المذاهــب والفـــرق

المذاهــب والفـــرق
************

قد يتسائل البعض عن كثرة الفرق فى الإسلام ، كالشيعة ، والبهائية ، والقاديانية ، والصوفية ، وأهل السنة ، وهل هذه الفرق مذاهب مثل المذاهب الفقهية [ كمذهب الإمام الشافعى ، واحمد ومالك وأبى حنيفة ] ؟ ولكى نوضح ذلك نقول :
أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد مات وترك لأصحابه ولأمته ديناً كاملاً من عند الله تعالى ن صالحاً لكل زمان ومكان ، وقد بين لهم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن الهداية فى التمسك بهذا الدين ، وأن الضلال فى التفريط فيه ، فقال لهم :
( تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبداً .. كتاب الله وسنتى ) حديث صحيح .
وقد كان حال الصحابة بعد موت نبيهم هكذا متمسكين بهذا الدين الذى تركه لهم رسولهم ـ عليه الصلاة والسلام ـ
لا يعرفون غيره .. إلى أن ظهرت بعض الفرق التى تنتسب إلى أمة الأسلام ، وكان ظهورها نتيجة لأحداث تاريخية ، أو لأراء فلسفية ، أو غير ذلك .... فأتت هذه الفرق بعقائد ، أو بآراء غير ماكان عليه صحابة النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ
وقد كان أول هذه الفرق ظهوراً ـــ الخوارج ـــ الذين كان مبدأ ظهورهم عندما رفضوا التحكيم بين على ومعاوية ـ رضى الله عنهما ـ، وأنشقوا وخرجوا على : على بن أبو طالب ـ كرم الله وجهه ـ ، ثم تبعتهم بعد ذلك ... الشيعة ... ثم ... المعتزلة ...
ثم أخذت هذه الفرق تتابع حتى بلغت ماأخبر به النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى حديثه ..
ولقد كانت هذه الفرق فى أولها قليلة العدد والتأثير ولا يعبأ بها أحد ، لذلك كانوا يتميزون بأسماء خاصة "" كالخوارج والمعتزلة والقدرية"" ..
وأما أهل الإسلام الذى كان عليه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلم يكن لهم أسماء يتميزون بها ... فلما كثرت أعداد هذه الفرق ، وكثر أتباعها ، وزاد تأثيرها بين أهل الأسلام ، نتيجة لعوامل كثيرة منها :
تأييد وتبنى بعض حكام المسلمين لأراء وأفكار هذه الفرق ، وذلك كما تبنى الخليفة العباسى المأمون فكر المعتزلة ، وقال بخلق القرآن ، أيام أحمد بن حنبل رحمه الله ، حتى إن ذلك الفكر قد غطى بسبب هذا التأييد على القول الصحيح لأهل الأسلام فى هذه المسألة ...
نقول : لما حدث هذا ، وأنتشرت هذه الفرق وأدعت كل واحدة منها أنها هى وحدها على منهج الإسلام الذى جاء به النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ
وجب على أهل الإسلام الصحيح أن يتميزوا فسموا أنفسهم أو سماهم غيرهم بأسماء منها :

*** أهل السنة والجماعة ، فالسنة نسبة لتمسكهم بسنة النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، والجماعة ــ لورود ذلك الأسم فى حديث النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ..

*** كما عرفوا [ بأهل الحديث ] نسبة لتمسكهم بأحاديث النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ والعمل بما جاء فى الصحيح منها ورد الموضوع منها الذى وضعته بعض هذه الفرق على النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ كذبا ً وأفتراءً

*** وعرفوا أيضاً فى عهد الأمام أحمد [ بالسلفيين ] ، وقد كان سبب تسمية هذا الأسم نشأة جماعة من أهل السنة حاولوا التصدى لكلام المعتزلة والرد عليهم ، ولكن بمثل طريقتهم ــ طريقة الكلام والجدل والمحاورة والفلسفة ــ وقالوا أن طريقة السلف أسلم ولكن طريقة الخلف أعلم وأحكم ، فسموا أنفسهم بالخلف وعرف أتباعه [ بالخلفيين ]
وسموا أهل السنة والجماعة بالسلفيين نسبة إلى إتباعهم منهج السلف ــ رضوان الله عليهم ـ
والسلف فى اللغة هم : من تقدم من الآباء والأجداد ..
والمقصود بهم النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصحابته ـ رضوان الله عليهم ـ ومن تبعهم على طريقتهم :

الحسن البصرى / مالك / الشافعى / أحمد بن حنبل / أبى حنيفة / البخارى / ......... وغيرهم
وهؤلاء هم أصحاب القرون الخيرية الذين قال فيهم النبى ـ صلى الله عليه وسلم : ( خير الناس قرنى ثم الذين يلونهم .. ثم الذين يلونهم) فكل من تمسك بطريقتهم وسنتهم التى هى طريقة وسنة النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان هو الفاهم حقاً للإسلام الصحيح ، لأنهم أعلم الناس بالأسلام ، ولأنهم هم الذين نزل القرآن على نبيهم ، ولأنهم هم أعلم الناس بمراد الله تعالى ومراد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ..
وعلى هذا [ السنة والجماعة والسلفية ] ليست مذهباً جديداً فى الإسلام ، ولكن السلفية هى الفهم الصحيح للإسلام الذى كان عليه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وذلك يتضح بعرضها على كتاب الله وسنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأنهما الميزانان اللذان توزن كل الأمور بها ..
ولن تصلح هذه الأمة إلا بما صلح به أولها وأولها إنما صلح بكتاب الله وسنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم .
فـأ عــرف الحـــق تعــرف أهـــله .... وأعــــرف الباطــــل تعــرف مـن آتــــــــاه .
**********************
المتكلمون

علم الكلام /

** أولاً: تعريف علم الكلام: عرف علم الكلام بعدة تعريفات منها:
1- قال أبو حيان التوحيدي -رحمه الله-: (وأما علم الكلام فإنه من باب الاعتبار في أصول الدين يدور النظر فيه على محض العقل في التحسين والتقبيح، والإحالة والتصحيح، والإيجاب والتجويز، والاقتدار والتعجيز، والتعديل والتجوير، والتوحيد والتكفير.
والاعتبارُ فيه ينقسم بين دقيق يتفرد العقل به، وجليل يُفْزَع إلى كتاب الله -تعالى- فيه).[1]
2- وعرفه ابن خلدون -رحمه الله- بقوله: (علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية)[2].
3- وعرفه الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله- بقوله: (هو ما أحدثه المتكلمون في أصول الدين من إثبات العقائد بالطرق التي ابتكروها، وأعرضوا بها عما جاء بالكتاب والسنة)
** ثانياً: سبب تسمية علم الكلام بهذا الاسم: أما سبب تسميته بهذا الاسم فذلك مما تضاربت به الأقوال، ومما قيل في ذلك ما يلي:
- أنه سمي بذلك؛ لأن أول خلاف وقع في الدين كان في كلام الله -عز وجل- أمخلوق هو أم غير مخلوق؟ فتكلَّم الناس فيه؛ فسمي هذا النوع من العلم كلاماً، واختص به.
- لأن هذا العلم كلام صِرْفٌ، وليس تحته عمل .
** ثالثاً: أهل الكلام: أهل الكلام هم الذين يخوضون في مسائل أصول الدين كالوحدانية، والمعاد، وإثبات النبوات، والوعد، والوعيد، والإيجاب على الله -عز وجل-* والتجويز وهو قولهم: لو عذبنا الله على ما خلقه فينا لكان جائزاً،وإنما يعذبنا على ما نخلقه نحن.
وأنه يجوز على الله تعذيب ملائكته وأنبيائه، وأهل طاعته، وإكرام إبليس وجنوده، وجعلهم فوق أوليائه في النعيم المقيم.
ولا ريب أن هذا قولٌ باطل صار عن نفي الحكمة والتعليل؛ ذلك أن حكمة الله -عز وجل- تأبى ذلك قال -تبارك وتعالى-: [أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ].
ويخوضون - كذلك - في القدر ويقولون بنفيه ويسمون ذلك عدلاً،ويبحثون كذلك في التوحيد، ويعنون به نفي الصفات عن الله -عز وجل- إلى غير ذلك ممن يخوض به أهل الكلام.
رابعاً: أشهر المتكلمين: المتكلمون كثير، وليسوا على درجةٍ واحدة، ويدخل في مفهوم المتكلمين كثير من الطوائف كالجهمية أتباع الجهم بن صفوان، والمعتزلة أتباع عمرو بن عبيد، وواصل بن عطاء، وغيرهم.

نصـــيحة
يكثر المفسرون المتكلمون من الكلام عن خلق الأرض والسماء يتحدثون عن ( القبلية ) و ( البعدية ) و ( الأستواء ) و ( التسوية ) وينسون أن ( قبل وبعد ) أصطلاحان بشريان لا مدلول لهما بالقياس إلى الله تعالى ، وينسون أن ( الأستواء والتسوية ) أصطلاحان لغويان يقربان إلى التصور البشرى المحدود صورة اللامحدود .. وماكان الجدل الكلامى الذى ثار بين علماء المسلمين حول هذه التعبيرات القرآنية إلا آفة من آفات الفلسفة الأغريقية والمباحث اللاهوتية عند اليهود والنصارى ، عند مخالطتها للعقلية العربية الصافية وللعقلية الأسلامية الناصعة .. وماكان لنا نحن اليوم أن نقع فى هذه الآفة فنفسد جمال العقيدة وجمال القرآن بقضايا علم الكلام .
والحمـــد لله رب العـــــــــالمين .

جزآكِ الله خير