عرض مشاركة واحدة
قديم 30 Jul 2009, 04:37 PM   #2
أيمن كمال
باحث ماسي


الصورة الرمزية أيمن كمال
أيمن كمال غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 3382
 تاريخ التسجيل :  Sep 2008
 أخر زيارة : 17 Oct 2013 (07:47 PM)
 المشاركات : 704 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


حديث تأثير السحر في سيد البشر (ص)


الكتاب والسنة والمتواترة أو الإجماع ولم يمكن تأويله ولا حمله على بعض الوجوه وجب طرحه ، وحديث الباب منه إن لم يحمل على التقية ، فافهم .
وقال شيخ الإسلام المجلسي رحمه الله في (بحار الأنوار) (17) ـ عقب إيراده أحاديث سحره صلى الله عليه وآله وسلم ـ : والأخبار الواردة في ذلك أكثرها عامية أو ضعيفة ، ومعارضة بمثلها فيشكل التعويل عليها في إثبات مثل ذلك . انتهى .
ولقد أجاد فيما أفاد ، رحمه الله تعالى ورضي عنه وأرضاه . وقال أيضا ـ من جملة كلام الله ـ : وأما تأثير السحر في النبي والإمام صلوات الله عليهما فالظاهر عدم وقوعه . انتهى .
وكلامه هذا ظاهر في عدم اعتباره ـ رحمه الله ـ تلك الأخبار الدالة بظاهرها على التأثير ، وناهيك به طعنا فيها من هذا الإمام الخريت في الحديث وعلومه ، والله الموفق والمعين .


* * *
____________
(17) بحار الأنوار 63 / 41 .
--------------------------------------------------------------------------------

(74)


فصل
وأما ما روي في ذلك من طرق مخالفينا فكثير ، نقتصر على إيراد نبذة منه في هذا الإملاء المختصر ، فنقول :
أخرج ابن أبي شيبة في (المصنف) (18) قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن يزيد بن حيان ، عن زيد بن أرقم ، قال : سحر النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجل من اليهود فاشتكى لذلك أياما ، قال : فأتاه جبريل فقال : إن رجلا من اليهود سحرك وعقد لذلك عقدا ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا فاستخرجها ، فجاء بها فجعل كلما حل عقدة وجد لذلك خفة ، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كأنما نشط من عقال ، فما ذكر ذلك لليهودي ولا رآه أحد .
وأخرجه ابن سعد ، والنسائي في سننه (19) والحاكم وصححه ، وعبد بن حميد في مسنده ـ كما في الدر المنثور (20) ـ .
وفي إسناده : محمد بن خازم التميمي السعدي مولاهم أبو معاوية الضرير الكوفي .
قال يعقوب بن شيبة وابن سعد : يدلس (21) ، وفي (هدي الساري) (22) : ربما دلس .
وقد ذكروا أن المدلس لا يقبل من حديثه إلا ما صرح فيه بالسماع ، وهو
____________
(18) المصنف 8 / 29 ح 3569 ، تفسير سورة الكافرون والمعوذتين : 46 ـ 47 .
(19) سنن النسائي 7 / 113 .
(20) الدر المنثور 6 / 417 .
(21) تهذيب التهذيب 5 / 91 .
(22) هدي الساري : 460 .
--------------------------------------------------------------------------------

(75)

هنا عنعن فلا يحتج بحديثه ، وكذلك الأعمش ، على ما سيأتي إن شاء الله ـ .
وقال ابن حبان وغيره : كان مرجئا خبيثا ـ كما بترجمته في تهذيب التهذيب (23) ـ . وقال ابن حبان أيضا : ربما أخطأ (24) .
وفيه : سليمان بن مهران الأعمش الكاهلي الأسدي ، وقد رمي بالتدليس .
قال الحافظ في (التقريب) : يدلس .
وعدة النسائي من المدلسين ـ كما في الخلاصة ، للخزرجي ـ .
وقال أبو حاتم : الأعمش حافظ يخلط أو يدلس . تهذيب التهذيب 5 / 545 .
وقال عثمان بن سعيد الدارمي : سئل يحيى بن معين عن الرجل يلقي الرجل الضعيف بين ثقتين ، ويصل الحديث ثقة عن ثقة ، ويقول : أنقص من الإسناد وأصل ثقة عن ثقة ، قال : لا تفعل لعل الحديث عن كذاب ليس بشيء ، فإذا أحسنه فإذا هو أفسده ، ولكن يحدث بما روى .
قال عثمان : كان الأعمش ربما فعل هذا . انتهى (25) .
وعده الحافظ العراقي أيضا من المدلسين فقال ـ في ألفية الحديث ـ :


وفي الصحيح عدة كالأعمش وكهشيــم بعده وفتـش

وقال البقاعي : سألت شيخنا هل تدليس التسوية جرح ؟ فقال : لا شك أنه جرح ، فإنه خيانة لمن ينقل إليهم وغرور . انتهى .
ولعظم ضرره قال شعبة بن الحجاج ـ فيما رواه الشافعي عنه (26) ـ : التدليس أخو الكذب ، وقال أيضا : لئن أزني أحب إلي من أن أدلس . انتهى .
وقال الحافظ السيوطي ـ في مبحث تدليس التسوية من كتابه (تدريب
____________
(23) تهذيب التهذيب 5 / 91 .
(24) هدي الساري : 461 .
(25) لسان الميزان 1 / 12 .
(26) فتح المغيث بشرح ألفية الحديث : 82 .
--------------------------------------------------------------------------------

(76)

الراوي) (27) ـ :
قال الخطيب : وكان الأعمش وسفيان الثوري يفعلون مثل هذا .
وقال العلائي : فهذا أفحش أنواع التدليس مطلقا وشرها .
وقال العراقي : هو قادح فيمن تعمد فعله .
وقال شيخ الإسلام : لا شك أنه جرح وإن وصف به الثوري والأعمش فلا اعتذار . انتهى .
وأخرج البخاري في صحيحه (28) قال : حدثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا عيسى بن يونس ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : سحر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجل من بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم ، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله ، حتى كان ذات يوم ـ أو ذات ليلة ـ وهو عندي ، لكنه دعا ودعا ثم قال : يا عائشة ، أشعرت أن الله تعالى أفتاني فيما استفتيته فيه ؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي ، فقال أحدهما لصاحبه : ما وجع الرجل ؟ فقال : مطبوب ، قال : من طبه ؟ قال : لبيد بن الأعصم ، قال : في أي شيء ؟ قال : في مشط ومشاطة وجف طلع نخلة ذكر ، قال : وأين هو ؟ قال : في بئر ذروان ، فأتاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ناس من أصحابه فجاء فقال : يا عائشة كأن ماءها نقاعة الحناء ، وكأن رؤوس نخلها رؤوس الشيطان ، قلت : يا رسول الله أفلا استخرجته ؟ قال : قد عافاني الله ، فكرهت أن أثير على الناس فيه شرا ، فأمر بها فدفنت .
وأخرج نحوه في باب السحر من كتاب الطب عن أبي أسامة عن هشام .
وأخرجه مسلم أيضا في باب السحر من كتاب الطب والمرض والرقى من
____________
(27) تدريب الراوي 1 / 226 .
(28) كتاب الطب ـ باب السحر وقول الله تعالى : (ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر) ـ كتاب الدعوات ـ باب تكرير الدعاء .
--------------------------------------------------------------------------------

(77)

صحيحه باختلاف يسير في اللفظ .
وأخرج البخاري أيضا أيضا في صحيحه (29) قال : حدثني عبد الله بن محمد ، قال : سمعت ابن عيينة يقول : أول من حدثنا به ابن جريج يقول : حدثني آل عروة عن عروة ، فسألت هشاما عنه فحدثنا عن أبيه عن عائشة ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن فقال : يا عائشة ، أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه ؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي ، فقال الذي عند رأسي للآخر : ما بال الرجل ؟ قال : مطبوب ، قال : ومن طبه ؟ قال : لبيد بن أعصم رجل من بني زريق حليف ليهود كان منافقا ، قال : وفيم ؟ قال : في مشط ومشاطة ، قال : وأين ؟ قال : في جف طلعة ذكر تحت رعوفة في بئر ذروان .
قالت : فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم البئر حتى استخرجه ، فقال : هذه البئر التي أريتها ، وكأن ماءها نقاعة الحناء ، وكأن نخلها رؤوس الشياطين ، قال : فاستخرج ، قالت : فقلت : أفلا ـ أي تنشرت ـ ؟ فقال : أما والله فقد شفاني ، وأكره أن أثير على أحد من الناس شرا . انتهى .
وفي إسناده : عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج .
قال المخراقي عن مالك : كان ابن جريج حاطب ليل .
وقال الدار قطني : تجنب تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس ، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح ، مثل إبراهيم بن أبي يحيى وموسى بن عبيدة وغيرهما ، وأما ابن عيينة فكان يدلس عن الثقات ـ كما في تهذيب التهذيب (30) ـ .
هذا ، وقد عرفت أن حديث الباب في الصحيحين يدور على هشام بن
____________
(29) كتاب الطب ـ باب هل يستخرج السحر ؟ ـ كتاب الأدب ، باب قول الله تعالى : (إن الله يأمر بالعدل والاحسان) الآية .
(30) تهذيب التهذيب 3 / 502 ـ 503 .
--------------------------------------------------------------------------------

(78)

عروة عن أبيه عن عائشة ، وقد حكى شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر في (تهذيب التهذيب) (31) و (هدي الساري) (32) عن يعقوب بن شيبة ، أنه قال : كان تساهله ـ يعني هشاما ـ أنه أرسل عن أبيه ما كان يسمعه من غير أبيه عن أبيه .
قال ابن حجر : هذا هو التدليس ، وأما قول ابن خراش : كان مالك لا يرضاه ، فقد حكي عن مالك أشد من هذا . انتهى .
قلت : هو ما حكاه الخطيب في (تاريخ بغداد) (33) والحافظ الذهبي في (الكاشف) عن الإمام مالك ، أنه قال : هشام بن عروة كذاب .
فأي وزن يقام بعد هذا لقول ابن القيم : إن هشاما من أوثق الناس وأعلمهم ، ولم يقدح فيه أحد من الأئمة بما يوجب رد حديثه (34) ؟ !
وقال الحافظ في (تقريب التهذيب) : ربما دلس ، وقد عرفت ـ فيما تقدم ـ أن المدلس لا يقبل من حديثه إلا ما صرح فيه بالسماع ، وهنا ليس كذلك ، وإن وقع في الصحيحين فليس بشيء ولا كرامة .
ويعجبني كلام الشيخ العلامة محيي الدين بن أبي الوفاء القرشي في هذا المضمار حيث قال : اعلم أن (عن) مقتضية للانقطاع عند أهل الحديث ، ووقع في مسلم والبخاري من هذا النوع شيء كثير ، فيقولون على سبيل التجوز : ما كان من هذا النوع في غير الصحيحين فمنقطع ، وما كان في الصحيحين فمحمول على الاتصال . انتهى (35) .
وأيضا : فقد ثبت في جملة من أحاديث الباب أنه عليه وآله الصلاة والسلام أرسل عليا عليه السلام إلى البئر فاستخرج السحر ، وكان جبريل قد
____________
(31) تهذيب التهذيب 6 / 35 .
(32) هدي الساري : 471 .
(33) تاريخ بغداد 1 / 223 .
(34) تفسير سورة الكافرون والمعوذتين : 46 .
(35) الجواهر المضية في طبقات الحنفية 2 / 428 ـ 429 .
--------------------------------------------------------------------------------

(79)

نزل بالمعوذتين ، فكلما قرئت آية انحلت عقدة حتى قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم كأنما أنشط من عقال ، وهو يدل بظاهره على عدم إتيانه عليه وآله الصلاة والسلام البئر ، إذ لو أتاها في جماعة من أصحابه لكان مظنة لثوران الشر على الناس ووقوع الفتنة بين المسلمين واليهود ، لا أن ذلك لأجل أن لا يطلعوا على ما سحر به صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله فيتعلمه من أراد استعمال السحر .
كيف وقد ثبت في بعض الأحاديث أن السحر حلت عقده ونقض بمحضره الشريف ؟ ! وفي بعضها إشعار باستكشاف ما كان داخل الجف وأنه وجد في الطلعة تمثال من شمع ، تمثال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وإذا فيه إبر مغروزة ، وإذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة (36) .
هذا ، وما في (فتح الباري) (37) من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجههم أولا إلى البئر ثم توجه فشاهدها بنفسه ، مدفوع بأن الثابت في أحاديث الباب أن عقد السحر انحلت بقراءة المعوذتين بعد ما أتوا به إليه صلى الله عليه وآله وسلم ـ كما تقدم ـ فلم يبق في البئر شيء من السحر حتى يتوجه عليه وآله الصلاة والسلام لمشاهدته ، فتنبه .
وأيضا : إن قول عائشة (أفلا استخرجته) وجوابه صلى الله عليه وآله وسلم إياها بحصول المعافاة يعارضه ما وقع في حديثها الآخر من استخراجه ، وكذا ما رووه في حديث ابن عباس (38) من أنه صلى الله عليه وآله وسلم بعث إلى علي وآخر فأمرهما أن يأتيا البئر .
وفي مرسل عمر بن الحكم ـ عند ابن سعد ـ : فدعا جبير بن إياس الزرقي فدله على موضع في بئر ذروان فاستخرجه .
____________
(36) فتح الباري 10 / 241 .
(37) فتح الباري 10 / 241 .
(38) عند ابن سعد كما في فتح الباري 10 / 240 .
--------------------------------------------------------------------------------

(80)

قال ابن سعد : ويقال الذي استخرجه قيس بن محصن الزرقي (39) .
وقال الحافظ أبو الفضل ابن حجر : وفي رواية عمرة عن عائشة (فنزل رجل فاستخرجه) (40) .
وأنت خبير بأن هذا الاختلاف في المستخرج ينبئ عن تحقق أصل الخراج ، إذ لولاه لما كان وجه للاختلاف فيه ، على أن في أكثر أحاديث الباب دلالة على استخراج السحر ونقضه ـ كما تقدم ويأتي إن شاء الله ـ .
وبالجملة : فثاني الحديثين يدفع أولهما الصريح في عدم استخراج السحر ، والمخالف لغيره من النقول الدالة على استخراجه وحله فيسقط عن الاعتبار ، لأن ذلك قد استفاض من طرق مخالفينا واشتهر .
ومن ثم رجحوا رواية سفيان بن عيينة التي أثبت فيها إخراج السحر وجعل سؤال عائشة عن النشرة ، لتقدمه في الضبط على رواية عيسى بن يونس التي نفى فيها السؤال عن النشرة وجعل سؤال عائشة عن الاستخراج (41) .
قال الحافظ ابن حجر (42) : ويؤيده أن النشرة لم تقع في رواية أبي أسامة ، والزيادة من سفيان مقبولة لأنه أثبتهم ، ولا سيما أنه كرر استخراج السحر في روايته مرتين فيبعد من الوهم ، وزاد ذكر النشرة وجعل جوابه صلى الله عليه وآله وسلم ب‍ (لا) بدلا من الاستخراج . انتهى .
ولما أشكل ذلك على المتعبدين بحديث عائشة في الصحيحين انبروا للجمع بينهما : بأن الاستخراج المثبت هو استخراج الجف من البئر ، والمنفي استخراج ما حواه (43) .
____________
(39) فتح الباري 10 / 240 .
(40) فتح الباري 10 / 241 ، دلائل النبوة 7 / 92 .
(41) فتح الباري 10 / 245 ، إرشاد الساري 8 / 406 .
(42) فتح الباري 10 / 245 .
(43) فتح الباري 10 / 245 ، إرشاد الساري 8 / 406 ، تفسير سورة الكافرون والمعوذتين : 45 ـ 46 .
--------------------------------------------------------------------------------

(81)

ويقدح فيه ما مر آنفا من أن في بعض أحاديث الباب ـ ومنها حديث الصحيحين ـ إشعارا باستكشاف ما كان داخل الجف من المشط والمشاطة وتمثال الشمع والإبر والوتر ، فتنبه .
قال الشيخ الإمام أبو جعفر الطوسي ـ رضوان الله عليه ـ في كتاب (الخلاف) (44) ـ بعد ما ذكر رواية الجمهور حديث زيد بن أرقم في السحر ـ : وهذه أخبار آحاد لا يعمل عليها في هذا المعنى ، وقد روي عن عائشة أنها قالت : سحر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فما عمل فيه السحر ، وهذا يعارض ذلك . انتهى .
قلت : ويؤيده ما أخرجه ابن سعد عن الواقدي بسند له إلى عمر بن الحكم مرسل ـ كما في فتح الباري (45) ـ قال : لما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الحديبية في ذي الحجة ودخل المحرم من سنة سبع جاءت رؤساء اليهود إلى لبيد بن الأعصم ـ وكان حليفا في بني زريق وكان ساحرا ـ فقالوا له : يا أبا الأعصم أنت أسحرنا ، وقد سحرنا محمدا فلم نصنع شيئا . . . إلى آخره .
وقال الإمام العلامة ابن المطهر رحمه الله (46) : هذا القول عندي باطل ، والروايات ضعيفة ، خصوصا رواية عائشة . انتهى .
هذا شأن حديث الباب في الصحيحين اللذين أجمعوا على أنهما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى ـ كما زعم النووي (47) ـ فلا يغرنك ـ بعدما حصحص لك الحق وصرح عن محضه ـ قول ابن قيم الجوزية (48) : قد اتفق
____________
(44) الخلاف ج 3 ـ كتاب كفارة القتل ـ مسألة 14 .
(45) فتح الباري 10 / 237 .
(46) منتهى المطلب في تحقيق المذهب 2 / 1014 كتاب التجارة ـ المكاسب المحرمة .
(47) شرح صحيح مسلم 1 / 20 .
(48) تفسير سورة الكافرون والمعوذتين : 46 .
--------------------------------------------------------------------------------

(82)

أصحاب الصحيحين على تصحيح هذا الحديث ولم يتكلم فيه أحد من أهل الحديث بكلمة واحدة . انتهى .
فأي اعتداد بتصحيحهما هذه الأباطيل ، وأي اعتبار بتخريجها في كتابيهما :
وهبني قلت : هذا الصبح ليل أيعشى الناظرون عن الضياء
بل الحري بذوي العقول السليمة والفطر المستقيمة أن لا يعولوا على تلك الأحاديث وأضرابها التي ملأت الصحيحين (49) وغيرهما مما فيها مس بكرامة الأنبياء عليهم السلام ـ كما لا يخفى على من سبر أحاديث الصحاح ، واطلع على ما فيها من الحط الصراح ـ نعوذ بالله من الغواية والخذلان ، ونسأله السلامة من المصيبة في الدين والاعتقاد ، وإنما اللائق بهم في ذلك المزلق السحيق ، التمحيص الدقيق والتفحص العميق ، والله سبحانه ولي الهداية والتوفيق .
وأخرج البيهقي في (دلائل النبوة) (50) قال : أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد المقرئ ، قال : أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق ، قال : حدثنا يوسف ابن يعقوب ، قال : حدثنا سلمة بن حيان ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا محمد بن عبيد الله ، عن أبي بكر بن محمد ، عن عمرة ، عن عائشة ، قالت : كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غلام يهودي يخدمه يقال له لبيد بن أعصم ، وكان تعجبه خدمته ، فلم تزل به يهود حتى سحر النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
وفيه أيضا : فنزل رجل فاستخرج جف طلعة من تحت الراعوفة فإذا فيها مشط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن مراطة رأسه ، وإذا تمثال
____________
(49) وما أكثر ما تكذب الأسماء !
(50) دلائل النبوة 7 / 92 ـ 94 ، وكذا ابن مردويه كما في الدر المنثور 6 / 417 .



 

رد مع اقتباس