فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ

بسم الله الرحمن الرحيم

(( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) )) سورة البقرة-الآية 186

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الخلق حبيب الحق من أرسله الله للناس رحمة فأتم به النعمة الداعي إلى صراط الله القويم فكان للسائرين على طريق الله بشيراً ولمن خالفه نذيراً حجة الله على العالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
قال تعالى:
" وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)" [غافر آية: (60)]
وروى عبد الرزاق عن الحسن: أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه: أين ربنا؟ فأنزل الله:
" وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ (186)" [البقرة آية: (186)]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي)) رواه مسلم (2675).
وعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(( الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ)) ثُمَّ قَرَأَ ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)) [غافر:60] صحيح سنن الترمذي (2370).
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(( أَفْضَلُ الْعِبَادة الْدُعَاءُ)) رواه الحاكم (1/491) وهو حديثٌ حسن.
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (( إِذَا سَأَلَ أَحَدكم فَلْيُكْثِر، فإنّمَا يَسْأَلُ رَبَّهُ)) رواه ابن حبّان (2403) بسند صحيح.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (( لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الدُّعَاءِ)) صحيح سنن الترمذي (2370).
وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (( مَا عَلَى الأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ إِلاَّ آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا، أَوْ صَرَفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا، مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ)) ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ :(( اللَّهُ أَكْثَرُ)) صحيح سنن الترمذي (2827).
وعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(( إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ)) صحيح سنن الترمذي (2827).
وعَنْ زَيْد بْنِ خَارِجَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (( صَلُّوا عَلَيَّ وَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، وَقُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ)) صحيح سنن النسائي (1225).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (( إِنَّهُ مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ)) ‏ صحيح سنن الترمذي (2686). قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "وهذا يدلّ على أن رضاه في سؤاله وطاعته. وإذا رضي الرّبّ تبارك وتعالى، فكلّ خير في رضاه، كما أنّ كلّ بلاء ومصيبة في غضبه".
وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(( إِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ، وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ، فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِالدُّعَاءِ)) صحيح سنن الترمذي (2813).
و كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَحِبُّ الْجَوَامِعَ مِنَ الدُّعَاءِ وَيَدَعُ مَا سِوَى ذَلِكَ صحيح سنن أبي داود (1315).

ماحاجتنا للدعاء

1. لطلب النعم
2. لدفع النقم
وفي هدين السببين يقول ابن القيم في كتابه الفوائد:" قد فكرت في هذا الأمر فإذا أصله أن تعلم أن النعم كلها من الله وحده نعم الطاعات ونعم اللذات فترغب إليه أن يلهمك ويوزعك شكرها قال تعالى:{ وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون} النحل 53, وقال:{ فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون} الأعراف 69, وقال:{ واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون} النحل 114, وكما أن تلك النعم منه ومن ومجرد فضله فذكرها وشكرها لا ينال إلا بتوفيقه والذنوب من خذلانه وتخليه عن عبده وتخليته بينه وبين نفسه وإن لم يكشف ذلك عن عبده فلا سبيل له الى كشفه عن نفسه فإذا هو مضطر إلى التضرع والابتهال إليه أن تدفع عنه أسبابها حتى لا تصدر منه وإذا وقعت بحكم المقادير ومقتضى البشرية فهو مضطر إلى التضرع والدعاء أن يدفع عنه موجباتها وعقوباتها فلا ينفك عن العبد عن ضرورته إلى هذه الأصول الثلاثة ولا فلاح له إلا بها الشكر وطلب العافية والتوبة النصوح." [140](قاعدة جليلة)

3. للاستغفار
4. مواساة للمؤمنين والاستغفار لهم كما يقول ابن القيم في كتابه الفوائد.
5. الدعاء دواء القلوب: قال إبراهيم الخواص : دواء القلوب خمسة أشياء: قراءة القرآن بتدبر و خلاء البطن و قيام الليل و التضرع عند السحر و مجالسة الصالحين.
6. وقاية من الهموم قبل ان يقع فيها الانسان:لدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: :( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ)
7. الدعاء سلاح المؤمن, وعماد الدين, ونور السموات والأرض:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الدعاء سلاح المؤمن, وعماد الدين, ونور السموات والأرض"
8. الدعاء من أنفع الأدوية وهو عدو البلاء, يدفعه ويعالجه,ويمنع نزوله, ويرفعه,أو يخففه إذا نزل.(ابن القيم-الداء والدواء)
9. وفي دعاء الأحياء منفعة للأموات
10. علاج لما وقع فيه الإنسان من الهموم: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصَابَ أَحَداً قَطُّ هَمٌّ وَلا حَزَنٌ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجِلاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي إِلا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجا قَالَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا نَتَعَلَّمُهَا فَقَالَ بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا رواه الإمام أحمد في المسند 1/391 وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم 198

ومما لا شك فيه أن القرآن الكريم نور وشفاء ودعاء لمن آمن بالله و رسوله وجعل القرآن الكريم له حكما و إماما..

كثيرة هي الكربات التي يتعرض لها الإنسان وذلك من الإبتلاء والذي هو في صالح العبد ولا شك

فإن أي إبتلاء يعرض لك لا بد أن يكون له فوائد كثيرة عليك سواءا علمت ذلك ام لم تعلم

فهو رفعة للدرجات وتمحيصا وتكفيرا لذنوبك فإن الله سبحانه إذا انزل عليك البلاء بسبب ذنوبك

فإنه لن يعذبك بسبب تلك الذنوب في الآخرة وهو الذي عاقبك عليها في الدنيا

بل إنه يعفو عن كثير من ذنوبك فسبحانه وتعالى ما أرأفه بعباده

ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم لا يزال البلاء بالمؤمن حتى يجعله يمشي على الأرض

وليس عليه خطيئه - او كما قال صلى الله عليه وسلم ..

نزل بي كثير من البلاء ولله الحمد من قبل ومن بعد

ومن ضمن تلك الإبتلاآت كان هناك تسلط شيطاني معتد لأبعد حد - آذاني كثيرا بسبب السحر

فكان هناك 3 شياطين متمرده يتناوبون على إيذائي-والحمد لله الذي كسر حدة شوكتهم

وزلزل عروشهم فأهلك أحدهم وبقي إثنان أضعف من البعوض بحول الله وقوته

فكنت في شدة البلاء العظيم والتسلط يزداد وقت النوم بكل ما أوتي من قوة

فكنت أدعو الله وأتحصن بالقرآن فيصرفهم الله عني كثيرا

ولكن في بعض الأحيان تزداد حدة التسلط مع قرائة القرآن فتبدأ المقاومة منهم

فيكون الله سبحانه وتعالى لا يصرفهم عني إلا لينفعني بشئ آخر

ففي إحدى الليالي إزداد التسلط شدة لأبعد حد فأخذت اتلو القرآن الكريم فيزداد الهجوم

وكلما قرأت إزداد الهجوم والمقاومة أكثر فأكثر من قبل الشياطين

فأجرى الله على لساني قوله تعالى :

(( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) )) سورة البقرة-الآية 186

ووالله الذي لا إله إلا هو وفي أقل جزء من الثانية كأن هناك نارا تشتعل في جسدي ولم أكن أنتهي من تلاوة الآية الكريمة

إلا وكأن هناك من صب على تلك النار سطل ماء مثلج فأطفاها وأذهب ألمها و حرها ولله وحده الحمد و المنة

فإختفى التسلط مع وساوس الأفكار السوداوية مع الحزن والكآبة وضيقة الصدر واليأس القاتل في أقل من ثانية واحدة

طبعا لا يهمني إلا أن الله سبحانه قد قمع تلك الشياطين بلحظة وبكلمة كن فيكون

وبعدها إستسلمت لنوم عميق وأنا في قمة الراحة ولله الحمد

وهذا ما أحببت به منفعة الأخوة الكرام شفانا الله و إياهم وجميع المسلمين

وصلى الله على نبينا وقدوتنا وهادينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

بارك الله فيك اخى وجزاك الله خيرا ونفع بك الاسلام والمسلمين وجعل كل ما تقدم فى ميزان حسناتك يوم الدين

جعلها الله في موازين حسناتك يارب
مواضيعك قيمة بارك الله فيك ....

جزاك الله خير ونفع بك وجعل لك من كل هم فرج ومن كل ضيق مخرج ورزقك من حيث لاتحتسب

بارك الله فيك

وجزاك الله خير

نعم اخي الفاضل لقد تركنا القريب وذهبنا للبعيد ونسينا قول الله عز وجل (ونحن اقرب اليه من حبل الوريد)فما هذا النسيان وماهذه الغفلة دمتم بخير