عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 04:01 AM   #16
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


غير موضع وبين لهم الجنيد الفرق الثاني وهو أنهم مع مشاهدة المشيئة العامة لا بد لهم من مشاهدة الفرق بين ما يأمر الله به وما ينهى عنه وهو الفرق بين ما يحبه وما يبغضه وبين ذلك لهم الجنيد كما قال في التوحيد هو إفراد الحدوث عن القدم # فمن سلك مسلك الجنيد من أهل التصوف والمعرفة كان قد اهتدى ونجا وسعد # ومن لم يسلك في القدر مسلكه بل سوى بين الجميع لزمه أن لا يفرق بين الحسنات والسيئات وبين الأنبياء والفساق فلا يقول إن الله يحب هؤلاء وهذه الأعمال ولا يبغض هؤلاء وهذه الأعمال بل جميع الحوادث هو يحبها كما يريدها كما قاله الأشعري وإنما الفرق أن هؤلاء ينعمون وهؤلاء يعذبون # والأشعري لما أثبت الفرق بين هذا وهذا بالنسبة إلى المخلوق كان أعقل منهم فإن هؤلاء يدعون أن العارف الواصل إلى مقام الفناء لا فرق بين هذا وهذا وهم غلطوا في حق العبد وحق الرب & مذهب الصوفية في الفناء وما يلزم عليه & #78 أما في حق العبد فيلزمهم أن تستوي عنده جميع الحوادث وهذا محال قطعا وهم قد تمر عليهم أحوال يفنون فيها عن أكثر الأشياء

# أما الفناء عن جميعها فممتنع فإنه لا بد أن يفرق كل حي بين ما يؤلمه وبين ما يلذه فيفرق بين الخبز والتراب والماء والشراب # فهؤلاء عزلوا الفرق الشرعي الإيماني والرحماني الذي به فرق الله بين أوليائه وأعدائه وظنوا أنهم مع الجمع القدري # وعلى هذا فإن تسوية العبد بين جميع الحوادث ممتنع لذاته بل لا بد للعبد من أن يفرق فإن لم يفرق بالفرق الشرعي فيفوق بين محبوب الحق ومكروهه وبين ما يرضاه له ما يسخطه وإلا فرق بالفرق الطبعي بهواه وشيطانه فيحب ما تهواه نفسه وما يأمره به شيطانه # ومن هنا وقع منهم خلق كثير في المعاصي وأخرون في الفسوق وآخرون في الكفر حتى جوزوا عبادة الأصنام & وحدة الوجود & #79 ثم كثير منهم من ينتقل إلى وحدة الوجود وهم الذين خالفوا الجنيد وأئمة الدين في التوحيد فلم يفرقوا بين القديم له المحدث # وهؤلاء صرحوا بعبادة كل موجود كما قد بسط الكلام عليهم في غير هذا الموضع وهو قول أهل الوحدة كابن عربي الحاتمي وابن سبعين والقونوي والتلمساني والبلباني وابن الفارض وأمثالهم # والمقصود هنا الكلام على نفي الحكم والعدل والأسباب في القدر بين أهل الكلام والمتصوفة الذين أوقعوا جهما في هذا الأصل وهو بدعته الثانية التي اشتهرت عنه بخلاف الإرجاء فإنه منسوب إلى طوائف غيره & حكمة الله وعدله & #80 فهؤلاء يقولون إن الرب يجوز أن يفعل كل ما يقدر عليه

ويمكن فعله من غير مراعاة حكمة ولا رحمة ولا عدل ويقولون إن مشيئته هي محبته # ولهذا تجد من اتبعهم غير معظم للأمر والنهي والوعد والوعيد بل هو منحل عن الأمر الشرعي كله أو عن بعضه أو متكلف لما يعتقده أو يعمله فإنهم أرادوا أن الجميع بالنسبة إلى الرب سواء وأن كل ما شاءه فقد أحبه وأنه يحدث ما يحدثه بدون أسباب يخلقه بها ولا حكمة يسوقه إليها بل غايته أنه يسوق المقادير إلى المواقيت # لم يبق عندهم فرق في نفس الأمر بين المأمور والمحظور بل وافقوا جهما ومن قال بقوله كالأشعري في أنه في نفس الأمر لا حسن ولا سيء وإنما الحسن والقبيح مجرد كونه مأمورا به ومحظورا وذلك فرق يعود إلى حظ العبد وهؤلاء يدعون الفناء عن الحظوظ # فتارة يقولون في امتثال الأمر والنهي إنه من مقام التلبيس أو ما يشبه هذا كما يوجد في كلام أبي إسماعيل الهروي صاحب منازل السائرين # وتارة يقولون يفعل هذا لأهل المارستان أي العامة كما يقوله الشيخ المغربي إلى أنواع ليس هذا موضع بسطها & في كلام الشاذلي تعطيل الأمر & #81 ومن يسلك مسلكهم غايته إذا عظم الأمر والنهي أن يقول كما نقل عن الشاذلي يكون الجمع في قلبك مشهودا والفرق على لسانك موجودا

# ولهذا يوجد في كلامه وكلام غيره اقوال وأدعية وأحزاب تستلزم تعطيل الأمر والنهي مثل أن يدعو أن يعطيه الله إذا عصاه أعظم مما يعطيه إذا أطاعه ونحو هذا مما يوجب أنه يجوز عنده أن يجعل الذين اجترحوا السيئات كالذين آمنوا وعملوا الصالحات بل أفضل منهم ويدعون بأدعية فيها اعتداء كما يوجد في جواب الشاذلي وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع & الكرامات عند الصوفية & #82 وآخرون من عوام هؤلاء يجوزون أن يكرم الله بكرامات أكابر الأولياء من يكون فاجرا بل كافرا ويقولون هذه موهبة وعطية يعطيها الله من يشاء ما هي متعلقة لا بصلاة ولا بصيام ويظنون أن تلك من كرامات الأولياء وتكون كراماتهم من الأحوال الشيطانية التي يكون مثلها للسحرة والكهان قال الله تعالى ^ ولما اجاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل علىالملكين ببابل هاروت وماروت ^ # وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا حجر ضب لدخلتموه # والمسلمون الذين جاءهم كتاب الله القرآن عدل كثير منهم ممن أضله

الشيطان من المنتسبين إلى الإسلام إلى أن نبذ كتاب الله وراء ظهره واتبع ما تتلوه الشياطين فلا يعظم أمر القرآن ولا نهيه ولا يوالي من أمر القرآن بموالاته ولا يعادي من أمر القرآن بمعاداته بل يعظم من رآه يأتي ببعض خوارقهم التي يأتي بمثلها السحرة والكهان بإعانة الشياطين وهي تحصل بما تتلوه الشياطين # ثم منهم من يعرف أن هذا من الشيطان ولكن يعظم ذلك لهواه ويفضله على طريق القرآن ليصل به إلى تقديس العامة وهؤلاء كفار كالذين قال الله تعالى فيهم ^ ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا ^ # وهؤلاء ضاهئوا الكفار الذين قال الله تعالى فيهم ^ ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا الآية ^ # ومنهم من لا يعرف أن هذا من الشياطين & الشعوذة & #83 وقد يقع في مثل هذا طوائف من أهل الكلام والعلم وأهل العبادة والتصوف حتى جوزوا عبادة الكواكب والأصنام لما رأوه

فيها من الأحوال العجيبة التي تعينهم عليها الشياطين لما يحصل لهم بها من بعض أغراضهم من الظلم والفواحش فلا يبالون بشركهم بالله ولا كفرهم به وبكتابه إذا نالوا ذلك ولم يبالوا بتعليم ذلك للناس وتعظيمهم لهم لرياسة ينالونها أو مال ينالونه وإن كانوا قد علموا أنه الكفر والشرك عملوه ودعوا إليه بل حصل عندهم ريب وشك فيما جاء به الرسول صلىالله عليه وسلم أو اعتقاد أن الرسول خاطب الجمهور بما لا حقيقة له في الباطن لاجل مصلحة الجمهور كما يقول ذلك من يقوله من المتفلسفة والملاحدة والباطنية # وقد دخل في رأي هؤلاء طائفة من هؤلاء وهؤلاء وهذا مما ضاهئوا به فارس والروم وغيرهم فإن فارس كانت تعظم الأنوار وتسجد للشمس وللنار والروم كانوا قبل النصرانية مشركين يعبدون الكواكب والأصنام فهؤلاء الذين أشبهوا فارس والروم شر من الذين أشبهوا اليهود والنصارى فإن أولئك ضاهئوا أهل الكتاب فيما بدل أو نسخ وهؤلاء ضاهئوا من لا كتاب له من المجوس والمشركين فارس والروم ومن دخل في ذلك من الهند واليونان # ومذهب الملاحدة الباطنية مأخوذ من قول المجوس بالأصلين ومن قول فلاسفة اليونان بالعقول والنفوس # وأصل قول المجوس يرجع إلى أن تكون الظلمة المضاهية للنور هو إبليس وقول الفلاسفة بالنفس & أصل الشر & #84 فأصل الشر عبادة النفس والشيطان وجعلهما شريكين للرب

وأن يعدلا به ونفس الإنسان تفعل الشر بأمر الشيطان وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه أن يقول إذا أصبح وإذا أمسى وإذا أخذ مضجعه اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم # وهذا من تمام تحقيق قوله تعالى ^ ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ^ مع قوله تعالى ^ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ^ وقوله ^ لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ^ # وقد ظهرت دعوى النفس الإلهية في فرعون ونحوه ممن ادعى أنه إله مع الله أو من دونه



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس