اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأيَّامِ الْخَالِيَةِ [الحاقة : ۲٤] . قال وكيع وغيره : هي أيام الصوم ، إذ تركوا فيها الأكل والشرب .

روى الإمام البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة بابا يقال له : الريان ، يدخل منه الصائمون يوم القيامة ، لا يدخل منه أحد غيرهم .


           :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ13ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ12ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ11ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: درس جامع العروة الوثقى : علاج القرآن للصحة النفسية السليمة - الشيخ فيصل الحسني . (آخر رد :ابن الورد)       :: خطبة جمعة : واقع الناس في شهر رمضان - الشيخ فيصل الحسني . (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ10ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ09ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: معاناة (آخر رد :هاجر هاجر)       :: ثواب تعجيل الفطر . (آخر رد :ابن الورد)       :: ثواب السحور . (آخر رد :ابن الورد)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 29 Mar 2018, 09:20 AM
أبو خالد
باحث جزاه الله تعالى خيرا
أبو خالد غير متصل
Saudi Arabia     Male
SMS ~ [ + ]
اللهم إني ظلمت نفسي
ظلـمآ كثيرآ
ولا يفغر الذنوب
الا أنت
فاغفر لي مفغرة من عندك
وأرحمني
إنك أنت الغفور الرحيم
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 25
 تاريخ التسجيل : Jun 2005
 فترة الأقامة : 6874 يوم
 أخر زيارة : 15 Jul 2018 (03:04 PM)
 المشاركات : 13,860 [ + ]
 التقييم : 21
 معدل التقييم : أبو خالد is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر 5




رد أهل العلم على الطاعنين في الحديث


1 - قال ابن قتيبة رحمه الله في "تأويل مختلف الحديث" (177):
قالوا: حديث تكذبه حجة العقل والنظر.
قالوا: رويتم أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم سحر وجعل سحره في بئر ذي أروان، وأنّ عليًا كرم الله وجهه استخرجه، وكلّما حل منه عقدة وجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خفة فقام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كأنما أنشط من عقال.
وهذا لا يجوز على نبي الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لأنّ السحر كفر، وعمل من أعمال الشيطان فيما يذكرون، فكيف يصل إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع حياطة الله تعالى له وتسديده إياه بملائكته وصونه الوحي عن الشيطان؟ والله تعالى يقول في القرآن: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه (1)}. وأنتم تزعمون أنّ الباطل ههنا هو الشيطان.
وقال: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا إلاّ من ارتضى من رسول فإنّه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدًا (2)} أي: يجعل بين يديه وخلفه رصدًا من الملائكه يحفظونه ويصونون الوحي عن أن يدخل فيه الشيطان ما ليس منه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
(1) سورة فصلت، الآية: 42.
(2) سورة الجن، الآية: 26.



وذهبوا في السحر إلى أنه حيلة يصرف بها وجه المرء عن أخيه، ويفرق بها بين المرء وزوجه، كالتمائم والكذب، وقالوا: هذه رقى، ومنه السم يسقاه الرجل فيقطعه عن النساء ويغيّر خلقه وينثر شعره ولحيته. وإلى أنّ سحرة فرعون خيلوا لموسى عليه السلام ما أروه.
قالوا: ومثل ذلك أن نأخذ الزئبق فنفرغه في وعاء كالحيّة ثم نرسله في موضع حارّ فينساب انسياب الحيّة.
قالوا: ومن الدليل على ذلك قول الله تعالى: {فإذا حبالهم وعصيّهم يخيّل إليه من سحرهم أنّها تسعى (1)}. إنما هو تخييل، وليس ثم شيء على حقيقته.
وقالوا في قول الله تعالى: {واتّبعوا ما تتلو الشّياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكنّ الشّياطين كفروا يعلّمون النّاس السّحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت (2)}. هو بمعنى النفي. أي: لم ينْزل ذلك.
وقالوا: الملكين: بكسر اللام. وذكروا عن الحسن أنه كان يقرؤها كذلك، ويقول: علجان من أهل بابل.
قال أبومحمد: ونحن نقول: إنّ الذي يذهب إلى هذا، مخالف للمسلمين واليهود والنصارى، وجميع أهل الكتب ومخالف للأمم كلها، الهند وهي أشدها إيمانًا بالرقى، والروم والعرب في الجاهلية وفي الإسلام، ومخالف للقرآن معاند له بغير تأويل، لأنّ الله جل وعز قال لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {قل أعوذ بربّ الفلق من شرّ ما خلق ومن شرّ غاسق إذا وقب ومن شرّ النّفّاثات في العقد} فأعلمنا أن السواحر ينفثن في عقد يعقدنها كما يتفل الراقي والمعوّذ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(1) سورة طه، الآية: 66.
(2) سورة البقرة، الآية: 102.



وكانت قريش تسمي السحر: العضه. ولعن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم العاضهة والمستعضهة (1). يعني بالعاضهة: الساحرة. وبالمستعضهة: التى تسألها أن تسحر لها.
وقال الشاعر:
أعوذ بربي من النافثات ... في عقد العاضه المعضه
يعني السواحر.
وقد روى ابن نمير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها، وهذا طريق مرضي صحيح، أنّه قال: حين سحر: ((جاءني رجلان فجلس أحدهما عند رأسي والأخر عند رجليّ. فقال أحدهما: ما وجع الّرجل؟ قال: مطبوب. فقال: من طبّه؟ قال: لبيد بن الأعصم. قال: في أيّ شيء؟ قال في: مشط ومشاطة وجفّ طلعة ذكر. قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذي أروان)).
وليس هذا مما يجتر الناس به إلى أنفسهم نفعًا ولا يصرفون عنها ضرًا ولا يكسبون به رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثناءً ومدحًا، ولا حملة هذا الحديث كذابين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(1) ينظر من أخرجه وما حاله.


ولا متهمين ولا معادين لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وما ينكر أن يكون لبيد بن الأعصم هذا اليهودي سحر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد قتلت اليهود قبله زكرياء بن آذن في جوف شجرة قطعته قطعًا بالمناشير.
وذكر وهب بن منبه أو غيره أنه عليه السلام لما وصل المنشار إلى أضلاعه أنّ، فأوحى الله تعالى إليه: إمّا أن تكف عن أنينك وإما أن أهلك الأرض ومن عليها. وقتلت بعده ابنه يحيى بقول بغيّ واحتيالها في ذلك (1).
ولو لم يقل الله تعالى: {وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم (2)} لم نعلم نحن أن ذلك شبهه، لأن اليهود أعداؤه، وهم يدّعون ذلك، والنصارى أولياؤه وهم يقرّون لهم به. وقتلت الأنبياء وطبختهم وعذّبتهم أنواع العذاب، ولو شاء الله جل وعز لعصمهم منهم.
وقد سمّ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في شاة مشوية سمته يهودية، فلم يزل السم يعاوده حتى مات.
وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((مازالتْ أكلة خيبر تعاودني، فهذا أوان انقطاع أبْهري (3)) فجعل الله تعالى لليهودية عليه السبيل حتى قتلته.
ومن قبل ذلك ما جعل الله لهم السبيل على النبيّين. والسحر أيسر خطبًا من القتل والطبخ والتعذيب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذه من الإسرائيليات، وأين السند إلى زكريا وابنه يحيى عليهما السلام.
(2) سورة النساء، الآية: 157.
(3) أخرجه البخاري (ج7 ص737) معلقًا، قال الحافظ في "الفتح": وصله البزار والحاكم والإسماعيلي.



فإن كانوا إنما أنكروا ذلك لأن الله تعالى لا يجعل للشيطان على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سبيلاً ولا على الأنبياء، فقد قرءوا في كتاب الله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبيّ إلاّ إذا تمنّى ألقى الشّيطان في أمنيّته (1)}. يريد: إذا تلا ألقى الشيطان في تلاوته، يعزيه عما ألقاه الشيطان على لسانه حين قرأ في الصلاة: تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن ترتجى (2).
غير أنه لا يقدر أن يزيد فيه أو ينقص منه.
أما تسمعه يقول: {فينسخ الله ما يلقي الشّيطان ثمّ يحكم الله ءاياته} أي: يبطل ما ألقاه الشيطان.
ثم قال: {ليجعل ما يلقي الشّيطان فتنةً للّذين في قلوبهم مرض}.
وكذلك قوله في القرآن: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه (3)} أي: لا يقدر الشيطان أن يزيد فيه أولاً ولا آخرًا.
قال أبومحمد: حدثني أبوالخطاب قال: نا بشر بن المفضل عن يونس عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّ جبريل عليه السّلام أتاني فقال: إنّ عفْريتًا من الجنّ يكيدك فإذا أويت إلى فراشك فقل: {الله لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم} حتى تختم آية الكرسي (4).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
(1) سورة الحج، الآية: 52.
(2) راجع ما كتبه الشيخ ناصر الدين الألباني حفظه الله، حول هذه القصة في كتابه "نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق".
(3) سورة فصلت، الآية: 42.
(4) مرسل، والمرسل من قسم الضعيف، لكن جاء فضل قراءة آية الكرسي في "الصحيحين".



وقد حكى الله تعالى عن أيوب صلى الله عليه وسلم فقال: {أنّي مسّني ابحث في الكتاب:
اضغط للبحث عن الكلمة داخل الكتاب تحميل الكتاب الأولى السابقة التالية الأخيرة
الشّيطان بنصب وعذاب (1)}.
قال أبومحمد: وأما قولهم في السحر الذي رآه موسى صلى الله عليه وسلم: إنه تخييل إليه، وليس على حقيقته، فما ننكر هذا ولا ندفعه، وإنا لنعلم أن الخلائق كلها لو اجتمعوا على خلق بعوضة لما استطاعوا، غير أنا لا ندري أهو بالزئبق الذي ادعوا أنّهم جعلوه فى سلوخ الحيات حتى جرت أم بغيره. ولا يعلم حقيقة هذا إلا من كان ساحرًا، أو من سمع فيه شيئًا من السحرة.
وأما قولهم في قول الله تبارك وتعالى: {واتّبعوا ما تتلو الشّياطين على ملك سليمان} ثم قال: {يعلّمون النّاس السّحر وما أنزل على الملكين}.
إن تأويله: ولم ينْزل على الملكين ببابل، فليس هذا بمنكر من تأويلاتهم المستحيلة المنكوسة.
فإذا كان لم ينْزل على الملكين ببابل هاروت وماروت، صار الكلام فضلاً لا معنى له، وإنما يجوز بأن يدّعي مدّع أن السحر أنزل على الملكين ويكون فيما تقدم ذكر ذلك أو دليل عليه فيقول الله تعالى: اتبعوا ذلك، ولم ينْزل على الملكين كما ذكروا.
ومثال هذا أن يقول مبتدئًا علّمت هذا الرجل القرآن، وما أنزل على موسى عليه السلام، فلا يتوّهم سامع هذا أنك أردت أن القرآن لم ينْزل على موسى عليه السلام لأنه لم يتقدمه قول أحد: إنه أنزل على موسى عليه السلام، وانما يتوّهم السامع أنك علّمته القرآن والتوراة، وتأويل هذا عندنا مبيّن بمعرفة الخبر المروي فيه، وجملته -على ما ذكر ابن عباس- أن سليمان صلى الله عليه وسلم لما عوقب وخلفه الشيطان في ملكه، دفنت الشياطين في خزانته وموضع مصلاه سحرًا وأخذًا ونيرنجات، فلما مات سليمان صلى الله عليه وسلم، جاءت الشياطين إلى الناس فقالوا: ألا ندلكم على الأمر الذي سخّرت به لسليمان الريح والجن، ودانت له به الإنس؟ قالوا: بلى، فأتوا مصلاه وموضع كرسيه فاستخرجوا ذلك منه.
فقال العلماء من بني إسرائيل: ما هذا من دين الله، وما كان سليمان ساحرًا، وقال سفلة الناس: سليمان كان أعلم منا فسنعمل بهذا كما عمل، فقال الله تعالى: {واتّبعوا ما تتلو الشّياطين على ملك سليمان}. أي: اتبعت اليهود ما ترويه الشياطين. والتلاوة والرواية شيء واحد.
ثم قال: {وما كفر سليمان ولكنّ الشّياطين كفروا يعلّمون النّاس السّحر وما أنزل على الملكين} وهما ملكان أهبطا إلى الأرض حين عمل بنو آدم بالمعاصي ليقضيا بين الناس، وألقي في قلوبهما شهوة النساء وأمرا أن لا يزنيا، ولا يقتلا، ولا يشربا خمرًا، فجاءتْهما الزهرة تخاصم إليهما فأعجبتهما، فأراداها، فأبت عليهما حتى يعلماها الاسم الذى يصعدان به إلى السماء، فعلماها، ثم أراداها فأبت، حتى يشربا الخمر، فشرباها وقضيا حاجتهما، ثم خرجا فرأيا رجلاً فظنا أنه قد ظهر عليهما فقتلاه، وتكلّمت الزهرة بذلك الاسم فصعدت فخنست، وجعلها الله شهابًا،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) سورة ص، الآية: 41.


وغضب الله تعالى على الملكين فسماهما: هاروت وماروت، وخيّرهما بين عذاب الدنيا وعذاب الاخرة، فاختارا عذاب الدنيا (1).
فهما يعلمان الناس ما يفرّقون به بين المرء وزوجه، والذي أنزل الله عز وجل على الملكين فيما يرى أهل النظر -والله أعلم- هو الاسم الأعظم الذي صعدت به الزهرة.
وكانا -قبلها وقبل السخط عليهما- يصعدان إلى السماء، فعلّمته الشياطين فهي تعلمه أولياءها وتعلمهم السحر.
وقد يقال: إنّ الساحر يتكلم بكلام فيطير بين السماء والأرض ويطفوا على الماء.
قال أبومحمد: حدثني زيد بن أخزم الطائي قال نا عبد الصمد قال نا همام عن يحيى بن كثير (2): أن عامل عمان كتب إلى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: إنا أتينا بساحرة فألقيناها في الماء فطفت، فكتب إليه عمر بن عبد العزيز: لسنا من الماء في شيء، إن قامت البينة وإلا فخلّ سبيلها.
وحدثني زيد بن أخزم الطائي قال: نا عبد الصمد قال: نا زيد بن أبي ليلى (3) قال: نا عميرة بن شكير (4) قال: كنا مع سنان بن سلمة بالبحرين فأتي بساحرة فأمر بها فألقيت في الماء فطفت، فأمر بصلبها، فنحتنا جذعًا، فجاء زوجها كأنه سفود محترق، فقال: مرها فلتطلق عني. فقال لها: أطلقي عنه. فقالت: نعم ائتوني بباب وغزل. فقعدت على الباب، وجعلت ترقى الغزل وتعقد، فارتفع الباب، فأخذا يمينًا وشمالاً فلم يقدر عليهما.
وحدثنا أبوحاتم عن الأصمعي قال: أخبرني محمد بن سليم الطائي في حديث ذكره: إنّ الشياطين لا تستطيع أن تغيّر خلقها، ولكنها تسحره.
وحدثني أبوحاتم قال: قال الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء: إنّ الغول ساحرة الجن.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) القصة لا تثبت، راجع "تفسير ابن كثير".
(2) كذا في الأصل، والصواب: يحيى بن أبي كثير، كما في ترجمة همام بن يحيى العوذي من "تهذيب الكمال".
(3) لم أقف له على ترجمة.
(4) لم أقف له على ترجمة.



وحدثنا أبوالخطاب قال: نا المعتمر بن سليمان قال: سمعت منصورًا يذكر عن ربعي بن حراش عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((لأنا أعلم بما مع الدّجّال، إنّ معه نارًا تحْرق، ونهْر ماء بارد، فمن أدركه منكم فلا يهْلكنّ به، وليغمض عينيه وليقعْ في الّتي يراها نارًا، فإنّها نهْر ماء بارد)) (1).
وحدثني أبوحاتم عن الأصمعي عن أبي الزناد قال: جاءت امرأة تستفتي فوجدت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد توفّي: ولم تجد إلا امرأة من نسائه يقال: إنّها عائشة رضي الله عنها فقالت لها: ياأم المؤمنين قالت لي امرأة: هل لك أن أعمل لك شيئًا يصرف وجه زوجك إليك؟ وأظنه قال: فأتت بكلبين، فركبت واحدًا وركبْت الآخر فسرنا ما شاء الله. ثم قالت: أتدرين أنك ببابل؟ ودخلت على رجل، أو قالت: رجلين فقالا لها بولي على ذلك الرماد، قالت: فذهبت فلم أبل، ورجعت إليهما، فقالا لي: ما رأيت؟ قالت: ما رأيت شيئًا، قالا: أنت على رأس أمرك. قالت: فرجعت، فتشددت، ثم بلت، فخرج مني مثل الفارس المقنع، فصعد في السماء فرجعت إليهما، فقالا: ما رأيت؟ فأخبرتهما. فقالا: ذلك إيمانك قد فارقك. فخرجت إلى المرأة فقلت: والله ما علماني شيئا، ولا قالا لي كيف أصنع. قالت: فما رأيت؟ قلت: كذا، قالت: أنت أسحر العرب، عملي وتمني. قالت: فقطعت جداول وقالت: احقل، فإذا هو زرع يهتز. فقالت: أفرك فإذا هو قد يبس.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الحديث صحيح رجاله رجال الصحيح، إلا أبا الخطاب وهو زياد بن يحيى الحساني، كما في ترجمة المعتمر بن سليمان من "تهذيب الكمال", وقد قال الحافظ فيه: ثقة. والحديث أخرجه البخاري برقم (3450)، ومسلم برقم (7295).


قالت: فأخذته ففركتْه وأعطتْنيه، فقالت: جشّي هذا واجعليه سويقًا وأسقيه زوجك فلم أفعل شيئًا من ذلك، وانتهى الشأن إلى هذا، فهل لي من توبة؟. قالت: ورأيت رجلاً من خزاعة كان يسكن أمج فقالت: يا أم المؤمنين هذا أشبه الناس بهاروت وماروت (1).
قال أبومحمد: وقد روى هذا ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها.
قال أبومحمد: وهذا شيء لم نؤمن به من جهة القياس ولا من جهة حجة العقل، وإنما آمنا به من جهة الكتب وأخبار الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وتواطؤ الأمم في كل زمان عليه خلا هذه العصابة التي لا تؤمن إلا بما أوجبه النظر، ودل عليه القياس فيما شاهدوا ورأوا.
وأما قول الحسن: إنّهما علجان من أهل بابل وقراءته ((الملكين)) بالكسر فهذا شيء لم يوافقه أحد من القراء ولا المتأولين، فيما أعلم، وهو أشد استكراهًا وأبعد مخرجًا. وكيف يجوز أن ينْزل على علجين شيء يفرقان به بين المرء وزوجه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
(1) قد ذكرت في تخرج "تفسير ابن كثير" أن هذه القصة لا تثبت.


2 - قال القاضي عياض رحمه الله في "الشفاء" (ج2 ص160) (فصل): فإن قلت قد جاءت الأخبار الصحيحة أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم سحر كما حدثنا الشيخ أبومحمد العتابي بقراءتي عليه، قال نا حاتم بن محمد نا أبوالحسن علي بن خلف نا محمد بن أحمد نا محمد بن يوسف نا البخاري نا عبيد بن إسماعيل نا أبوأسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: سحر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتّى أنّه ليخيّل إليه أنّه فعل الشّيء وما فعله.
وفي رواية أخرى: حتى كأن يخيل إليه أنه كان يأتي النساء ولا يأتيهن الحديث.
وإذا كان هذا من التباس الأمر على المسحور، فكيف حال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في ذلك، وكيف جاز عليه وهو معصوم، فاعلم وفقنا الله وإياك أنّ هذا الحديث صحيح، متفق عليه، وقد طعنت فيه الملحدة وتذرّعت به لسخف عقولها وتلبيسها على أمثالها، إلى التشكيك في الشرع، وقد نزّه الله الشرع والنبي عما يدخل في أمره لبسًا، وإنما السحر مرض من الأمراض وعارض من العلل يجوز عليه كأنواع الأمراض مما لا ينكر ولا يقدح في نبوته.
وأما ماورد أنه كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولا يفعله، فليس في هذا ما يدخل عليه داخلة في شيء من تبليغه أو شريعته، أو يقدح في صدقه لقيام الدليل، والإجماع على عصمته من هذا، وإنما هذا فيما يجوز طروه عليه في أمر دنياه التي لم يبعث بسببها، ولا فضّل من أجلها، وهو فيها عرضة للآفات كسائر البشر، فغير بعيد أن يخيل إليه من أمورها مالا حقيقة له، ثم ينجلي عنه كما كان، وأيضًا فقد فسر هذا الفصل الحديث الآخر من قوله حتى يخيل إليه أنه يأتي أهله ولا يأتيهن، وقد قال سفيان: هذا أشدّ مايكون من السحر، ولم يأت فى خبر منها أنه نقل عنه في ذلك قول بخلاف ماكان أخبر أنه فعله ولم يفعله، وإنما كانت خواطر وتخيلات، وقد قيل: إن المراد بالحديث أنه كان يتخيل الشيء أنه فعله وما فعله، لكنه تخييل لا يعتقد صحته، فتكون اعتقاداته كلها على السداد، وأقواله على الصحة، هذا ما وقفت عليه لأئمتنا من الأجوبة عن هذا الحديث مع ما أوضحنا من معنى كلامهم وزدناه بيانًا من تلويحاتهم، وكل وجه منها مقنع لكنه قد ظهر لي في الحديث تأويل أجلى وأبعد من مطاعن ذوي الأضاليل، يستفاد من نفس الحديث، وهو أن عبد الرزاق (1) قد روى هذا الحديث عن ابن المسيب وعروة بن الزبير وقال فيه عنهما: سحر يهود بني زريق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فجعلوه في بئر حتّى كاد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن ينكر بصره ثمّ دلّه الله على ما صنعوا فاستخرجه من البئر.
وروي نحوه عن الواقدي (2) وعن عبد الرحمن بن كعب (3)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عبد الرزاق في "المصنف" (ج11 ص14) وهو مرسل، والمرسل من قسم الضعيف، ومن رواية معمر عن الزهري وفيها ضعف.
(2) كما في "الطبقات" (ج1 ص197) والواقدي كذاب.
(3) نفس المصدر من طريق الواقدي.



وعمر بن الحكم (1) وذكر عن عطاء الخراساني عن يحيى بن يعمر (2): حبس رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن عائشة سنةً فبينا هو نائم أتاه ملكان، فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه ... الحديث.
قال عبد الرزاق: حبس رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن عائشة خاصّةً سنةً حتّى أنكر بصره. (3)
وروى محمد بن سعد (4) عن ابن عباس: مرض رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فحبس عن النّساء والطّعام والشّراب فهبط عليه ملكان. وذكر القصة.
فقد استبان لك من مضمون هذه الروايات أن السحر إنما تسلط على ظاهره وجوارحه لا على قلبه واعتقاده وعقله، وأنّه إنما أثّر في بصره وحبسه عن وطء نسائه وطعامه، وأضعف جسمه وأمرضه.
ويكون معنى قوله: (يخيل إليه أنه يأتي أهله ولا يأتيهن)، أي: يظهر له من نشاطه ومتقدم عادته القدرة على النساء فإذا دنا منهن أصابته أخذة السحر فلم يقدر على إتيانهن كما يعتري من أخذ واعترض، ولعله لمثل هذا أشار سفيان بقوله: وهذا أشد ما يكون من السحر، ويكون قول عائشة في الرواية الأخرى: إنّه ليخيل إليه أنه فعل الشيء وما فعله، من باب ما اختل من بصره، كما ذكر في الحديث، فيظن أنه رأى شخصًا من بعض أزواجه أو شاهد فعلاً من غيره، ولم يكن على ما يخيل إليه لما أصابه في بصره وضعف نظره، لا لشيء طرأ عليه في ميزه، وإذا كان هذا لم يكن فيما ذكر من إصابة السحر له وتأثيره فيه ما يدخل لبسًا ولا يجد به الملحد المعترض أنسًا. اهكلامه رحمه الله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
(1) نفس المصدر من طريق الواقدي.
(2) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (ج14 ص14) وهو مرسل، من مراسيل يحيى بن يعمر، ومن طريق عطاء بن أبي مسلم الخراساني، صدوق يهم كثيرًا ويرسل ويدلس.
(3) في "المصنف" (ج11 ص13) وهو من مراسيل يحيى بن يعمر وسعيد بن المسيب كما تقدم.
(4) في "الطبقات" (ج2 ص198) والحديث ضعيف جدًا، سبق تخريجه والحكم عليه في حاشية ص (99).



3 - وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (ج10 ص226): قال المازري: أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث، وزعموا أنه يحط منصب النبوة ويشكك فيها، قالوا: وكل ما أدى إلى ذلك فهو باطل، وزعموا أن تجويز هذا يعدم الثقة بما شرعوه من الشرائع، إذ يحتمل على هذا أنه يخيل إليه أنه يرى جبريل وليس هو ثم وأنه يوحى إليه بشيء ولم يوح إليه بشيء.
قال المازري: وهذا كله مردود، لأن الدليل على صدق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيما يبلغه عن الله تعالى، وعلى عصمته في التبليغ والمعجزات شاهدات بتصديقه، فتجويز ما قام الدليل على خلافه باطل، وأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها ولا كانت الرسالة من أجلها، فهو في ذلك عرضة لما يعترض البشر كالأمراض، فغير بعيد أن يخيل إليه في أمر من أمور الدنيا ما لا حقيقة له مع عصمته عن مثل ذلك في أمور الدين. قال: وقد قال بعض الناس إن المراد بالحديث أنه كان يخيل إليه أنه وطئ زوجاته ولم يكن وطأهن، وهذا كثيًرا ما يقع تخيله للإنسان في المنام، فلا يبعد أن يخيل إليه في اليقظة.
قلت: وهذا قد ورد صريحًا في رواية ابن عيينة في الباب الذى يلي هذا ابحث في الكتاب:
اضغط للبحث عن الكلمة داخل الكتاب تحميل الكتاب الأولى السابقة التالية الأخيرة
ولفظه: (حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن) وفي رواية الحميدي: (أنه يأتي أهله ولا يأتيهم).
قال الداودي: يرى بضم أوله، أي: يظن، وقال ابن التين: ضبطت يرى بفتح أوله.
قلت: وهو من الرأي لا من الرؤية، فيرجع إلى معنى الظن، وفي مرسل يحيى بن يعمر عند عبد الرزاق: سحر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن عائشة حتى أنكر بصره. وعنده في مرسل سعيد بن المسيب: حتّى كاد ينكر بصره.
قال عياض: فظهر بهذا أن السحر إنما تسلط على جسده وظواهر جوارحه، لا على تمييزه ومعتقده.
قلت: ووقع في مرسل عبد الرحمن بن كعب عند ابن سعد (1): فقالت أخت لبيد بن الأعصم: أن يكن نبيًا فسيخبر، وإلا فسيذهله هذا السحر حتى يذهب عقله.
قلت: فوقع الشق الأول، كما في هذا الحديث الصحيح، وقد قال بعض العلماء: لا يلزم من أنه كان يظن أنه فعل الشيء ولم يكن فعله أن يجزم بفعله ذلك، وإنما يكون ذلك من جنس الخاطر يخطر ولا يثبت فلا يبقى على هذا للملحد حجة.
وقال عياض: يحتمل أن يكون المراد بالتخييل المذكور أنه يظهر له من نشاطه ما ألفه من سابق عادته من الاقتدار على الوطء، فإذا دنا من المرأة فتر عن ذلك، كما هو شأن المعقود، ويكون قوله في الرواية الأخرى: حتى كاد ينكر بصره، أي: صار كالذي أنكر بصره بحيث أنه إذا رأى الشيء يخيل إليه أنه على غير صفته، فإذا تأمّله عرف حقيقته، ويؤيد جميع ما تقدم أنه لم ينقل عنه في خبر من الأخبار أنه قال قولا فكان بخلاف ما أخبر به.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
(1) (ج1 ص197) من طريق محمد بن عمر الواقدي وهو كذاب.


وقال المهلب: صون النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الشياطين لا يمنع إرادتهم كيده فقد مضى في الصحيح: أنّ شيطانًا أراد أن يفسد عليه صلاته فأمكنه الله منه.
فكذلك السحر ما ناله من ضرره ما يدخل نقصًا على ما يتعلق بالتبليغ، بل هو من جنس ما كان يناله من ضرر سائر الأمراض من ضعف عن الكلام أو عجز عن بعض الفعل أو حدوث تخيل لا يستمر بل يزول ويبطل الله كيد الشياطين.
واستدل ابن القصار على أن الذي أصابه كان من جنس المرض بقوله في آخر الحديث: ((أما أنا فقد شفاني الله)). وفي الاستدلال بذلك نظر، لكن يؤيد المدعى أن في رواية عمرة عن عائشة عند البيهقي في "الدلائل" فكان يدور ولا يدري ما وجعه، وفي حديث ابن عباس عند ابن سعد (1): مرض النّبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأخذ عن النّساء والطّعام والشّراب فهبط عليه ملكان. الحديث.
4 - قال عبد الرحمن المعلمي في "الأنوار الكاشفة" ص (249): وذكر (يعني أبا رية) كلامًا للشيخ محمد عبده في حديث: أنّ يهوديًا سحر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
أقول: النظر في هذا في مقامات:
المقام الأول: ملخص الحديث أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم في فترة من عمره ناله مرض خفيف، ذكرت عائشة أشد أعراضه بقولها: (حتى كان يرى أنه يأتي أهله ولا يأتيهم) وفي رواية: (حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن).
وفي أخرى: (يخيل إليه كان يفعل الشيء وما فعله). والرواية الأولى فيما يظهر أصح الروايات، فالأخريان محمولتان عليها.
وفي "فتح الباري" (ج10 ص193): قال بعض العلماء: (لا يلزم من أنه يظن أنه فعل الشيء ولم يكن فعله، أن يجزم بفعله ذلك وإنما يكون ذلك من جنس الخاطر يخطر ولا يثبت).
أقول: وفي سياق الحديث ما يشهد لهذا، فإن فيه شعوره صلى الله عليه وعلى آله وسلم بذلك المرض ودعاءه ربه أن يشفيه.
فالذي يتحقق دلالة الخبر عليه أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان في تلك الفترة يعرض له خاطر أنه قد جاء إلى عائشة وهو صلى الله عليه وعلى آله وسلم عالم أنه لم يجئها، ولكنه كان يعاوده ذاك الخاطر على خلاف عادته، فتأذّى صلى الله عليه وعلى آله وسلم من ذلك، وليس في حمل الحديث على هذا تعسف ولا تكلف.
المقام الثاني: في الحديث عن عائشة: حتّى إذا كان ذات يوم وهو عندي، لكنّه دعا ودعا، ثمّ قال: ((يا عائشة أشعرت أنّ الله أفتاني فيما استفتيته فيه، أتاني رجلان)). (أي: ملكان -كما في رواية أخرى- في صورة رجلين) ... فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرّجل؟ فقال: مطبوب، قال: من طبّه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أيّ شيء؟ قال: في مشط ومشاطة وجفّ طلع نخلة ذكر، قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذروان)) فأتاها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في ناس من أصحابه، فجاء، قلت: يا رسول الله أفلا استخرجته؟ قال: ((قد عافاني الله، فكرهت أن أثير على النّاس شرًّا فأمرت بها فدفنت)).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
(1) في "الطبقات" (ج2 ص198) والحديث ضعيف جدًا، سبق تخريجه والحكم عليه في حاشية ص (99).


ومحصل هذا أن لبيد أراد إلحاق ضرر بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فعمل عملاً في مشط ومشاطة، الخ. فهل من شأن ذلك أن يؤثر، قد يقال: لا ولكن إذا شاء الله تعالى خلق الأثر عقبه والأقرب أن يقال: نعم بإذن الله، والإذن هنا خاص. وبيانه أن الأفعال التى من شأنها أن تؤثر ضربان: الأول: ما أذن الله تعالى بتأثيره إذنًا مطلقًا ثم إذا شاء منعه، وذلك كالاتصال بالنار مأذون فيه بالإحراق إذنًا مطلقًا قلما أراد الله تعالى منعه، قال: {يانار كوني بردًا وسلامًا على إبراهيم}.
الضرب الثاني: ما هو ممنوع من التأثير منعًا مطلقًا، فإذا اقتضت الحكمة أن يمكّن من التأثير رفع المنع فيؤثر، وقوله تعالى في السحر: {وما هم بضارّين به من أحد إلاّ بإذن الله} يدل أنه من الضرب الثاني وأن المراد بالإذن، الإذن الخاص، والحكمة في مصلحة الناس تقتضى هذا، والواقع في شئونهم يشهد له، وإذا كان هذا حاله فلا غرابة في خفاء وجه التأثير علينا.
المقام الثالث: النظر في كلام الشيخ محمد عبده وفيه ثلاث قضايا: القضية الأولى: قال: (فعلى صحته هو آحاد والآحاد لا يؤخذ بها في باب العقائد).
أقول: أما صحته فثابتة بإثبات أئمة الحديث لها فإن أراد الصحة فى نفس الأمر فهب أنا لا نقطع بها ولكنا نظنها ظنًا غالبًا، وعلى كلا الحالتين فواضعو تلك القاعدة لا ينكرون أنه يفيد الظن، ومن أنكر ذلك فهو مكابر، وإذا أفاد الظن فلا مفر من الظن وما يترتب على الظن، فلم يبق إلا أنه لا يفيد القطع، وهذا حق في كل دليل لا يفيد إلا الظن.
القضية الثانية: أنّه مناف للعصمة في التبليغ، قال: فإنه قد خالط عقله وإدراكه في زعمهم، فإنه إذا خولط في عقله كما زعموا جاز عليه أن يظن أنه بلغ شيئًا وهو لم يبلغه أو أنّ شيئًا ينْزل عليه وهو لم ينْزل عليه. أقول: أما المتحقق من معنى الحديث كما قدمنا في المقام الأول، فليس فيه ما يصح أن يعبر عنه بقولك: خولط في عقله. وإنما ذاك خاطر عابر ولو فرض أنه بلغ الظن فهو في أمر خاص من أمور الدنيا، لم يتعده إلى سائر أمور الدنيا فضلاً عن أمور الدين، ولا يلزم من حدوثه في ذاك الأمر جوازه في ما يتعلق بالتبليغ بل سبيله سبيل ظنه أن النخل لا يحتاج إلى التأبير، وظنه بعد أن صلى ركعتين أنه صلى أربعًا وغير ذلك من قضايا السهو في الصلاة، وراجع ص (18 - 19) وفي القرآن ذكر غضب موسى على أخيه هارون وأخذه برأسه لظنه أنه قصر، مع أنه لم يقصر، وفيه قول يعقوب لبنيه لما ذكروا له ما جرى لابنه الثاني: {بل سوّلت لكم أنفسكم أمرًا (1)} يتهمهم بتدبير مكيدة مع أنّهم كانوا حينئذ أبرياء صادقين. وقد يكون من هذا بعض كلمات موسى للخضر. وانظر قوله تعالى في يونس: {فظنّ أن لن نقدر عليه (2)}.
القضية الثالثة: الحديث مخالف للقرآن في نفيه السحر عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعده من افتراء المشركين عليه، مع أن الذي قصده المشركون ظاهر لأنّهم كانوا يقولون: إن الشيطان يلابسه عليه السلام، وملابسة الشيطان تعرف بالسحر عندهم، وضرب من ضروبه، وهو بعينه أثر السحر الذي ينسب إلى لبيد ... وقد جاء بنفي السحر عنه عليه السلام، حيث نسب القول بإثبات حصول السحر له إلى المشركين أعدائه، ووبّخهم على زعمهم هذا، فإذًا هو ليس بمسحور قطعًا.
أقول: كان المشركون يعلمون أنه لا مساغ لأن يزعموا أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم يفتري -أي: يتعمّد- الكذب على الله عز وجل فيما يخبر به عنه، ولا لأنه يكذب في ذلك مع كثرته غير عامد فلجأوا إلى محاولة تقريب هذا الثاني بزعم أنه له اتصال بالجن، وأن الجن يلقون إليه ما يلقون فيصدقهم ويخبر الناس بما ألقوه إليه، هذا مدار شبهتهم وهو مرادهم بقولهم: به جنّة. مجنون، كاهن، ساحر، مسحور، شاعر، كانوا يزعمون أنّ للشعراء قرناء من الجن تلقي إليهم الشعر، فزعموا أنه شاعر، أي: أنّ الجن تلقي إليه كما تلقي إلى الشعراء ولم يقصدوا أنه يقول الشعر، أو أنّ القرآن شعر.
إذا عرف هذا فالمشركون أرادوا بقولهم: {إن تتّبعون إلاّ رجلاً مسحورًا} أنّ أمر النبوة كله سحر، وأن ذلك ناشئ عن الشياطين استولوا عليه -بزعمهم- يلقون إليه القرآن ويأمرونه وينهونه، فيصدقهم في ذلك كله ظانًا أنه أنما يتلقى من الله وملائكته، ولا ريب أن الحال التي ذكر في الحديث عروضها له صلى الله عليه وعلى آله وسلم لفترة خاصة ليست هي هذه التي زعمها المشركون ولا هي من قبيلها في شيء من الأوصاف المذكورة، إذن تكذيب القرآن وما زعمه المشركون لا يصح أن يؤخذ منه نفيه لما في الحديث.
فإن قيل: قد أطلق على تلك الحالة أنه سحر ففي الحديث عن عائشة سحر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجل ... والسحر من الشياطين، وقد قال الله تعالى للشيطان: {إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطان}.
قلت: أما الذى أخبر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الملك فإنما سماها طبًا كما مر في الحديث، وقد أنشد ابن فارس في "معجم مقاييس اللغة" (ج3 ص408):
فإن كنت مطبوبًا فلا زلت هكذا ... وإن كنت مسحورًا فلا برأ للسحر
وأقل ما يدل عليه هذا أن الطب أخص من السحر، وأنّ من الأنواع التي يصاب بها الإنسان ويطلق عليها سحرًا ما يقال له: طب. وما لا يقال طب، وعلى كل حال فالذي ذكر في الحديث ليس من نوع ما زعمه المشركون ولا هو من ملابسة الشيطان، وإنما هو أثر نفس الساحر وفعله، وقد قدمت أن وقوع أثر ذلك نادر، فلا غرابة في خفاء تفسيره وهذا يغني عما تقدم. اهـ
5 - ابن مفلح في "الآداب الشرعية" كما تقدم.
6 - والخطابي كما تقدم وكما في "شرح السنة للبغوي" (ج6 ص279).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ

(1) سورة يوسف، الآية: 18،83.
(2) سورة الأنبياء، الآية: 87.



ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر
ترجمة المؤلف: مقبل بن هادي الوادعي
الناشر: دَارُ الآثَار للنشر وَالتوزيع، صَنعاء - اليمن
الطبعة: الثانية، 1420 هـ - 1999 م




 توقيع : أبو خالد



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ»

الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود -
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلاتحرمونا دعائكم


آخر تعديل ابن الورد يوم 29 Mar 2018 في 06:47 PM.
رد مع اقتباس
قديم 29 Mar 2018, 10:19 PM   #2
نور الشمس
وسام الشرف - مشرفة قروب - أخوات البحث العلمي - جزاها الله تعالى خيرا
** أم عمـــر **


الصورة الرمزية نور الشمس
نور الشمس غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 13417
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : 21 Aug 2023 (03:12 PM)
 المشاركات : 11,240 [ + ]
 التقييم :  35
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 مزاجي
لوني المفضل : Olivedrab
رد: ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر 5



جزاك الله خير ..


 
 توقيع : نور الشمس



قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

‏🌱 اجعل نفسك دائماً في تفاؤل والذي يريده الله سيكون

‏ وكن مسروراً فرحاً واسع الصدر ،،

‏فالدنيا أمامك واسعة والطريق مفتوح ✨

‏فهذا هو الخير ،،،

‏ 📚 شرح رياض الصالحين - ج4 ص87

🦋🍃


رد مع اقتباس
قديم 01 Apr 2018, 09:13 AM   #3
أبو خالد
باحث جزاه الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية أبو خالد
أبو خالد غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 25
 تاريخ التسجيل :  Jun 2005
 أخر زيارة : 15 Jul 2018 (03:04 PM)
 المشاركات : 13,860 [ + ]
 التقييم :  21
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 مزاجي
 وسائط MMS
وسائط MMS
 SMS ~
اللهم إني ظلمت نفسي
ظلـمآ كثيرآ
ولا يفغر الذنوب
الا أنت
فاغفر لي مفغرة من عندك
وأرحمني
إنك أنت الغفور الرحيم
لوني المفضل : Cadetblue
رد: ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر 5



جزاكِ الله خير شاكر مرورك


 
 توقيع : أبو خالد



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ»

الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود -
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلاتحرمونا دعائكم


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 12:00 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي