عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 04:49 AM   #29
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


ويقرب من قلبه والذي يبغضه يبعد من قلبه . لكن هذا ليس المراد به أن ذاته نفسها تحل في قلوب العارفين العابدين وإنما في القلوب معرفته وعبادته ومحبته والإيمان به ; ولكن العلم يطابق المعلوم . وهذا الإيمان الذي في القلوب هو " المثل الأعلى " الذي له في السموات والأرض وهو معنى قوله تعالى : { وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله } وقوله { وهو الله في السماوات وفي الأرض } . وقد غلط في هذه الآية طائفة من الصوفية والفلاسفة وغيرهم : فجعلوه حلول الذات واتحادها بالعابد والعارف من جنس قول النصارى في المسيح وهو قول باطل كما قد بسط في موضعه . والذين يثبتون تقريبه العباد إلى ذاته هو القول المعروف للسلف والأئمة وهو قول الأشعري وغيره من الكلابية ; فإنهم يثبتون قرب العباد إلى ذاته وكذلك يثبتون استواءه على العرش بذاته ونحو ذلك ويقولون : الاستواء فعل فعله في العرش فصار مستويا على العرش . وهذا أيضا قول ابن عقيل وابن الزاغوني وطوائف من أصحاب أحمد وغيرهم .
وأما دنوه نفسه وتقربه من بعض عباده ; فهذا يثبته من يثبت قيام الأفعال الاختيارية بنفسه ومجيئه يوم القيامة ونزوله واستوائه على العرش . وهذا مذهب أئمة السلف وأئمة الإسلام المشهورين وأهل الحديث والنقل عنهم بذلك متواتر . وأول من أنكر هذا في الإسلام " الجهمية " ومن وافقهم من المعتزلة وكانوا ينكرون الصفات والعلو على العرش ثم جاء ابن كلاب فخالفهم في ذلك وأثبت الصفات والعلو على العرش لكن وافقهم على أنه لا تقوم به الأمور الاختيارية ; ولهذا أحدث قوله في القرآن : إنه قديم لم يتكلم به بقدرته . ولا يعرف هذا القول عن أحد من السلف ; بل المتواتر عنهم أن القرآن كلام الله غير مخلوق وأن الله يتكلم بمشيئته وقدرته كما ذكرت ألفاظهم في كتب كثيرة في مواضع غير هذا . فالذين يثبتون أنه كلم موسى بمشيئته وقدرته كلاما قائما به ; هم الذين يقولون إنه يدنو ويقرب من عباده بنفسه . وأما من قال : القرآن مخلوق أو قديم فأصل هؤلاء أنه لا يمكن أن يقرب من شيء ولا يدنو إليه . فمن قال منهم : بهذا مع هذا ; كان من تناقضه ; فإنه لم يفهم أصل القائلين بأنه قديم . وأهل الكلام قد يعرفون من حقائق أصولهم ولوازمها ما لا يعرفه من وافقهم على أصل المقالة ولم يعرف حقيقتها ولوازمها ; فلذا يوجد كثير من الناس يتناقض كلامه في هذا الباب . فإن نصوص الكتاب والسنة وآثار السلف متظاهرة بالإثبات وليس على النفي دليل واحد : لا من كتاب ولا من سنة ولا من أثر ; وإنما أصله قول الجهمية فلما جاء ابن كلاب فرق ووافقه كثير من الناس على ذلك فصار كثير من الناس يقر بما جاء عن السلف وما دل عليه الكتاب والسنة وبما يقوله النفاة مما يناقض ذلك ولا يهتدي للتناقض { والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم } . وبهذا يحصل الجواب عما احتج به من قال : إن ثلث الليل يختلف باختلاف البلاد . وهذا قد احتج به طائفة وجعلوا هذا دليلا على ما يتأولون عليه حديث النزول . وهذا الذي ذكروه إنما يصح إذا جعل نزوله من جنس نزول أجسام الناس من السطح إلى الأرض وهو يشبه قول من قال : يخلو العرش منه بحيث يصير بعض المخلوقات فوقه وبعضها تحته . فإذا قدر النزول هكذا كان ممتنعا ; لما ذكروه من أنه لا يزال تحت العرش في غالب الأوقات أو جميعها فإن بين طرفي العمارة نحو ليلة ; فإنه يقال : بين ابتداء العمارة من المشرق ومنتهاها من المغرب مقدار مائة وثمانين درجة فلكية وكل خمس عشرة فهي ساعة معتدلة والساعة المعتدلة هي ساعة من اثنتي عشرة ساعة بالليل أو النهار إذا كان الليل والنهار متساويين - كما يستويان في أول الربيع الذي تسميه العرب الصيف وأول الخريف الذي تسميه الربيع - بخلاف ما إذا كان أحدهما أطول من الآخر وكل واحد اثنتا عشرة ساعة ; فهذه الساعات مختلفة في الطول والقصر فتغرب الشمس عن أهل المشرق قبل غروبها عن أهل المغرب كما تطلع على هؤلاء قبل هؤلاء بنحو اثنتي عشرة ساعة أو أكثر . فإن الشمس على أي موضع كانت مرتفعة من الأرض الارتفاع التام كما يكون عند نصف النهار فإنها تضيء على ما أمامها وخلفها من المشرق والمغرب تسعين درجة شرقية وتسعين غربية والمجموع مقدار حركتها : اثنتا عشرة ساعة ستة شرقية وستة غربية وهو النهار المعتدل . ولا يزال لها هذا النهار لكن يخفى ضوءها بسبب ميلها إلى جانب الشمال والجنوب ; فإن المعمور من الأرض من الناحية الشمالية من الأرض التي هي شمال خط الاستواء المحاذي لدائرة معتدل النهار التي نسبتها إلى القطبين - الشمالي والجنوبي - نسبة واحدة ; ولهذا يقال في حركة الفلك إنها على ذلك المكان دولابية مثل الدولاب وإنها عند القطبين رحاوية تشبه حركة الرحى وإنها في المعمور من الأرض حمائلية تشبه حمائل السيوف . والمعمور المسكون من الأرض يقال : إنه بضع وستون درجة أكثر من السدس بقليل . والكلام على هذا لبسطه موضع آخر : ذكرنا فيه دلالة الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين وسائر من تبعهم من علماء المسلمين على أن " الفلك " مستدير . وقد ذكر إجماع علماء المسلمين على ذلك غير واحد منهم الإمام أبو الحسين بن المنادي الذي له نحو " أربعمائة مصنف " وهو من الطبقة الثانية من أصحاب أحمد وأبو محمد بن حزم وأبو الفرج بن الجوزي وغيرهم . والمقصود هنا : أن الشمس إذا طلعت على أول البلاد الشرقية فإنه حينئذ يكون إما وقت غروبها وإما قريبا من وقت غروبها على آخر البلاد الغربية فإنها تكون بحيث يكون الضوء أمامها تسعين درجة وخلفها تسعين درجة ; فهذا منتهى نورها . فإذا طلعت عليهم كان بينها وبينهم تسعون درجة وكذلك على كل بلد تطلع عليه ; والحاسب يفرق بين الدرجات كما يفرق بين الساعات فإن الساعات المختلفة الزمانية كل واحد منها خمس عشرة درجة بحسب ذلك الزمان فيكون بينها وبين المغرب أيضا تسعون درجة من ناحية المغرب وإذا صار بينها وبين مكان تسعون درجة غربية غابت كما تطلع إذا كان بينها وبينهم تسعون درجة شرقية وإذا توسطت عليهم - وهو وقت استوائها قبل أن تدلك وتزيغ ويدخل وقت الظهر - كان لها تسعون درجة شرقية وتسعون درجة غربية . وإذا كان كذلك - والنزول المذكور في الحديث النبوي على قائله أفضل الصلاة والسلام الذي اتفق عليه الشيخان : البخاري ومسلم واتفق علماء الحديث على صحته هو : " إذا بقي ثلث الليل الآخر " وأما رواية النصف والثلثين فانفرد بها مسلم في بعض طرقه وقد قال الترمذي : إن أصح الروايات عن أبي هريرة : " إذا بقي ثلث الليل الآخر " . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية جماعة كثيرة من الصحابة كما ذكرنا قبل هذا ; فهو حديث متواتر عند أهل العلم بالحديث والذي لا شك فيه إذا بقي ثلث الليل الآخر . فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر " النزول " أيضا إذا مضى ثلث الليل الأول وإذا انتصف الليل ; فقوله حق وهو الصادق المصدوق ; ويكون النزول أنواعا ثلاثة :



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس