عرض مشاركة واحدة
قديم 24 Nov 2009, 05:11 AM   #15
ابن الورد
الحسني


الصورة الرمزية ابن الورد
ابن الورد متصل الآن

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 1
 تاريخ التسجيل :  Feb 2005
 أخر زيارة : اليوم (04:25 PM)
 المشاركات : 17,398 [ + ]
 التقييم :  24
 الدولهـ
Saudi Arabia
 وسائط MMS
وسائط MMS
لوني المفضل : Cadetblue




بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير وشرح الآية : 110 . من سورة المائدة مقارنة من كتب التفاسير الجزء الرابع عشر .

التفسير الكبير ج12 ص103 – 104 – 105 - 106
) إِذْ قَالَ اللَّهُ ياعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِى عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِى الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِى فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِى وَتُبْرِىءُ الاٌّ كْمَهَ وَالاٌّ بْرَصَ بِإِذْنِى وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِى وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِىإِسْرَاءِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَاذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ( . 7 )
المائدة : ) 110 ( إذ قال الله . . .

قوله تعالى : ) إِذْ قَالَ اللَّهُ ياعِيسَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِى عَلَيْكَ وَعَلَى والِدَتِكَ ( في الآية مسائل :
المسألة الأولى : اعلم أنا بينا أن الغرض من قوله تعالى للرسل ) مَاذَا أَجَبْتُمُ ( ) المائدة : 109 ( توبيخ من تمرد من أممهم وأشد الأمم افتقاراً إلى التوبيخ والملاملا النصارى الذين يزعمون أنهم أتباع عيسى عليه السلام لأن طعن سائر الأمم كان مقصوراً على الأنبياء وطعن هؤلاء الملاعين تعدى إلى جلال الله وكبريائه حيث وصفوه بما لا يليق بعاقل أن يصف الإله به ، وهو اتخاذ الزوجة والولد فلا جرم ذكر الله تعالى أنه يعدد أنواع نعمه على عيسى بحضرة الرسل واحدة فواحدة والمقصود منه توبيخ النصارى وتقريعهم على سوء مقالتهم فإن كل واحدة من تلك النعم المعدودة على عيسى تدل على أنه عبد وليس بإله . والفائدة في هذه الحكاية تنبيه النصارى الذين كانوا في وقت نزول هذه الآية على قبح مقالتهم وركاكة مذهبهم واعتقادهم .


المسألة الثانية : موضع ) إِذْ ( يجوز أن يكون رفعاً بالابتداء على معنى ذاك إذ بقال الله ، ويجوز أن يكون المعنى اذكر إذ قال الله .


المسألة الثالثة : خرج قوله ) إِذَا قَالَ اللَّهُ ( على لفظ الماضي دون المستقبل وفيه وجوه :
الأول : الدلالة على قرب القيامة حتى كأنها قد قامت ووقعت وكل آت قريب ويقال : الجيش قد أتى ، إذا قرب إتيانهم . قال الله تعالى : ) أَتَى أَمْرُ اللَّهِ ( ) النحل : 1 ( الثاني : أنه ورد على حكاية الحال ونظيره قول الرجل لصاحبه كأنك بنا وقد دخلنا بلدة كذا فصنعنا فيها كذا إذ صاح صائح فتركتني وأجبته . ونظيره من القرآن قوله تعالى : ) وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُواْ فَلاَ فَوْتَ ( ) سبأ : 51 ( ) وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلَئِكَةُ ( ) الأنفال : 50 ( ) وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبّهِمْ ( ) سبأ : 31 ( والوجه في كل هذه الآيات ما ذكرناه ، من أنه خرج على سبيل الحكاية عن الحال .
المسألة الرابعة : ) وَءاتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ( يجوز أن يكون ) عِيسَى ( في محل الرفع لأنه منادى مفرد وصف بمضاف ويجوز أن يكون في محل النصب لأنه في نية الإضافة ثم جعل الابن توكيداً وكل ما كان مثل هذا
جاز فيه وجهان نحو يا زيد بن عمرو ، ويا زيد بن عمرو ، وأنشد النحويون :
يا حكم بن المنذر بن الجارود
برفع الأول ونصبه على ما بيناه .

المسألة الخامسة : قوله ) نِعْمَتِى عَلَيْكَ ( أراد الجمع كقوله ) وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا ( ( النحل : 18 ) وإنما جاز ذلك لأن مضاف يصلح للجنس .

واعلم أن الله تعالى فسّر نعمته عليه بأمور : أولها : قوله ) إِذَا أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ ( وفيه وجهان : الأول : روح القدس هو جبريل عليه السلام ، الروح جبريل والقدس هو الله تعالى / كأنه أضافه إلى نفسه تعظيماً له . الثاني : أن الأرواح مختلفة بالماهية فمنها طاهرة نورانية ومنها خبيثة ظلمانية ، ومنها مشرقة ، ومنها كدرة ، ومنها خيرة ، ومنها نذلة ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : ( الأرواح جنود مجندة ) فالله تعالى خصّ عيسى بالروح الطاهرة النورانية المشرقة العلوية الخيرة . ولقائل أن يقول : لما دلّت هذه الآية على أن تأييد عيسى إنما حصل من جبريل أو بسبب روحه المختص به ، قدح هذا في دلالة المعجزات على صدق الرسل لأنا قبل العلم بعصمة جبريل نجوز أنه أعان عيسى عليه السلام على ذلك ، على سبيل إغواء الخلق وإضلالهم فما لم تعرف عصمة جبريل لا يندفع هذا وما لم تعرف نبوّة عيسى عليه السلام لا تعرف عصمة جبريل ، فيلزم الدور وجوابه : ما ثبت من أصلنا أن الخالق ليس إلا الله وبه يندفع هذا السؤال .

وثانيها : قوله تعالى : ) تُكَلّمُ النَّاسَ فِى الْمَهْدِ وَكَهْلاً ( أما كلام عيسى في المهد فهو قوله ) إِنّى ءاتَانِىَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى ( ( مريم : 30 ) وقوله ) تُكَلّمُ النَّاسَ فِى الْمَهْدِ وَكَهْلاً ( في موضع الحال . والمعنى : يكلمهم طفلاً وكهلاً من غير أن يتفاوت كلامه في هذين الوقتين وهذه خاصية شريفة كانت حاصلة له وما حصلت لأحد من الأنبياء قبله ولا بعده .

وثالثها : قوله تعالى : ) وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإنجِيلَ وفي

الْكِتَابِ ( قولان : أحدهما : المراد به الكتابة وهي الخط . والثاني : المراد منه جنس الكتب . فإن الإنسان يتعلم أولاً كتباً سهلة مختصرة ، ثم يترقى منها إلى الكتب الشريفة . وأما ) الْحِكْمَةَ ( فهي عبارة عن العلوم النظرية ، والعلوم العملية . ثم ذكر بعده ) التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ ( وفيه وجهان : الأول : أنهما خصا بالذكر بعد ذكر الكتب على سبيل التشريف كقوله ) حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَواتِ والصَّلَواةِ الْوُسْطَى ( ( البقرة : 238 ) وقوله ) وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيّيْنَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ ( ( الأحزاب : 7 ) والثاني : وهو الأقوى أن الاطلاع على أسرار الكتب الإلهية ، لا يحصل إلا لمن صار بانياً في أصناف العلوم الشرعية والعقلية الظاهرة التي يبحث عنها العلماء . فقوله ) وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ ( إشارة إلى الأسرار التي لا يطلع عليها أحد إلا أكابر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .
ورابعها : قوله تعالى : ) وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِى فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِى ( وفيه مسائل :

المسألة الأولى : قرأ نافع ) فَتَكُونُ ( والباقون ) عَلَيْهِمْ طَيْراً ( بغير ألف وطير جمع طائر كضأن وضائن وركب وراكب .


المسألة الثانية : أنه تعالى ذكر ههنا ) فَتَنفُخُ فِيهَا ( وذكر في آل عمران ) فَأَنفُخُ فِيهِ ( ( آل عمران : 49 ) .


والجواب : أن قوله ) كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ ( أي هيئة مثل هيئة الطير فقوله ) فَتَنفُخُ فِيهَا ( الضمير للكاف ، لأنها صفة الهيئة التي كان يخلقها عيسى وينفخ فيها ولا يرجع إلى الهيئة المضاف إليها لأنها ليست من خلقه ولا نفخه في شيء .


إذا عرفت هذا فنقول : الكاف تؤنث بحسب المعنى لدلالتها على الهيئة التي هي مثل هيئة الطير وتذكر بحسب الظاهر . وإذا كان كذلك جاز أن يقع الضمير عنها تارة على وجه التذكير وأخرى على وجه التأنيث .


المسألة الثالثة : أنه تعالى اعتبر الأذن في خلق الطين كهيئة الطير ، وفي صيرورته ذلك الشيء طيراً . وإنما أعاد قوله ) بِإِذْنِى ( تأكيداً لكون ذلك واقعاً بقدرة الله تعالى وتخليقه لا بقدرة عيسى وإيجاده .


وخامسها : قوله تعالى : ) وَتُبْرِىء الاْكْمَهَ وَالاْبْرَصَ بِإِذْنِى ( وإبراء الأكمه والأبرص معروف وقال الخليلي الأكه من ولد أعمى والأعمى من ولد بصيرا ثم عمي .


وسادسها : قوله تعالى : ) وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِى ( أي وإذ تخرج الموتى من قبورهم أحياء باذني أي بفعلي ذلك عند دعائك ، وعند قولك للميت أخرج بإذن الله من قبرك ، وذكر الإذن في هذه الأفاعيل إنما هو على معنى إضافة حقيقة الفعل إلى الله تعالى كقوله ) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله ( ( آل عمران : 145 ) أي إلا بخلق الله الموت فيها .


وسابعها : قوله تعالى : ) وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِى إِسْراءيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيّنَاتِ ( وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : قوله ) إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيّنَاتِ ( يحتمل أن يكون المراد منه هذه البينات التي تقدم ذكرها وعلى هذا التقدير فالألف وللام للعهد . ويحتمل أن يكون المراد منه جنس البينات .

المسألة الثانية : روي أنه عليه الصلاة والسلام لما أظهر هذه المعجزات العجيبة قصد اليهود قتله فخلصه الله تعالى منهم حيث رفعه إلى السماء .

ثم قال تعالى : ) فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَاذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ( وفيه مسألتان :

المسألة الأولى : قرأ حمزة والكسائي ) سَاحِرٌ ( بالألف وكذلك في يونس وهود والصف ، وقرأ ابن عامر وعاصم في يونس بالألف فقط والباقون ) سَاحِرٌ ( فمن قرأ ) سَاحِرٌ ( أشار إلى الرجل ومن قرأ ) سَاحِرٌ ( أشار به إلى ما جاء به . وكلاهما حسن لأن كل واحد منهما قد تقدم ذكره . قال الواحدي رحمه الله : والاختيار ) سَاحِرٌ ( لجواز وعوعه على الحدث والشخص ، أما وقوعه على الحدث فظاهر وأما وقوعه على الشخص ، فتقول : هذا سحر وتريد به ذو سحر كما قال تعالى : ) وَلَاكِنَّ الْبِرَّ مَنْ ءامَنَ ( ( البقرة : 177 ) أي ذا البر قال الشاعر :


فإنما هي إقبال وإدبار


المسألة الثانية : فإن قيل : إنه تعالى شرع ههنا في تعديد نعمه على عيسى عليه السلام وقول الكفار في حقه ) إِنْ هَاذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ( ليس من النعم ، فكيف ذكره ههنا ؟


والجواب : أن من الأمثال المشهورة أن كل ذي نعمة محسود وطعن الكفار في عيسى عليه السلام بهذا الكلام ، يدل على أن نعم الله في حقه كانت عظيمة فحسن ذكره عند تعديد النعم للوجه الذي ذكرناه .
التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب ، اسم المؤلف: فخر الدين محمد بن عمر التميمي الرازي الشافعي ، دار النشر : دار الكتب العلمية - بيروت - 1421هـ - 2000م ، الطبعة : الأولى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
فائدة البحث : ــ مقارنة من كتب التفاسير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
شيوخ وأعضاء وزوار موقعنا الكرام
من عنده شرح أو تحليل وإيضاح أو إضافة فليتفضل مشكورا .
ويسعدنا بل يشرفنا مشاركاتكم وآرائكم الكريمة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
وتقبلوا أجمل وأطيب دعواتنا



 
 توقيع : ابن الورد



رد مع اقتباس