عرض مشاركة واحدة
قديم 18 Jan 2015, 11:16 PM   #9
بالقرآن نرتقي
مشرفة قروب ـ رياحين الإخاء جزاها الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية بالقرآن نرتقي
بالقرآن نرتقي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8317
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Dec 2023 (11:50 PM)
 المشاركات : 3,065 [ + ]
 التقييم :  18
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: مقدمة في أصول الفقه وتعريفاته ~ أ



قواعد وأصول في فهم النصوص الشرعية ~ الفوائد الثرية في مختصر الأصول الفقهية (6) ~

قواعد وأصول في فهم النصوص الشرعية

الفوائد الثرية في مختصر الأصول الفقهية (6)

أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة



التعارُض:
فإذا اجتهَد العالم في التوفيق بين الأدلة التي ظاهِرُها التعارُض - لأن التعارض يكون في نظر المُجتهِد لا في حقيقة الأمر -
ولأن النصوص الشرعية تنزيل من حكيم حميم، فهو حق من حق؛ قال - تعالى -:
( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)[النساء: 82]،
والمراد بتعارُض الأدلة: "هو تقابُل دليلَين على سبيل المُمانَعة، وذلك إذا كان دليلاً على الجواز، والآخَر يدلُّ على المَنعِ،
فكل منهما مقابَل ومُعارَض ومُمانَع بالآخَر"، ففي هذه الحالة يكون المصير إلى الترجيح.


الترجيح:
المقصود بالترجيح: "هو العمل وتقوية أحد الدليلَين على الآخَر".

قال ابن عثيمين: "إذا اتَّفقت الأدلة السابقة - الكتاب والسنَّة والإجماع والقياس -
على حكمٍ أو انفرد أحدها من غير مُعارِض، وجب إثباته، وإن تعارَضت وأمكن الجمع، وجب الجمعُ،
وإن لم يُمكِن الجمع عُمِل بالنسخ إن تمَّت شُروطه، وإن لم يُمكِن النسخ، وجب الترجيح"[4].



وللعلماء أوجه عِدَّة في الترجيح، منها:
ترجيح رواية الصحابي صاحب الواقِعة على غيره؛ لأنه أدرى بها من غيره؛ مثال: ما رُوي أن النبي - صلى الله عليه وسلم
- تزوَّج وهو مُحرِم، ففي حديث ميمونة قالت: "تزوَّجني النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو حلال"[5]،
وفي حديث ابن عباس: "تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ميمونة وهو مُحرِم"[6]،
فنُقدِّم رواية ميمونة، على رواية ابن عباس؛ لأنها صاحبة القصة، وإن كان بعض العلماء مال لرواية ابن عباس؛
لأنها في الصحيحَين، وقالوا بأن زَواج المحرم لا يجوز، وأنه من خصوصيات النبي - صلى الله عليه وسلم.


ترجيح رواية الراوي على رأيه؛ لأنه قد يُفتي برأيه فيُخطئ أو ينسى؛ مثال: حديث أبي هريرة أن النبي
- صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا ولغ الكلبُ في إناء أحدِكم فليُرِقْه، ثم ليَغسله سبع مِرار))[7]،
ورُوي عنه أنه أمر بغسله ثلاث مرات[8]، فنُقدِّم ما رواه أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على رأيه إن صحَّ عنه.


ترجيح رواية المُثبِت على النافي؛ لأن مع المُثبِت زيادة عِلم؛ مثال: حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت:
"من حدَّثكم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يَبول قائمًا فلا تُصدِّقوه؛ ما كان يَبول إلا قاعدًا"[9]،
وحديث حُذَيفة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى سُباطة قوم فبال قائمًا[10]،
فنُقدِّم حديث حذيفة (المُثبِت)، على حديث عائشة (النافي)؛ لأن مع حذيفة - رضي الله عنه -
زيادةَ عِلم لم تطَّلع عليه عائشة - رضي الله عنها.


ترجيح المنطوق على المفهوم:
المنطوق: "هو ما دلَّ على اللفظ في محل النُّطق".

المفهوم: "هو ما دل عليه اللفظ لا في محلِّ النُّطق".

مثال: حديث أبي سعيد الخدري: ((الماء طَهورٌ لا يُنجِّسه شيء))[11]،
منطوقه يدلُّ على عدم نجاسة الماء إلا بالتغيُّر، وحديث ابن عمر: ((إذا كان الماء قُلَّتَين لم يَحمِل الخبَث))[12]
مفهومه يدلُّ على أن الماء إذا كان أقلَّ مِن القُلتين يحمل الخبث، فنُقدِّم حديث أبي سعيد (المنطوق
على حديث ابن عمر (المفهوم)؛ لأن المفهوم يَصدق بصورة واحدة، وهي ما يتَّفق فيه المنطوق والمفهوم.


ترجيح النص على الظاهر:
النص: "هو ما يدلُّ على معنى واحد لا يُحتمَل غيرُه".

الظاهِر: "هو ما يَحتمِل أحد معنيَين أو أكثر، هو في أحدهما أو أحدها أرجح".

مثال: حديث عائشة أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الكُسوف وجهَر بالقِراءة فيها[13]،
وحديث ابن عباس أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: قام قيامًا طويلاً نحوًا من سورة البقرة[14]،
فنُقدِّم حديث عائشة (النص)، على حديث ابن عباس (الظاهِر)؛ لأنه نصٌّ على القراءة،
أما حديث ابن عباس فظاهِرُه أنه لم يجهَر بالقراءة؛ ولأن النصَّ أقوى في الدلالة من الظاهِر؛
من حيث إنه لا يَحتمِل إلا معنى واحدًا، بخلاف الظاهر الذي يَحتمِل أكثر من معنى.


ترجيح الظاهر على المؤول:
المُؤول هو: "صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح بدليل يدلُّ على ذلك"؛
مثال: حديث أبي موسى الأشعري: ((لا نِكاحَ إلا بِوليٍّ))[15]، ظاهر الحديث أن الوالي شَرط في صحَّة النِّكاح،
ولا يصحُّ إلا به، أما تأويله أن هذا النفي للتَّمام والكَمال، فنُقدِّم الظاهر على التأويل؛ لأن دلالة الظاهر أقوى من دلالة التأويل.


ترجيح القول على الفعل[16]، يقدَّم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - على فعله؛ لأن الفعل قد يكون لبَيان الجواز،
أو لعلة أخرى؛ حديث عائشة أمِّ المؤمنين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان جالسًا كاشفًا عن فَخذِه[17]،
وحديث محمد بن جَحش قال: مرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا معه على معمر وفَخِذاه مَكشوفتان، فقال:
((يا مَعمَر، غطِّ فخذَيكَ؛ فإنَّ الفَخِذَين عورة))[18]،
فنقدِّم حديث محمد بن جَحش (القول)، على حديث عائشة (الفعل).


ترجيح الحَظر على الإباحة؛ لأن ترك المباح أهون من ارتكاب الحَرام؛ مثال:
قوله - تعالى -: ( وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ) [النساء: 23]
الآية تمنَع وتَحظر الجمع بين الأختَين مُطلقًا، وقوله - تعالى -:
( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) [النساء: 24]
.


الآية تُبيح بعمومها الجمع بين الأختين من ملك اليَمين، فنُقدِّم الحظر (آية المَنع
على الإباحة (آية الجواز).


ترجيح الخاص على العام؛ مثال: حديث جابر بن عبدالله مرفوعًا: ((وجُعلت لي الأرض مَسجدًا وطَهورًا))[19]
يدلُّ بعمومه على جواز الصلاة في كل مكان، وحديث أبي سعيد الخدري أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال:
((الأرض كلُّها مَسجِد إلا الحَمام والمَقبرَة))[20] يدلُّ على عدم جواز الصلاة في المقبَرة والحَمام،
فنُقدِّم حديث أبي سعيد الخدري (الخاص)، على حديث جابر بن عبدالله (العام).


ترجيح العام المَحفوظ على غير المَحفوظ:
العام المحفوظ: هو الذي لم يَدخله تَخصيص.
العام غير المحفوظ: هو الذي دخَله التخصيص.

مثال:
حديث عن أبي قتادة الأنصاري، أن رسول الله قال: ((إذا دخل أحدكم المسجد، فليركَع ركعتَين قبل أن يَجلِس))[21]،
هذا عام يشمَل كل وقت يدخل فيه المرء المسجد أن يصلي ركعتَين، فهو عام محفوظ، وليس فيه استِثناء،
وحديث ابن عباس أن نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
((لا صلاة بعد صلاة الصُّبحِ حتى تَطلُع الشمس، ولا صلاة بعد صلاة العصر حتى تَغرُب الشمس))[22]،
وهذا عام يَشمل أي صلاة، إذا دخل المرء بعد صلاة الصُّبح والعصر، لكنه عام غير مَحفوظ؛
حيث دخله الاستثناء، مثل من فاتته صلاة فيُصليها متى ذكرها، وإن كان وقتَ نهي، كذا من جمع بين الظهر والعصر،
فإن سنَّة الظهر البعديَّة له أن يُصليها حتى ولو في وقت النهي، وغيرها من الحالات التي ذكَرها أهل العلم.


فنُقدِّم العام المحفوظ (صلاة تحية المسجد)، على العام غير المَحفوظ (النهي عن الصلاة بعدالصبح والعصر).

ترجيح المقيَّد على المُطلَق؛ مثال: قوله - تعالى -: ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ ) [البقرة: 173]،
هذا مُطلَق يَشمل كل دم، وقوله - تعالى -: ( إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا ) [الأنعام: 145].



وهذا الآية تُقيِّده بالدم المسفوح، فنُقدِّم المقيَّد (الدم المسفوح)، على المطلَق (كل الدماء).
يتبع



 
 توقيع : بالقرآن نرتقي





بالقرآن نرتقي


رد مع اقتباس