عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 04:34 AM   #10
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


ساقط لا ينفعك فإنه سواء قيل : إنه يخلو منه العرش أو قيل لا يخلو منه العرش ليس في ذلك ما يصحح قولك إنه لا داخل العالم ولا خارجه ولا قولك إنه بذاته في كل مكان . وإذا بطل هذان القولان تعين " الثالث " وهو : أنه سبحانه وتعالى فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه وإذا كان كذلك ; بطل قول المعترض . هذا إن كان المعترض غير مقر بأنه فوق العرش وقد سئل بعض أئمة نفاة العلو عن النزول فقال : ينزل أمره . فقال له السائل : فمن ينزل ؟ ما عندك فوق العالم شيء فممن ينزل الأمر ؟ . من العدم المحض فبهت . وإن كان المعترض من المثبتة للعلو ويقول : إن الله فوق العرش ; لكن لا يقر بنزوله ; بل يقول بنزول ملك أو يقول بنزول أمره الذي هو مأمور به وهو مخلوق من مخلوقاته ; فيجعل النزول مفعولا محدثا يحدثه الله في السماء كما يقال مثل ذلك في استوائه على العرش ; فيقال له : هذا التقسيم يلزمك فإنك إن قلت : إذا نزل يخلو منه العرش ; لزم المحذور الأول وإن قلت : لا يخلو منه العرش ; أثبت نزولا مع عدم خلو العرش منه وهذا لا يعقل على أصلك . وإن قال : إنما أثبت ذلك في بعض مخلوقاته ; قيل له : أي شيء أثبته مع عدم فعل اختياري يقوم بنفسه كان غير معقول من هذا الخطاب ; لا يمكن أن يراد به أصلا مع تحريف الكلم عن مواضعه ; فجمعت بين شيئين : بين أن مما أثبته لا يمكن أن يعقل من خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم وبين أنك حرفت كلام الرسول صلى الله عليه وسلم . فإن قلت : الذي ينزل ملك . قيل : هذا باطل من وجوه :
( منها) : أن الملائكة لا تزال تنزل بالليل والنهار إلى الأرض كما قال تعالى : { ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده } وقال تعالى : { وما نتنزل إلا بأمر ربك } . وفي " الصحيحين " عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ثم يعرج إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون } . وكذلك ثبت في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إن لله ملائكة سياحين فضلا يتتبعون مجالس الذكر . فإذا مروا على قوم يذكرون الله تعالى ينادون : هلموا إلى حاجتكم فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا . قال فيسألهم ربهم - وهو أعلم بهم - : ما يقول عبادي ؟ قال فيقولون : يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك } . وفي رواية لمسلم : { إن لله ملائكة سيارة فضلا عن كتاب الناس يتبعون مجالس الذكر فإذا وجدوا مجلسا فيه ذكر ; قعدوا معهم وحف بعضهم بعضا حتى يملئوا ما بينهم وبين سماء الدنيا فإذا تفرقوا عرجوا أو صعدوا إلى السماء . قال : فيسألهم الله عز وجل - وهو أعلم بهم - : من أين جئتم ؟ فيقولون : جئنا من عند عبادك في الأرض يسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويحمدونك ويسألونك } . الحديث بطوله .
( الوجه الثاني) أنه قال فيه : { من يسألني فأعطيه ؟ من يدعوني فأستجيب له ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟ } . وهذه العبارة لا يجوز أن يقولها ملك عن الله بل الذي يقول الملك : ما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إذا أحب الله العبد نادى جبريل إني أحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه ; فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض } وذكر في البغض مثل ذلك . فالملك إذا نادى عن الله لا يتكلم بصيغة المخاطب ; بل يقول : إن الله أمر بكذا أو قال كذا . وهكذا إذا أمر السلطان مناديا ينادي فإنه يقول : يا معشر الناس أمر السلطان بكذا ونهى عن كذا ورسم بهذا لا يقول أمرت بكذا ونهيت عن كذا بل لو قال ذلك بودر إلى عقوبته . وهذا تأويل من التأويلات القديمة للجهمية فإنهم تأولوا تكليم الله لموسى عليه السلام بأنه أمر ملكا فكلمه فقال لهم أهل السنة : لو كلمه ملك لم يقل { إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني } بل كان يقول كما قال المسيح عليه السلام : { ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم } . فالملائكة رسل الله إلى الأنبياء تقول كما كان جبريل عليه السلام يقول لمحمد صلى الله عليه وسلم { وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك } ويقول : إن الله يأمرك بكذا ويقول كذا لا يمكن أن يقول ملك من الملائكة { إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني } ولا يقول { من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟ } ولا يقول { لا يسأل عن عبادي غيري } كما رواه النسائي وابن ماجه وغيرهما وسندهما صحيح أنه يقول : [ { لا أسأل عن عبادي غيري } ] . وهذا أيضا مما يبطل حجة بعض الناس فإنه احتج بما رواه النسائي في بعض طرق الحديث أنه يأمر مناديا فينادي فإن هذا إن كان ثابتا عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن الرب يقول ذلك ويأمر مناديا بذلك ; لا أن المنادي يقول { من يدعوني فأستجيب له ؟ } ومن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المنادي يقول ذلك فقد علمنا أنه يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم . فإنه - مع أنه خلاف اللفظ المستفيض المتواتر الذي نقلته الأمة خلفا عن سلف - فاسد في المعقول فعلم أنه من كذب بعض المبتدعين كما روى بعضهم ينزل بالضم وكما قرأ بعضهم ( { وكلم الله موسى تكليما } ) ونحو ذلك من تحريفهم اللفظ والمعنى . وإن تأول ذلك بنزول رحمته أو غير ذلك قيل : الرحمة التي تثبتها إما أن تكون عينا قائمة بنفسها وإما أن تكون صفة قائمة في غيرها . فإن كانت عينا وقد نزلت إلى السماء الدنيا لم يمكن أن تقول من يدعوني فأستجيب له ؟ كما لا يمكن الملك أن يقول ذلك . وإن كانت صفة من الصفات فهي لا تقوم بنفسها ; بل لا بد لها من محل . ثم لا يمكن الصفة أن تقول هذا الكلام ولا محلها . ثم إذا نزلت الرحمة إلى السماء الدنيا ولم تنزل إلينا فأي منفعة لنا في ذلك ؟ وإن قال : بل الرحمة ما ينزله على قلوب قوام الليل في تلك الساعة من حلاوة المناجاة والعبادة وطيب الدعاء والمعرفة وما يحصل في القلوب من مزيد المعرفة بالله والإيمان به وذكره وتجليه لقلوب أوليائه فإن هذا أمر معروف يعرفه قوام الليل قيل له : حصول هذا في القلوب حق لكن هذا ينزل إلى الأرض إلى قلوب عباده لا ينزل إلى السماء الدنيا ولا يصعد بعد نزوله وهذا الذي يوجد في القلوب يبقى بعد طلوع الفجر ; لكن هذا النور والبركة والرحمة التي في القلوب هي من آثار ما وصف به نفسه من نزوله بذاته سبحانه وتعالى . كما وصف نفسه " بالنزول عشية عرفة " في عدة أحاديث صحيحة وبعضها في " صحيح مسلم " عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وأنه عز وجل ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول : ما أراد هؤلاء ؟ } وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس