عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 04:40 AM   #18
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


تحله الحوادث ووافقوا في ذلك الجهم بن صفوان وأتباعه من الجهمية والمعتزلة صاروا فيما ورد في الكتاب والسنة من صفات الرب على أحد قولين : إما أن يجعلوها كلها مخلوقات منفصلة عنه . فيقولون : كلام الله مخلوق بائن عنه ; لا يقوم به كلام . وكذلك رضاه وغضبه وفرحه ومجيئه وإتيانه ونزوله وغير ذلك هو مخلوق منفصل عنه لا يتصف الرب بشيء يقوم به عندهم . وإذا قالوا هذه الأمور من صفات الفعل : فمعناه أنها منفصلة عن الله بائنة وهي مضافة إليه ; لا أنها صفات قائمة به . ولهذا يقول كثير منهم : إن هذه آيات الإضافات وأحاديث الإضافات وينكرون على من يقول آيات الصفات وأحاديث الصفات وإما أن يجعلوا جميع هذه المعاني قديمة أزلية ويقولون نزوله ومجيئه وإتيانه وفرحه وغضبه ورضاه ; ونحو ذلك : قديم أزلي كما يقولون : إن القرآن قديم أزلي . ثم منهم من يجعله معنى واحدا ومنهم من يجعله حروفا أو حروفا وأصواتا قديمة أزلية مع كونه مرتبا في نفسه . ويقولون : فرق بين ترتيب وجوده وترتيب ماهيته كما قد بسطنا الكلام على هذه الأمور في غير هذا الموضع على هذه الأقوال وقائليها ; وأدلتها السمعية والعقلية في غير هذا الموضع .
والمقصود هنا : أنه ليس شيء من هذه الأقوال قول الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا قول أئمة المسلمين المشهورين بالإمامة - أئمة السنة والجماعة وأهل الحديث - كالأوزاعي ومالك بن أنس وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وعبد الله بن المبارك والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأمثالهم ; بل أقوال السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ومن سلك سبيلهم من أئمة الدين وعلماء المسلمين : موجودة في الكتب التي ينقل فيها أقوالهم بألفاظها بالأسانيد المعروفة عنهم . كما يوجد ذلك في كتب كثيرة مثل كتاب " السنة " " والرد على الجهمية " لمحمد بن عبد الله الجعفي شيخ البخاري ; ولأبي داود السجستاني ولعبد الله بن أحمد بن حنبل ولأبي بكر الأثرم ولحنبل بن إسحاق ولحرب الكرماني ولعثمان بن سعيد الدارمي ولنعيم بن حماد الخزاعي ولأبي بكر الخلال ولأبي بكر بن خزيمة ولعبد الرحمن بن أبي حاتم ولأبي القاسم الطبراني ولأبي الشيخ الأصبهاني ولأبي عبد الله بن منده ولأبي عمرو الطلمنكي وأبي عمر بن عبد البر . وفي كتب التفسير المسندة قطعة كبيرة من ذلك مثل تفسير عبد الرزاق وعبد بن حميد ودحيم وسنيد وابن جرير الطبري وأبي بكر بن المنذر ; وتفسير عبد الرحمن بن أبي حاتم ; وغير ذلك من كتب التفسير التي ينقل فيها ألفاظ الصحابة والتابعين في معاني القرآن بالأسانيد المعروفة . فإن معرفة مراد الرسول ومراد الصحابة هو أصل العلم وينبوع الهدى ; وإلا فكثير ممن يذكر مذهب السلف ويحكيه لا يكون له خبرة بشيء من هذا الباب كما يظنون أن مذهب السلف في آيات الصفات وأحاديثها . أنه لا يفهم أحد معانيها ; لا الرسول ولا غيره ويظنون أن هذا معنى قوله : { وما يعلم تأويله إلا الله } مع نصرهم للوقف على ذلك ; فيجعلون مضمون مذهب السلف أن الرسول بلغ قرآنا لا يفهم معناه ; بل تكلم بأحاديث الصفات وهو لا يفهم معناها وأن جبريل كذلك ; وأن الصحابة والتابعين كذلك . وهذا ضلال عظيم وهو أحد أنواع الضلال في كلام الله والرسول صلى الله عليه وسلم ظن أهل التخييل وظن أهل التحريف والتبديل وظن أهل التجهيل . وهذا مما بسط الكلام عليه في مواضع . والله يهدينا وسائر إخواننا إلى صراطه المستقيم صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا . والمقصود هنا : الكلام على من يقول ينزل ولا يخلو منه العرش وإن أهل الحديث في هذا على ثلاثة أقوال : منهم من ينكر أن يقال : يخلو أو لا يخلو كما يقول ذلك الحافظ عبد الغني وغيره . ومنهم من يقول : بل يخلو منه العرش وقد صنف عبد الرحمن بن منده مصنفا في الإنكار على من قال : لا يخلو من العرش أو لا يخلو منه العرش - كما تقدم بعض كلامه - . وكثير من أهل الحديث يتوقف عن أن يقول يخلو أو لا يخلو . وجمهورهم على أنه لا يخلو منه العرش . وكثير منهم يتوقف عن أن يقال : يخلو أو لا يخلو لشكهم في ذلك وأنهم لم يتبين لهم جواب أحد الأمرين وأما مع كون الواحد منهم قد ترجح عنده أحد الأمرين لكن يمسك في ذلك لكونه ليس في الحديث ولما يخاف من الإنكار عليه . وأما الجزم بخلو العرش فلم يبلغنا إلا عن طائفة قليلة منهم .
والقول الثالث - وهو الصواب وهو المأثور عن سلف الأمة وأئمتها - أنه لا يزال فوق العرش ولا يخلو العرش منه مع دنوه ونزوله إلى السماء الدنيا ولا يكون العرش فوقه . وكذلك يوم القيامة كما جاء به الكتاب والسنة وليس نزوله كنزول أجسام بني آدم من السطح إلى الأرض بحيث يبقى السقف فوقهم بل الله منزه عن ذلك وسنتكلم عليه إن شاء الله وهذه المسألة تحتاج إلى بسط .
وأما قول النافي : إنما ينزل أمره ورحمته ; فهذا غلط لوجوه وقد تقدم التنبيه على ذلك على تقدير كون النفاة من المثبتة للعلو . وأما إذا كان من النفاة للعلو والنزول جميعا ; فيجاب أيضا بوجوه : ( أحدها : أن الأمر والرحمة إما أن يراد بها أعيان قائمة بنفسها كالملائكة وإما أن يراد بها صفات وأعراض . فإن أريد الأول . فالملائكة تنزل إلى الأرض في كل وقت وهذا خص النزول بجوف الليل وجعل منتهاه سماء الدنيا والملائكة لا يختص نزولهم لا بهذا الزمان ولا بهذا المكان . وإن أريد صفات وأعراض مثل ما يحصل في قلوب العابدين في وقت السحر من الرقة والتضرع وحلاوة العبادة ونحو ذلك ; فهذا حاصل في الأرض ليس منتهاه السماء الدنيا .
( الثاني) : أن في الحديث الصحيح { أنه ينزل إلى السماء الدنيا ثم يقول لا أسأل عن عبادي غيري } ومعلوم أن هذا كلام الله الذي لا يقوله غيره .
( الثالث) : أنه قال : { ينزل إلى السماء الدنيا فيقول : من ذا الذي يدعوني فأستجيب له ؟ من ذا الذي يسألني فأعطيه ؟ من ذا الذي يستغفرني فأغفر له ؟ حتى يطلع الفجر } ومعلوم أنه لا يجيب الدعاء ويغفر الذنوب ويعطي كل سائل سؤاله إلا الله وأمره ورحمته لا تفعل شيئا من ذلك .
( الرابع) : نزول أمره ورحمته لا تكون إلا منه ; وحينئذ فهذا يقتضي أن يكون هو فوق العالم فنفس تأويله يبطل مذهبه ; ولهذا قال بعض النفاة لبعض المثبتين : ينزل أمره ورحمته ; فقال له المثبت : فممن ينزل ما عندك فوق شيء ; فلا ينزل منه لا أمر ولا رحمة ولا غير ذلك فبهت النافي وكان كبيرا فيهم .
( الخامس) : أنه قد روي في عدة أحاديث : " ثم يعرج " وفي لفظ " ثم يصعد " .
( السادس) : أنه إذا قدر أن النازل بعض الملائكة وأنه ينادي عن الله كما حرف بعضهم لفظ الحديث فرواه " ينزل " من الفعل الرباعي المتعدي أنه يأمر مناديا ينادي ; لكان الواجب أن



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس