مسألة: الجزء الأول التحليل الموضوعي
قَوْلُهُ تَعَالَى : فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ
[ ص: 294 ] قَوْلُهُ تَعَالَى : فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ
فِيهِ عَشْرُ مَسَائِلَ : الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى : فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا قَرَأَ الْجَمَاعَةُ فَأَزَلَّهُمَا بِغَيْرِ أَلِفٍ ، مِنَ الزَّلَّةِ وَهِيَ الْخَطِيئَةُ ، أَيِ اسْتَزَلَّهُمَا وَأَوْقَعَهُمَا فِيهَا . وَقَرَأَ حَمْزَةُ " فَأَزَالَهُمَا " بِأَلِفٍ ، مِنَ التَّنْحِيَةِ ، أَيْ نَحَّاهُمَا . يُقَالُ : أَزَلْتُهُ فَزَالَ . قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ : فَأَزَالَهُمَا مِنَ الزَّوَالِ ، أَيْ صَرَفَهُمَا عَمَّا كَانَا عَلَيْهِ مِنَ الطَّاعَةِ إِلَى الْمَعْصِيَةِ .
قُلْتُ : وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْقِرَاءَتَانِ بِمَعْنًى ، إِلَّا أَنَّ قِرَاءَةَ الْجَمَاعَةِ أَمْكَنُ فِي الْمَعْنَى . يُقَالُ مِنْهُ : أَزْلَلْتُهُ فَزَلَّ . وَدَلَّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى : إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ، وَقَوْلُهُ : فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ وَالْوَسْوَسَةُ إِنَّمَا هِيَ إِدْخَالُهُمَا فِي الزَّلَلِ بِالْمَعْصِيَةِ ، وَلَيْسَ لِلشَّيْطَانِ قُدْرَةٌ عَلَى زَوَالِ أَحَدٍ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ ، إِنَّمَا قُدْرَتُهُ عَلَى إِدْخَالِهِ فِي الزَّلَلِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا إِلَى زَوَالِهِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ بِذَنْبِهِ . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى أَزَلَّهُمَا مِنْ زَلَّ عَنِ الْمَكَانِ إِذَا تَنَحَّى ، فَيَكُونُ فِي الْمَعْنَى كَقِرَاءَةِ حَمْزَةَ مِنَ الزَّوَالِ . قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ :
يُزِلُّ الْغُلَامُ الْخِفُّ عَنْ صَهَوَاتِهِ وَيُلْوِي بِأَثْوَابِ الْعَنِيفِ الْمُثَقَّلِ
وَقَالَ أَيْضًا :
كُمَيْتٍ يُزِلُّ اللِّبْدُ عَنْ حَالِ مَتْنِهِ كَمَا زَلَّتِ الصَّفْوَاءُ بِالْمُتَنَزِّلِ
يتبع..