#1
|
||||||||
|
||||||||
حسن الخلق
حسن الخلق د.سلمان بن فهد العودة 18/9/1428 30/09/2007 هدف الرسالات السماوية هو التزكية، فإبراهيم - عليه الصلاة والسلام- حين يدعو الله عز وجل يدعوه أن يبعث في ذريته رسولاً منهم يتلو عليهم آياته، ويعلمهم الكتاب والحكمة، ويزكيهم، وقد أجاب الله دعوته عليه الصلاة والسلام، فبعث في الأميين هذا الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم، والذي قال الله سبحانه في حقه: "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ" (1) سورة الجمعة. وامتن -سبحانه- علينا جميعا ببعثة النبي عليه الصلاة والسلام، فقال: "كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ"(151) سورة البقرة. وقد صرح الرسول صلى الله عليه وسلم بالهدف من بعثته، بقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق)(2) والمقصود بالأخلاق معنى أشمل مما هو متعارف عليه بين الناس، فالأخلاق معاملة العبد مع ربه، ثم معاملته مع نفسه، ثم معاملته مع الخلق، وهذا معنى صحيح. و ذكر هديه صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر يطول، وهذه بعض الأحاديث القولية في الحث على الخلق. فعن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من شيء أثقل في ميزان العبد من خلق حسن، وأن الله يبغض الفاحش البذيء)(3) وروى الترمذي أيضاً، وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: (تقوى الله وحسن الخلق)(4). وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: (الفم والفرج)(5). وعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً. متفق عليه. وعنه رضي الله عنه قال: ما مسست ديباجاً ولا حريراً ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممت رائحة قط أطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي قط: أف ولا قال لشيء فعلته: لم فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله: ألا فعلت كذا ؟ متفق عليه. وعن الصعب بن جثامة رضي الله عنه قال: أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حماراً وحشياً فرده علي. فلما رأى ما في وجهي قال: (إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم) متفق عليه. وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم. فقال: ( البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس) متفق عليه. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً وكان يقول: ( إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً) متفق عليه. وعنه رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم) رواه أبو داود. وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون) فقالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون ؟ قال: ( المتكبرون) رواه الترمذي وقال: حديث حسن. ويكفي أن تراجع سيرته، وتنظر كيف كان صلى الله عليه وسلم يعامل الناس كلهم؟ كيف كان يعامل أزواجه؟ كيف كان يعامل أقاربه؟ كيف كان يعامل أصحابه؟ كيف كان يعامل أعداءه أيضاً؟ ولنقف قليلا عند بعض المواقف التي لا تمثل إلا شيئاً يسيراً من هذا. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم استدان من رجل مالاً فجاء الرجل يتقاضى من النبي صلى الله عليه وسلم فأغلظ له القول فهمّ به أصحابه، فقال عليه الصلاة والسلام: (دعوه فإن لصاحب الحق مقالاً) (6). وكان إذا استسلف من أحد شيئاً أضعف له في الوفاء ودعا له، وقال: (إنما جزاء السلف الوفاء والحمد) (7) حتى إنه صلى الله عليه وسلم استدان من زيد بن سعنة اليهودي، فجاء للنبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحل الأجل، وقال: يا محمد أوفني حقي، فإنكم يا بني عبد المطلب قوم مُطْلٌ. (يعني: تماطلون في دفع الدين، وسداده) فقام إليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهموا به فنهاهم أيضاً. وورد أنه قال لعمر: (كنت وإياه أحوج إلى غير هذا كنت أحوج بأن تأمرني بالوفاء، وكان أحوج إلى أن تأمره بالرفق) أو كما قال صلى الله عليه وسلم فقال هذا اليهودي: ما من علامة من علامات النبوة أُثِرت إلا وجربتها وبلوتها فوجدتها فيك إلا ما ورد عن هذا النبي الخاتم أنه لا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً، وقد جربتها فيك الآن فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله.(8) وهذه قصة عبد الله بن سلام رضي الله عنه، وهو أحد كبار علماء اليهود في المدينة، فلما سمع بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قال: ذهبت إليه، فلما رأيته عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب. (9) يعني قرأ على محيا رسول الله صلى الله عليه وسلم آيات الصدق، والبر والوفاء، قال: فسمعته يقول: ( أيها الناس أطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وأفشوا السلام، وصلوا بالليل والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام)(10) والشاهد قوله: عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب. أصول الأخلاق أربعة الأول: خلق الصبر الذي يحمل الإنسان على التحلي بالحلم، والأناة، وكظم الغيظ، وكف الأذى، وما أشبه ذلك. الثاني: خلق العفة وهي التي تحمل الإنسان على الانكفاف عن الرذائل، والتعلق بالمعالي والأمور الكبار. الثالث: خلق الشجاعة وهي التي تحمل الإنسان على العزة والكرم، والجود والبذل، وتنهاه عن التهور، أو الغضب. الرابع: خلق العدل مع النفس، ومع الناس ومن العدل أن يكون الإنسان معتدلاً في أخلاقه، فإن كل خلق حسن فهو مكتنف بخلقين ذميمين، فالإنسان إذا أفرط انتقل إلى خلق ذميم، وإذا فرط انتقل أيضاً إلى خلق ذميم ، فالحلم: خلق حسن فاضل، فإذا زاد وتعدى تحول إلى نوع من الذلة والمهانة، وإذا نقص تحول إلى نوع من الغضب وشدة الانفعال. والكرم خلق حسن فاضل مطلوب، لكن إذا زاد الكرم وتعدى تحول إلى إسراف وتبذير، وإذا نقص تحول إلى بخل وحرص وشح. والإنسان مجبول على كثير من الخصال والأخلاق، سواء ورثها عن آبائه، أو تلقاها بحكم البيئة التي عاش فيها، وانطبعت في نفسه، و عن ابن عباس في قصة وفد عبد القيس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأشج عبد القيس: ( إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة)(11)، وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم ذكر له أن الله جبله على هذين الخلقين، فقال الرجل: الحمد لله الذي جبلني على ما يحب.(12) من الوسائل المفيدة في إصلاح أخلاق الإنسان الوسيلة الأولى: المجاهدة ، فيجاهد الإنسان نفسه على حملها على الخلق الحسن، وكفها عن الخلق الذميم" والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين" ) والحصول على الخلق الفاضل من الهداية. الوسيلة الثانية: المحاسبة تكون بعد الفعل، ومن يحاسب نفسه يصل إلى خير كثير في سائر أموره؛ ولذلك أقسم الله عز وجل بالنفس اللوامة، وورد عن الحسن البصري، وغيره قولهم: إنها نفس المؤمن. الوسيلة الثالثة: التعلية، تعلية الإنسان أخلاقه الفاضلة، وإيجاد مصارف مناسبة مشروعة لها. الوسيلة الرابعة: الإبدال، وهي أن يحرص الإنسان على تبديل الأخلاق المذمومة بأخلاق حسنة ويعنى بالجوانب الإيجابية في شخصيته، وفي خلقه. ________________________________________ 1- في الحديث الذي رواه الإمام أحمد، والخرائطي في مكارم الأخلاق، والبيهقي في شعب الإيمان، والبخاري في الأدب المفرد، وابن سعد، وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه، والحديث صحيح الإسناد، وقد رواه مالك في الموطأ بلاغا بلفظ: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) قال ابن عبد البر: وهو متصل من وجوه صحاح عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم. 2- الترمذي: البر والصلة (2002) وقال حديث حسن صحيح، وأبو داود: الأدب (4799) وأحمد (6/446 ،6/448). 3- الترمذي: البر والصلة (2004) وابن ماجه: الزهد (4246) وأحمد (2/392 ،2/441). 4- الترمذي: البر والصلة (2004) وابن ماجه: الزهد (4246) وأحمد (2/291 ،2/392، 2/441). 5- البخاري: في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس (2401) ومسلم: المساقاة (1601) والترمذي: البيوع (1316) والنسائي: البيوع (4618 ،4693) وابن ماجه: الأحكام (2423) وأحمد (2/377). 6- ابن ماجه: الأحكام (2424) وأحمد (4/36). 7- ابن حبان وأبو الشيخ وغيرهم وهذا الحديث قال فيه ابن حجر في الإصابة: "رجاله موثقون"، إلا أنه ذكر اختلافا في أحدهم، وللحديث شاهد آخر 8- الترمذي: صفة القيامة والرقائق والورع (2485) وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (1334) والأطعمة (3251) والدارمي: الصلاة (1460). 9- الترمذي: صفة القيامة والرقائق والورع (2485) وابن ماجه: الأطعمة (3251) والدارمي: الصلاة (1460).
|
20 Feb 2008, 05:25 PM | #3 |
الحسني
|
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الفاضل والحبيب الغالي إلى متى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته عودا حميدا وعيشا سعيدا شكرا معطرا بعطر الورد والعوده ممزوجا بالبركة والدعاء على ماتقدموه لنا من خير وعلم نافع نرجو أن تكونوا نبراس الموقع ونور صفحاته و مشكاة النصح والوعظ وشكرا على هذه المواضيع المتميزة أدبا وموعظة ونصحا وثقافة وعلما وعطائكم من نفس طاهرة فكان غيث لقلوبنا وإرواء لعقولنا وأفكارنا بارك الله فيكم لاحرمنا الله من أمثالكم ولاحرمكم أجرنا نفع الله بكم أمة الإسلام في كل مكان وزادكم الله نورا على نور وهدى بكم الثقلين إلى صراطه المستقيم وإن شاء الله سيكون الموقع مرجعا لجميع أخباربني الجان للعالم بأجمعه بإذن الله تعالى . الموقع رسالة مقدسة ودعوية قرآنية وربانية نبوية نقدمها لكل العالم تنير قلب كل مسلم وتهدي بها قلب كل كافر دمتم ودام عطائكم وجزاكم الله عن الجميع خير الجزاء دمتم ودام عطائكم وتقبلوا أجمل وأطيب دعواتنا |
|
23 Feb 2008, 01:29 PM | #5 |
وسام الشرف
|
وجزاك وبارك فيك أختي (مكاويه).
ولك جزيل الشكر والتقدير والإحترام على المرور والمشاركة،،، __________________________________________________ ___ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا شيخنا وأخينا العزيز (أبو الحسن). العفو وبارك فيك. ولكم جزيل الشكر والتقدير والإحترام على المرور والمتابعة والمشاركة والردود الجميلة. فنسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل في موازين حسناتك إن شاء الله. فبارك الله فيكم ولا حرمنا من مشاركاتك ومتابعاتك الدائمة والرائعة. __________________________________________________ ____________ العفو أخي (المعتز بالله) وبارك فيك. ولك جزيل الشكر والتقدير والإحترام على المرور والمشاركة،،، __________________________________________________ ______ |
أخوكم ( إلــى متــى ................
|
23 Feb 2008, 09:46 PM | #7 |
باحث جزاه الله تعالى خيرا
|
بارك الله فيك ابو فيصل
وجزاك الله خير |
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ» الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - خلاصة حكم المحدث: صحيح فلاتحرمونا دعائكم |
24 Feb 2008, 09:46 AM | #8 |
وسام الشرف
|
وجزاك يا (poinsettia).
ولك جزيل الشكر والتقدير والإحترام على المرور والمشاركة،،، __________________________________________________ وبارك فيك وجزاك يا (أبو خالد). ولك جزيل الشكر والتقدير والإحترام على المرور والمشاركة،،، |
أخوكم ( إلــى متــى ................
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الكره في الحلق | فيصل الحق | إدارة الطب الإلهي والنبوي ـ االإستشارات العلاجية والإستشفاء ـ Department of Medicine and the Prophet | 1 | 23 Jul 2010 01:52 AM |
الحلق الفضي | konooz | تعطير الأنام في تأويل الرؤى والأحلام - تفسير ابن الورد الحسني | 4 | 14 Mar 2010 03:41 PM |
غـــــــــصة الحلق ايش تفسيرها | ولد مكه | إدارة الطب الإلهي والنبوي ـ االإستشارات العلاجية والإستشفاء ـ Department of Medicine and the Prophet | 1 | 04 Mar 2010 01:17 PM |
حسن الخلق مع الجار من الشريعة | بالقرآن نرتقي | منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum | 1 | 14 Feb 2010 11:40 PM |
(حسن الخلق ) .. المغامسي | ديــــــم | منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum | 5 | 04 Aug 2008 01:46 AM |