عرض مشاركة واحدة
قديم 18 Jan 2015, 11:17 PM   #10
بالقرآن نرتقي
مشرفة قروب ـ رياحين الإخاء جزاها الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية بالقرآن نرتقي
بالقرآن نرتقي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8317
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Dec 2023 (11:50 PM)
 المشاركات : 3,065 [ + ]
 التقييم :  18
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: مقدمة في أصول الفقه وتعريفاته ~ أ



تابع .. قواعد وأصول في فهم النصوص الشرعية ~ الفوائد الثرية في مختصر الأصول الفقهية (6) ~

قواعد وأصول في فهم النصوص الشرعية

الفوائد الثرية في مختصر الأصول الفقهية (6)

أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة


ترجيح المبيَّن على المُجمَل.
المجمَل: "ما احتمل معنيَين أو أكثر من غير ترجيح لواحد منهما أو منها على غيره، وهو ما لا يَكفي وحده في العمل".

المبيَّن: "هو ما دلَّ على معنى دون احتِمال".

فيُقدم المبيَّن على المجمَل؛ لأن المبيَّن يدلُّ على المعنى المراد.

مثال: حديث عن ابن عُمر قال: "إنما كان الأذان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
مرتَين مرَّتين، والإقامة مرةً مرةً، غير أنه يقول: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة"
[23]،
هذا الحديث يُبيِّن أن لفظَ الإقامة وهو: "قد قامت الصلاة"، تكون شَفعًا،
وحديث عن أنس قال: "أُمر بلالٌ أن يشفع الأذان ويوتِر الإقامة"[24]،
فهذا الحديث مُجمَل يدلُّ على أن جميع ألفاظ الإقامة تكون وترًا،
فنُقدِّم حديث ابن عمر (المبين)، على حديث أنس (المُجمَل).


ترجيح الحقيقي على المجاز:
الحقيقي هو: "اللفظ المُستعمَل فيما وُضِع له"؛ مثل: (أسد)، للحيوان المُفترِس.
المَجاز: "هو اللفظ المستعمل في غير ما وُضع له"؛ مثل: (أسد)، للرجل الشجاع.

مثال: قوله - تعالى -: ( بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ) [المائدة: 64]،
اللفظ الحقيقي في الآية يعني: يدَي الله - سبحانه وتعالى.


اللفظ المجازي في الآية يعني: النِّعمة.

فنُقدِّم اللفظ الحقيقي "إثبات اليد لله"، على اللفظ المجازي "النعمة"؛ لعدم وجود دليل صحيح يَمنع إرادة الحقيقة.

اعلم أن العلماء مختلفون في مسألة: هل في اللغة مجاز أم لا؟ ومِن ثمَّ هل في القرآن مجاز أم لا؟

فقد منَع ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وقوع المجاز في اللغة[25]،
وهذا ما رجع إليه ابن عُثَيمين بعد قوله بجواز المجاز.


أما المجاز في القرآن فمَن منَع المَجاز في اللغة فمِن باب أولى منعه في القرآن، ومن مال إلى جواز وقوع المجاز في القرآن،
قال بشرط منعِه في آيات الصفات، وممَّن قال بهذا الشافعي والخطيب البغدادي.


ومَن منَع المَجاز في القرآن من أهل السنَّة منَعه سدًّا للذريعة؛ حتى لا يكون مدخلاً لتأويل الصفات[26] [27].

ترجيح ما ذُكرت عِلَّته على ما لم تُذكَر عِلته:
لأن الخبر الذي ذُكر فيه الحُكم والعِلة، يكون أقوى من الخبر الدالِّ على الحُكم دون العِلة؛
مثال: حديث ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((مَن بدَّل دينه فاقتلوه))[28]، ذُكر في الحديث الحكم وهو (القتل)،
والعِلة وهي (تبديل الدين، أو الردَّة)، وحديث عن ابن عمر أن رسول الله:
"رأى في بعض مغازيه امرأةً مَقتولةً، فأنكر ذلك، ونَهى عن قَتلِ النِّساء والصِّبيان"[29]،
ذكر في الحديث الحكم وهو (النهي عن قتل النساء والصِّبيان في الحرب)، ولم يَذكُر العلة،
فنُقدِّم حديث ابن عباس؛ لأنه ذكر فيه العِلة على حديث ابن عمر لأنه لم يذكر فيه العلة.


ترجيح الإجماع القطعي على الظني:
لأن الإجماع الظني فيه دليل شكٍّ، فيُقيد الإجماع القطعي؛ لأنه أقوى منه.

ترجيح القياس الجَلي على الخفي:
القياس الجلي: "هو ما ثبتَت عِلته بنص أو إجماع، أو قُطع فيه بنفي الفارق".
القياس الخفي: "هو ما ثبتَت عِلته بالاستنباط".

فيُقدَّم القياس الجلي على القياس الخفي؛ لأن القياس الجلي تيقنَّا عِلته وألحقنا به الفرع، أما القياس الخفي لم نتيقَّن عِلته؛ لأنها مُستنبَطة.


[1] صحيح: الترمذي (1128)، وابن ماجه (1953)، وصحَّحه الألباني في المشكاة (3176).

[2] البخاري (5281).

[3] صحيح: الترمذي (1892)، من حديث كبشة بنت ثابت، وصحَّحه الألباني في المشكاة (4281).

[4] انظر: الأصول من علم الأصول (391).

[5] مسلم (1411).

[6] البخاري (5114)، ومسلم (1410).

[7] البخاري (172)، ومسلم (279).

[8] الطحاوي (1: 13)، والدارقطني (24 - 25).

[9] الترمذي (12)، وابن ماجه (307)، وصحَّحه الألباني في الصحيحة (201).

[10] البخاري (224)، ومسلم (273).

[11] أبو داود (66)، والترمذي (66)، وصحَّحه الألباني في الإرواء (4).

[12] أبو داود (63)، والترمذي (67)، وقال الألباني: حسن صحيح.

[13] البخاري (1065)، ومسلم (901).

[14] البخاري (1052)، ومسلم (905).

[15] أبو داود (2085)، والترمذي (1101)، وصحَّحه الألباني في المشكاة (3031).

[16] قال فضيلة الشيخ رمضان بن قرني معلقًا: "قال بعض العلماء: إذا تعارَض القول والفعل، قُدِّم القول مطلقًا، وقال بعض العلماء: بالجمع بين القول والفعل، فإذا كان القول تحريمًا، يُحمل الفعل على الكراهة؛ كنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الشرب قائمًا، وشَرِبَ - عليه الصلاة والسلام - قائمًا، قالوا: يُصرف إلى الكراهة، وكذلك الجمع بينهما بالحمل على الندب والاستِحباب.
فمُعارَضة القول للفعل تأتي على صور: فتارة يَقوى تقديم الفعل، وتارة يَقوى الجمع بين القول والفعل، وهذا في الحقيقة يحتاج إلى نظر ومعرفة بنصوص ومقاصِد الشريعة.

[17] مسلم (2401).

[18] حسن لغيره؛ رواه الترمذي (2797)، واللفظ له، وأبو داود (4014)، من حديث جَرهَد، وصحَّحه الألباني في الإرواء (1: 297).

[19] البخاري (335)، ومسلم (521).

[20] أبو داود (492)، والترمذي (317)، وابن ماجه (745)، وصحَّحه الألباني في الإرواء (1: 320).

[21] البخاري (449).

[22] أبو داود (1276)، وصحَّحه الألباني.

[23] أبو داود (510)، والنسائي (628)، وحسَّنه الألباني.

[24] البخاري (605)، ومسلم (378).

[25] قد نازع صاحب كتاب: "المجاز في اللغة والقرآن"، وهو الأستاذ الدكتور عبدالعظيم المَطعني،
نسبة القول بعدم وقوع المجاز في اللغة لابن تيمية وابن القيم، وخلص إلى أن ابن تيمية وكذا تلميذه ابن القيم يقولان
بوقوع المجاز في اللغة والقرآن، دون وقوعه - أي المجاز - في آيات الصفات، ووافَقَه صاحب كتاب:
"موقف السلف من المجاز في الصفات" (169 - 173)، الدكتور محمد محمد عبدالعليم دسوقي.


[26] انظر: الرسالة؛ للشافعي (62 - 63)، والفقيه والمتفقه؛ للخطيب البغدادي (1: 65)،
وشرح الأصول من علم الأصول؛ لابن عُثَيمين (74 - 86)، ومعالم الفقه؛ للجيزاني (110 - 115).


[27] بعد أن سطرت هذا الكلام وقع في يدي كتاب ماتع وشافٍ في هذه المسألة، وهو "موقف السلف من المجاز في الصفات"،
الرد العلمي على آراء البلاغيين من خلال كتابات سعد الدين التفتازاني (23 - 25)؛ للأستاذ الدكتور محمد محمد عبدالعليم دسوقي،
أستاذ البلاغة والنقد المساعد بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر بالقاهرة؛ حيث قال:
"لاقَت قضية وقوع المجاز في محكم التنزيل بصفة عامة ووقوعه في صفات الله - تعالى - خاصة،
لغطًا كثيرًا طوال الحِقَب الماضية حتى ما خلا مَكان من دولة الإسلام على مدى العصور والأزمان من الحديث عنها وإثارتها.

وعلى الرغم من بيان وجه الصواب في هذه القضية التي حَسبوها شائكة كلما أثيرت،
وأنه يَنحصِر في وجوب إثباتها على النحو اللائق بربِّ العزة - سبحانه - على الحقيقة لا المجاز على ما قضَت به أدلة العقل والنقل
وانعقد عليه إجماع الأمة، فإنها - و إلى يوم الناس هذا - لا تزال تستحوذ على فكر الكثير من البلاغيين،
ويَنشغِل بالحديث عنها العديد من الباحثين والمعنيين بتلقي العلوم الشرعية، وما تفتأ كذلك تُثار بشكل أو بآخَر ويدور حولها
ذات اللغَط ونفس الشغب الذي أحدثته من قبل.

وقد كتب الدكتور علي العماري رسالة موجزة سماها "الحقيقة والمجاز في القرآن"، ناقش فيها حجج المنكرين للمَجاز،
وأفرغها مما تنهض به، وأكَّد أنه من الممكن أن نَعتقِد مذهب السلف في الأسماء والصفات - وهو مذهب قويم سليم -
دون أن ننكر المجاز، وأن كثيرًا من المُثبِتين للمجاز يَدينون بمذهب السلف في إثبات الأسماء والصفات، ولم يؤثِّر
- والكلام هنا للدكتور أبي موسى - إثبات المجاز شيئًا من عقيدتهم، وهذه الرسالة الموجزة - والكلام لا يزال للدكتور أبي موسى -
جديرة بأن تكون جزءًا مهمًّا في تراث هذه القضية".

وكان الأستاذ الدكتور عبدالعظيم المطعني - تغمَّده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته - قد تتبَّع آراء اللغويين والنحاة والأدباء
والنقاد والإعجازيين والبلاغيين والمُفسرين والمُحدِّثين، وأفاض في كل ما دبَّجه جميع أولئك من آراء واستدلالات حول
هذه القضية الشديدة الحساسية، وأشار إلى أن منشأ الخلاف هو: "البحث في أسماء الله وصفاته؛ فقد وردت في القرآن الكريم
نصوص يوهم ظاهرها المُشابَهة بالحوادث؛ مثل إثبات اليد لله - سبحانه - والوجه والعين والمعية والقُرب، والمجيء والاستواء،
وفي الحديث الشريف وردَت نسبة القدم والإصبع والصورة والنزول والضحك والكف لله - تعالى -
مع أن في القرآن نصًّا عاصمًا من اعتقاد التشبيه والتجسيم وأية مماثلة، وهو قوله - تعالى -: ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) [الشورى: 11]،
في إشارة منه إلى وجوب إثبات ما أثبته الله لنفسه، وصحَّ عن الرسول الكريم إثباته له سبحانه؛ لكون الكلام عن الصفات فرعًا عن الكلام عن الذات،
فكما لا مثل له في ذاته، لا مثل له في صفاته، وانتهى إلى القول بأن المجاز في القرآن موجود، ولكن يحظر إعماله إذا أدى إلى محظور،
وهو التعطيل الذي يلهَج به مُنكرو المجاز كثيرًا، وهذا تقييد للمجاز، وليس إبطالاً له جملة وتفصيلاً".

كما أنصف صاحب كتاب: "البيان عند الشهاب الخفاجي"، وأعجبني كلامه كثيرًا حين جمع شتات هذه القضية الخطيرة ولخَّصها في قوله:
"من العلماء مَن يولَع في ذلك بالمجاز ويُغالي في ذلك لدرجة تجعله يقول: "إن اللغة كلها مجاز" كابن جني، ومنهم من يتشدَّد حتى يصل إلى القول
بنفي المجاز كلية من اللغة فضلاً عن وقوعه في كتاب الله - عز وجل - كابن تيمية، ومنهم من يرى أن اللغة مشتملة على المجاز بكل صوره،
لكنه يرى أن المجاز غير واقع في كتاب الله - تعالى - تنزيهًا له عن الطعن فيه بوقوع الكذب أولاً، وبنسبة العَجز لله - سبحانه وتعالى -
عن التعبير بالحقيقة ثانيًا".

ثم خلص فضيلته أيضًا من ذلك إلى القول بأن: "من العلماء المُعتدلين من يذهب إلى أن المجاز واقع في القرآن،
إلا أنه يجب تنزيه صفات الله - سبحانه وتعالى - وكل ما أخبر به عن نفسه، عن القول بوقوع المجاز فيه؛ لأن الله - تعالى - ليس كمثله شيء".


[28] البخاري (3017).

[29] البخاري (3014)، ومسلم (1744).



 
 توقيع : بالقرآن نرتقي





بالقرآن نرتقي


رد مع اقتباس