اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأيَّامِ الْخَالِيَةِ [الحاقة : ۲٤] . قال وكيع وغيره : هي أيام الصوم ، إذ تركوا فيها الأكل والشرب .

روى الإمام البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة بابا يقال له : الريان ، يدخل منه الصائمون يوم القيامة ، لا يدخل منه أحد غيرهم .


           :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ13ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ12ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ11ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: درس جامع العروة الوثقى : علاج القرآن للصحة النفسية السليمة - الشيخ فيصل الحسني . (آخر رد :ابن الورد)       :: خطبة جمعة : واقع الناس في شهر رمضان - الشيخ فيصل الحسني . (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ10ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ09ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: معاناة (آخر رد :هاجر هاجر)       :: ثواب تعجيل الفطر . (آخر رد :ابن الورد)       :: ثواب السحور . (آخر رد :ابن الورد)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 19 Aug 2010, 10:34 PM
أبو سفيان
Banned
أبو سفيان غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 2349
 تاريخ التسجيل : Jan 2008
 فترة الأقامة : 5902 يوم
 أخر زيارة : 24 Jan 2012 (09:58 PM)
 المشاركات : 5,855 [ + ]
 التقييم : 14
 معدل التقييم : أبو سفيان is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
تفسير"واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان...." من عدة تفاسير



تفسير قوله تعالى:
وَٱتَّبَعُوا۟ مَا تَتْلُوا۟ ٱلشَّيَـٰطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيَـٰطِينَ كَفَرُوا۟ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ وَمَآ أُنزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَآ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌۭ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِۦ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَزَوْجِهِۦ ۚ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِۦ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ ٱللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا۟ لَمَنِ ٱشْتَرَىٰهُ مَا لَهُۥ فِى ٱلْءَاخِرَةِ مِنْ خَلَـٰقٍۢ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا۟ بِهِۦٓ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا۟ يَعْلَمُونَ

(واتبعوا) عطف على نبذ (ما تتلوا) أي تلت (الشياطين على) عهد (مُلْك سليمان) من السحر وكانت دفنتْه تحت كرسيه لما نزع ملكه أو كانت تسترق السمع وتضم إليه أكاذيب وتلقيه إلى الكهنة فيدوِّنونه وفشا ذلك وشاع أن الجن تعلم الغيب فجمع سليمان الكتب ودفنها فلما مات دلت الشياطين عليها الناس فاستخرجوها فوجدوا فيها السحر فقالوا إنما ملككم بهذا فتعلموه فرفضوا كتب أنبيائهم. قال تعالى تبرئة لسليمان وردَّاً على اليهود في قولهم انظروا إلى محمد يذكر سليمان في الأنبياء وما كان إلا ساحراً : (وما كفر سليمان) أي لم يعمل السحر لأنه كفر (ولكنَّ) بالتشديد والتخفيف (الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر) الجملة حال من ضمير كفروا (و) يعلمونهم (ما أنزل على المَلَكين) أي ألهماه من السحر وقرئ بكسر اللام الكائنين (ببابل) بلد في سواد العراق (هاروت وماروت) بدل أو عطف بيان للملكين ، قال ابن عباس : هما ساحران كانا يعلمان السحر وقيل ملكان أنزلا لتعليمه ابتلاء من الله للناس (وما يعلمان من) زائدة (أحد حتى يقولا) له نصحاً (إنما نحن فتنة) بلية من الله إلى الناس ليمتحنهم بتعليمه فمن تعلمه كفر ومن تركه فهو مؤمن (فلا تكفر) بتعلمه فإن أبى إلا التعلم علماه (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه) بأن يبغض كلا إلى الآخر (وما هم) أي السحرة (بضارِّين به) بالسحر (من) زائدة (أحد إلا بإذن الله) بإرادته (ويتعلمون ما يضرهم) في الآخرة (ولا ينفعهم) وهو السحر (ولقد) لام قسم (علموا) أي اليهود (لمن) لام ابتداء معلقة لما قبلها ومن موصولة (اشتراه) اختاره أو استبدله بكتاب الله (ما له في الآخرة من خلاق) نصيب في الجنة (ولبئس ما) شيئا (شروا) باعوا (به أنفسهم) أي الشارين : أي حظها من الآخرة إن تعلموه حيث أوجب لهم النار (لو كانوا يعلمون) حقيقة ما يصيرون إليه من العذاب ما تعلموه
تفسير الجلالين





رد مع اقتباس
قديم 19 Aug 2010, 10:38 PM   #2
أبو سفيان
Banned


الصورة الرمزية أبو سفيان
أبو سفيان غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2349
 تاريخ التسجيل :  Jan 2008
 أخر زيارة : 24 Jan 2012 (09:58 PM)
 المشاركات : 5,855 [ + ]
 التقييم :  14
لوني المفضل : Cadetblue
Re: تفسير"واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان...." من عدة تفاسير



لناعودة باذن الله


 

رد مع اقتباس
قديم 20 Aug 2010, 01:48 AM   #3
أبو خالد
باحث جزاه الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية أبو خالد
أبو خالد غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 25
 تاريخ التسجيل :  Jun 2005
 أخر زيارة : 15 Jul 2018 (03:04 PM)
 المشاركات : 13,860 [ + ]
 التقييم :  21
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 مزاجي
 وسائط MMS
وسائط MMS
 SMS ~
اللهم إني ظلمت نفسي
ظلـمآ كثيرآ
ولا يفغر الذنوب
الا أنت
فاغفر لي مفغرة من عندك
وأرحمني
إنك أنت الغفور الرحيم
لوني المفضل : Cadetblue
رد: تفسير"واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان...." من عدة تفاسير



بارك الله فيك شيخنا الفاضل

وجزاك الله خير


 
 توقيع : أبو خالد



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ»

الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود -
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلاتحرمونا دعائكم


رد مع اقتباس
قديم 24 Aug 2010, 10:53 PM   #4
أبو سفيان
Banned


الصورة الرمزية أبو سفيان
أبو سفيان غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2349
 تاريخ التسجيل :  Jan 2008
 أخر زيارة : 24 Jan 2012 (09:58 PM)
 المشاركات : 5,855 [ + ]
 التقييم :  14
لوني المفضل : Cadetblue
Re: تفسير"واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان...." من عدة تفاسير



واتبع اليهود ما تُحَدِّث الشياطينُ به السحرةَ على عهد ملك سليمان بن داود. وما كفر سليمان وما تَعَلَّم السِّحر, ولكنَّ الشياطين هم الذين كفروا بالله حين علَّموا الناس السحر; إفسادًا لدينهم. وكذلك اتبع اليهود السِّحر الذي أُنزل على الملَكَين هاروت وماروت, بأرض "بابل" في "العراق"; امتحانًا وابتلاء من الله لعباده, وما يعلِّم الملكان من أحد حتى ينصحاه ويحذِّراه من تعلم السحر, ويقولا له: لا تكفر بتعلم السِّحر وطاعة الشياطين. فيتعلم الناس من الملكين ما يُحْدِثون به الكراهية بين الزوجين حتى يتفرقا. ولا يستطيع السحرة أن يضروا به أحدًا إلا بإذن الله وقضائه. وما يتعلم السحرة إلا شرًا يضرهم ولا ينفعهم, وقد نقلته الشياطين إلى اليهود, فشاع فيهم حتى فضَّلوه على كتاب الله. ولقد علم اليهود أن من اختار السِّحر وترك الحق ما له في الآخرة من نصيب في الخير. ولبئس ما باعوا به أنفسهم من السحر والكفر عوضًا عن الإيمان ومتابعة الرسول, لو كان لهم عِلْمٌ يثمر العمل بما وُعِظوا.

التفسير الميسر


 

رد مع اقتباس
قديم 25 Aug 2010, 05:09 PM   #5
نقاء
باحث برونزي


الصورة الرمزية نقاء
نقاء غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 9213
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 أخر زيارة : 07 Jan 2011 (08:46 PM)
 المشاركات : 17 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
رد: تفسير"واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان...." من عدة تفاسير



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


 

رد مع اقتباس
قديم 29 Aug 2010, 04:39 PM   #6
نضال الدين اليمني
باحث ذهبي


الصورة الرمزية نضال الدين اليمني
نضال الدين اليمني غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2549
 تاريخ التسجيل :  Mar 2008
 أخر زيارة : 01 Aug 2012 (01:46 AM)
 المشاركات : 468 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
Re: تفسير"واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان...." من عدة تفاسير



بارك الله فيك وجزاك كل الخير ولكن هناك تفاسير متعدده لهذه الأيه وهي موسعه جدا اتمنى ان تنقلها جميعا.اما بشأن ان هناك ملكين قد انزلهما الله الى ارض بابل وعرضت عليهما الزهره ففتنتهما حتى اذنبا وزنيا وشربا الخمر وقتلا الطفل قال بعض المفسرين ان هذا منقول من اخبار اليهود وفي هذا الحديث احد الرجال الغير موثوق بهم وقيل مقطوع السند والله اعلم.


 
 توقيع : نضال الدين اليمني


وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ



رد مع اقتباس
قديم 30 Aug 2010, 02:36 AM   #7
أبو سفيان
Banned


الصورة الرمزية أبو سفيان
أبو سفيان غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2349
 تاريخ التسجيل :  Jan 2008
 أخر زيارة : 24 Jan 2012 (09:58 PM)
 المشاركات : 5,855 [ + ]
 التقييم :  14
لوني المفضل : Cadetblue
Re: تفسير"واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان...." من عدة تفاسير



قوله: 102- "واتبعوا ما تتلوا الشياطين" معطوف على قوله: نبذوا أي نبذوا كتاب الله واتبعوا ما تتلوا الشياطين من السحر ونحوه.

قال الطبري: اتبعوا بمعنى فعلوا.

ومعنى تتلوا تتقوله وتقرأه و"على ملك سليمان" على عهد ملك سليمان، قاله الزجاج، وقيل: المعنى في ملك سليمان: يعني في قصصه وصفاته وأخباره.

قال الفراء: تصلح على وفي في هذا الموضع، والأول أظهر.

وقد كانوا يظنون أن هذا هو علم سليمان وأنه يستجيزه ويقول به، فرد الله ذلك عليهم وقال: "وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا" ولم يتقدم أن أحداً نسب سليمان إلى الكفر، ولكن لما نسبته اليهود إلى السحر صاروا بمنزلة من نسبه الكفر لأن السحر يوجب ذلك، ولهذا أثبت الله سبحانه كفر الشياطين فقال: "ولكن الشياطين كفروا" أي بتعليمهم.

وقوله: "يعلمون الناس السحر" في محل نصب على الحال، ويجوز أن يكون في محل رفع على أنه خبر بعد خبر.

وقرأ ابن عامر والكوفيون سوى عاصم "ولكن الشياطين" بتخفيف لكن ورفع الشياطين، والباقون بالتشديد والنصب.

والسحر: هو ما يفعله الساحر من الحيل والتخييلات التي تحصل بسببها للمسحور ما يحصل من الخواطر الفاسدة الشبيهة بما يقع لمن يرى السراب فيظنه ماء، وما يظنه راكب السفينة أو الدابة من أن الجبال تسير، وهو مشتق من سحرت الصبي إذا خدعته، وقيل: أصله الخفاء، فإن الساحر يفعله خفية، وقيل: أصله الصرف لأن السحر مصروف عن جهته، وقيل: أصله الاستمالة لأن من سحرك فقد استمالك.

وقال الجوهري: السحر الأخذة، وكل ما لطف ودق فهو سحر.

وقد سحره يسحره سحراً، والساحر: العالم، وسحره أيضاً بمعنى خدعه.

وقد اختلف هل له حقيقة أم لا؟ فذهبت المعتزلة وأبو حنيفة إلى أنه [خداع] لا أصل له ولا حقيقة.

وذهب من عداهم إلى أن له حقيقة مؤثرة.

وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر، سحره لبيد بن الأعصم اليهودي حتى كان يخيل إليه أنه يأتي الشيء ولم يكن قد أتاه ثم شفاه الله سبحانه، والكلام في ذلك يطول.

وقوله: "وما أنزل على الملكين" أي ويعلمون الناس ما أنزل على الملكين فهو معطوف على السحر، وقيل: هو معطوف على قوله: ما تتلوا الشياطين أي واتبعوا ما أنزل الله على الملكين.

وقيل: إن ما في قوله: "وما أنزل على الملكين" نافية، والواو عاطفة على قوله: وما كفر سليمان وفي الكلام تقديم وتأخير، والتقدير: وما كفر سليمان وما أنزل على الملكين ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ببابل هاروت وماروت فهاروت وماروت بدل من الشياطين في قوله: "ولكن الشياطين كفروا" ذكر هذا ابن جرير وقال: فإن قال لنا قائل: وكيف وجه تقديم ذلك؟ قيل: وجه تقديمه أن يقال: واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان وما أنزل الله على الملكين ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ببابل وهاروت وماروت، فيكون منيعاً بالملكين جبريل وميكائيل، لأن سحرة اليهود فيما ذكر كانت تزعم أن الله أنزل السحر على لسان جبريل وميكائيل إلى سليمان بن داود، فأكذبهم الله بذلك وأخبر نبيه صلى الله عليه وسلم أن جبريل وميكائيل لم ينزلا بسحر، وبرأ سليمان مما نحلوه من السحر، وأخبرهم أن السحر من عمل الشياطين، وأنها تعلم الناس ذلك ببابل، وأن الذين يعلمونهم ذلك رجلان أحدهما هاروت والآخر ماروت فيكون هاروت وماروت على هذا التأويل ترجمة عن الناس ورداً عليهم.

انتهى.

وقال القرطبي في تفسيره بعد أن حكى معنى هذا الكلام ورجح أن هاروت وماروت بدل من الشياطين ما لفظه: هذا أولى ما حملت عليه الآية وأصح ما قيل فيها ولا يلتفت إلى سواه، فالسحر من استخراج الشياطين للطافة جوهرهم ودقة أفهامهم، وأكثر ما يتعاطاه من الإنس النساء وخاصة في حال طمثهن، قال الله: "ومن شر النفاثات في العقد" ثم قال: إن قيل كيف يكون اثنان بدلاً من جمع والبدل إنما يكون على حد المبدل؟ ثم أجاب عن ذلك بأن الاثنين قد يطلق عليهما الجمع، أو أنهما خصا بالذكر دون غيرهما لتمردهما، ويؤيد هذا أنه قرأ ابن عباس والضحاك والحسن الملكين بكسر اللام، ولعل وجه الجزم بهذا التأويل مع بعده وظهور تكلفه تنزيه الله سبحانه أن ينزل السحر إلى أرضه فتنه لعباده على ألسن ملائكته.

وعندي أنه لا موجب لهذا التعسف المخالف لما هو الظاهر، فإن الله سبحانه أن يمتحن عباده بما شاء كما امتحن بنهر طالوت، ولهذا يقول الملكان: "إنما نحن فتنة" قال ابن جرير: وذهب كثير من السلف إلى أنهما كانا ملكين من السماء، وأنهما أنزلا إلى الأرض فكان من أمرهما ما كان وبابل قيل: هي العراق، وقيل: نهاوند، وقيل: نصيبين، وقيل: المغرب.

وهاروت وماروت اسمان أعجميان لا ينصرفان.

وقوله: "وما يعلمان من أحد حتى يقولا" قال الزجاج: تعليم إنذار من السحر لا تعليم دعاء إليه، قال: وهو الذي عليه أكثر أهل اللغة والنظر، ومعناه: أنهما يعلمان على النهي فيقولان لهم: لا تفعلوا كذا، و"من" في قوله: "من أحد" زائدة للتوكيد، وقد قيل: إن قوله: يعلمان من الإعلام لا من التعليم، وقد جاء في كلام العرب تعلم بمعنى أعلم كما حكاه ابن الأنباري وابن الأعرابي، وهو كثير في أشعارهم كقول كعب بن مالك: تعلم رسول الله أنك مدركي وأن وعيداً منك كالأخذ باليد وقال القطامي: تعلم أن بعد الغي رشدا وأن لذلك الغي انقشاعا وقوله: "إنما نحن فتنة" هو على ظاهره.

أي إنما نحن ابتلاء واختبار من الله لعباده، وقيل: إنه استهزاءً منهما لأنهما إنما يقولانه لمن قد تحققا ضلاله وفي قولهما: "فلا تكفر" أبلغ إنذار وأعظم تحذير: أي أن هذا ذنب يكون من فعله كافراً فلا تكفر، وفيه دليل على أن تعلم السحر كفر وظاهره عدم الفرق بين المعتقد وغير المعتقد، وبين من تعلمه ليكون ساحراً ومن تعلمه ليقدر على دفعه.

وقوله: "فيتعلمون" فيه ضمير يرجع إلى قوله: "من أحد" قال سيبويه: التقدير فهم يتعلمون، قال: ومثله "كن فيكون" وقيل: هو معطوف على موضع ما يعلمان، لأنه وإن كان منفياً فهو يتضمن الإيجاب.

وقال الفراء: هي مردودة على قوله: "يعلمون الناس السحر" أي يعلمون الناس فيتعلمون وقوله: "ما يفرقون به بين المرء وزوجه" في إسناد التفريق إلى السحرة وجعل السحر سبباً لذلك دليل على ان للسحر تأثيراً في القلوب بالحب والبغض والجمع والفرقة والقرب والبعد.

وقد ذهبت طائفة من العلماء إلى إن الساحر لا يقدر على أكثر مما أخبر الله به من التفرقة، لأن الله ذكر ذلك في معرض الذم للسحر وبين ما هو الغاية في تعليمه، فلو كان يقدر على أكثر من ذلك لذكره.

وقالت طائفة أخرى: إن ذلك خرج مخرج الأغلب، وأن الساحر يقدر على غير ذلك المنصوص عليه، وقيل: ليس للسحر تأثير في نفسه أصلاً لقوله تعالى: "وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله" والحق أنه لا تنافي بين قوله: "فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه" وبين قوله: " وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله " فإن المستفاد من جميع ذلك أن للسحر تأثيراً في نفسه، ولكنه لا يؤثر ضرراً إلا فيمن أذن الله بتأثيره فيه.

وقد أجمع أهل العلم على أن له تأثيراً في نفسه وحقيقة ثابتة، ولم يخالف في ذلك إلا المعتزلة وأبو حنيفة كما تقدم، وقوله: "ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم" فيه تصريح بأن السحر لا يعود على صاحبه بفائدة ولا يجلب إليه منفعة بل هو ضرر محض وخسران بحت، واللام في قوله: "ولقد" جواب قسم محذوف، وفي قوله: "لمن اشتراه" للتأكيد ومن موصولة وهي في محل رفع على الابتداء، والخبر قوله: "ما له في الآخرة من خلاق" وقال الفراء: إنها شرطية للمجازاة.

وقال الزجاج: ليس هذا بموضع شرط، ورجح أنها موصولة كما ذركنا.

والمراد بالشراء هنا الاستبدال أي من استبدل ما تتلوا الشياطين على كتاب الله.

والخلاق: النصيب عند أهل اللغة، كذا قال الزجاج.

والمراد بقوله: "ما شروا به أنفسهم" أي باعوها.

وقد أثبت لهم العلم في قوله: "ولقد علموا" ونفاه عنهم في قوله: "لو كانوا يعلمون" واختلفوا في توجيه ذلك فقال قطرب والأخفش: إن المراد بقوله: "ولقد علموا" الشياطين، والمراد بقوله: "لو كانوا يعلمون" الإنس.

وقال الزجاج: إن الأول للملكين وإن كان بصيغة الجمع فهو مثل قولهم: الزيدان قاموا.

والثاني المراد به علماء اليهود، وإنما قال: "لو كانوا يعلمون" لأنهم تركوا العمل بعلمهم.
فتح القدير


 

رد مع اقتباس
قديم 14 Sep 2010, 01:31 PM   #8
أبو سفيان
Banned


الصورة الرمزية أبو سفيان
أبو سفيان غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2349
 تاريخ التسجيل :  Jan 2008
 أخر زيارة : 24 Jan 2012 (09:58 PM)
 المشاركات : 5,855 [ + ]
 التقييم :  14
لوني المفضل : Cadetblue
Re: تفسير"واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان...." من عدة تفاسير



الدرس الحادي عشر:102 - 103 اليهود والسحر وقصة هاروت وماروت
ثم ماذا ? ماذا بعد أن نبذوا كتاب الله المصدق لما معهم ? ? ألعلهم قد لاذوا بما هو خير منه ? ألعلهم قد لجأوا إلى حق لا شبهة فيه ? ألعلهم قد استمسكوا بكتابهم الذي جاء القرآن يصدقه ? كلا . . لا شيء من هذا كله . إنهم نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ليجروا خلف أساطير غامضة لا تستند إلى حقيقة ثابتة .
(واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان , وما كفر سليمان , ولكن الشياطين كفروا . يعلمون الناس السحر , وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت . وما يعلمان من أحد حتى يقولا:إنما نحن فتنة فلا تكفر . فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه - وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله - ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم . ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق , ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون . ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون). .
لقد تركوا ما أنزل الله مصدقا لما معهم ; وراحوا يتتبعون ما يقصه الشياطين عن عهد سليمان , وما يضللون به الناس من دعاوى مكذوبة عن سليمان , إذ يقولون:إنه كان ساحرا , وإنه سخر ما سخر عن طريق السحر الذي كان يعلمه ويستخدمه .
والقرآن ينفي عن سليمان - عليه السلام - أنه كان ساحرا , فيقول:
(وما كفر سليمان).
فكأنه يعد السحر واستخدامه كفرا ينفيه عن سليمان - عليه السلام - ويثبته للشياطين:
(ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر). .
ثم ينفي أن السحر منزل من عند الله على الملكين:هاروت وماروت . اللذين كان مقرهما بابل:
(وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت). .
ويبدو أنه كانت هناك قصة معروفة عنهما , وكان اليهود أو الشياطين يدعون أنهما كانا يعرفان السحر ويعلمانه للناس , ويزعمان أن هذا السحر أنزل عليهما ! فنفى القرآن هذه الفرية أيضا . فرية تنزيل السحر على الملكين .
ثم يبين الحقيقة , وهي أن هذين الملكين كانا هناك فتنة وابتلاء للناس لحكمة مغيبة . وأنهما كانا يقولان لكل من يجيء اليهما , طالبا منهما أن يعلماه السحر:
(وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر). .
ومرة أخرى نجد القرآن يعتبر السحر وتعلمه واستخدامه كفرا ; ويذكر هذا على لسان الملكين:هاروتوماروت
وقد كان بعض الناس يصر على تعلم السحر منهما , على الرغم من تحذيره وتبصيره . وعندئذ تحق الفتنة على بعض المفتونين:
(فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه). .
وهو الأذى والشر الذي حذرهم منه الملكان . .
وهنا يبادر القرآن فيقرر كلية التصور الإسلامي الأساسية , وهي أنه لا يقع شيء في هذا الوجود إلا بإذن الله:
(وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله). .
فبإذن الله تفعل الأسباب فعلها وتنشىء آثارها وتحقق نتائجها . . وهذه قاعدة كلية في التصور لا بد من وضوحها في ضمير المؤمن تماما . وأقرب ما يمثل هذه القاعدة في مثل هذا المقام , أنك إذا عرضت يدك للنار فإنها تحترق . ولكن هذا الاحتراق لا يكون إلا بإذن الله . فالله هو الذي أودع النار خاصية الحرق وأودع يدك خاصية الاحتراق بها . وهو قادر على أن يوقف هذه الخاصية حين لا يأذن لحكمة خاصة يريدها ; كما وقع لإبراهيم - عليه السلام - وكذلك هذا السحر الذي يفرقون به بين المرء وزوجه , ينشىء هذا الأثر بإذن الله . وهو قادر على أن يوقف هذه الخاصية فيه حين لا يأذن لحكمة خاصة يريدها . . وهكذا بقية ما نتعارف عليه بأنه مؤثرات وآثار . . كل مؤثر مودع خاصية التأثير بإذن الله , فهو يعمل بهذا الإذن , ويمكن أن يوقف مفعوله كما أعطاه هذا المفعول حين يشاء . .
ثم يقرر القرآن حقيقة ما يتعلمون , وما يفرقون به بين المرء وزوجه . . إنه شر عليهم هم أنفسهم لا خير:
(ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم). .
ويكفي أن يكون هذا الشر هو الكفر ليكون ضرا خالصا لا نفع فيه !
(ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق). .
ولقد علموا أن الذي يشتريه لا نصيب له في الآخرة , فهو حين يختاره ويشتريه يفقد كل رصيد له في الآخرة وكل نصيب . .
فما أسوأ ما باعوا به أنفسهم لو كانوا يعلمون حقيقة الصفقة:
(ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون). .
في ظلال القران


 

رد مع اقتباس
قديم 23 Oct 2010, 04:08 PM   #9
أبو سفيان
Banned


الصورة الرمزية أبو سفيان
أبو سفيان غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2349
 تاريخ التسجيل :  Jan 2008
 أخر زيارة : 24 Jan 2012 (09:58 PM)
 المشاركات : 5,855 [ + ]
 التقييم :  14
لوني المفضل : Cadetblue
Re: تفسير"واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان...." من عدة تفاسير



أي: ولما جاءهم هذا الرسول الكريم بالكتاب العظيم بالحق الموافق لما معهم، وكانوا يزعمون أنهم متمسكون بكتابهم, فلما كفروا بهذا الرسول وبما جاء به، { نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ } الذي أنزل إليهم أي: طرحوه رغبة عنه { وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ } وهذا أبلغ في الإعراض كأنهم في فعلهم هذا من الجاهلين وهم يعلمون صدقه، وحقيّة ما جاء به. تبين بهذا أن هذا الفريق من أهل الكتاب لم يبق في أيديهم شيء حيث لم يؤمنوا بهذا الرسول, فصار كفرهم به كفرا بكتابهم من حيث لا يشعرون. ولما كان من العوائد القدرية والحكمة الإلهية أن من ترك ما ينفعه، وأمكنه الانتفاع به فلم ينتفع, ابتلي بالاشتغال بما يضره, فمن ترك عبادة الرحمن, ابتلي بعبادة الأوثان, ومن ترك محبة الله وخوفه ورجاءه, ابتلي بمحبة غير الله وخوفه ورجائه, ومن لم ينفق ماله في طاعة الله أنفقه في طاعة الشيطان, ومن ترك الذل لربه, ابتلي بالذل للعبيد، ومن ترك الحق ابتلي بالباطل. كذلك هؤلاء اليهود لما نبذوا كتاب الله اتبعوا ما تتلوا الشياطين وتختلق من السحر على ملك سليمان حيث أخرجت الشياطين للناس السحر، وزعموا أن سليمان عليه السلام كان يستعمله وبه حصل له الملك العظيم. وهم كذبة في ذلك، فلم يستعمله سليمان، بل نزهه الصادق في قيله: { وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ } أي: بتعلم السحر, فلم يتعلمه، { وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا } بذلك. { يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ } من إضلالهم وحرصهم على إغواء بني آدم، وكذلك اتبع اليهود السحر الذي أنزل على الملكين الكائنين بأرض بابل من أرض العراق، أنزل عليهما السحر امتحانا وابتلاء من الله لعباده فيعلمانهم السحر. { وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى } ينصحاه, و { يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ } أي: لا تتعلم السحر فإنه كفر، فينهيانه عن السحر، ويخبرانه عن مرتبته, فتعليم الشياطين للسحر على وجه التدليس والإضلال، ونسبته وترويجه إلى من برأه الله منه وهو سليمان عليه السلام، وتعليم الملكين امتحانا مع نصحهما لئلا يكون لهم حجة. فهؤلاء اليهود يتبعون السحر الذي تعلمه الشياطين, والسحر الذي يعلمه الملكان, فتركوا علم الأنبياء والمرسلين وأقبلوا على علم الشياطين, وكل يصبو إلى ما يناسبه. ثم ذكر مفاسد السحر فقال: { فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ } مع أن محبة الزوجين لا تقاس بمحبة غيرهما, لأن الله قال في حقهما: { وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً } وفي هذا دليل على أن السحر له حقيقة، وأنه يضر بإذن الله، أي: بإرادة الله، والإذن نوعان: إذن قدري، وهو المتعلق بمشيئة الله, كما في هذه الآية، وإذن شرعي كما في قوله تعالى في الآية السابقة: { فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ } وفي هذه الآية وما أشبهها أن الأسباب مهما بلغت في قوة التأثير، فإنها تابعة للقضاء والقدر ليست مستقلة في التأثير, ولم يخالف في هذا الأصل من فرق الأمة غير القدرية في أفعال العباد، زعموا أنها مستقلة غير تابعة للمشيئة, فأخرجوها عن قدرة الله، فخالفوا كتاب الله وسنة رسوله وإجماع الصحابة والتابعين. ثم ذكر أن علم السحر مضرة محضة, ليس فيه منفعة لا دينية ولا دنيوية كما يوجد بعض المنافع الدنيوية في بعض المعاصي، كما قال تعالى في الخمر والميسر: { قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا } فهذا السحر مضرة محضة, فليس له داع أصلا, فالمنهيات كلها إما مضرة محضة, أو شرها أكبر من خيرها. كما أن المأمورات إما مصلحة محضة أو خيرها أكثر من شرها. { وَلَقَدْ عَلِمُوا } أي: اليهود { لَمَنِ اشْتَرَاهُ } أي: رغب في السحر رغبة المشتري في السلعة. { مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ } أي: نصيب, بل هو موجب للعقوبة, فلم يكن فعلهم إياه جهلا, ولكنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة. { وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } علما يثمر العمل ما فعلوه.

تفسير السعدي


 

رد مع اقتباس
قديم 20 Nov 2010, 09:10 PM   #10
أبو سفيان
Banned


الصورة الرمزية أبو سفيان
أبو سفيان غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2349
 تاريخ التسجيل :  Jan 2008
 أخر زيارة : 24 Jan 2012 (09:58 PM)
 المشاركات : 5,855 [ + ]
 التقييم :  14
لوني المفضل : Cadetblue
Re: تفسير"واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان...." من عدة تفاسير



وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ هذا إخبار من الله تعالى عن الطائفة الذين نبذوا الكتاب بأنهم اتبعوا السحر أيضا , وهم اليهود .

وقال السدي : عارضت اليهود محمدا صلى الله عليه وسلم بالتوراة فاتفقت التوراة والقرآن فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف وبسحر هاروت وماروت .

وقال محمد بن إسحاق : لما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم سليمان في المرسلين قال بعض أحبارهم : يزعم محمد أن ابن داود كان نبيا ! والله ما كان إلا ساحرا , فأنزل الله عز وجل : " وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا " أي ألقت إلى بني آدم أن ما فعله سليمان من ركوب البحر واستسخار الطير والشياطين كان سحرا .

وقال الكلبي : كتبت الشياطين السحر والنيرنجيات على لسان آصف كاتب سليمان , ودفنوه تحت مصلاه حين انتزع الله ملكه ولم يشعر بذلك سليمان , فلما مات سليمان استخرجوه وقالوا للناس : إنما ملككم بهذا فتعلموه , فأما علماء بني إسرائيل فقالوا : معاذ الله أن يكون هذا علم سليمان ! وأما السفلة فقالوا : هذا علم سليمان , وأقبلوا على تعليمه ورفضوا كتب أنبيائهم حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم , فأنزل الله عز وجل على نبيه عذر سليمان وأظهر براءته مما رمي به فقال : " واتبعوا ما تتلو الشياطين " .

قال عطاء : " تتلو " تقرأ من التلاوة .

وقال ابن عباس : " تتلو " تتبع , كما تقول : جاء القوم يتلو بعضهم بعضا .

وقال الطبري : " اتبعوا " بمعنى فضلوا .

قلت : لأن كل من اتبع شيئا وجعله أمامه فقد فضله على غيره , ومعنى " تتلو " يعني تلت , فهو بمعنى المضي , قال الشاعر : وإذا مررت بقبره فاعقر به كوم الهجان وكل طرف سابح وانضح جوانب قبره بدمائها فلقد يكون أخا دم وذبائح أي فلقد كان .

و " ما " مفعول ب " اتبعوا " أي اتبعوا ما تقولته الشياطين على سليمان وتلته .

وقيل : " ما " نفي , وليس بشيء لا في نظام الكلام ولا في صحته , قاله ابن العربي .

" على ملك سليمان " أي على شرعه ونبوته .

قال الزجاج : قال الفراء على عهد ملك سليمان .

وقيل : المعنى في ملك سليمان , يعني في قصصه وصفاته وأخباره .

قال الفراء : تصلح على وفي , في مثل هذا الموضع .

وقال " على " ولم يقل بعد لقوله تعالى : " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته " [ الحج : 52 ] أي في تلاوته .

وقد تقدم معنى الشيطان واشتقاقه , فلا معنى لإعادته .

والشياطين هنا قيل : هم شياطين الجن , وهو المفهوم من هذا الاسم .

وقيل : المراد شياطين الإنس المتمردون في الضلال , كقول جرير : أيام يدعونني الشيطان من غزلي وكن يهوينني إذ كنت شيطانا وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ تبرئة من الله لسليمان ولم يتقدم في الآية أن أحدا نسبه إلى الكفر , ولكن اليهود نسبته إلى السحر , ولكن لما كان السحر كفرا صار بمنزلة من نسبه إلى الكفر . وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ فأثبت كفرهم بتعليم السحر .

و " يعلمون : في موضع نصب على الحال , ويجوز أن يكون في موضع رفع على أنه خبر ثان .

وقرأ الكوفيون سوى عاصم " ولكن الشياطين " بتخفيف " لكن " , ورفع النون من " الشياطين " , وكذلك في الأنفال " ولكن الله رمى " [ الأنفال : 17 ] ووافقهم ابن عامر .

الباقون بالتشديد والنصب .

و " لكن " كلمة لها معنيان : نفي الخبر الماضي , وإثبات الخبر المستقبل , وهي مبنية من ثلاث كلمات : لا , ك , إن .

" لا " نفي , و " الكاف " خطاب , و " إن " إثبات وتحقيق , فذهبت الهمزة استثقالا , وهي تثقل وتخفف , فإذا ثقلت نصبت كإن الثقيلة , وإذا خففت رفعت بها كما ترفع بإن الخفيفة .

السحر , قيل : السحر أصله التمويه والتخاييل , وهو أن يفعل الساحر أشياء ومعاني , فيخيل للمسحور أنها بخلاف ما هي به , كالذي يرى السراب من بعيد فيخيل إليه أنه ماء , وكراكب السفينة السائرة سيرا حثيثا يخيل إليه أن ما يرى من الأشجار والجبال سائرة معه .

وقيل : هو مشتق من سحرت الصبي إذا خدعته , وكذلك إذا عللته , والتسحير مثله , قال لبيد : فإن تسألينا فيم نحن فإننا عصافير من هذا الأنام المسحر آخر : أرانا موضعين لأمر غيب ونسحر بالطعام وبالشراب عصافير وذبان ودود وأجرأ من مجلحة الذئاب وقوله تعالى : " إنما أنت من المسحرين " [ الشعراء : 153 ] يقال : المسحر الذي خلق ذا سحر , ويقال من المعللين , أي ممن يأكل الطعام ويشرب الشراب .

وقيل : أصله الخفاء , فإن الساحر يفعله في خفية .

وقيل : أصله الصرف , يقال : ما سحرك عن كذا , أي ما صرفك عنه , فالسحر مصروف عن جهته .

وقيل : أصله الاستمالة , وكل من استمالك فقد سحرك .

وقيل في قوله تعالى : " بل نحن قوم مسحورون " [ الحجر : 15 ] أي سحرنا فأزلنا بالتخييل عن معرفتنا .

وقال الجوهري : السحر الأخذة , وكل ما لطف مأخذه ودق فهو سحر , وقد سحره يسحره سحرا .

والساحر : العالم , وسحره أيضا بمعنى خدعه , وقد ذكرناه .

وقال ابن مسعود : كنا نسمي السحر في الجاهلية العضه .

والعضه عند العرب : شدة البهت وتمويه الكذب , قال الشاعر : أعوذ بربي من النافثا ت في عضه العاضه المعضه واختلف هل له حقيقة أم لا , فذكر الغزنوي الحنفي في عيون المعاني له : أن السحر عند المعتزلة خدع لا أصل له , وعند الشافعي وسوسة وأمراض .

قال : وعندنا أصله طلسم يبنى على تأثير خصائص الكواكب , كتأثير الشمس في زئبق عصي فرعون , أو تعظيم الشياطين ليسهلوا له ما عسر .

قلت : وعندنا أنه حق وله حقيقة يخلق الله عنده ما شاء , على ما يأتي .

ثم من السحر ما يكون بخفة اليد كالشعوذة .

والشعوذي : البريد لخفة سيره .

قال ابن فارس في المجمل : الشعوذة ليس من كلام أهل البادية , وهي خفة في اليدين وأخذة كالسحر , ومنه ما يكون كلاما يحفظ , ورقى من أسماء الله تعالى .

وقد يكون من عهود الشياطين , ويكون أدوية وأدخنة وغير ذلك .

سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفصاحة في الكلام واللسانة فيه سحرا , فقال : ( إن من البيان لسحرا ) أخرجه مالك وغيره .

وذلك لأن فيه تصويب الباطل حتى يتوهم السامع أنه حق , فعلى هذا يكون قوله عليه السلام : ( إن من البيان لسحرا ) خرج مخرج الذم للبلاغة والفصاحة , إذ شبهها بالسحر .

وقيل : خرج مخرج المدح للبلاغة والتفضيل للبيان , قال جماعة من أهل العلم .

والأول أصح , والدليل عليه قوله عليه السلام : ( فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ) , وقوله : ( إن أبغضكم إلي الثرثارون المتفيهقون ) .

الثرثرة : كثرة الكلام وترديده , يقال : ثرثر الرجل فهو ثرثار مهذار .

والمتفيهق نحوه .

قال ابن دريد .

فلان يتفيهق في كلامه إذا توسع فيه وتنطع , قال : وأصله الفهق وهو الامتلاء , كأنه ملأ به فمه .

قلت : وبهذا المعنى الذي ذكرناه فسره عامر الشعبي راوي الحديث وصعصعة بن صوحان فقالا : أما قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن من البيان لسحرا ) فالرجل يكون عليه الحق وهو ألحن بالحجج من صاحب الحق فيسحر القوم ببيانه فيذهب بالحق وهو عليه , وإنما يحمد العلماء البلاغة واللسانة ما لم تخرج إلى حد الإسهاب والإطناب , وتصوير الباطل في صورة الحق .

وهذا بين , والحمد لله .

من السحر ما يكون كفرا من فاعله , مثل ما يدعون من تغيير صور الناس , وإخراجهم في هيئة بهيمة , وقطع مسافة شهر في ليلة , والطيران في الهواء , فكل من فعل هذا ليوهم الناس أنه محق فذلك كفر منه , قاله أبو نصر عبد الرحيم القشيري .

قال أبو عمرو : من زعم أن الساحر يقلب الحيوان من صورة إلى صورة , فيجعل الإنسان حمارا أو نحوه , ويقدر على نقل الأجساد وهلاكها وتبديلها , فهذا يرى قتل الساحر لأنه كافر بالأنبياء , يدعي مثل آياتهم ومعجزاتهم , ولا يتهيأ مع هذا علم صحة النبوة إذ قد يحصل مثلها بالحيلة .

وأما من زعم أن السحر خدع ومخاريق وتمويهات وتخييلات فلم يجب على أصله قتل الساحر , إلا أن يقتل بفعله أحدا فيقتل به .

ذهب أهل السنة إلى أن السحر ثابت وله حقيقة .

وذهب عامة المعتزلة وأبو إسحاق الإستراباذي من أصحاب الشافعي إلى أن السحر لا حقيقة له , وإنما هو تمويه وتخييل وإيهام لكون الشيء على غير ما هو به , وأنه ضرب من الخفة والشعوذة , كما قال تعالى : " يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى " [ طه : 66 ] ولم يقل تسعى على الحقيقة , ولكن قال " يخيل إليه " .

وقال أيضا : " سحروا أعين الناس " [ الأعراف : 116 ] .

وهذا لا حجة فيه ; لأنا لا ننكر أن يكون التخييل وغيره من جملة السحر , ولكن ثبت وراء ذلك أمور جوزها العقل وورد بها السمع , فمن ذلك ما جاء في هذه الآية من ذكر السحر وتعليمه , ولو لم يكن له حقيقة لم يمكن تعليمه , ولا أخبر تعالى أنهم يعلمونه الناس , فدل على أن له حقيقة .

وقوله تعالى في قصة سحرة فرعون : " وجاءوا بسحر عظيم " وسورة " الفلق " , مع اتفاق المفسرين على أن سبب نزولها ما كان من سحر لبيد بن الأعصم , وهو مما خرجه البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت : سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهودي من يهود بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم , الحديث .

وفيه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما حل السحر : " إن الله شفاني " .

والشفاء إنما يكون برفع العلة وزوال المرض , فدل على أن له حقا وحقيقة , فهو مقطوع به بإخبار الله تعالى ورسوله على وجوده ووقوعه .

وعلى هذا أهل الحل والعقد الذين ينعقد بهم الإجماع , ولا عبرة مع اتفاقهم بحثالة المعتزلة ومخالفتهم أهل الحق .

ولقد شاع السحر وذاع في سابق الزمان وتكلم الناس فيه , ولم يبد من الصحابة ولا من التابعين إنكار لأصله .

وروى سفيان عن أبي الأعور عن عكرمة عن ابن عباس قال : علم السحر في قرية من قرى مصر يقال لها : " الفرما " فمن كذب به فهو كافر , مكذب لله ورسوله , منكر لما علم مشاهدة وعيانا .

قال علماؤنا : لا ينكر أن يظهر على يد الساحر خرق العادات مما ليس في مقدور البشر من مرض وتفريق وزوال عقل وتعويج عضو إلى غير ذلك مما قام الدليل على استحالة كونه من مقدورات العباد .

قالوا : ولا يبعد في السحر أن يستدق جسم الساحر حتى يتولج في الكوات والخوخات والانتصاب على رأس قصبة , والجري على خيط مستدق , والطيران في الهواء والمشي على الماء وركوب كلب وغير ذلك .

ومع ذلك فلا يكون السحر موجبا لذلك , ولا علة لوقوعه ولا سببا مولدا , ولا يكون الساحر مستقلا به , وإنما يخلق الله تعالى هذه الأشياء ويحدثها عند وجود السحر , كما يخلق الشبع عند الأكل , والري عند شرب الماء .

روى سفيان عن عمار الذهبي أن ساحرا كان عند الوليد بن عقبة يمشي على الحبل , ويدخل في است الحمار ويخرج من فيه , فاشتمل له جندب على السيف فقتله جندب - هذا هو جندب بن كعب الأزدي ويقال البجلي - وهو الذي قال في حقه النبي صلى الله عليه وسلم : ( يكون في أمتي رجل يقال له جندب يضرب ضربة بالسيف يفرق بين الحق والباطل ) .

فكانوا يرونه جندبا هذا قاتل الساحر .

قال علي بن المديني : روى عنه حارثة بن مضرب .

أجمع المسلمون على أنه ليس في السحر ما يفعل الله عنده إنزال الجراد والقمل والضفادع وفلق البحر وقلب العصا وإحياء الموتى وإنطاق العجماء , وأمثال ذلك من عظيم آيات الرسل عليهم السلام .

فهذا ونحوه مما يجب القطع بأنه لا يكون ولا يفعله الله عند إرادة الساحر .

قال القاضي أبو بكر بن الطيب : وإنما منعنا ذلك بالإجماع ولولاه لأجزناه .

في الفرق بين السحر والمعجزة , قال علماؤنا : السحر يوجد من الساحر وغيره , وقد يكون جماعة يعرفونه ويمكنهم الإتيان به في وقت واحد .

والمعجزة لا يمكن الله أحدا أن يأتي بمثلها وبمعارضتها , ثم الساحر لم يدع النبوة فالذي يصدر منه متميز عن المعجزة , فإن المعجزة شرطها اقتران دعوى النبوة والتحدي بها , كما تقدم في مقدمة الكتاب .

واختلف الفقهاء في حكم الساحر المسلم والذمي , فذهب مالك إلى أن المسلم إذا سحر بنفسه بكلام يكون كفرا يقتل ولا يستتاب ولا تقبل توبته ; لأنه أمر يستسر به كالزنديق والزاني ; ولأن الله تعالى سمى السحر كفرا بقوله : " وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر " وهو قول أحمد بن حنبل وأبي ثور وإسحاق والشافعي وأبي حنيفة .

وروي قتل الساحر عن عمر وعثمان وابن عمر وحفصة وأبي موسى وقيس بن سعد وعن سبعة من التابعين .

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( حد الساحر ضربه بالسيف ) خرجه الترمذي وليس بالقوي , انفرد به إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف عندهم , رواه ابن عيينة عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن مرسلا , ومنهم من جعله عن جندب قال ابن المنذر : وقد روينا عن عائشة أنها باعت ساحرة كانت سحرتها وجعلت ثمنها في الرقاب .

قال ابن المنذر : وإذا أقر الرجل أنه سحر بكلام يكون كفرا وجب قتله إن لم يتب , وكذلك لو ثبتت به عليه بينة ووصفت البينة كلاما يكون كفرا .

وإن كان الكلام الذي ذكر أنه سحر به ليس بكفر لم يجز قتله , فإن كان أحدث في المسحور جناية توجب القصاص اقتص منه إن كان عمد ذلك , وإن كان مما لا قصاص فيه ففيه دية ذلك .

قال ابن المنذر : وإذا اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسألة وجب اتباع أشبههم بالكتاب والسنة , وقد يجوز أن يكون السحر الذي أمر من أمر منهم بقتل الساحر سحرا يكون كفرا فيكون ذلك موافقا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم , ويحتمل أن تكون عائشة رضي الله عنها أمرت ببيع ساحرة لم يكن سحرها كفرا .

فإن احتج محتج بحديث جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( حد الساحر ضربه بالسيف ) فلو صح لاحتمل أن يكون أمر بقتل الساحر الذي يكون سحره كفرا , فيكون ذلك موافقا للأخبار التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث ) .

. .

قلت : وهذا صحيح , ودماء المسلمين محظورة لا تستباح إلا بيقين ولا يقين مع الاختلاف .

والله تعالى أعلم .

وقال بعض العلماء : إن قال أهل الصناعة إن السحر لا يتم إلا مع الكفر والاستكبار , أو تعظيم الشيطان فالسحر إذا دال على الكفر على هذا التقدير , والله تعالى أعلم .

وروي عن الشافعي : لا يقتل الساحر إلا أن يقتل بسحره ويقول تعمدت القتل , وإن قال لم أتعمده لم يقتل , وكانت فيه الدية كقتل الخطأ , وإن أضر به أدب على قدر الضرر .

قال ابن العربي : وهذا باطل من وجهين , أحدهما : إنه لم يعلم السحر , وحقيقته أنه كلام مؤلف يعظم به غير الله تعالى , وتنسب إليه المقادير والكائنات .

الثاني : إن الله سبحانه قد صرح في كتابه بأنه كفر فقال : " وما كفر سليمان " بقول السحر " ولكن الشياطين كفروا " به وبتعليمه , وهاروت وماروت يقولان : " إنما نحن فتنة فلا تكفر " وهذا تأكيد للبيان .

احتج أصحاب مالك بأنه لا تقبل توبته ; لأن السحر باطن لا يظهره صاحبه فلا تعرف توبته كالزنديق , وإنما يستتاب من أظهر الكفر مرتدا , قال مالك : فإن جاء الساحر أو الزنديق تائبا قبل أن يشهد عليهما قبلت توبتهما , والحجة لذلك قوله تعالى : " فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا " [ غافر : 85 ] فدل على أنه كان ينفعهم إيمانهم قبل نزول العذاب , فكذلك هذان .

وأما ساحر الذمة , فقيل يقتل .

وقال مالك : لا يقتل إلا أن يقتل بسحره ويضمن ما جنى , ويقتل إن جاء منه ما لم يعاهد عليه .

وقال ابن خويز منداد : فأما إذا كان ذميا فقد اختلفت الرواية عن مالك , فقال مرة : يستتاب وتوبته الإسلام .

وقال مرة : يقتل وإن أسلم .

وأما الحربي فلا يقتل إذا تاب , وكذلك قال مالك في ذمي سب النبي صلى الله عليه وسلم : يستتاب وتوبته الإسلام .

وقال مرة : يقتل ولا يستتاب كالمسلم .

وقال مالك أيضا في الذمي إذا سحر : يعاقب , إلا أن يكون قتل بسحره , أو أحدث حدثا فيؤخذ منه بقدره .

وقال غيره : يقتل ; لأنه قد نقض العهد .

ولا يرث الساحر ورثته ; لأنه كافر إلا أن يكون سحره لا يسمى كفرا .

وقال مالك في المرأة تعقد زوجها عن نفسها أو عن غيرها : تنكل ولا تقتل .

واختلفوا هل يسأل الساحر حل السحر عن المسحور , فأجازه سعيد بن المسيب على ما ذكره البخاري , وإليه مال المزني وكرهه الحسن البصري .

وقال الشعبي : لا بأس بالنشرة .

قال ابن بطال : وفي كتاب وهب بن منبه أن يأخذ سبع ورقات من سدر أخضر فيدقه بين حجرين ثم يضربه بالماء ويقرأ عليه آية الكرسي , ثم يحسو منه ثلاث حسوات ويغتسل به , فإنه يذهب عنه كل ما به , إن شاء الله تعالى , وهو جيد للرجل إذا حبس عن أهله .

أنكر معظم المعتزلة الشياطين والجن , ودل إنكارهم على قلة مبالاتهم وركاكة دياناتهم , وليس في إثباتهم مستحيل عقلي , وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على إثباتهم , وحق على اللبيب المعتصم بحبل الله أن يثبت ما قضى العقل بجوازه , ونص الشرع على ثبوته , قال الله تعالى : " ولكن الشياطين كفروا " وقال : " ومن الشياطين من يغوصون له " [ الأنبياء : 82 ] إلى غير ذلك من الآي , وسورة " الجن " تقضي بذلك , وقال عليه السلام : ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ) .

وقد أنكر هذا الخبر كثير من الناس , وأحالوا روحين في جسد , والعقل لا يحيل سلوكهم في الإنس إذا كانت أجسامهم رقيقة بسيطة على ما يقوله بعض الناس بل أكثرهم , ولو كانوا كثافا لصح ذلك أيضا منهم , كما يصح دخول الطعام والشراب في الفراغ من الجسم , وكذلك الديدان قد تكون في بني آدم وهي أحياء . وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ " ما " نفي , والواو للعطف على قوله : " وما كفر سليمان " وذلك أن اليهود قالوا : إن الله أنزل جبريل وميكائيل بالسحر , فنفى الله ذلك .

وفي الكلام تقديم وتأخير , التقدير وما كفر سليمان , وما أنزل على الملكين , ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ببابل هاروت وماروت , فهاروت وماروت بدل من الشياطين في قوله : " ولكن الشياطين كفروا " .

هذا أولى ما حملت عليه الآية من التأويل , وأصح ما قيل فيها ولا يلتفت إلى سواه , فالسحر من استخراج الشياطين للطافة جوهرهم , ودقة أفهامهم , وأكثر ما يتعاطاه من الإنس النساء وخاصة في حال طمثهن , قال الله تعالى : " ومن شر النفاثات في العقد " [ الفلق : 4 ] .

وقال الشاعر : أعوذ بربي من النافثا ت في عضه العاضه المعضه إن قال قائل : كيف يكون اثنان بدلا من جمع والبدل إنما يكون على حد المبدل , فالجواب من وجوه ثلاثة , الأول : أن الاثنين قد يطلق عليهما اسم الجمع , كما قال تعالى : " فإن كان له إخوة فلأمه السدس " [ النساء : 11 ] ولا يحجبها عن الثلث إلى السدس إلا اثنان من الإخوة فصاعدا , على ما يأتي بيانه في " النساء " .

الثاني : أنهما لما كانا الرأس في التعليم نص عليهما دون أتباعهما , كما قال تعالى : " عليها تسعة عشر " [ المدثر : 30 ] .

الثالث : إنما خصا بالذكر من بينهم لتمردهما , كما قال تعالى : " فيهما فاكهة ونخل ورمان " [ الرحمن : 68 ] وقوله : " وجبريل وميكال " .

وهذا كثير في القرآن وفي كلام العرب , فقد ينص بالذكر على بعض أشخاص العموم إما لشرفه وإما لفضله , كقوله تعالى : " إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي " [ آل عمران : 68 ] وقوله : " وجبريل وميكال " [ البقرة : 98 ] , وإما لطيبه كقوله : " فاكهة ونخل ورمان " [ الرحمن : 68 ] , وإما لأكثريته , كقوله صلى الله عليه وسلم : ( جعلت لي الأرض مسجدا وتربتها طهورا ) , وإما لتمرده وعتوه كما في هذه الآية , والله تعالى أعلم .

وقد قيل : إن " ما " عطف على السحر وهي مفعولة , فعلى هذا يكون " ما " بمعنى الذي , ويكون السحر منزلا على الملكين فتنة للناس وامتحانا , ولله أن يمتحن عباده بما شاء , كما امتحن بنهر طالوت , ولهذا يقول الملكان : إنما نحن فتنة , أي محنة من الله , نخبرك أن عمل الساحر كفر فإن أطعتنا نجوت , وإن عصيتنا هلكت .

وقد روي عن علي وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وكعب الأحبار والسدي والكلبي ما معناه : أنه لما كثر الفساد من أولاد آدم عليه السلام - وذلك في زمن إدريس عليه السلام - عيرتهم الملائكة , فقال الله تعالى : أما إنكم لو كنتم مكانهم , وركبت فيكم ما ركبت فيهم لعملتم مثل أعمالهم , فقالوا : سبحانك ! ما كان ينبغي لنا ذلك , قال : فاختاروا ملكين من خياركم , فاختاروا هاروت وماروت , فأنزلهما إلى الأرض فركب فيهما الشهوة , فما مر بهما شهر حتى فتنا بامرأة اسمها بالنبطية " بيدخت " وبالفارسية " ناهيل " وبالعربية " الزهرة " اختصمت إليهما , وراوداها عن نفسها فأبت إلا أن يدخلا في دينها ويشربا الخمر ويقتلا النفس التي حرم الله , فأجاباها وشربا الخمر وألما بها , فرآهما رجل فقتلاه , وسألتهما عن الاسم الذي يصعدان به إلى السماء فعلماها فتكلمت به فعرجت فمسخت كوكبا .

وقال سالم عن أبيه عن عبد الله : فحدثني كعب الحبر أنهما لم يستكملا يومهما حتى عملا بما حرم الله عليهما .

وفي غير هذا الحديث : فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا , فهما يعذبان ببابل في سرب من الأرض .

قيل : بابل العراق .

وقيل : بابل نهاوند , وكان ابن عمر فيما يروى عن عطاء أنه كان إذا رأى الزهرة وسهيلا سبهما وشتمهما , ويقول : إن سهيلا كان عشارا باليمن يظلم الناس , وإن الزهرة كانت صاحبة هاروت وماروت .

قلنا : هذا كله ضعيف وبعيد عن ابن عمر وغيره , لا يصح منه شيء , فإنه قول تدفعه الأصول في الملائكة الذين هم أمناء الله على وحيه , وسفراؤه إلى رسله " لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون " [ التحريم : 6 ] .

" بل عباد مكرمون .

لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون " [ الأنبياء : 26 - 27 ] .

" يسبحون الليل والنهار لا يفترون " [ الأنبياء : 20 ] .

وأما العقل فلا ينكر وقوع المعصية من الملائكة ويوجد منهم خلاف ما كلفوه , ويخلق فيهم الشهوات , إذ في قدرة الله تعالى كل موهوم , ومن هذا خوف الأنبياء والأولياء الفضلاء العلماء , لكن وقوع هذا الجائز لا يدرك إلا بالسمع ولم يصح .

ومما يدل على عدم صحته أن الله تعالى خلق النجوم وهذه الكواكب حين خلق السماء , ففي الخبر : ( أن السماء لما خلقت خلق فيها سبعة دوارة زحل والمشتري وبهرام وعطارد والزهرة والشمس والقمر " .

وهذا معنى قول الله تعالى : " وكل في فلك يسبحون " [ الأنبياء : 33 ] .

فثبت بهذا أن الزهرة وسهيلا قد كانا قبل خلق آدم , ثم إن قول الملائكة : " ما كان ينبغي لنا " عورة : لا تقدر على فتنتنا , وهذا كفر نعوذ بالله منه ومن نسبته إلى الملائكة الكرام صلوات الله عليهم أجمعين , وقد نزهناهم وهم المنزهون عن كل ما ذكره ونقله المفسرون , سبحان ربك رب العزة عما يصفون .

قرأ ابن عباس وابن أبزى والضحاك والحسن : " الملكين " بكسر اللام .

قال ابن أبزى : هما داود وسليمان .

ف " ما " على هذا القول أيضا نافية , وضعف هذا القول ابن العربي .

وقال الحسن : هما علجان كانا ببابل ملكين , ف " ما " على هذا القول مفعولة غير نافية .

. بِبَابِلَ بابل لا ينصرف للتأنيث والتعريف والعجمة , وهي قطر من الأرض , قيل : العراق وما والاه .

وقال ابن مسعود لأهل الكوفة : أنتم بين الحيرة وبابل .

وقال قتادة : هي من نصيبين إلى رأس العين .

وقال قوم : هي بالمغرب .

قال ابن عطية : وهذا ضعيف .

وقال قوم : هو جبل نهاوند , فالله تعالى أعلم .

واختلف في تسميته ببابل , فقيل : سمي بذلك لتبلبل الألسن بها حين سقط صرح نمروذ .

وقيل : سمي به لأن الله تعالى لما أراد أن يخالف بين ألسنة بني آدم بعث ريحا فحشرتهم من الآفاق إلى بابل , فبلبل الله ألسنتهم بها , ثم فرقتهم تلك الريح في البلاد .

والبلبلة : التفريق , قال معناه الخليل .

وقال أبو عمر بن عبد البر : من أخصر ما قيل في البلبلة وأحسنه ما رواه داود بن أبي هند عن علباء بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس أن نوحا عليه السلام لما هبط إلى أسفل الجودي ابتنى قرية وسماها ثمانين , فأصبح ذات يوم وقد تبلبلت ألسنتهم على ثمانين لغة , إحداها اللسان العربي , وكان لا يفهم بعضهم عن بعض .

روى عبد الله بن بشر المازني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اتقوا الدنيا فوالذي نفسي بيده إنها لأسحر من هاروت وماروت ) .

قال علماؤنا : إنما كانت الدنيا أسحر منهما لأنها تسحرك بخدعها , وتكتمك فتنتها , فتدعوك إلى التحارص عليها والتنافس فيها , والجمع لها والمنع , حتى تفرق بينك وبين طاعة الله تعالى , وتفرق بينك وبين رؤية الحق ورعايته , فالدنيا أسحر منهما , تأخذ بقلبك عن الله , وعن القيام بحقوقه , وعن وعده ووعيده .

وسحر الدنيا محبتها وتلذذك بشهواتها , وتمنيك بأمانيها الكاذبة حتى تأخذ بقلبك , ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( حبك الشيء يعمي ويصم ) . هَارُوتَ وَمَارُوتَ لا ينصرف " هاروت " ; لأنه أعجمي معرفة , وكذا " ماروت " , ويجمع هواريت ومواريت , مثل طواغيت , ويقال : هوارتة وهوار , وموارتة وموار , ومثله جالوت وطالوت , فاعلم .

وقد تقدم هل هما ملكان أو غيرهما ؟ خلاف .

قال الزجاج : وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال : أي والذي أنزل على الملكين , وأن الملكين يعلمان الناس تعليم إنذار من السحر لا تعليم دعاء إليه .

قال الزجاج : وهذا القول الذي عليه أكثر أهل اللغة والنظر , ومعناه أنهما يعلمان الناس على النهي فيقولان لهم : لا تفعلوا كذا , ولا تحتالوا بكذا لتفرقوا بين المرء وزوجه .

والذي أنزل عليهما هو النهي , كأنه قولا للناس : لا تعملوا كذا , ف " يعلمان " بمعنى يعلمان , كما قال : " ولقد كرمنا بني آدم " أي أكرمنا . وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ " من " زائدة للتوكيد , والتقدير : وما يعلمان أحدا .

والضمير في " يعلمان " لهاروت وماروت .

وفي " يعلمان " قولان , أحدهما : أنه على بابه من التعليم .

الثاني : أنه من الإعلام لا من التعليم , ف " يعلمان " بمعنى يعلمان , وقد جاء في كلام العرب تعلم بمعنى اعلم , ذكره ابن الأعرابي وابن الأنباري .

قال كعب بن مالك .

تعلم رسول الله أنك مدركي وأن وعيدا منك كالأخذ باليد وقال القطامي : تعلم أن بعد الغي رشدا وأن لذلك الغي انقشاعا وقال زهير : تعلمن ها لعمر الله ذا قسما فاقدر بذرعك وانظر أين تنسلك وقال آخر : تعلم أنه لا طير إلا على متطير وهو الثبور حَتَّى يَقُولَا نصب بحتى فلذلك حذفت منه النون , ولغة هذيل وثقيف " عتى " بالعين المعجمة . إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ لما أنبأ بفتنتهما كانت الدنيا أسحر منهما حين كتمت فتنتها . فَلَا تَكْفُرْ قالت فرقة بتعليم السحر , وقالت فرقة باستعماله .

وحكى المهدوي أنه استهزاء ; لأنهما إنما يقولانه لمن قد تحققا ضلاله . فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ قال سيبويه : التقدير فهم يتعلمون , قال ومثله " كن فيكون " .

وقيل : هو معطوف على موضع " ما يعلمان " ; لأن قوله : " وما يعلمان " وإن دخلت عليه ما النافية فمضمنه الإيجاب في التعليم .

وقال الفراء : هي مردودة على قوله : " يعلمون الناس السحر " فيتعلمون , ويكون " فيتعلمون " متصلة بقوله " إنما نحن فتنة " فيأتون فيتعلمون .

قال السدي : كانا يقولان لمن جاءهما : إنما نحن فتنة فلا تكفر , فإن أبى أن يرجع قالا له : ائت هذا الرماد فبل فيه , فإذا بال فيه خرج منه نور يسطع إلى السماء , وهو الإيمان , ثم يخرج منه دخان أسود فيدخل في أذنيه وهو الكفر , فإذا أخبرهما بما رآه من ذلك علماه ما يفرقون به بين المرء وزوجه .

ذهبت طائفة من العلماء إلى أن الساحر ليس يقدر على أكثر مما أخبر الله عنه من التفرقة ; لأن الله ذكر ذلك في معرض الذم للسحر والغاية في تعليمه , فلو كان يقدر على أكثر من ذلك لذكره .

وقالت طائفة : ذلك خرج على الأغلب , ولا ينكر أن السحر له تأثير في القلوب , بالحب والبغض وبإلقاء الشرور حتى يفرق الساحر بين المرء وزوجه , ويحول بين المرء وقلبه , وذلك بإدخال الآلام وعظيم الأسقام , وكل ذلك مدرك بالمشاهدة وإنكاره معاندة , وقد تقدم هذا , والحمد الله . وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ " ما هم " , إشارة إلى السحرة .

وقيل إلى اليهود , وقيل إلى الشياطين .

" بضارين به " أي بالسحر .

" من أحد " أي أحدا , ومن زائدة .

" إلا بإذن الله " بإرادته وقضائه لا بأمره لأنه تعالى لا يأمر بالفحشاء ويقضي على الخلق بها .

وقال الزجاج : " إلا بإذن الله " إلا بعلم الله .

قال النحاس : وقول أبي إسحاق " إلا بإذن الله " إلا بعلم الله غلط ; لأنه إنما يقال في العلم أذن , وقد أذنت أذنا .

ولكن لما لم يحل فيما بينهم وبينه وظلوا يفعلونه كان كأنه أباحه مجازا . وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ يريد في الآخرة وإن أخذوا بها نفعا قليلا في الدنيا .

وقيل : يضرهم في الدنيا ; لأن ضرر السحر والتفريق يعود على الساحر في الدنيا إذا عثر عليه ; لأنه يؤدب ويزجر , ويلحقه شؤم السحر .

وباقي الآي بين لتقدم معانيها . وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ واللام في " ولقد علموا " لام توكيد .

" لمن اشتراه " لام يمين , وهي للتوكيد أيضا .

وموضع " من " رفع بالابتداء ; لأنه لا يعمل ما قبل اللام فيما بعدها .

و " من " بمعنى الذي .

وقال الفراء .

هي للمجازاة .

وقال الزجاج : ليس هذا بموضع شرط , و " من " بمعنى الذي , كما تقول : لقد علمت , لمن جاءك ما له عقل .

" من خلاق " " من " زائدة , والتقدير ما له في الآخرة خلاق , ولا تزاد في الواجب , هذا قول البصريين .

وقال الكوفيون : تكون زائدة في الواجب , واستدلوا بقوله تعالى : " يغفر لكم من ذنوبكم " [ نوح : 4 ] والخلاق : النصيب , قاله مجاهد .

قال الزجاج : وكذلك هو عند أهل اللغة , إلا أنه لا يكاد يستعمل إلا للنصيب من الخير .

وسئل عن قوله تعالى : " ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق " فأخبر أنهم قد علموا . وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ فأخبر أنهم لا يعلمون , فالجواب وهو قول قطرب والأخفش : أن يكون الذين يعلمون الشياطين , والذين شروا أنفسهم - أي باعوها - هم الإنس الذين لا يعلمون .

قال الزجاج وقال علي بن سليمان : الأجود عندي أن يكون " ولقد علموا " للملكين ; لأنهما أولى بأن يعلموا .

وقال : " علموا " كما يقال : الزيدان قاموا .

وقال الزجاج : الذين علموا علماء اليهود , ولكن قيل : " لو كانوا يعلمون " أي فدخلوا في محل من يقال له : لست بعالم ; لأنهم تركوا العمل بعلمهم واسترشدوا من الذين عملوا بالسحر .
القرطبي


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هل "هاروت" و"ماروت" موجودان حتى الآن أم رفعهما الله -تعالى-Do Harut & Marut exist now أبو سفيان عالم الملائكـة الكرام الأبرار . الإدارة العلمية والبحوث World of the angels of the righteous. Scient 7 05 Jun 2013 02:38 AM
"فيديو" يكشف نجاة ركاب "السعودية" من كارثة في رحلة الدمام- الرياض شامخة بإيماني أحداث وأخبار من واقعــــــــــــــــــــنا . Real Events 3 21 Mar 2011 10:51 PM
الآن "موسوعة الرد على الرافضة المطورة"...أكثر من 2300كتاب وبحث"أدخل وحمل" أبو سفيان نصرة أمّهات المؤمنين وأصحاب الرسول الأمين ( وبيان خطر الشيعة الرافضة ) . 1 23 Jan 2011 08:26 PM
ِ" فضـل أيـام عشـر ذي الحجـة "و"أحكام وآداب عيد الأضحى المبارك" sun منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum 3 06 Dec 2007 01:45 PM

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 08:34 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي