عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 04 Apr 2010, 04:24 AM
محمد الغماري
وسام الشرف
محمد الغماري غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل : Jan 2010
 فترة الأقامة : 5241 يوم
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : محمد الغماري is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
شرح حديث النزول ... لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله



شرح حديث النزول
لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين


سئل شيخ الإسلام : - أحمد بن تيمية قدس الله روحه ما يقول سيدنا وشيخنا - شيخ الإسلام وقدوة الأنام أيده الله ورضي عنه - في رجلين تنازعا في " حديث النزول " : أحدهما مثبت والآخر ناف . فقال المثبت : ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فقال النافي : كيف ينزل ؟ فقال المثبت : ينزل بلا كيف فقال النافي : يخلو منه العرش أم لا يخلو ؟ فقال المثبت : هذا قول مبتدع ورأي مخترع فقال النافي : ليس هذا جوابي بل هو حيدة عن الجواب فقال له المثبت : هذا جوابك . فقال النافي : إنما ينزل أمره ورحمته فقال المثبت : أمره ورحمته ينزلان كل ساعة والنزول قد وقت له رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلث الليل الآخر فقال النافي : الليل لا يستوي وقته في البلاد فقد يكون الليل في بعض البلاد خمس عشرة ساعة ونهارها تسع ساعات ويكون في بعض البلاد ست عشرة ساعة والنهار ثمان ساعات وبالعكس ; فوقع الاختلاف في طول الليل وقصره بحسب الأقاليم والبلاد وقد يستوي الليل والنهار في بعض البلاد وقد يطول الليل في بعض البلاد حتى يستوعب أكثر الأربع وعشرين ساعة ويبقى النهار عندهم وقت يسير ; فيلزم على هذا أن يكون ثلث الليل دائما ويكون الرب دائما نازلا إلى السماء . والمسئول إزالة الشبه والإشكال وقمع أهل الضلال .
فأجاب رضي الله عنه : الحمد لله رب العالمين . أما القائل الأول الذي ذكر نص النبي صلى الله عليه وسلم فقد أصاب فيما قال فإن هذا القول الذي قاله ; قد استفاضت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم واتفق سلف الأمة وأئمتها وأهل العلم بالسنة والحديث على تصديق ذلك وتلقيه بالقبول . ومن قال ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم فقوله حق وصدق وإن كان لا يعرف حقيقة ما اشتمل عليه من المعاني ; كمن قرأ القرآن ولم يفهم ما فيه من المعاني ; فإن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلام وأمثاله علانية وبلغه الأمة تبليغا عاما لم يخص به أحدا دون أحد ولا كتمه عن أحد وكانت الصحابة والتابعون تذكره وتأثره وتبلغه وترويه في المجالس الخاصة والعامة واشتملت عليه كتب الإسلام التي تقرأ في المجالس الخاصة والعامة : " كصحيحي البخاري ومسلم " " وموطأ مالك " " ومسند الإمام أحمد " " وسنن أبي داود " والترمذي " " والنسائي " وأمثال ذلك من كتب المسلمين . لكن من فهم من هذا الحديث وأمثاله ما يجب تنزيه الله عنه كتمثيله بصفات المخلوقين ووصفه بالنقص المنافي لكماله الذي يستحقه ; فقد أخطأ في ذلك وإن أظهر ذلك منع منه وإن زعم أن الحديث يدل على ذلك ويقتضيه فقد أخطأ أيضا في ذلك . فإن وصفه سبحانه وتعالى في هذا الحديث بالنزول هو كوصفه بسائر الصفات ; كوصفه بالاستواء إلى السماء وهي دخان ووصفه بأنه خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش ووصفه بالإتيان والمجيء في مثل قوله تعالى : { هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة } وقوله : { هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك } وقوله : { وجاء ربك والملك صفا صفا } وكذلك قوله تعالى : { خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش } وقوله : { والسماء بنيناها بأيد } وقوله : { الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء } وقوله : { يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه } وأمثال ذلك من الأفعال التي وصف الله تعالى بها نفسه التي تسميها النحاة أفعالا متعدية وهي غالب ما ذكر في القرآن أو يسمونها لازمة لكونها لا تنصب المفعول به بل لا تتعدى إليه إلا بحرف الجر : كالاستواء إلى السماء وعلى العرش والنزول إلى السماء الدنيا ونحو ذلك . فإن الله وصف نفسه بهذه الأفعال . ووصف نفسه بالأقوال اللازمة والمتعدية في مثل قوله : { وإذ قال ربك للملائكة } وقوله : { وكلم الله موسى تكليما } وقوله تعالى : { وناداهما ربهما } وقوله : { ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين } وقوله : { والله يقول الحق وهو يهدي السبيل } وقوله : { الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا } وقوله : { الله نزل أحسن الحديث } وقوله : { وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا } وقوله : { وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا } وقوله : { ولقد صدقكم الله وعده } . وكذلك وصف نفسه بالعلم والقوة والرحمة ; ونحو ذلك كما في قوله : { ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء } وقوله : { إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين } وقوله : { ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما } وقوله : { ورحمتي وسعت كل شيء } ونحو ذلك مما وصف به نفسه في كتابه وما صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم فإن القول في جميع ذلك من جنس واحد . ومذهب سلف الأمة وأئمتها أنهم يصفونه بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم في النفي والإثبات . والله سبحانه وتعالى قد نفى عن نفسه مماثلة المخلوقين فقال الله تعالى : { قل هو الله أحد } { الله الصمد } { لم يلد ولم يولد } { ولم يكن له كفوا أحد } فبين أنه لم يكن أحد كفوا له وقال تعالى : { هل تعلم له سميا } فأنكر أن يكون له سمي وقال تعالى : { فلا تجعلوا لله أندادا } وقال تعالى : { فلا تضربوا لله الأمثال } وقال تعالى : { ليس كمثله شيء } . ففيما أخبر به عن نفسه : من تنزيهه عن الكفؤ والسمي والمثل والند وضرب الأمثال له ; بيان أن لا مثل له في صفاته ; ولا أفعاله ; فإن التماثل في الصفات والأفعال يتضمن التماثل في الذات فإن الذاتين المختلفتين يمتنع تماثل صفاتهما وأفعالهما إذ تماثل الصفات والأفعال يستلزم تماثل الذوات فإن الصفة تابعة للموصوف بها والفعل أيضا تابع للفاعل ; بل هو مما يوصف به الفاعل فإذا كانت الصفتان متماثلتين كان الموصوفان متماثلين حتى إنه يكون بين




 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]

رد مع اقتباس