#1
|
||||||||
|
||||||||
الإيمان في التآخي
لهذا؛ كانت أخوَّة الدِّين أَثْبَتَ من أخوَّة النَّسَبِ؛ فإن أخوَّة النَّسَبِ تنقَطِع بمخالفة الدِّين، وأخوَّة الدين لا تنقَطِع بمخالفة النسب[3]. وكان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - مع أصحابه يهتمُّ بأمر هذه الأخوَّة، ويَشفَعها في توجِيهاته، وجعَلَها عقدًا نافِذًا، لا لفظًا فارِغًا؛ فعن أبي هريرة - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تحاسَدُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تجسَّسوا، ولا تحسَّسوا، ولا تَناجَشُوا، وكونوا عباد الله إخوانًا))[4]، فاجتِماع عددٍ من المعالِم القلبيَّة في هذا الحديث - من ترك الحسد، والبغض، والتحقير - يؤكِّد أهميَّة الأخوَّة بين المسلم وأخيه المسلم[5]. فأعظَم قوَّة تجمَع المسلِمين هي الأخوَّة في الله، وأعظَم أواصِر الأخوَّة أن تكون المحبَّة في الله، التي هي من لَوازِم الإيمان، ومن أصدَق صُوَر التآخِي ما كان بين المهاجِرين والأنصار، فقد حقَّقت هذه المؤاخَاة التي كانت بينَهم ثمارًا يانِعة؛ حيث كانت عَواطِف الإيثار والمُواسَاة والمؤانَسَة تمتَزِج في هذه الأخوَّة وتملأ المجتمَع الجديد بأروع الأمثال، ولولا أنَّ أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - جُبِلوا على شمائِل نقيَّة، واجتَمَعُوا على مَبادِئ رضيَّة تجسَّدت من مخالطتهم له - صلَّى الله عليه وسلَّم - ما نُقِل عنهم هذا التآخِي الوَثِيق في الله - تعالى - "وأفضَل المحبِّين مَن أحبَّ أخاه المؤمِن لمصلحة دينيَّة؛ كتعليم العلم، والإرشاد إلى طاعة الله، وأفضَل هؤلاء مَن جرَّد محبَّته لأخيه المؤمن لوجه الله الكريم"[6]. ولنا في رسولنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - أسوة حسنة؛ فقد كان غارِسًا لهذا الخلق بين صحابته، ومرغِّبًا فيه في صُوَرٍ بَدِيعة تحمِل النفْس على أنْ تهفو للتخلُّق بهذا الخلق، وتأطرها أطرًا على التمسُّك به؛ فقد كان - صلَّى الله عليه وسلَّم - هو الأخ الأكبر لهذه الجماعة المؤمنة. ومن هذه الصُّوَر: 1 - الدعوة بالمغفرة والتوجُّه بالنصح لِمَن وقع في معصية: فعن أبي هريرة - رضِي الله عنه - قال: أُتِي النبي - صلى الله عليه وسلم - بسكران، فأمر بضربه؛ فمِنَّا مَن يضربه بيده، ومِنَّا مَن يضربه بنعله، ومِنَّا مَن يضربه بثوبه، فلمَّا انصَرَف قال رجل: ما له أخزاه الله؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم))[7]، ففي هذا الحديث تظهَر اللَّفتَة المفعَمة بالحبِّ والأخوَّة من الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - لذلك الرجل الذي دعا على أخيه، الذي وقَع في معصِيَة، بأن يستبدل الدعاء عليه بالدُّعاء له بالمغفرة، والتوجُّه إليه بالنُّصح، فبالرغم من وُقوعِه في المعصية إلاَّ أنَّ مصدر التآخِي ومنبع الحب ما زال قائمًا فيه، وما زال رغم معصيته داخلاً في دائرة الإسلام. 2 - التصريح بالمحبَّة لِمَن له منزلة خاصَّة فوق الأخوَّة العامَّة: فعن أبي ذر الغفاري - رضِي الله عنه -: أنَّه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إذا أحبَّ أحدُكم صاحبه فليأتِه في منزِلِه فليخبره أنَّه يحبُّه لله - عز وجل))[8]. فهذه من الصُّوَر العظيمة التي تُغذِّي رابِطة الأخوَّة الإيمانيَّة من خِلال التواصُل والزيارة، والتذكير بهذه الأخوَّة والمحبَّة؛ للحِفاظ على أوثق العُرَى، واستِثارة الألفة والمحبَّة. 3 - الإسرار بالدعوات الصالحة في ظهر الغيب: فعن أبي الدرداء - رضِي الله عنه -: أنَّه سمع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((مَن دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكَّل به: آمين، ولك بمثل))[9]. فالحبُّ كالنبع المتدفِّق يَسِيل وحدَه، ولا يتكلَّف استخراجه بالآلات والأثقال، والأخوَّة لا تُفرَض بقَوانِين ومَراسِيم، وإنما هي أثر تخلُّص الناس من الأَثَرَة والشحِّ، والدُّعاء بظهر الغيب يدلُّ دلالة واضِحَة على صدق الإيمان والأخوَّة، فكون المسلم يدعو لأخيه بظَهْرِ الغيب بدون وصيَّة منه، كان هذا دليلاً على محبَّته إيَّاه[10]. 4 - استِشعار استِمرار هذه الأخوَّة إلى الآخِرة: فعن أبي سعيد الخدري - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا خلَّص الله المؤمنين من النار وأَمِنوا، فما مجادَلة أحدكم لصاحبه في الحق يكون له في الدنيا أشد مجادَلة من المؤمنين لربهم في إخوانهم الذين أُدخِلوا النار، قال: يقولون: ربَّنا، إخواننا كانوا يصلُّون معنا، ويصُومون معنا، ويحجُّون معنا، فأدخلتَهم النار، فيقول: اذهبوا فأخرِجوا مَن عرفتم منهم))[11]. وما هذه المجادَلة من المؤمنين لربهم في إخوانهم الذين أُدخِلوا النار إلا دلالة على نَقاء قلوبهم وصَفاء نفوسهم؛ قال - تعالى -: ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ ﴾ [الأعراف: 43]، قال ابن عاشور - رحمه الله -: "ونَزْع الغِلِّ من قلوب أهل الجنة هو إزالة ما كان في قلوبهم في الدنيا من الغِلِّ عند تلقِّي ما يسوء من الغَيْر، بحيث طَهَّر الله نفوسَهم في حياتها الثانية عن الانفِعال بالخواطر الشريَّة التي منها الغِلّ، فزال ما كان في قلوبهم من غِلِّ بعضِهم من بعض في الدُّنيا؛ أي: أزال ما كان حاصِلاً من غلٍّ، وأزال طباع الغلِّ التي في النُّفوس البشريَّة بحيث لا يخطر في نفوسهم"[12]. ـــــــــــــ رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/22084/#ixzz2w9gQzpos
|
16 Mar 2014, 11:09 PM | #2 |
وسام الشرف - مشرفة قروب - أخوات البحث العلمي - جزاها الله تعالى خيرا
** أم عمـــر **
|
رد: الإيمان في التآخي
|
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: 🌱 اجعل نفسك دائماً في تفاؤل والذي يريده الله سيكون وكن مسروراً فرحاً واسع الصدر ،، فالدنيا أمامك واسعة والطريق مفتوح ✨ فهذا هو الخير ،،، 📚 شرح رياض الصالحين - ج4 ص87 🦋🍃 |
26 Mar 2014, 02:03 PM | #3 |
باحث جزاه الله تعالى خيرا
|
رد: الإيمان في التآخي
جزاكي الله خير اختي الفاضلة
|
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ» الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - خلاصة حكم المحدث: صحيح فلاتحرمونا دعائكم |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|