رد: كتاب الفرقان بين اولياء الرحمن واولياء الشيطان اقرا لتعرف حقيقة المدعين للخوارق
وَلَيْسَ مَنْ شَرْطِ وَلِيِّ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا عنِ الخطأِ(
فَصْلٌ -وَلَيْسَ مَنْ شَرْطِ وَلِيِّ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا لَا يَغْلَطُ وَلَا يُخْطِئُ ؛ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ بَعْضُ عِلْمِ الشَّرِيعَةِ ،وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَبِهَ عَلَيْهِ بَعْضُ أُمُورِ الدِّينِ حَتَّى يَحْسَبَ بَعْضُ الْأُمُورِ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَمِمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَظُنَّ فِي بَعْضِ الْخَوَارِقِ أَنَّهَا مِنْ كَرَامَاتِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَكُونُ مِنِ الشَّيْطَانِ لَبَّسَهَا عَلَيْهِ لِنَقْصِ دَرَجَتِهِ، وَلَا يَعْرِفُ أَنَّهَا مِنْ الشَّيْطَانِ(1)
وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ عَنْ وِلَايَةِ اللَّهِ تَعَالَى ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تَجَاوَزَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ(1)، فَقَالَ تَعَالَى : { آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) } (2)
[البقرة/285، 286]، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ اسْتَجَابَ هَذَا الدُّعَاءَ(1) وَقَالَ : قَدْ فَعَلْت، فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِى أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) قَالَ :دَخَلَ قُلُوبَهُمْ مِنْهَا شَىْءٌ لَمْ يَدْخُلْ قُلُوبَهُمْ مِنْ شَىْءٍ فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم-: « قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَسَلَّمْنَا ». قَالَ فَأَلْقَى اللَّهُ الإِيمَانَ فِى قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ( لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) قَالَ قَدْ فَعَلْتُ (رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا) - قَالَ قَدْ فَعَلْتُ (وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلاَنَا) قَالَ قَدْ فَعَلْتُ.(2)
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى :{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا }(1) (5) سورة الأحزاب. وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِى قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ » . قَالَ فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَقَالَ هَكَذَا حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ(2)
__________
فَلَمْ يُؤَثِّمْ الْمُجْتَهِدَ الْمُخْطِئَ ؛ بَلْ جَعَلَ لَهُ أَجْرًا عَلَى اجْتِهَادِهِ وَجَعَلَ خَطَأَهُ مَغْفُورًا لَهُ، وَلَكِنَّ الْمُجْتَهِدَ الْمُصِيبَ لَهُ أَجْرَانِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ ؛ وَلِهَذَا لَمَّا كَانَ وَلِيُّ اللَّهِ يَجُوزُ أَنْ يَغْلَطَ لَمْ يَجِبْ عَلَى النَّاسِ الْإِيمَانُ بِجَمِيعِ مَا يَقُولُهُ مَنْ هُوَ وَلِيٌّ لِلَّهِ لِئَلَّا يَكُونَ نَبِيًّا ؛ بَلْ وَلَا يَجُوزُ لِوَلِيِّ اللَّهِ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى مَا يُلْقَى إلَيْهِ فِي قَلْبِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا [ لِلشَّرْعِ ]، وَعَلَى مَا يَقَعُ لَهُ مِمَّا يَرَاهُ إلْهَامًا وَمُحَادَثَةً وَخِطَابًا مِنَ الْحَقِّ ؛ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْرِضَ ذَلِكَ جَمِيعَهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ وَافَقَهُ قَبْلَهُ وَإِنْ خَالَفَهُ لَمْ يَقْبَلْهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَمُوَافِقٌ هُوَ أَمْ مُخَالِفٌ ؟ تَوَقَّفَ فِيهِ .
- - - - - - - - - - - - - -
|