اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ : روى الإمام مسلم عن أبي أيُّوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( مَن صام رمضان ثم أتبَعَه ستًّا من شوَّال، كان كصيام الدهر))؛ وروى الإمام الطبراني عن عبدالله ابن عمررضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من صام رمضانَ وأتبعه ستًّا من شوَّالٍ خرج من ذنوبِه كيومِ ولدته أمُّه ) .

اللهم ربنا تقبل منا الصيام والصلاة والقرآن والقيام والدعاء وسائر صالح الأعمال ،وأجعلنا ممن قام ليلة القدر واجعلنا فيها من الفائزين المقبولين وكل عام ونحن وجميع المسلمين في خيرورخاء وصحة وعافية وسعادة وأمن وأمان .


           :: اللقاء الثالث والأخير للشيخ مزمل فقيري مع الساحر التائب . (آخر رد :ابن الورد)       :: لقاء الشيخ مزمل فقيري مع الساحر التائب وجهاً لوجه (بيان عملي) . (آخر رد :ابن الورد)       :: اللقاء الثاني للشيخ مزمل فقيري مع الساحر التائب وجهاً لوجه (بيان بالعمل) . (آخر رد :ابن الورد)       :: إعترافات ساحر تائب . (آخر رد :ابن الورد)       :: برنامج المجهر - قوى خفية (الجزء الثالث) ولع الغيبيات . (آخر رد :ابن الورد)       :: برنامج المجهر - قوى خفية (الجزء الثاني) العين والحسد والمس . (آخر رد :ابن الورد)       :: 0:00 / 53:37 برنامج المجهر - حلقة الدجل والشعوذة (الجزء الثاني) . (آخر رد :ابن الورد)       :: برنامج المجهر - قوى خفية (الجزء الأول) عالم السحرة . (آخر رد :ابن الورد)       :: جنوب إفريقيا: شعوذة وسحر لربح مباريات كرة القدم . (آخر رد :ابن الورد)       :: السحر في أمم إفريقيا.. الشرطة تشارك وزملاء يهاجمون بعضهم . (آخر رد :ابن الورد)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

طب الأعشاب . علمها وطبها وفوائدها Department of Herbal Medicine. Flag and Dobaa and benefits كل ماجُرب فنفع مع خلو مسؤولية الموقع عن أى وصفة غير معتمدة من قبل المختصين فى الموقع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04 Apr 2010, 03:30 AM   #41
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue



وينطق طرفي عن مترجم خاطري فلولا اختلاس وده لتكلما



ص -268- رأيت الهوى دعوى من الناس كلهم فلست أرى ودا صحيحا مسلما

فقال له أبو العباس بن سريج:بما تفخر على ؟ ولو شئت لقلت:

مطاعمه كالشهد في نغماته قد بت أمنعه لذيذ سناته

بصبابه وبحسنه وحديثه وأنزه اللحظات عن وجناته

حتى إذا ما الصبح لاح عموده ولي بخاتم ربه وبراته

فقال أبو بكر: يحفظ عليه الوزير ما أقر به حتى يقيم شاهدين على أنه ولي بخاتم ربه وبراءته فقال ابن سريج: يلزمني في هذا ما يلزمك في قولك:

أنزه في روض المحاسن مقلتي وأمنع نفسي إن تنال محرما

فضحك الوزير فقال: لقد جمعتما لطفا وظرفا ذكر ذلك أبو بكر الخطيب في تاريخه وجاءته يوما فتيا مضمونها:

يا ابن داود يا فقيه العراق أفتنا في قواتل الأحداق

هلعلى ها بما أتت من جناح أم حلال لها دم العشاق

فكتب تحت البيتين بخطه فقال:

عندي جواب سائل العشاق فاسمعه من قرح الحشا مشتاق

لما سئلت عن الهوى هيجتني وأرقت دمعا لم يكن مهراق

إن كان معشوقا يعذب عاشقا كان المعذب أنعم العشاق

قال: صاحب كتاب منازل الأحباب شهاب الدين محمود بن سليمان بن مهدي صاحب كتاب الإنشاء وقلت: في جواب البيتين على قافيتهما مجيبا للسائل:

قل لمن جاء سائلا عن لحاظ هن يلعبن في دم العشاق



ص -269- ما على السيف في العدا من جناح أن ثني الخد عن دم مهراق

وسيوف اللحاظ أولي بأن تـ صفح عما جنت على العشاق

إنما كل من قتلن شهيد ولهذا يفني فنا وهو باق

ونظير ذلك فتوى وردت على الشيخ أبي الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني شيخ الحنابلة في وقته رحمه الله:

قل للإمام أبي الخطاب مسألة جاءت إليك وما أخال سواك لها

ماذاعلى رجل رام الصلاة فمذ لاحت مخاطرة ذات الجمال لها

فأجابه تحت سؤاله:

قل للأديب الذي وافى بمسألة سرت فؤادي لما إن أصخت لها

إن الذي فتنته عن عبادة ربه خريدة ذات حسن فانثنى ولها

إن تاب ثم قضا عنه عبادة ربه فرحمة الله تغشى من عصى ولها

وقال عبد الله بن معمر القيسي: حججت سنة ثم دخلت مسجد المدينة لزيارة قبر النبي صلى الله على ه وسلم فبينما أنا جالس ذات ليلة بين القبر والمنبر إذا سمعت أنينا فأصغيت إليه فإذا هو يقول:

أشجاك نوح حمائم السدر فأهجن منك بلابل الصدر

أم عز نومك ذكر غانية أهدت إليك وساوس الفكر

يا ليلة طالت على دنف يشكو السهاد وقلة الصبر

أسلمت من تهوى لحر جوى متوقد كتوقد الجمر

فالبدر يشهد ومعناه كلف مغرم بحب شبيهة البدر



ص -270- ما كنت أحسبني أهيم بحبها حتى بليت وكنت لا أدري

ثم انقطع الصوت فلم أدر من أين جاء وإذا به قد عاد البكاء والأنين ثم أنشد يقول:

أشجاك من ريا خيال زائر والليل مسود الذوائب عاكر

واغتال مهجتك الهوى برسيسة واهتاج مقلتك الخيال الزائر

ناديت ريا والظلام كأنه يم تلاطم فيه موج زاخر

والبدر يسري في السماء كأنه ملك ترجل والنجوم عساكر

ترى به الجوزاء ترقص في الدجى رقص الحبيب علاه سكر طاهر

ا ليل طلت على محب ما له إلاّ الصباح مساعد وموازر

فأجابني: مت حتف أنفك واعلمن أن الهوى لهو الهوان الحاضر

قال: وكنت ذهبت عند ابتدائه بالأبيات فلم يتنبه إلاّ وأنا عنده فرأيت شابا مقتبلا شبابه قد خرق الدمع في خده خرقين فسلمت عليه فقال: إجلس من أنت؟ فقلت: عبد الله بن معمر القيسي قال: ألك حاجة؟ قلت: نعم كنت جالسا في الروضة فما راعني إلاّ صوتك فبنفسي أفديك فما الذي تجده فقال: أنا عتبة بن الحباب بن المنذر بن الجموح الأنصاري غدوت يوما إلى مسجد الأحزاب فصليت فيه. ثم اعتزلت غير بعيد فإذا بنسوة قد أقبلن يتهادين مثل القطا وإذا في وسطهن جارية بديعة الجمال كاملة الملاحة وقالت: يا عتبة ما تقول في وصل من يطلب وصلك؟ ثم تركتني وذهبت فلم أسمع لها خبرا ولم أقف لها على أثر فإنا حيران أنتقل من مكان إلى مكان ثم صرخ وأكب مغشيا عليه ثم أفاق كأنما أصبغت وجنتاه بورس ثم أنشد يقول:

ص -271- أراكم بقلبي من بلاد بعيدة فيا هل تروني بالفؤاد على بعدي

فؤادي وطرفي يأسفان على كم وعندكم روحي وذكركم عندي

ولست ألذ العيش حتى أراكم ولو كنت في الفردوس جنة الخلد

فقلت يا ابن أخي تب إلى ربك واستغفره من ذنبك فبين يديك هول المطلع فقال: ما أنا بسائل حتى يذوب العارضان فلم أزل معه حتى طلع الصباح فقلت: قم بنا إلى مسجد الأحزاب فلعل الله إن يكشف كربتك فقال: أرجوا ذلك إن شاء الله ببركة طاعتك فذهبنا حتى أتينا مسجد الأحزاب فسمعته يقول:

يا للرجال ليوم الأربعاء أما ينفك يحدث لي بعد النهار طربا

ما إن يزال غزال منه يقلقني يأتي إلى مسجد الأحزاب منتقبا

يخبر الناس إن الأجر همته وما أنا طالبا للأجر محتسبا

لو كان يبغي ثوابا ما أتى صلفا مضمخا بفتيت المسك مختضبا

ثم جلسنا حتى صلينا الظهر فإذا بالنسوة قد أقبلن وليست الجارية فيهن فوقفنعلى ه وقلن له: يا عتبة ما ظنك بطالبة وصلك وكاشفة بالك قال: وما بالها قلن: أخذها أبوها وارتحل بها إلى أرض السماوة فسألتهن عن الجارية فقلن: هي ريا بنت الغطريف السلمي فرفع عتبة إليهن رأسه وقال:

خليلي ريا قد أجد بكورها وسارت إلى أرض السماوة وغيرها

خليلي إني قد غشيت من البكى فهل عند غيري مقلة أستعيرها

فقلت له: إني قد وردت بمال جزيل أريد به أهل الستر ووالله لأبذلنه أمامك حتى تبلغ رضاك وفوق الرضاء فقم بنا إلى مسجد الأنصار فقمنا وسرنا حتى

ص -272- أشرفنا على ملأ منهم فسلمت فأحسنوا الرد فقلت: أيها الملأ ما تقولون في عتبة وأبيه قالوا: من سادات العرب قلت: فإنه قد رمى بداهية من الهوى وما أريد منكم إلاّ المساعدة إلى السماوة فقالوا: سمعا وطاعة فركبنا وركب القوم معنا حتى أشرفنا على منازل بني سليم فأعلم الغطريف بنا فخرج مبادرا فاستقلبنا وقال: حييتم بالإكرام فقلنا: وأنت فحياك الله إنا لك أضياف فقال: نزلتم أكرم منزل فنادى: يا معشر العبيد أنزلوا القوم



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 03:36 AM   #42
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


ففرشت الأنطاع والنمارق وذبحت الذبائح فقلنا: لسنا بذائقي طعامك حتى تقضي حاجتنا فقال: وما حاجتكم قلنا: نخطب عقليتك الكريمة لعتبة بن الحباب بن المنذر فقال: إن التي تخطبونها أمرها إلى نفسها وأنا أدخل أخبرها ثم دخل مغضبا على ابنته فقالت: يا أبت مالي أرى الغضب في وجهك فقال: قد ورد الأنصار يخطبونك مني فقالت: سادات كرام استغفر لهم الرسول صلى الله على ه وسلم فلمن الخطبة منهم؟ قال: لعتبة قالت: والله لقد سمعت عن عتبة هذا إنه يفي بما وعد ويدرك إذا قصد فقال: أقسمت لأزوجنك إياه أبدا ولقد نمى إلى بعض حديثك معه فقالت: ما كان ذلك ولكن إذا أقسمت فإن الأنصار لا يردون ردا قبيحا فأحسن لهم الرد فقال: بأي شيء قالت: اغلظ على هم المهر فإنهم قوم يرجعون ولا يحبون فقال: ما أحسن ما قلت فخرج مبادرا على هم فقال: إن فتات الحي قد أجابت ولكني أريد لها مهر مثلها فمن القائم به؟ فقال عبد الله بن معمر: أنا فقل ما شئت فقال: ألف مثقال من ثوب من الأبراد وخمسة أكرسة من عنبر فقال عبد الله: لك ذلك كله فهل أجبت؟ قال: نعم قال: عبد الله فأنفذت نفرا من الأنصار إلى المدينة فأتوا بجميع ما طلب ثم صنعت الوليمة فقمنا على ذلك أياما ثم قال: خذوا فتاتكم وانصرفوا مصاحبين ثم حملها في هودج وجهز بثلاثين راحلة من المتاع والتحف فودعناه وسرنا حتى إذا



ص -273- بقي بيننا وبين المدينة مرحلة واحدة خرجت علينا خيل تريد الغارة أحسبها من سليم فحمل عليها عتبة فقتل منهم رجالا وجندل منهم آخرين ثم رجع وبه طعنة تفور دما فسقط إلى الأرض وأتانا نجدة فطردت الخيل عنا وقد قضى عتبة نحبه فقلنا: واعتبتاه فسمعتنا الجارية فألقت نفسها عن البعير وجعلت تصيح بحرقة وأنشدت:

تصبرت لا أني ثبرت وإنما أعلل نفسي أنها بك لاحقة

فلو أنصفت روحي لكانت إلى الردى أمامك من دون البرية سابقة

فما أحد بعدي وبعدك منصف خليلا ولا نفس لنفس موافقة

ثم شهقت وقضت نحبها فاحتفرنا لهما قبرا واحدا ودفناهما فيه ثم رجعت إلى المدينة فأقمت سبع سنين ثم ذهبت إلى الحجاز ووردت المدينة فقلت والله لآتين قبر عتبة أزوره فأتيت القبر فإذا عليه شجرة عليها عصائب حمر وصفر فقلت لأرباب المنزل: ما يقال لهذه الشجرة؟ قالوا شجرة العروسين.
ولو لم يكن في العشق من الرخصة المخالفة للتشديد إلاّ الحديث الوارد بالحسن من الأسانيد وهو حديث سويد بن سعيد عن علي بن مسهر عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن العباس يرفعه"من عشق وعف وكتم فمات فهو شهيد"ورواه سويد أيضا عن ابن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا ورواه الخطيب عن الأزهري عن المعافا بن زكريا عن قطبة عن ابن الفضل عن أحمد بن مسروق عنه ورواه الزبير بن بكار عن عبد العزيز الماجشون عن عبد العزيز بن أبي حازم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس.
وهذا سيد الأولين والآخرين ورسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم نظر إلى



ص -274- إلى زينب بنت جحش رضي الله عنها فقال :"سبحان مقلب القلوب" وكانت تحت زيد بن حارثة مولاه فلما هم بطلاقها قال له: "اتق الله وامسك عليك زوجك" فلما طلقها زوجها الله سبحانه من رسوله صلى الله عليه وسلم من فوق سبع سموات فكان هو وليها وولي تزويجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعقد عقد نكاحها من فوق عرشه وأنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ}.
وهذا داود نبي الله عليه السلام لما كان تحته تسعة وتسعين امرأة ثم أحب تلك المرأة وتزوجها وأكمل بها المائة
وقال: الزهري أول حب كان في الإسلام حب النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها وكان مسروق يسميها: حبيبة رسول صلى الله عليه وسلم.
وقال أبو القيس مولي عبد الله ابن عمرو: "وأرسلني عبد الله بن عمرو إلى أم سلمة أسألها. أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل أهله وهو صائم؟ فقالت: لا فقال: إن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبلها وهو صائم فقالت: أم سلمة رضي الله عنها إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأي عائشة لم يتمالك نفسه عنها".
وذكر سعيد بن إبراهيم عن عامر بن سعيد عن أبيه قال: كان إبراهيم خليل الله صلى الله عليه وسلم يزوره جبرائيل في كل يوم من الشام على البراق من شغفه بها وقلة صبره عنها.
وذكر الخرائطي أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما اشترى جارية رومية فكان يحبها حبا شديدا فوقعت ذات يوم عن بغلة له فجعل يمسح التراب عن وجهها ويفديها ويقبلها وكانت تكثر من أن يقول له: يا بطرون أنت قالون تعني



ص -275- يا مولاي أنت جيد ثم إنها هربت منه فوجد عليها وجدا شديدا فقال:

قد كنت أحسبني قالون فانصرفت فاليوم أعلم أني غير قالون

قال أبو محمد بن حزم: وقد أحب من الخلفاء الراشدين والأئمة المهتدين كثير وقال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين رأيت امرأة فعشقتها فقال: ذلك ما لا تملك.
فالجواب وبالله التوفيق: إن الكلام في هذا الباب لا بد فيه من التمييز بين الواقع والجائز والنافع والضار ولا يستعجل عليه بالذم والإنكار ولا بالمدح والقبول من حيث الجملة وإنما يتبين حكمه وينكشف أمره بذكر متعلقه وإلا فالعشق من حيث هو لا يحمد ولا يذم ونحن نذكر النافع من الحب والضار والجائز والحرام.
اعلم إن أنفع المحبة على الإطلاق وأوجبها وأعلاها وأجلها محبة من جبلت القلوبعلى محبته وفطرت الخليقة على تألهه وبها قامت الأرض والسموات وعليها فطر المخلوقات وهي سر شهادة إن لا إله إلاّ الله فإن الإله هو الذي تألهه القلوب بالمحبة والإجلال والتعظيم والذل والخضوع وتعبده والعبادة لا تصح إلاّ له وحده والعبادة هي كمال الحب مع كمال الخضوع والذل والشرك في هذه العبودية من أظلم الظلم الذي لا يغفره الله والله سبحانه يحب لذاته من سائر الوجوه وما سواه فإنما يحب تبعا لمحبته.
وقد دل على وجوب محبته سبحانه جميع كتبه المنزلة ودعوة جميع رسله صلى الله عليه وسلم أجمعين وفطرته التي فطر على ها عباده وما ركب فيها من العقول وما أسبغ على هم من النعم فإن القلوب مفطورة مجبولة على محبة من أنعم على ها وأحسن إليها فكيف بمن كل الإحسان منه وما بخلقه جميعهم من نعمه وحده لا شريك له كما قال تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ



ص -276- تَجْأَرُونَ} الآية وما تعرف به إلى عباده من أسمائه الحسنى وصفاته العليا وما دلت عليه آثار مصنوعاته من كماله ونهاية جلاله وعظمته.
والمحبة له داعيين: الجلال والجمال والرب تعالى له الكمال المطلق من ذلك فإنه جميل يحب الجمال بل الجمال كله له والإجلال كله منه فلا يستحق إن يحب لذاته من كل وجه سواه قال الله تعالى: {قُلْ إن كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ على الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ على الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عليمٌ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فإن حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} الآية.
والولاية أصلها الحب فلا موالاة إلاّ بحب كما إن العداوة أصلها البغض والله ولي الذين آمنوا وهم أولياؤه فهم يوالونه بمحبتهم له وهو مواليهم بمحبته لهم فالله يوالي عبده المؤمن بحسب محبته له.
ولهذا أنكر سبحانه على من اتخذ من دونه أولياء بخلاف من يبك أولياءه فإنه لم يتخذهم من دونه بل موالاته لهم من تمام موالاته.
وقد أنكر على من سوى بينه وبين غيره في المحبة وأخبر إن من فعل ذلك فقد اتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ} وأخبر عمن سوي بينه وبين الأنداد في المحبة أنهم يقولون في النار لمعبوديهم {تَاللَّهِ إن كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ}





ص -277- وبهذا التوحيد في الحب أرسل الله سبحانه جميع رسله صلى الله عليه وسلم وأنزل جميع كتبه وأطبقت عليه دعوة جميع الرسل عليهم الصلاة والسلام من أولهم إلى آخرهم ولأجله خلقت السموات والأرض والجنة والنار فجعل الجنة لأهله والنار للمشركين به فيه.
وقد أقسم النبي صلى الله عليه وسلم أنه:"لا يؤمن عبد حتى يكون هو أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين"فكيف بمحبة الرب جل جلاله؟ وقال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه:"لا حتى أكون أحب إليك من نفسك"أي لا تؤمن حتى تصل محبتك لي إلى هذه الغاية.
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أولي بنا من أنفسنا بالمحبة ولوازمها أفليس الرب جل جلاله وتقدست أسماؤه وتبارك اسمه وتعالي جده ولا إله غيره أولي بمحبته وعبادته من أنفسهم؟ وكل ما منه إلى عبده المؤمن يدعوه إلى محبة مما يحب العبد ويكرهه فعطاؤه ومنعه ومعافاته وابتلائه وقبضه وبسطه وعدله وفضله وأمانته وإحياؤه ولطفه وبره ورحمته وإحسانه وستره وعفوه وحلمه وصبره على عبده وإجابته لدعائه وكشف كربه وإغاثة لهفته وتفريج كربته من غير حاجة منه إليه بل مع غناه التام عنه من جميع الوجوه كل ذلك داع للقلوب إلى تألهه ومحبته بل تمكينه عبده من معصيته وإعانته عليه وستره حتى يقضي وطره منها وكلائته وحراسته له وهو يقضي وطره من معصيته وهو يعينه ويستعين عليها بنعمه من أقوى الدواعي إلى محبته فلو إن مخلوقا فعل بمخلوق أدنى شيء من ذلك لم يملك قلبه عن محبته فكيف لا يحب العبد بكل قلبه وجوارحه من يحسن إليه على الدوام بعدد الأنفاس مع إساءته؟ فخيره إليك نازل وشرك إليه صاعد يتحبب إليه بنعمه وهو غني عنه والعبد يتبغض إليه بالمعاصي وهو فقير إليه فلا إحسانه وبره وإنعامه عليه يصده عن معصيته ولا معصية العبد ولومه يقطع إحسان ربه عنه.



ص -278- فالأم اللؤم تخلف القلوب عن محبة من هذا شأنه وتعلقها بمحبة سواه.
وأيضا فكل من تحبه من الخلق أو يحبك إنما يريدك لنفسه وغرضه منك والرب سبحانه وتعالي يريد لك كما في الأثر الإلهي"عبدي كل يريدك لنفسه وأنا أريدك لك"فكيف لا يستحيي العبد إن يكون ربه له بهذه المنزلة وهو معرض عنه مشغول بحب غيره وقد استغرق قلبه محبة ما سواه؟
وأيضا فكل من تعامله من الخلق إن لم يربح عليك لم يعاملك ولا بدله من نوع من أنواع الربح والرب تعالى إنما يعاملك لتربح أنت عليه أعظم الربح وأعلاه فالدرهم بعشرة أمثاله إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة والسيئة بواحدة وهي أسرع شيء محوا.
وأيضا فهو سبحانه خلقك لنفسه وخلق كل شيء خلق لك في الدنيا والآخرة فمن أولي منه باستفراغ الوسع في محبته وبذل الجهد في مرضاته؟
وأيضا فمطالبك -بل مطالب الخلق كلهم جميعا- لديه وهو أجود الأجودين وأكرم الأكرمين ويعطي عبده قبل إن يسأله فوق ما يؤمله يشكر على القليل من العمل وينميه ويغفر الكثير من الزلل ويمحوه ويسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن لا يشغله سمع عن سمع ولا يغلطه كثرة المسائل ولا يتبرم بإلحاح الملحين بل يجب الملحين في الدعاء ويجب إن يسأل ويغضب إذا لم يسأل فيستحي من عبده حيث لا يستحي العبد منه ويستره حيث لا يستر نفسه وبرحمة حيث لا يرحم نفسه دعاه بنعمته وإحسانه وناداه إلى كرامته ورضوانه فأبي فأرسل صلى الله


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 03:37 AM   #43
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


عليه وسلم في طلبه وبعث معهم إليه عهده ثم نزل سبحانه بنفسه وقال:"من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟"كما قيل:"أدعوك للوصل فتأبي أبعث رسلي في الطلب أنزل إليك بنفسي ألقاك في النوم"



ص -279- وكيف لا تحب القلوب من لا يأتي بالحسنات إلاّ هو ولا يذهب بالسيئات إلاّ هو ولا يجيب الدعوات ويقيل العثرات ويغفر الخطيئات ويستر العورات ويكشف الكربات ويغيث اللهفات وينيل الطلبات سواه؟ فهو أحق من ذكر وأحق من شكر وأحق من حمد وأحق من عبد وأنصر من ابتغى وأرأف من ملك وأجود من سئل وأوسع من أعطي وأرحم من استرحم وأكرم من قصد وأعز من التجأ إليه وأكفي من توكل عليه أرحم بعبده من الوالدة بولدها وأشد فرحا بتوبة عباده التائبين من الفاقد لراحلته التي عليها طعامها وشرابه في الأرض المهلكة إذا يأس من الحياة فوجدها وهو الملك فلا شريك له والفرد فلا ندله كل شيء هالك إلاّ وجهه لن يطاع إلاّ بإذنه ولن يعصي إلاّ بعلمه يطاع فيشكر وبتوفيقه ونعمته أطيع ويعصي فيغفر ويعف وحقه أضيع فهو أقرب شهيد وأدنى حفيظ وأوفى وفي بالعهد وأعدل قائم بالقسط حال دون النفوس وأخذ بالنواصي وكتب الآثار ونسخ الآجال فالقلوب له مفضية والسر عنده علانية والعلانية والغيوب لديه مكشوف وكل أحد إليه ملهوف وعنت الوجوه لنور وجهه وعجزة القلوب عن إدراك كنهه ودلت الفطرة والأدلة كلها على امتناع مثله وشبهه أشرقت لنور وجهه الظلمات استنارت له الأرض والسموات وصلحت عليه جميع المخلوقات لا ينام ولا ينبغي له إن ينام يحفظ القسط ويرفعه يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه بالنور لو كشفه لا حرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه.

ما اعتاض باذل حبه لسواه من عوض ولو ملك الوجود بأسره





ص -280- فصل:
وهاهنا أمر عظيم يجب على اللبيب الاعتناء به وهو إن كمال اللذة والسرور والفرح ونعيم القلب وابتهاج الروح تابع لأمرين:
أحدهما: كمال المحبوب في نفسه وجماله وإنه أولي بإيثار المحبة من كل ما سواه.
والأمر الثاني: كمال محبته واستفراغ الوسع في حبه وإيثار قربه والوصول إليه على كل شيء.
وكل عاقل يعلم إن اللذة بحصول المحبوب بحسب قوته ومحبته فكل ما كانت المحبة أقوى كانت لذة المحب أكمل فلذة من اشتد ظمؤه بادراك الماء الزلال ومن اشتد جوعه بأكل الطعام الشهي ونظائر ذلك على حسب شوقه وشدة إرادته ومحبته.
وإذا عرفت هذا فاللذة والسرور والفرح أمر مطلوب في نفسه بل هو مقصود كل حي وعاقل وإذا كانت لذة مطلوب في نفسها فهي تذم إذا أعقبت ألم أعظم منها. أو منعت لذة خيرا منها وأجل فكيف إذا أعقبت أعظم الحسرات وفوتت أعظم اللذات والمسرات؟ وتحمد إذا أعانت على لذة عظيمة دائمة مستقرة لا تنغيص فيها ولا نكد بوجه ما وهي لذة الآخرة ونعيمها وطيب العيش فيها قال تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} الآية وقال السحرة لفرعون لما آمنوا {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إنما تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عليهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى}.
والله سبحانه وتعالى خلق الخلق ليبتليهم هذه اللذة الدائمة في دار الخلد وأما الدنيا فمنقطعة ولذاتها لا تصفو أبدا ولا تدوم بخلاف الآخرة فإن





ص -281- لذاتها دائمة ونعيمها خالص من كل كدر وألم وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين مع الخلود أبدا فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين بل فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وهذا المعني الذي قصده الناصح لقومه بقوله {يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ يَا قَوْمِ إنما هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} فاخبرهم إن الدنيا متاع ليستمتع بها إلى غيرها وأن الآخرة هي المستقر.
وإذا عرفت إن لذات الدنيا متاع وسبيل إلى لذات الآخرة ولذلك خلقت الدنيا لذاتها فكل لذة أعانت على لذة الآخرة وأوصلت إليها لم يذم تناولها بل يحمد لحسب إيصالها إلى لذة الآخرة.
إذا عرف هذا فأعظم نعيم الآخرة ولذاتها: النظر إلى وجه الله جل جلاله وسماع كلامه والقرب منه كما ثبت في الصحيح في حديث الرؤية "فوالله ما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إليه"وفي حديث آخر"إنه إذا تجلي لهم ورأوه نسوا ما هم فيه من النعيم"
وفي النسائي ومسند الإمام أحمد من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه"وأسألك اللهم لذة النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك".
وفي كتاب السنة العبد الله بن الإمام أحمد مرفوعا"كأن الناس يوم القيمة لم يسمعوا القرآن من الرحمن فإذا سمعوه من الرحمن فكأنهم لم يسمعوا قبل ذلك".
وإذا عرف هذا فأعظم الأسباب التي تحصل هذه اللذة هو أعظم لذات الدنيا على الإطلاق وهي لذة معرفته سبحانه ولذة محبته فإن ذلك هو لذة الدنيا ونعيمها العالي ونسبة لذاتها الفانية إليه كتفلة في بحر فإن الروح والقلب والبدن إنما خلق لذلك فأطيب ما في الدنيا معرفته سبحانه ومحبته وألذ ما في الجنة رؤيته ومشاهدته فمحبته ومعرفته قرة العيون ولذة الأرواح وبهجة القلوب





ص -282- ونعيم الدنيا وسرورها من اللذة القاطعة عن ذلك تتقلب آلاما وعذابا ويبقى صاحبها في المعيشة الضنك فليس الحياة الطيبة إلاّ بالله وكان بعض المحبين تمر به أوقات فيقول: إن كان أهل الجنة في نعيم مثل هذا إنهم لفي عيش طيب وكان غيره يقول: لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجلدونا عليه بالسيوف.
وإذا كان صاحب المحبة الباطلة التي هي عذاب على قلب المحب يقول في حاله:

وما الناس إلاّ العاشقون ذوو الهوى فلا خير فمن لا يحب ويعشق

ويقول آخر:

أف للدنيا متى ما لم يكن صاحب الدنيا محب أو حبيبا

ويقول الآخر:

ولا خير في الدنيا ولا في نعيمها وأنت وحيد مفرد غير عاشق

ويقول الآخر:

أسكن إلى سكن تلذ بحبه ذهب الزمان وأنت منفرد

ويقول الآخر:

تشكي المحبون الصبابة ليتني تحملت ما يلقون من بينهم وحدي

فكانت لقلبي لذة الحب كلها فلم يلقها قبلي محب ولا بعدي

فيكف بالمحبة التي هي حياة القلوب وغذاء الأرواح وليس للقلب لذة ولا نعيم ولا فلاح ولا حياة إلاّ بها؟ وإذا فقدها القلب كان ألمه أعظم من ألم العين إذا فقدت نورها والأذن إذا فقدت سمعها والأنف إذا فقد شمها واللسان إذا فقد نطقه بل فساد القلب إذا خلي من محبة فاطره وبارئه وإلهه



ص -283- الحق أعظم من فساد البدن إذا خلي منه الروح وهذا الأمر لا يصدق به الأمن فيه حياة وما لجرح ميت إيلام.
والمقصود: إن أعظم لذات الدنيا هي السبب الموصل إلى أعظم لذة في الآخرة ولذات الدنيا ثلاثة أنواع:
فأعظمها وأكملها: ما أوصل إلى لذة الآخرة ويثاب الإنسان على هذه اللذة أتم ثواب ولهذا كان المؤمن يثاب على ما يقصد به وجه الله من أكله وشربه ولبسه ونكاحه وشفاء غيظ لقهر عدو الله وعدوه فكيف بلذة إيمانه ومعرفته بالله ومحبته له وشوقه إلى لقائه وطمعه في رؤية وجهه الكريم في جنات النعيم؟
النوع الثاني: لذة تمنع لذة الآخرة وتعقب آلاما أعظم منها كلذة الذين اتخذوا من دون الله أوثانا مودة بينهم في الحياة الدنيا يحبونهم كحب الله ويستمع بعضهم ببعض كما يقولون في الآخرة إذا لقوا ربهم {رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ إن رَبَّكَ حَكِيمٌ عليمٌ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} ولذة أصحاب الفواحش والظلم والبغي في الأرض والعلو بغير الحق وهذه اللذات في الحقيقة إنما هي استدراج من الله لهم ليذيقهم بها أعظم الآلام ويحرمهم بها أكمل اللذات بمنزلة من قدم لغيره طعام لذيذا مسموم يستدرجه به إلى هلاكه قال تعالى: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إن كَيْدِي مَتِينٌ}.
قال بعض السلف في تفسيرها: كل ما أحدثوا ذنبا أحدثنا لهم نعمة {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فإذا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}



ص -284- وقال تعالى: لأصحاب هذه اللذة {أَيَحْسَبُونَ إنما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ}.
وقال في حقهم {فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إنما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ} الآية
وهذه اللذة تنقلب آلاما من أعظم الآلام كما قيل:

مآرب كانت في الحياة لأهلها عذابا فصارت في المعاد عذابا

النوع الثالث: لذة لا تعقب لذة في دار القرار ولا ألما يمنع وصول لذة دار القرار وإن منعت كمالها وهذه اللذة المباحة التي لا يستعان بها على لذة الآخرة فهذه زمانها يسير وليس لتمتع النفس بها قدر ولا بد إن يشتغل عما هو خير وأنفع منها.
وهذا القسم هو الذي عناه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله"كل لهو يلهو به الرجل فهو باطل إلاّ رمية بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته امرأته فإنهن من الحق"فما أعان على اللذة المطلوبة لذاتها فهو حق وما لم يعن عليها فهو باطل.
فصل:


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 03:37 AM   #44
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


فهذا الحب لا ينكر ولا يذم بل هو أحد أنواع الحب وكذلك حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما نعني بالمحبة الخاصة وهي التي تشغل قلب المحب وفكره وذكره لمحبوبه وإلاّ فكل مسلم في قلبه محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولا يدخل الإسلام إلاّ بها الكراهة متفاوتون في درجات هذه المحبة تفاوت لا يحصيه إلاّ الله فبين محبة الخليلين صلى الله عليه وسلم ومحبة غيرهما ما بينهما فهذه المحبة هي التي تلطف وتخفف أثقال التكاليف وتسخي البخيل وتشجع الجبان وتصفي الذهن وتروض النفس وتطيب الحياة على الحقيقة لا محبة الصور المحرمة وإذا



ص -285- بليت السرائر يوم اللقاء كانت سريرة صاحبها من خير سرائر العباد كما قيل:

سيبقى لكم في مضمر القلب والحشا سريرة حب يوم تبلي السرائر

وهذه المحبة هي التي تنور الوجه وتشرح الصدر وتحيي القلب وكذلك محبة كلام الله فإنه من علامة حب الله وإذا أردت إن تعلم ما عندك وعند غيرك من محبة الله فإنظر محبة القرآن من قلبك والتذاذك بسماعه أعظم من التذاذ أصحاب الملاهي والغناء المطرب بسماعهم فإنه من المعلوم إن من أحب حبيبا كان كلامه وحديثه أحب شيئا إليه كما قيل

إن كنت تزعم حبي فلم هجرت كتابي

أما تأملت ما فيه من لذيذ خطابي

وقال عثمان ابن عفان رضي الله عنه:"لو طهرت قلوبنا لما شبعت من كلام الله"وكيف يشبع المحب من كلام من هو غاية مطلوبه؟ وقال النبي صلى الله عليه وسلم: يوما لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال:"أقرأ على فقال: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ فقال: إني أحب إن أسمعه من غيري فاستفتح فقرأ سورة النساء حتى قوله {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هَؤُلاءِ شَهِيداً} قال: حسبك الآن فرفع رأسه فإذا عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان من البكاء"وكان الصحابة إذا اجتمعوا وفيهم أبو موسى يقولون: يا أبا موسى ذكرنا ربنا فيقرأ وهم يستمعون فلمحبي القرآن -من الوجد والذوق واللذة والحلاوة والسرور- أضعاف ما لمحبي السماع الشيطاني فإذا رأيت الرجل ذوقه وشدة وجده وطربه وشوقه سماعه الأبيات دون سماع الآيات في سماع الألحان دون سماع القرآن وهو كما قيل:
تقرأ عليك الختمة وأنت جامد كالحجر وبيت من الشعر ينشد تميل كالسكران



ص -286- فهذا أقوى الأدلة على فراغ قلبه من محبة الله وكلامه وتعلقه بمحبة سماع الشيطان والمغرور يعتقد أنه على شيء.
ففي محبة الله وكلامه ورسوله صلى الله عليه وسلم أضعاف أضعاف ما ذكر السائل من فوائد العشق ومنافعه بل لا حب على الحقيقة أنفع منه وكل حب سوى ذلك باطل إن لم يعن عليه ويسوق المحب إليه.
فصل:
وأما محبة النسوان: فلا لوم على المحب فيها بل هي من كماله وقد من الله سبحانه بهاعلى عباده فقال {وَمِنْ آيَاتِهِ إن خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إليها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إن فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} الآية فجعل المرأة سكنا للرجل يسكن إليه قلبه وجعل بينهما خالص الحب وهو المودة المقترنة بالرحمة وقد قال تعالى: عقب ذكره ما أحل لنا من النساء وما حرم منهن {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ على كُمْ وَاللَّهُ عليمٌ حَكِيمٌ وَاللَّهُ يُرِيدُ إن يَتُوبَ عليكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ إن تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً يُرِيدُ اللَّهُ إن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً}.
وذكر سفيان الثوري في تفسيره عن ابن طاوس عن أبيه: كان إذا نظر إلى النساء لم يصبر عنهن.
وفي الصحيح من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم"أنه رأى امرأة فأتى زينب فقضى حاجته منها وقال: إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة الشيطان فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته فليأت أهله فإن ذلك يرد ما في نفسه"ففي هذا الحديث عدة فوائد.



ص -287- منها: الإرشاد إلى التسلي عن المطلوب بجنسه كما يقوم الطعام مكان الطعام والثوب مقام الثوب.
ومنها: الأمر بمداواة الإعجاب بالمرأة المورث لشهوتها بأنفع الأدوية وهو قضاء وطره من أهله وذلك ينقض شهوته بها وهذا كما أرشد المتحابين إلى النكاح كما في سنن ابن ماجه مرفوعا"لم ير للمتحابين مثل النكاح"ونكاحه لمعشوقه هو دواء العشق الذي جعله الله دواء شرعا وقد تداوى به داود نبي الله داود صلى الله عليه وسلم ولم يرتكب نبي الله محرما وإنما تزوج المرأة وضمها إلى نسائه لمحبته لها وكانت توبته بحسب منزلته عند الله وعلو مرتبته ولا يليق بنا المزيد على هذا.
وأما قصة زينب بنت جحش: فزيد كان قد عزم على طلاقها ولم توافقه وكان يستشير رسول الله صلى الله عليه وسلم في فراقها وهو يأمره بإمساكها فعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيفارقها ولا بد. فأخفى في نفسه إن يتزوجها إذا فارقها زيد وخشي مقالة الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج زوجة ابنه فإنه كان قد تبني زيد قبل النبوة والرب تعالى يريد إن يشرع شرعا عاما فيه مصالح عباده فلما طلقها زيد وانقضت عدتها منه أرسله إليها يخطبها لنفسه فجاء زيد واستدبر الباب بظهره وعظمت في صدره لما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم فناداها من وراء الباب"يا زينب إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبك"فقالت ما أنا بصانعة شيئا حتى أوامر ربي وقامت إلى محرابها فصلت فتولي الله عز جل نكاحها من رسوله صلى الله عليه وسلم بنفسه وعقد النكاح له من فوق عرشه وجاء الوحي بذلك {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا} فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم لوقته فدخل عليها فكانت تفخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وتقول:"أنتن زوجكن





ص -288- أهاليكن وزوجني الله عز وجل من فوق سبع سموات"فهذه قصة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع زينب.
ولا ريب إن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد حبب إليه النساء كما في الصحيح من حديث أنس ورواه النسائي في سننه والطبراني في الأوسط عنه صلى الله عليه وسلم قال:"حبب إلى من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة"هذا لفظ الحديث لا ما يرويه بعضهم"حبب إلى من دنياكم ثلاث"زاد الإمام أحمد في كتاب الزهد في هذا الحديث"أصبر عن الطعام والشراب ولا اصبر عنهن"وقد حسده أعداء الله اليهود على ذلك وقالوا: ما همه إلاّ النكاح فرد الله سبحانه عن صلى الله عليه وسلم ونافح عنه فقال: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ على مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً} الآية.
وهذا خليل الله إبراهيم كان عنده سارة أجمل نساء العالمين وأحب هاجر وتسرى بها.
وهذا داود عليه السلام كان عنده تسعة وتسعون امرأة فأحب تلك المرأة وتزوجها فكمل المائة وهذا سليمان ابنه عليه السلام كان يطوف في الليلة على تسعين امرأة وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحب الناس إليه فقال"عائشة رضي الله عنها وقال: عن خديجة إني رزقت حبها".
فمحبة النساء من كمال الإنسان قال ابن عباس:"خير هذه الأمة أكثرهم نساء"وقد ذكر الإمام احمد إن عبد الله بن عمر وقع في سهمه يوم جلولاء جارية كان عنقها إبريق فضة قال عبد الله:"فما صبرت عنها إن قبلتها الكراهة ينظرون إلى"وبهذا احتج الإمام أحمد على جواز الاستمتاع من المسبية قبل الاستبراء بغير الوطء بخلاف الأمة المشتراة.



ص -289- والفرق بينهما إن انفساخ الملك في المسبية بخلاف المشتركة فقد ينفسخ فيها الملك فيكون مستمتعا بأمة غيره.
وقد شفع النبي صلى الله عليه وسلم لعاشق إن تواصله معشوقته بأن تتزوج به فأبت وذلك في قصة مغيث وبريرة فإنه رآه يمشي خلفها بعد فراقها ودموعه تجري على خديه فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو راجعته"؟ فقالت: أتأمرني؟ قال: لا إنما اشفع فقالت: لا حاجة لي به فقال لعمه: يا عباس ألاّ تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغضها له عليه حبها "ولم ينكر عليه حبها إن كانت قد بانت منه.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يساوي بين نسائه في القسم ويقول:"اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك"يعني في الحب. وقد قال تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا إن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} يعني في الحب والجماع
ولم يزل الخلفاء الراشدين الرحماء من الناس يشفعون للعشاق إلى معشوقهم الجائز وصلهن كما تقدم من فعل أبي بكر وعثمان أتي بغلام من العرب وجد في دار قوم بالليل فقال له: ما قصدك؟ قال: لست بسارق ولكني أصدقك:
والفرق بينهما إن انفساخ الملك في المسبية بخلاف المشتركة فقد ينفسخ فيها الملك فيكون مستمتعا بأمة غيره.
وقد شفع النبي صلى الله عليه وسلم لعاشق إن تواصله معشوقته بأن تتزوج به فأبت وذلك في قصة مغيث وبريرة فإنه رآه يمشي خلفها بعد فراقها ودموعه تجري على خديه فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو راجعته"؟ فقالت: أتأمرني؟ قال: لا إنما اشفع فقالت: لا حاجة لي به فقال لعمه: يا عباس ألاّ تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغضها له عليه حبها "ولم ينكر عليه حبها إن كانت قد بانت منه.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يساوي بين نسائه في القسم ويقول:"اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك"يعني في الحب. وقد قال تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا إن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} يعني في الحب والجماع
ولم يزل الخلفاء الراشدين الرحماء من الناس يشفعون للعشاق إلى معشوقهم الجائز وصلهن كما تقدم من فعل أبي بكر وعثمان أتي بغلام من العرب وجد في دار قوم بالليل فقال له: ما قصدك؟ قال: لست بسارق ولكني أصدقك:

تعلقت في دار الرياحى خودة يذل لها من حسن منظرها البدر

لها في بنات الروم حسن ومنصب ذا افتخرت بالحسن خافتها الفخر

فلما طرقت الدار من حر مهجتي بيت وفيها من توقدها الجمر

تبادرا أهل الدار بي ثم صيحوا هو اللص محتوما له القتل والأسر
فلما سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله رق له وقال للمهلب ابن رباح: اسمح له بها فقال: يا أمير المؤمنين سله من هو؟ فقال: النهاس بن عيينة فقال: خذها فهي لك.



ص -290- واشترى معاوية جارية فأعجب بها إعجابا شديدا فسمعها يوما تنشد أبياتا منها

وفارقته كالغصن يهتز في الثرى طريرا وسيما بعد ماطر شاربه

فسألها فأخبرته أنها تحب سيدها فردها إليه وفي قلبه منها.
وذكر الزمخشري في ربيعه إن زبيدة قرأت في طريق مكة على حائط:

أما في عباد الله أو في إمائه كريم يجلي الهم عن ذاهب العقل

له مقلة إما الأماقى قريحة وأما الحشا فالنار منه على رجل

فنذرت إن تحتال لقائلها إن عرفته حتى تجمع بينه وبين من يحبه فبينما هي في المزدلفة إذ سمعت من ينشد البيتين فطلبته فزعم أنه قالهما في ابنة عم له نذر أهلها إن لا يزوجوها منه فوجهت إلى الحي وما زالت تبذل لهم المال حتى زوجوها منه وإذا المرأة أعشق منه لها فكانت تعده من أعظم حسناتها فتقول. ما أنا بشيء أسر مني من جمعي بين ذلك الفتي والفتاة.
وقال الخرائطي: وكان لسليمان بن عبد الملك غلام وجارية يتحابان فكتب الغلام لها يوما:

ولقد رأيتك في المنام كأنما عاطيتنى من ماء فيك البارد

وكان كفك في يدي وكأننا بتنا جميعا في فراش واحد

فطفقت نومي كله متراقدا لأراك في نومي ولست براقد

فأجابته الجارية:

خيرا رأيت وكلما أبصرته ستناله مني برغم الحاسد

إني لأرجو إن تكون معانقي وتبيت مني فوق ثدي ناهد

وأراك بين خلاخلي ودمالجي واراك فوق ترائبى ومجاسدى

فبلغ ذلك سليمان فأنكحها الغلام وأحسن حالهما على فرط غيرته.وقال جامع ابن برخية: سألت سعيد بن المسيب مفتي المدينة: هل في حب



ص -291- دهمنا من وزر؟ فقال سعيد: إنما تلام على ما تستطيع من الأمر فقال سعيد: والله ما سألني أحد عن هذا ولو سألتني ما كنت أجيب إلاّ به.
فعشق النساء ثلاث أقسام: عشق هو قربة وطاعة وهو عشق الرجل امرأته وجاريته وهذا العشق نافع فإنه أدعي إلى المقاصد التي شرع الله لها النكاح: وأكف للبصر والقلب عن التطلع إلى غير أهله ولهذا يحمد هذا العاشق عند الله وعند الناس.
وعشق هو مقت عند الله وبعد من رحمته وهو اضر شيء على العبد في دينه ودنياه وهو عشق المردان فما ابتلي به إلاّ من سقط من عين الله وطرد عن بابه وأبعد قلبه عنه وهو من أعظم الحجب القاطعة عن الله كما قال بعض السلف: إذا سقط العبد من عين الله ابتلاه بمحبة المردان وهذه المحبة هي التي جلبت على قوم لوط ما جلبت وما أتوا إلاّ من هذا العشق قال الله تعالى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ}.
ودواء هذا الداء الردى الاستعانة بمقلب القلوب وصدق اللجإ إليه والاشتغال بذكره والتعوض بحبه وقربه والتفكر بالألم الذي يعقبه هذا العشق واللذة التي تفوته به فترتب عليه فوات أعظم محبوب وحصول أعظم مكروه فإذا قدمت نفسه على هذا وآثرته فليكبر على نفسه تكبير الجنازة وليعلم إن البلاء قد أحاط به.
والقسم الثالث: العشق المباح الذي لا يملك كعشق من صورت له امرأة جميلة أو رآها فجأة من غير قصد فأورثته ذلك عشق لها ولم يحدث له ذلك العشق معصية. فهذا لا يملك ولا يعاقب عليه والأنفع له مدافعته والاشتغال بما هو انفع له منه والواجب على هذا إن يكتم ويعف ويصبر على بلواه فيثيبه الله على ذلك ويعوضه على صبره لله وعفته وترك طاعته هواه وإيثار مرضاة الله وما عنده.



ص -292- والناس في العشق ثلاثة أقسام: منهم من يعشق الجمال المطلق وقلبه يهيم في كل واد له في كل صورة مراد ومنهم من يعشق الجمال المقيد سواء طمع بوصاله أو لم يطمع ومنهم من لا يعشق إلاّ من يطمع لوصاله. وبين هذه الأنواع الثلاثة تفاوت في القوة والضعف.
فعاشق الجمال المطلق يهيم قلبه في كل واد وله في كل صورة جميله مراد فيوما بحزورى ويوم بالعقيق وبالعذيب يوما ويوما بالخليصاء.

وتارة ينتحي نجدا وآونة شعب العقيق وطورا قصر تيماء

فهذا عشقه أوسع ولكنه غير ثابت كثير التنقل


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 03:38 AM   #45
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


يهيم بهذا ثم يعشق غيره ويسلاهم من وقته حين يصبح

وعاشق الجمال المقيد اثبت على معشوقه وأدوم محبة له ومحبته أقوى من محبة الأول لاجتماعهما في واحد ويقسم الأولي ولكن يضعفها عدم الطمع في الوصال وعاشق الجمال الذي يطمع في وصاله أعقل العشاق وأعرفهم وحبه أقوى لأن الطمع يمده ويقويه.
وأما حديث"من عشق وعف"فهذا ممن يرويه سويد بن سعيد وقد أنكره حفاظ الإسلام عليه.
قال ابن عدي في كامله: هذا الحديث احد ما أنكر على سويد. وكذلك ذكره البيهقي وابن طاهر في الذخيرة والتذكرة وأبو الفرج بن الجوزي وعده من الموضوعات وأنكره أبو عبد الله الحاكم على تساهله وقال: أنا أتعجب منه.
قلت: والصواب في الحديث أنه من كلام ابن عباس رضي الله عنهما موقوفا عليه والغلط سويد في رفعه
قال محمد بن خلف بن المرزبان: حدثنا أبو بكر بن الأزرق عن سويد به فعاتبته على ذلك فأسقط ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وكان بعد ذلك يسأل عنه ولا يرفعه ولا يشبه هذا كلام النبوة



ص -293- وأما ما رواه الخطيب له عن الزهري: حدثنا المعافى بن زكريا حدثنا قطبة بن الفضل حدثنا احمد بن محمد بن مسروق حدثنا سويد حدثنا ابن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا فمن أبين الخطأ ولا يحمل هذا عن هشام عن أبيه عن عائشة مثل هذا عند من شم أدني رائحة من العلم من الحديث ونحن نشهد بالله إن عائشة ما تكلمت بهذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قط ولا حدث به عنها عروة ولا حدث به عنه هشام قط.
وأما حديث ابن الماجشون عن عبد الله بن أبي حازم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا فكذب على بن الماجشون فإنه لم يحدث بهذا ولم يحدث به عنه الزبير بن بكار وإنما هذا من تركيب بعض الوضاعين ويا سبحان الله! كيف يحتمل هذا الإسناد مثل هذا المتن؟ فقبح الله الواضعين.
وقد ذكره أبو الفرج بن الجوزي من حديث محمد بن جعفر بن سهل: حدثنا يعقوب بن عيسى عن ولد عبد الرحمن بن عوف عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مرفوعا وهذا غلط قبيح فإن محمد بن جعفر هذا هو الخرائطي ووفاته سنة سبع وعشرين وثلاث مائة فمحال إن يدرك شيخه يعقوب ابن أبي نجيح لا سيما وقد رواه في كتاب الاعتلال عن يعقوب هذا عن الزبير عن عبد الملك عن عبد العزيز عن ابن أبي نجيح والخرائطي هذا مشهور بالضعف في الرواية ذكره أبو الفرج في كتاب الضعفاء.
وكلام حفاظ الإسلام في إنكار هذا الحديث هو الميزان وإليهم يرجع في هذا الشأن وما صححه بل ولا حسنه أحد يعول في علم الحديث عليه ويرجع في الصحيح إليه ولا من عادته التساهل والتسامح فإنه لم يصف نفسه له ويكفي إن ابن طاهر الذي يتساهل في أحاديث التصوف ويروي منها الغث والسمين والمنخنقة والموقوذة قد أنكره وحكم ببطلانه.



ص -294- نعم ابن عباس لا ينكر ذلك عنه.
وقد ذكر أبو محمد بن حزم عنه: أنه سئل عن الميت عشقا فقال: "قتيل الهوى لا عقل ولا قود"ورفع إليه بعرفات شاب قد صار كالفرخ فقال: ما شأنه؟ فقالوا: العشق فجعل عامة يومه يستعيذ من العشق.
فهذا نفس ما روي عنه ذلك.
ومما يوضح ذلك: إن النبي صلى الله عليه وسلم عد الشهداء في الصحيح فذكر المقتول في الجهاد والمبطون والحريق والنفساء يقتلها ولدها والغريق وصاحب الهدم فلم يذكر منهم العاشق يقتله العشق.
وحسب قتيل العشق إن يصح له هذا الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما على أنه لا يدخل الجنة حتى يصبر لله ويعف لله ويكتم لله وهذا لا يكون إلاّ مع قدرته على معشوقه وإيثار محبة الله وخوفه ورضاه وهذا أحق من دخل تحت قوله تعالى {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فإن الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} وتحت قوله تعالى {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}.
فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم إن يجعلنا ممن آثر وابتغى حبه ورضاه.على هواه بذلك قربه ورضاه آمين.




 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ضعف مراقبة الله في الخلوات ( الداء والدواء ) فخوره بحجابى مواضيع لاتدعها تفوتك !! Threads do not let them miss 6 05 Oct 2012 08:36 PM
الطب النبوي ... لأبن القيم محمد الغماري طب الأعشاب . علمها وطبها وفوائدها Department of Herbal Medicine. Flag and Dobaa and benefits 44 04 Apr 2010 02:03 AM
اخي اراقي:اين الجواب الكافي. نضال الدين اليمني إدارة الطب الإلهي والنبوي ـ االإستشارات العلاجية والإستشفاء ـ Department of Medicine and the Prophet 2 07 Apr 2008 10:12 PM
الداء والدواء .. مسك 2007 منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum 8 08 Mar 2008 08:51 PM
//--// الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي //--// نورالهدى منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum 2 03 May 2007 12:46 PM

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 10:37 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي