عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 02 Nov 2017, 10:06 AM
طالب علم
باحث علمي ـ جزاه الله خيرا
طالب علم غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 2783
 تاريخ التسجيل : May 2008
 فترة الأقامة : 5834 يوم
 أخر زيارة : 24 Apr 2024 (02:36 PM)
 المشاركات : 3,116 [ + ]
 التقييم : 11
 معدل التقييم : طالب علم is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
(يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ )130الأنعام تفسيرالكبيرالمسمى البحرالمحيط .



( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا ) هَذَا النِّدَاءُ أَيْضًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَالِاسْتِفْهَامُ لِلتَّوْبِيخِ وَالتَّقْرِيعِ ، حَيْثُ أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ فَلَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُمْ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنَ الْجِنِّ رُسُلًا إِلَيْهِمْ كَمَا أَنَّ مِنَ الْإِنْسِ رُسُلًا لَهُمْ ، فَقِيلَ : بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا وَاحِدًا مِنَ الْجِنِّ إِلَيْهِمُ اسْمُهُ يُوسُفُ . وَقِيلَ : رُسُلُ الْجِنِّ هُمْ رُسُلُ الْإِنْسِ ، فَهُمْ رُسُلُ اللَّهِ بِوَاسِطَةٍ ، إِذْ هُمْ رُسُلُ رُسُلِهِ ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ : ( وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ) ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ . وَرُوِيَ أَنْ قَوْمًا مِنَ الْجِنِّ اسْتَمَعُوا إِلَى الْأَنْبِيَاءِ ثُمَّ عَادُوا إِلَى قَوْمِهِمْ فَأَخْبَرُوهُمْ كَمَا جَرَى لَهُمْ مَعَ الرَّسُولِ ، فَيُقَالُ لَهُمْ رُسُلُ اللَّهِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا رُسُلَهُ حَقِيقَةً ، وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ يَكُونُ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى ( الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ) ، وَقَدْ تَعَلَّقَ قَوْمٌ بِهَذَا الظَّاهِرِ فَزَعَمُوا أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - بَعَثَ إِلَى الْجِنِّ رُسُلًا مِنْهُمْ ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مُكَلَّفِينَ وَمُكَلَّفِينَ أَنْ يُبْعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولٌ مِنْ جِنْسِهِمْ لِأَنَّهُمْ بِهِ آنَسُ وَآلَفُ . وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَالْجُمْهُورُ : وَالرُّسُلُ مِنَ الْإِنْسِ دُونَ الْجِنِّ ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ النِّدَاءُ لَهُمَا وَالتَّوْبِيخُ مَعًا جَرَى الْخِطَابُ عَلَيْهِمَا عَلَى سَبِيلِ التَّجَوُّزِ ، الْمَعْهُودُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ تَغْلِيبًا لِلْإِنْسِ لِشَرَفِهِمْ ، وَتَأَوَّلَهُ الْفَرَّاءُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، أَيْ : مِنْ أَحَدِكُمْ ، كَقَوْلِهِ : ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ) ، أَيْ : مِنْ أَحَدِهِمَا وَهُوَ الْمِلْحُ ، وَكَقَوْلِهِ : ( وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا ) أَيْ : فِي إِحْدَاهُنَّ [ ص: 223 ] وَهِيَ سَمَاءُ الدُّنْيَا ، ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ) أَرَادَ بِالذِّكْرِ التَّكْبِيرَ ، وَبِالْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ الْعَشْرَ ، أَيْ : فِي أَحَدِ أَيَّامٍ وَهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ . وَقَالَ الْكَلْبِيُّ : كَانَ الرُّسُلُ يُبْعَثُونَ إِلَى الْإِنْسِ ، وَبُعِثَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْجِنِّ وَالْإِنْسِ . وَرُوِيَ هَذَا أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَمَعْنَى قَصَصِ الْآيَاتِ الْإِخْبَارُ بِمَا أُوحِيَ إِلَيْهِمْ مِنَ التَّنْبِيهِ عَلَى مَوَاضِعِ الْحَجِّ ، وَالتَّعْرِيفِ بِأَدِلَّةِ التَّوْحِيدِ ، وَالِامْتِثَالِ لِأَوَامِرِهِ وَالِاجْتِنَابِ بِمَنَاهِيهِ . وَالْإِنْذَارُ الْإِعْلَامُ بِالْمَخُوفِ ، وَ ( لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا ) أَيْ : يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَالْإِنْذَارُ بِمَا يَكُونُ فِيهِ مِنَ الْأَهْوَالِ وَالْمَخَاوِفِ وَصَيْرُورَةُ الْكُفَّارِ الْمُكَذِّبِينَ إِلَى الْعَذَابِ الْأَبَدِيِّ . وَقَرَأَ الْأَعْرَجُ : أَلَمْ تَأْتِكُمْ ، عَلَى تَأْنِيثِ لَفْظِ الرُّسُلِ بِالتَّاءِ .

( قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ حِكَايَةٌ لِتَصْدِيقِهِمْ ، وَإِلْجَائِهِمْ قَوْلَهُ : ( أَلَمْ يَأْتِكُمْ ) لِأَنَّ الْهَمْزَةَ الدَّاخِلَةَ عَلَى نَفْيِ إِتْيَانِ الرُّسُلِ لِلْإِنْكَارِ فَكَانَ تَقْرِيرًا لَهُمْ ، وَالْمَعْنَى قَالُوا : شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا بِإِتْيَانِ الرُّسُلِ إِلَيْنَا وَإِنْذَارِهِمْ إِيَّانَا هَذَا الْيَوْمَ ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ نَابَتْ مَنَابَ بَلَى هُنَا ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهَا فِي قَوْلِهِ : ( أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى ) ، أَقَرُّوا بِأَنَّ حُجَّةَ اللَّهِ لَازِمَةٌ لَهُمْ وَأَنَّهُمْ مَحْجُوجُونَ بِهَا . وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ : وَقَوْلُهُ : ( شَهِدْنَا ) إِقْرَارٌ مِنْهُمْ بِالْكُفْرِ وَاعْتِرَافٌ ، أَيْ : ( شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا ) بِالتَّقْصِيرِ . انْتَهَى . وَالظَّاهِرُ فِي ( شَهِدْنَا ) شَهَادَةُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى نَفْسِهِ . وَقِيلَ : شَهِدَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ بِإِنْذَارِ الرُّسُلِ .

( وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ) هَذَا إِخْبَارٌ عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ - تَعَالَى - وَتَنْبِيهٌ عَلَى السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِكُفْرِهِمْ ، وَإِفْصَاحٌ لَهُمْ بِأَذَمِّ الْوُجُوهِ الَّذِي هُوَ الْخِدَاعُ . وَقِيلَ : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَرَّ الطَّائِرُ فَرْخَهُ ، أَيْ : أَطْعَمَهُمْ وَأَشْبَعَهُمْ ، وَالتَّوْسِيعُ فِي الرِّزْقِ وَالْبَسْطُ سَبَبٌ لِلْبَغْيِ " وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ " .

( وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ) ظَاهِرُهُ شَهَادَةُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى نَفْسِهِ بِالْكُفْرِ . وَقِيلَ : شَهِدَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ . وَقِيلَ : شَهِدَتْ جَوَارِحُهُمْ عَلَيْهِمْ بَعْدَ إِنْكَارِهِمْ وَالْخَتْمِ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ ، وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ سِيَاقِ الْآيَةِ ، وَتَنَافَى بَيْنَ قَوْلِهِ : ( وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ) وَبَيْنَ الْآيَاتِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْإِنْكَارِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ طَوَائِفَ ، طَائِفَةٍ تَشْهَدُ وَطَائِفَةٍ تُنْكِرُ ، أَوْ مِنْ طَائِفَةٍ وَاحِدَةٍ لِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَمُوَاطِنِ الْقِيَامَةِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الْمُتَطَاوِلِ ، فَيُقِرُّونَ فِي بَعْضٍ وَيَجْحَدُونَ فِي بَعْضٍ . وَقَالَ التِّبْرِيزِيُّ : ( وَشَهِدُوا ) أَقَرُّوا عَلَى أَنْفُسِهِمُ اضْطِرَارًا لَا اخْتِيَارًا ، وَلَوْ أَرَادُوا أَنْ يَقُولُوا غَيْرَهُ مَا طَاوَعَتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ . وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ : ( فَإِنْ قُلْتَ ) : لِمَ كَرَّرَ ذِكْرَ شَهَادَتِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ؟ ( قُلْتُ ) : الْأُولَى حِكَايَةٌ لِقَوْلِهِمْ : كَيْفَ يَقُولُونَ وَيَعْتَرِفُونَ ، وَالثَّانِيَةُ ذَمٌّ لَهُمْ وَتَخْطِئَةٌ لِرَأْيِهِمْ وَوَصْفٌ لِقِلَّةِ نَظَرِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ ، وَأَنَّهُمْ قَوْمٌ غَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَاللَّذَّاتُ الْحَاضِرَةُ ، وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهِمْ أَنِ اضْطُرُّوا إِلَى الشَّهَادَةِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ وَالِاسْتِسْلَامِ لِرَبِّهِمْ وَاسْتِنْجَازِ عَذَابِهِ ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ تَحْذِيرًا لِلسَّامِعِينَ مِثْلَ حَالِهِمْ . انْتَهَى . وَنَقُولُ : لَمْ تَتَكَرَّرِ الشَّهَادَةُ لِاخْتِلَافِ الْمُخْبِرِ وَمُتَعَلَّقِهَا ، فَالْأُولَى إِخْبَارُهُمْ عَنْ أَنْفُسِهِمْ ، [ ص: 224 ] وَالثَّانِيَةُ إِخْبَارُهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ شَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ ، فَهَذِهِ الشَّهَادَةُ غَيْرُ الْأُولَى .
http://library.islamweb.net/newlibra...no=6&ayano=130




 توقيع : طالب علم


رد مع اقتباس