله بحب الدنيا ولو تركوها لجالت في الملكوت ثم رجعت إليهم بطرف الفائدة ولم ترد أن أبدانهم وقلوبهم تجول في السماء بالحلول ; ولكن تجول هناك بالفكر والقصد والإقبال . وكذلك قول أبي ممندية الأعرابي قال : اطلعت في النار فرأيت الشعراء لهم كظيظ يعني التقاء وأنشد فيه : - جياد بها صرعى لهن كظيظ ولو قال قائل في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء } : إن اطلاعه فيها كان بالفكرة والإقبال كان حسنا . قلت : وتأويل المجيء والإتيان والنزول ونحو ذلك - بمعنى القصد والإرادة ونحو ذلك - هو قول طائفة . وتأولوا ذلك في قوله تعالى : { ثم استوى إلى السماء } وجعل ابن الزاغوني وغيره ذلك : هو إحدى الروايتين عن أحمد . والصواب : أن جميع هذه التأويلات مبتدعة لم يقل أحد من الصحابة شيئا منها ولا أحد من التابعين لهم بإحسان ; وهي خلاف المعروف المتواتر عن أئمة السنة والحديث : أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة . ولكن بعض الخائضين بالتأويلات الفاسدة يتشبث بألفاظ تنقل عن بعض الأئمة وتكون إما غلطا أو محرفة ; كما تقدم من أن قول الأوزاعي وغيره من أئمة السلف في النزول " يفعل الله ما يشاء " فسره بعضهم أن النزول مفعول مخلوق منفصل عن الله وأنهم أرادوا بقولهم : ( يفعل الله ما يشاء ) هذا المعنى وليس الأمر كذلك ; كما تقدمت الإشارة إليه . وآخرون - كالقاضي أبي يعلى في " إبطال التأويل " - قالوا لم يرد الأوزاعي أن النزول من صفات الفعل وإنما أراد بهذا الكلام بقوله : يفعل الله ما يشاء وشبهوا ذلك بقوله تعالى : { وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون } { لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون } { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون } فزعموا أن قوله سبحانه : ليس تنزيها له عن اتخاذ الولد - بناء على أصلهم الفاسد وهو : أن الرب لا ينزه عن فعل من الأفعال - بل يجوز عليه كل ما يقدر عليه . وكذلك جعلوا قول الأوزاعي وغيره : إن النزول ليس بفعل يشاؤه الله ; لأنه عندهم من صفات الذات لا من صفات الفعل بناء على أصلهم وأن الأفعال الاختيارية لا تقوم بذات الله . فلو كان صفة فعل لزم أن لا يقوم بذاته ; بل يكون منفصلا عنه . وهؤلاء يقولون : النزول من صفات الذات ومع هذا فهو عندهم أزلي كما يقولون مثل ذلك في الاستواء والمجيء والإتيان والرضى والغضب والفرح والضحك وسائر ذلك : إن هذا جميعه صفات ذاتية لله وإنها قديمة أزلية لا تتعلق بمشيئته واختياره ; بناء على أصلهم الذي وافقوا فيه ابن كلاب وهو أن الرب لا يقوم بذاته ما يتعلق بمشيئته واختياره ; بل من هؤلاء من يقول إنه لا يتكلم بمشيئته وقدرته ولا يقوم به فعل يحدث بمشيئته واختياره . بل من هؤلاء من يقول إن الفعل قديم أزلي وإنه مع ذلك يتعلق بمشيئته وقدرته وأكثر العقلاء يقولون فساد هذا معلوم بضرورة العقل ; كما قالوا مثل ذلك في قول من قال من المتفلسفة : إن الفلك قديم أزلي وإنه أبدعه بقدرته ومشيئته . وجمهور العقلاء يقولون : الشيء المعين من الأعيان والصفات إذا كان حاصلا بمشيئة الرب وقدرته لم يكن أزليا . فلما كان من أصل ابن كلاب ومن وافقه كالحارث المحاسبي وأبي العباس القلانسي وأبي الحسن الأشعري والقضاة أبي بكر بن الطيب وأبي يعلى بن الفراء وأبي جعفر السماني وأبي الوليد الباجي وغيرهم من الأعيان ; كأبي المعالي الجويني وأمثاله ; وأبي الوفاء بن عقيل وأبي الحسن بن الزاغوني وأمثالهما : أن الرب لا يقوم به ما يكون بمشيئته وقدرته ويعبرون عن هذا بأنه لا



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس