اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأيَّامِ الْخَالِيَةِ [الحاقة : ۲٤] . قال وكيع وغيره : هي أيام الصوم ، إذ تركوا فيها الأكل والشرب .

روى الإمام البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة بابا يقال له : الريان ، يدخل منه الصائمون يوم القيامة ، لا يدخل منه أحد غيرهم .


           :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ13ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ12ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ11ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: درس جامع العروة الوثقى : علاج القرآن للصحة النفسية السليمة - الشيخ فيصل الحسني . (آخر رد :ابن الورد)       :: خطبة جمعة : واقع الناس في شهر رمضان - الشيخ فيصل الحسني . (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ10ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ09ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: معاناة (آخر رد :هاجر هاجر)       :: ثواب تعجيل الفطر . (آخر رد :ابن الورد)       :: ثواب السحور . (آخر رد :ابن الورد)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 28 Mar 2018, 02:02 PM
أبو خالد
باحث جزاه الله تعالى خيرا
أبو خالد غير متصل
Saudi Arabia     Male
SMS ~ [ + ]
اللهم إني ظلمت نفسي
ظلـمآ كثيرآ
ولا يفغر الذنوب
الا أنت
فاغفر لي مفغرة من عندك
وأرحمني
إنك أنت الغفور الرحيم
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 25
 تاريخ التسجيل : Jun 2005
 فترة الأقامة : 6874 يوم
 أخر زيارة : 15 Jul 2018 (03:04 PM)
 المشاركات : 13,860 [ + ]
 التقييم : 21
 معدل التقييم : أبو خالد is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر



المقدمة
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
وبعد: فإني لما كنت بمدينة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بلغني أن بعض الناس ينكرون حديث السحر، فقلت لمن أخبرني إنه في البخاري ومسلم. فقال: وهم ينكرونه! فقلت: بمن ضعّفوه؟ وكنت أظن أنّهم يسلكون مسالك العلماء في النقد والتجريح، لعلهم وجدوا في سنده من هو سيء الحفظ أو جاء موصولاً والراجح أنه منقطع أو جاء مرفوعًا والراجح فيه الوقف، كما هو شأن الحافظ الدارقطني رحمه الله في انتقاداته على الصحيحين، فإذا هؤلاء الجاهلون أحقر من أن يسلكوا هذا المسلك الذي لا يقوم به إلا جهابذة الحديث ونقاده، والميزان عند هؤلاء أهواؤهم، فما وافق الهوى فهو الصحيح وإن كان من القصص الإسرائيلية، أو مما لا أصل له، وما خالف أهواءهم فهو الباطل ولو كان في الصحيحين، بل ربما تجاوز بعض أولئك المخذولين الحد وطعن في بعض القصص القرآنية.
لذا رأيت أن أقدّم لإخواني طلبة العلم هذا الحديث الشريف، وتوجيه أهل العلم لمعناه على المعنى الذي يليق بشرف النبوة والعصمة النبوية، ولا ابحث في الكتاب:
اضغط للبحث عن الكلمة داخل الكتاب تحميل الكتاب الأولى السابقة التالية الأخيرة
أدّعي أنني صحّحت الحديث فهو صحيح من قبل أن أخلق ومن قبل أن أطلب العلم، وما طعن فيه عالم يعتد به، وناهيك بحديث اتفق عليه الشيخان، ورواه الإمام أحمد من حديث زيد بن أرقم، ولا يتنافى معناه مع أصول الشريعة.
والذي أنصح به طلاب العلم أن لا يصغوا إلى كلام أولئك المفتونين الزائغين وأن يقبلوا على تعلم الكتاب والسنة وأن يبينوا للناس أحوال أولئك الزائغين ويحذروهم منهم ومن كتبهم ومجلاتهم وندواتهم.
والله أسأل أن يحفظ علينا ديننا وأن يتوفانا مسلمين.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.


المبتدعة ينكرون حقيقة السحر

قال القرطبي رحمه الله (ج2 ص46): ذهب أهل السنة إلى أن السحر ثابت وله حقيقة، وذهب عامة المعتزلة وأبوإسحاق الأستراباذي من أصحاب الشافعي إلى أن السحر لا حقيقة له، وإنما هو تمويه وتخييل وإيهام، لكون الشيء على غير ما هو به، وأنه ضرب من الخفّة والشعوذة، كما قال تعالى: يخيّل إليه من سحرهم أنّها تسعى (1) ولم يقل: تسعى على الحقيقة، ولكن قال: يخيّل إليه وقال أيضًا: سحروا أعين النّاس (2) وهذا لا حجة فيه، لأنا لا ننكر أن يكون التخييل وغيره من جملة السحر، ولكن ثبت وراء ذلك أمور جوّزها العقل وورد بها السمع، فمن ذلك ما جاء في هذه الآية من ذكر السحر وتعليمه، ولو لم يكن له حقيقة لم يمكن تعليمه ولا أخبر تعالى أنّهم يعلمونه الناس فدل على أن له حقيقة، وقوله تعالى في قصة سحرة فرعون: وجاءوا بسحر عظيم وسورة الفلق مع اتفاق المفسرين على أن سبب نزولها ما كان من سحر لبيد بن الأعصم،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
(1) سورة طه، الآية: 66.
(2) سورة الأعراف، الآية: 176.



وهو مما خرجه البخاري ومسلم (1) وغيرهما عن عائشة رضى الله عنها قالت: سحر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يهوديّ من يهود بني زريق، يقال له لبيد بن الأعصم الحديث، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما حل السحر قال: ((إن الله شفاني)).
والشفاء إنما يكون برفع العلة وزوال المرض، فدل على أن له حقًا وحقيقة، ً فهو مقطوع به بإخبار الله تعالى ورسوله على وجوده ووقوعه، وعلى هذا أهل الحل والعقد الذين ينعقد بهم الإجماع، ولا عبرة مع اتفاقهم بحثالة المعتزلة ومخالفتهم أهل الحق.
ولقد شاع السحر وذاع في سابق الزمان، وتكلّم الناس فيه ولم يبد من الصحابة ولا من التابعين إنكار لأصله، وروى سفيان عن أبي الأعور عن عكرمة عن ابن عباس قال: علم السحر في قرية من قرى مصر، يقال له: (الفرما)، فمن كذب به فهو كافر مكذب لله ورسوله، منكر لما علم مشاهدةً وعيانًا.
وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (ج1 ص254): فصل: حكى أبوعبد الله الرازي في "تفسيره" عن المعتزلة أنّهم أنكروا وجود السحر قال: وربما كفّروا من اعتقد وجوده، قال: وأما أهل السنة فقد جوّزوا أن يقدر الساحر أن يطير في الهواء، أو يقلب الإنسان حمارًا والحمار إنسانًا، إلا أنّهم قالوا: إن الله يخلق الأشياء عندما يقول الساحر تلك الرّقى والكلمات المعيّنة، فأما أن يكون المؤثر في ذلك هو الفلك والنجوم فلا، خلافًا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(1) البخاري (ج10 ص235)، ومسلم (ج14 ص174).

للفلاسفة والمنجّمين والصابئة، ثم استدل على وقوع السحر وأنه بخلق الله تعالى بقوله تعالى: وما هم بضارّين به من أحد إلاّ بإذن الله (1).
ومن الأخبار بأن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم سحر، وأن السحر عمل فيه، وبقصة تلك المرأة مع عائشة رضى الله عنها، وما ذكرت تلك المرأة من إتيانها بابل وتعلمها السحر، قال: وبما يذكر في هذا الباب من الحكايات الكثيرة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
(1) سورة البقرة، الآية: 102.


رجال زائغون سنّوا للناس سنةً سيئةً


من هؤلاء الزائغين الرافضة على اختلاف أصنافهم فقد قدحوا في أفاضل الصحابة رضوان الله عليهم، وردّوا من الشرع مالا يوافق أهواءهم، ومنهم بعض رءوس الاعتزال:
واصل بن عطاء، فقد قدح في أصحاب الجمل وعلي ومن معه، كما في "الفرق بين الفرق" (ص100) ومنهم: عمرو بن عبيد بن باب، قال بفسق تلك الطائفتين المتقاتلتين يوم الجمل، كما في "الفرق بين الفرق" (101)، ومنهم: إبراهيم النّظام، كما في "الفرق بين الفرق" (ص134) فأئمة الضلال من الروافض والمعتزلة هم الذين جرّءوا الناس على رد السنن الصحيحة، وعلى القدح في الأئمة الأثبات، وكل من انحرف من أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وسلك هذا السبيل فهو سالك سبيلهم، وهم الذين جرّءوا المستشرقين على الطعن في السنة المطهرة، وأصل الضلال في هذا الباب هم أئمة الاعتزال، وأما الرافضة فإنّهم يطعنون طعنًا سخيفًا غير معقول ولا مقبول، لأنّهم كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: أجهل الناس بالمعقول والمنقول.
وقد سلك مسلك هؤلاء الزائغين جمال الدين الإيراني المتأفغن، ومحمد عبده المصري، ومحمد رشيد رضا، ومحمد مصطفى المراغي، ومحمد فريد وجدي، ومحمود شلتوت، وعبد العزيز جاويش، وعبد القادر المغربي، وأحمد مصطفى المراغي، وأبوريّة صاحب الظلمات، وأحمد أمين صاحب "فجر الإسلام" و"ضحاه" و"ظهره"، وإني أقتصر على بيان حال محمد رشيد رضا لأن بعض الناس اغتروا بسلفيّته.

1 - من التفسير المسمى بـ"المنار" وهو بالظلام أشبه (ج1 ص351) قال: وأما قوله: {فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى (1)} فهو بيان لإخراج ما يكتمون. ويروون في هذا الضرب روايات كثيرة، قيل إن المراد: اضربوا المقتول بلسانها، وقيل: بفخذها، وقيل: بذنبها ... وقالوا: إنّهم ضربوه فعادت إليه الحياة، وقال: قتلني أخي أو ابن أخي فلان، الخ ما قالوه، والآية ليست نصًا في مجمله فكيف بتفصيله. والظاهر مما قدمنا أن ذلك العمل كان وسيلةً عندهم للفصل في الدماء عند التنازع في القاتل إذا وجد القتيل قرب بلد ولم يعرف قاتله، ليعرف الجاني من غيره، فمن غسل يده وفعل ما رسم لذلك في الشريعة برئ من الدم، ومن لم يفعل ثبتت عليه الجناية. ومعنى إحياء الموتى على هذا حفظ الدماء التي كانت عرضةً لأن تسفك بسبب الخلاف في قتل تلك النفس، أي: يحييها بمثل هذه الأحكام. اهـ
وقد سبق أن استدل محمد رشيد رضا وشيخه بكلام نقله من التوراة وهذا مخالف لما رواه البخاري في "صحيحه" من حديث أبي هريرة مرفوعًا: ((لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذّبوهم وقولوا آمنّا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم)).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
(1) سورة البقرة، الآية: 73.


بل مخالف لما أخبرنا الله عن أهل الكتاب أنّهم قد حرّفوا التوراة، وأتوا بكلام من عندهم يزعمون أنه كلام الله.
وأما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: ((وحدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)). فالمراد به ما أخبرنا الله أو رسوله، وإلا فمن أين لنا السند إلى موسى عليه السلام، والمحدثون رحمهم الله يضعّفون المرسل، فكيف بماليس له سند والله أعلم.
وما ذكره المفسرون أن الله أحيا المقتول، فهذا ظاهر القرآن، وما صرفه محمد رشيد وشيخه إلا لموافقة أهل الكتاب، ولأن المستشرقين لا
تتسع عقولهم لمعجزات النبوة، فأرادوا أن يتقرّبوا إليهم بهذا التأويل المستبعد.

2 - {ألم تر إلى الّذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثمّ أحياهم إنّ الله لذو فضل على النّاس ولكنّ أكثر النّاس لا يشكرون (1)}.
قال محمد رشيد رضا (ج2 ص457): أقول: ولا يشترط أن تكون القصة في مثل هذا التعبير واقعةً، بل يصح مثله في القصص التمثيلية، إذ يراد أن من شأن مثلها في وضوحه أن يكون معلومًا حتى كأنه مرئي بالعينين. ومنه ما نبّهنا عليه من الفرق بين العطف بالفاء وبثم، وقد قالوا: إن العطف في قوله تعالى: {وقاتلوا} للإستئناف، لأن الجملة المبدوءة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
(1) سورة البقرة، الآية: 243.


بالواو هنا جديدة لا تشارك ما قبلها في إعرابه ولا في حكمه الذي يعطيه العطف، قال الأستاذ الإمام: وهذا لا يمنع أن يكون بين الجملة المبدوءة بواو الاستئناف وبين ما قبلها تناسب وارتباط في المعنى غير ارتباط العطف والمشاركة في الإعراب، كما هو الشأن هنا، فإن الآية الأولى مبيّنة لفائدة القتال في الدفاع عن الحق أو الحقيقة، والثانية آمرة به بعد تقرير حكمته وبيان وجه الحاجة إليه، فالارتباط بينهما شديد الأواخي لا يعتريه التراخي.
خرجوا فارين {فقال لهم الله موتوا} أي: أماتهم بإمكان العدو منهم، فالأمر أمر التكوين لا أمر التشريع، أي: قضت سنته في خلقه بأن يموتوا بما أتوه من سبب الموت، وهو تمكين العدوّ المحارب من أقفائهم بالفرار، ففتك بهم وقتل أكثرهم. ولم يصرح بأنّهم ماتوا لأن أمر التكوين عبارة عن مشيئته سبحانه، فلا يمكن تخلفه، وللإستغناء عن التصريح بقوله بعد ذلك: {ثمّ أحْياهم} وإنما يكون الإحياء بعد الموت والكلام في القوم لا في أفراد لهم خصوصيّة، لأن المراد بيان سنته تعالى في الأمم التي تجبن فلا تدافع العادين عليها، ومعنى حياة الأمم وموتها في عرف الناس جميعهم معروف. فمعنى موت أولئك القوم هو أن العدو نكل بهم فأفنى قوّتهم وأزال استقلال أمتهم حتى صارت لا تعدّ أمةً بأن تفرّق شملها وذهبت جامعتها، فكان من بقي من أفرادها خاضعين للغالبين ضائعين فيهم، مدغمين في غمارهم، لا وجود لهم في أنفسهم وإنما وجودهم تابع لوجود غيرهم. ومعنى حياتهم هو عود الاستقلال إليهم. ذلك أن من رحمة الله تعالى في البلاء يصيب الناس أنه يكون تأديبًا لهم ومطهرًا لنفوسهم مما عرض لها من دنس الأخلاق الذميمة. أشعر الله أولئك القوم بسوء عاقبة الجبن والخوف والفشل والتخاذل بما أذاقهم من مرارتها، فجمعوا كلمتهم ووثقوا رابطتهم حتى عادت لهم وحدتهم قويّةً فاعتزوا وكثروا إلى أن خرجوا من ذل العبوديّة التي كانوا فيها إلى عز الإستقلال، فهذا معنى حياة الأمم وموتها -يموت قوم منهم باحتمال الظلم ويذل الآخرون حتى كأنّهم أموات، إذ لا تصدر عنهم أعمال الأمم الحية من حفظ سياج الوحدة وحماية البيضة بتكافل أفراد الأمة ومنعتهم، فيعتبر الباقون فينهضون إلى تدارك ما فات والاستعداد لما هو آت، ويتعلمون من فعل عدوهم بهم كيف يدفعونه، قال عليّ كرم الله وجهه: إن بقية السيف هي الباقية. أي التي يحيا بها أولئك الميتون، فالموت والإحياء واقعان على القوم في مجموعهم على ما عهدنا في أسلوب القرآن إذ خاطب بني إسرائيل في زمن تنْزيله بما كان من آبائهم الأولين بمثل قوله: {أنجيْناكم من آل فرْعون (1)}
وقوله: {ثمّ بعثناكم من بعْد موتكم} وغير ذلك، وقلنا: إن الحكمة في هذا الخطاب تقرير معنى وحدة الأمة وتكافلها وتأثير سيرة بعضها في بعض حتى كأنّها شخص واحد وكل جماعة منها كعضو منه، فإن انقطع العضو العامل لم يكن ذلك مانعًا من مخاطبة الشخص بما عمله قبل قطعه، وهذا الاستعمال معهود في سائر الكلام العربي، يقال: هجمنا على بني فلان حتى أفنيناهم أو أتينا عليهم، ثم أجمعوا أمرهم وكروا علينا (مثلاً). وإنما كر عليهم من بقي منهم.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الأعراف، الآية: 141 ..


أقول: وإطلاق الحياة على الحالة المعنوية الشريفة في الأشخاص والأمم والموت على مقابلها معهود كقوله تعالى: {ياأيّها الّذين ءامنوا استجيبوا لله وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم (1)}، وقوله: {أومن كان ميتًا فأحييناه وجعلنا له نورًا يمشي به في النّاس كمن مثله في الظّلمات ليس بخارج منها (2)} الآية، وانظر إلى دقة التعبير في عطف الأمر بالموت على الخروج من الديار بالفاء الدالة على اتصال الهلاك بالفرار من العدو، إلى عطفه الاخبار بإحيائهم بثم الدالة على تراخي ذلك وتأخره، ولأن الأمة إذا شعرت بعلة البلاء بعد وقوعه بها وذهابه باستقلالها فإنه لا يتيسر لها تدارك ما فات، إلا في زمن طويل، فما قرره الأستاذ الإمام هو ما يعطيه النظم البليغ وتؤيده السنن الحكيمة، وأما الموت الطبيعي فهو لا يتكرر كما علم من سنة الله ومن كتابه إذ قال: {لا يذوقون فيها الموت إلاّ الموتة الأولى (3)} وقال: {وأحْييتنا اثنتيْن (4)}، ولذلك أوّل بعضهم الموت هنا بأنه نوع من السكتة والاغماء الشديد لم تفارق به الأرواح أبدانها، وقد قال بعدما قرره: هذا هو المتبادر فلا نحمّل القرآن مالا يحمل لنطبقه على بعض قصص بني إسرائيل، والقرآن لم يقل إن أولئك الألوف منهم كما قال في الآيات الآتية وغيرها، ولو فرضنا صحة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
(1) سورة الأنفال، الآية: 24.
(2) سورة الأنعام، الآية: 122.
(3) سورة الدخان، الآية: 56.
(4) سورة غافر، الآية: 11.


ما قالوه من أنّهم هربوا من الطاعون وأن الفائدة في إيراد قصتهم بيان أنه لا مفر من الموت لما كان لنا مندوحة عن تفسير إحيائهم بأن الباقين منهم تناسلوا بعد ذلك وكثروا، وكانت الأمة بهم حيّةً عزيزةً، ليصح أن تكون الآية تمهيدًا لما بعدها مرتبطة به، والله تعالى لا يأمرنا بالقتال لأجل أن نقتل ثم يحيينا بمعنى أنه يبعث من قتل منا بعد موتهم في هذه الحياة الدنيا. اهـ
أقول: نحن نؤمن بظاهر القرآن، والحامل على هذا التأويل أن عقول المستشرقين لا تخضع لهذا.
3 - قوله تعالى : {أو كالّذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنّى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثمّ بعثه قال كم لبثت قال لبثت يومًا أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنّه وانظر إلى حمارك ولنجعلك ءايةً للنّاس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثمّ نكسوها لحمًا فلمّا تبيّن له قال أعلم أنّ الله على كلّ شيء قدير (1)}.
قال محمد عبده (ج3 ص49) في الكلام على قول الله عز وجل: {فأماته الله مائة عام ثمّ بعثه}: قالوا: معناه ألبثه الله مائة عام ميتًا. وذلك أنّ الموت يكون في لحظة واحدة، قال الأستاذ الإمام: وفاتهم أنّ من الموت ما يمتد زمنًا طويلاً، وهو ما يكون من فقد الحس والحركة والإدراك من غير أن تفارق الروح البدن بالمرّة، وهو ما كان لأهل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
(1) سورة البقرة، الآية: 259.


الكهف، وقد عبّر عنه تعالى بالضرب على الآذان. أقول: ولعل وجهه أن السمع آخر ما يفقد من إدراك من أخذه النوم أو الموت، وهذا الموت أو الضرب على الآذان، هو المراد بالشق الثاني من قوله تعالى: {الله يتوفّى الأنفس حين موتها والّتي لم تمت في منامها (1)} والبعث هو الإرسال. فإذا كان هذا النوع من الموت يكون بتوفي النفس أي: قبضها، فزواله إنما يكون بإرسالها وبعثها.
وأقول: قد ثبت في هذا الزمان أن من الناس من تحفظ حياته زمنًا طويلاً يكون فيه فاقد الحس والشعور ويعبّرون عن ذلك بالسبات، وهو النوم المستغرق الذي سماه الله وفاةً، وقد كتب إلى مجلة "المقتطف" سائل يقول: إنه قرأ في بعض التقاويم أن امرأةً نامت (5500) يوم، أي: بلياليها من غير أن تستيقظ ساعة ما في خلال هذه المدة. وسأل: هل هذا صحيح؟ فأجابه أصحاب المجلة بأنّهم شاهدوا شابًا نام نحو شهر من الزمان، ثم أصيب بدخل في عقله. وقرأوا عن أناس ناموا نومًا طويلاً أكثره أربعة أشهر ونصف، واستبعدوا أن ينام إنسان مدة (5500) أي أكثر من 15 سنة نومًا متواليًا، وقالوا: إنّهم لا يكادون يصدقون ذلك. نعم إن الأمر غير مألوف، ولكن القادر على حفظ الإنسان أربعة أشهر ونصف و (15) سنة، قادر على حفظه مائة سنة، وإن لم نهتد إلى سنته في ذلك، فلبْث الرجل الذي ضرب على سمعه هناك مثلاً مائة سنة غير محال في نظر العقل، ولا يشترط عندنا في التسليم بما تواتر به النص من

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
(1) سورة الزمر، الآية: 42.

آيات الله تعالى، وأخذها على ظاهرها، إلاّ أن تكون من الممكنات دون المستحيلات، وإنما ذكرنا ما وصل إليه علم بعض الناس من هذا السبات الطويل الذي لم يعهده أكثرهم. لأجل تقريب إمكان هذه الآية من أذهان الذين يعسر عليهم التمييز بين ما يستبعد لأنه غير مألوف وما هو محال لا يقبل الثبوت لذاته. اهـ.
أقول: وفي قصة الحمار نحو ذلك من التحريف، فكأنه موكل بتحريف ما لا تتسع له عقول أعداء الإسلام.
4 - {وإذ قال إبراهيم ربّ أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئنّ قلبي قال فخذ أربعةً من الطّير فصرهنّ إليك ثمّ اجعل على كلّ جبل منهنّ جزءًا ثمّ ادعهنّ يأتينك سعيًا واعلم أنّ الله عزيز حكيم (1)}.
قال محمد عبده كما في "المنار" الذي هو بالظلام أشبه (ج3 ص55): ملخص معنى الآية عند الجمهور: أن إبراهيم صلى الله عليه وعلى آله وسلم طلب من ربه أن يطلعه على كيفية إحياء الموتى، فأمره تعالى بأن يأخذ أربعة من الطير فيقطعهن أجزاء يفرقها على عدة جبال هناك، ثم يدعوها إليه فتجيئه، وقالوا: إنه فعل ذلك. وخالفهم أبومسلم المفسر الشهير فقال: ليس في الكلام ما يدل على أنه فعل ذلك، وما كلّ أمر يقصد به الامتثال، فإن من الخبر ما يأتي بصيغة الأمر، لاسيما إذا أريد زيادة البيان كما إذا سألك سائل: كيف يصنع الحبر مثلاً؟ فتقول: خذ كذا وكذا وافعل كذا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(1) سورة البقرة، الآية: 260.


وكذا يكن حبرًا. تريد هذه كيفيته، ولا تعني تكليفه صنع الحبر بالفعل. قال: وفي القرآن كثير من الأمر الذي يراد به الخبر، والكلام ههنا مثل لإحياء الموتى. ومعناه: خذ أربعةً من الطير فضمها إليك وآنسها بك حتى تأنس وتصير بحيث تجيب دعوتك فإن الطيور من أشد الحيوانات استعدادًا لذلك، ثم اجعل كل واحد منها على جبل، ثم ادعها فإنّها تسرع إليك لا يمنعها تفرق أمكنتها وبعدها من ذلك.
كذلك أمْر ربك إذا أراد إحياء الموتى، يدعوهم بكلمة التكوين (كونوا أحياء) فيكونوا أحياء، كما كان شأنه في بدء الخلق إذ قال للسموات والأرض: ائتيا طوعًا أو كرهًا. قالتا: أتينا طائعين، هذا ما تجلى به تفسير أبي مسلم، وقد أورده الرازي مختصرًا. وقال:
والغرض منه ذكر مثال محسوس في عود الأرواح إلى الأجساد على سبيل السهولة، وأنكر (يعني أبا مسلم) القول بأن المراد منه فقطعهن واحتج عليه بوجوه:
الأول : أن المشهور في اللغة في قوله: {فصرْهنّ} أملهن، وأما التقطيع والذبح فليس في الآية ما يدل عليه، فكان إدراجه في الآية إلحاقًا لزيادة بالآية لم يدل الدليل عليها وأنه لا يجوز.
والثاني : أنه لو كان المراد بصرّهن قطعهن لم يقل: {إليْك} فإن ذلك لا يتعدى بإلى، وإنما يتعدى بهذا الحرف إذا كان بمعنى الإمالة، فإن قيل: لم لا يجوز أن يكون في الكلام تقديم وتأخير، والتقدير: فخذ إليك أربعةً من الطير فصرهن؟ قلنا: التزام التقديم والتأخير من غير دليل ملجئ إلى التزامه خلاف الظاهر.
والثالث : أن الضمير في قوله: {ثمّ ادْعهنّ} عائد إليها لا إلى أجزائها، وإذا كانت الأجزاء متفرقةً متفاصلة، وكان الموضوع على كل جبل بعض تلك الأجزاء، يلزم أن يكون الضمير عائدًا إلى تلك الأجزاء لا إليها، وهو خلاف الظاهر، وأيضًا الضمير في قوله: {يأتينك سعيًا} عائد إليها لا إلى أجزائها، وعلى قولكم إذا سعى بعض الأجزاء إلى بعض كان الضمير في: {يأتينك} عائدًا إلى أجزائها لا إليها.
واحتج القائلون بالقول المشهور بوجوه:
الأول : أن كل المفسرين الذين كانوا قبل أبي مسلم أجمعوا على أنه حصل ذبح تلك الطيور وتقطيع أجزائها، فيكون إنكار ذلك إنكارًا للإجماع.
والثاني: أن ما ذكره غير مختص بإبراهيم صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلا يكون له فيه مزيّة على الغير.
والثالث: أن إبراهيم أراد أن يريه الله كيف يحيي الموتى، وظاهر الآية يدل على أنه أجيب إلى ذلك، وعلى قول أبي مسلم لا تحصل الإجابة في الحقيقة.
والرابع: أن قوله: {ثمّ اجْعل على كلّ جبل منهنّ جزءًا} يدل على أن تلك الطيور جعلت جزءًا جزءًا.
قال أبومسلم: في الجواب عن هذا الوجه: أنه أضاف الجزء إلى الأربعة فيجب أن يكون المراد بالجزء الواحد من تلك الأربعة. والجواب: أن ما ذكرته وإن كان محتملاً، إلا أن حمل الجزء على ما ذكرنا أظهر، والتقدير فاجعل على كل جبل من كل واحد منهن جزءًا أو بعضًا. اهـ كلام الرازي.
آية فهم الرازي وغيره فيها خلاف ما فهمه جميع المفسرين من قبله، ولم يقل أحد: أنّ فهْم فئة من الناس حجة على فهم الآخرين، على أن ما فهمه أبومسلم هو المتبادر من عبارة الآية الكريمة، وما قالوه مأخوذ من روايات حكمّوها في الآية ولآيات الله الحكم الأعلى، وعلى ما في تلك الرواية هي لا تدل.
وأما قوله: إن ما ذكره أبومسلم غير مختص بإبراهيم، فلا يكون فيه مزيّة. فهو مردود بأن هذا المثال لكيفية إحياء الله للموتى أو لكيفية التكوين فيه توضيح لها وتحديد لما يصل إليه علم البشر من أسرار الخليقة، ولا دليل على أن العلم بذلك كان عامًا في الناس، فيقال: إنه لا خصوصية فيه لإبراهيم. على أنه يرد مثل هذا الإيراد على حجة إبراهيم على الذي آتاه الله الملك، وحجته على عبدة الكواكب في سورة الأنعام، فإن مثل هذه الحجج التي أيد الله تعالى بها إبراهيم مما يحتج به الرازي وغيره، فهل ينفي ذلك أن تكون هدايةً من الله لإبراهيم وإخراجًا من ظلمات الشبه التي كانت محيطةً بأهل زمنه إلى نور الحق، وقد قال تعالى: {وتلك حجّتنا ءاتيناها إبراهيم (1)} الآية.
وأما قوله: إن إجابة إبراهيم إلى ما سأل لا تحصل بقول أبي مسلم وإنما تحصل بقول الجمهور، فالأمر بعكسه، وذلك أن إتيان الطيور بعد تقطيعها وتفريق أجزائها في الجبال لا يقتضي رؤية كيفية الإحياء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
(1) سورة الأنعام، الآية: 83.


إذ ليس فيها إلا رؤية الطيور كما كانت قبل التقطيع، لأن الإحياء حصل في الجبال البعيدة، وافرض أنك رأيت رجلاً قتل وقطّع إربًا إربًا ثم رأيته حيًا أفتقول حينئذ: إنك عرفت كيفية إحيائه؟ هذا ما يدل عليه قولهم. وأما قول أبي مسلم فهو الذي يدل على غاية ما يمكن أن يعرف البشر من سر التكوين والإحياء، وهو توضيح معنى قوله تعالى للشيء: {كنْ فيكون} ولولا أن الله تعالى بيّن لنا ذلك بما حكاه عن خليله لجاز أن يطمع في الوقوف على سر التكوين الطامعون، ولو فهم الرازي هذا لما قال: إنه لا خصوصية لإبراهيم على الغير. وهذا النوع من الجواب قريب من جواب موسى إذ طلب رؤية الله تعالى، ومن جواب السائلين عن الأهلة وليس مثلهما من كل وجه فإنه بيّن وأوضح ما يمكن علمه في المسألة نفسها ونهى عما زاد على ذلك، وجملة القول: أن تفسير أبي مسلم هو المتبادر الذي يدل عليه النظم وهو الذي يجلي على الحقيقة في المسألة فإن كيفية الإحياء هي عين كيفية التكوين في الابتداء. وإنما تكون بتعلق إرادة الله تعالى بالشيء المعبر عنه بكلمة التكوين (كن) فلا يمكن أن يصل البشر إلى كيفية له إلا إذا أمكن الوقوف على كنْه إرادة الله تعالى وكيفية تعلقها بالأشياء. وظاهر القرآن وهو ما عليه المسلمون أن هذا غير ممكن، فصفات الله منزهة عن الكيفية، والعجز عن الإدراك فيها هو الإدراك، وهو ما أفاده قول أبي مسلم رحمه الله تعالى: ومما يؤيده في النظم المحكم قوله تعالى: {ثمّ اجْعلْ} فإنه يدل على التراخي الذي يقتضيه إمالة الطيور وتأنيسها على أن لفظ: {صرْهنّ} يدل على التأنيس. ولولا أن هذا هو المراد لقال: فخذ أربعة من الطير فقطعهن واجعل على كل جبل منهن جزءًا، ولم يذكر لفظ الإمالة إليه، ويعطف جعلها على الجبال بثم.
ويدل عليه أيضًا ختم الآية باسم العزيز الحكيم، دون اسم القدير، والعزيز هو الغالب الذي لا ينال، وما صرف جمهور المتقدمين عن هذا المعنى على وضوحه إلا الرواية، بأنه جاء بأربعة طيور من جنس كذا وكذا وقطعها وفرقها على جبال الدنيا، ثم دعاها فطار كل جزء إلى مناسبه، حتى كانت طيورًا تسرع إليه، فأرادوا تطبيق الكلام على هذا ولو بالتكلف. وأما المتأخرون فهمهم أن يكون في الكلام خصائص للأنبياء من الخوارق الكونية. وإن كان المقام مقام العلم والبيان والإخراج من الظلمات إلى النور وهو أكبر الآيات، ولكل أهل زمن غرام في شيء من الأشياء يتحكم في عقولهم وأفهامهم. والواجب على من يريد فهم كتاب الله تعالى أن يتجرد من التأثر بكل ما هو خارج عنه فإنه الحاكم على كل شيء، ولا يحكم عليه شيء. ولله در أبي مسلم ما أدق فهمه وأشد استقلاله فيه. اهـ
وأنت ترى أن ظاهر القرآن مع الجمهور، وليس هناك ما يوجب صرفه عن ظاهره، وأبومسلم من أئمة الابتداع المعتزلة.
5 - {إذ قال الله ياعيسى إنّي متوفّيك ورافعك إليّ ومطهّرك من الّذين كفروا (1)}.
يقول محمد عبده كما في "المنار " (ج3 ص316) الذي هو بالظلام أشبه: يقول بعض المفسرين: إني متوفيك، أي منوّمك،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
(1) سورة آل عمران، الآية: 55.


وبعضهم: إني قابضك من الأرض بروحك وجسدك ورافعك إلي بيان لهذا التوفي، وبعضهم: إني أنجيك من هؤلاء المعتدين فلا يتمكنون من قتلك وأميتك حتف أنفك، ثم أرفعك إليّ، ونسب هذا القول إلى الجمهور، وقال: للعلماء ههنا طريقتان: إحداهما وهي المشهورة: أنه رفع حيًا بجسمه وروحه، وأنه سينْزل في آخر الزمان فيحكم بين الناس بشريعتنا ثم يتوفاه الله تعالى. ولهم في حياته الثانية على الأرض كلام طويل معروف، وأجاب هؤلاء عما يرد عليهم من مخالفة القرآن في تقديم الرفع على التوفي بأن الواو لا تفيد ترتيبًا، -أقول: وفاتهم أن مخالفة الترتيب في الذكر للترتيب في الوجود لا يأتي في الكلام البليغ إلا لنكتة، ولا نكتة هنا لتقديم التوفي على الرفع إذ الرفع هو الأهم، لما فيه من البشارة بالنجاة ورفعة المكانة-.
(قال): والطريقة الثانية: أن الآية على ظاهرها، وأن التوفي على معناه الظاهر المتبادر وهو الإماتة العادية، وأن الرفع يكون بعده وهو رفع الروح، ولا بدع في إطلاق الخطاب على شخص وإرادة الروح، فإن الروح هي حقيقة الإنسان والجسد كالثوب المستعار فإنه يزيد وينقص ويتغير، والإنسان إنسان لأن روحه هي هي. (قال): ولصاحب هذه الطريقة في حديث الرفع والنزول في آخر الزمان تخريجان: أحدهما: أنه حديث آحاد متعلق بأمر اعتقادي لأنه من أمور الغيب، والأمور الاعتقادية لا يؤخذ فيها إلا بالقطعي، لأن المطلوب فيها هو اليقين، وليس في الباب حديث متواتر.
وثانيهما: تأويل نزوله وحكمه في الأرض بغلبة روحه وسرّ رسالته على الناس، وهو ما غلب في تعليمه من الأمر بالرحمة والمحبة والسلم، والأخذ بمقاصد الشريعة دون الوقوف عند ظواهرها، والتمسك بقشورها دون لبابها، وهو حكمتها وما شرعت لأجله، فالمسيح عليه السلام لم يأت لليهود بشريعة جديدة، ولكنه جاءهم بما يزحزحهم عن الجمود على ظواهر ألفاظ شريعة موسى عليه السلام ويوقفهم على فقهها والمراد منها، ويأمرهم بمراعاته وبما يجذبهم إلى عالم الأرواح بتحري كمال الآداب، أي: ولما كان أصحاب الشريعة الأخيرة قد جمدوا على ظواهر ألفاظها بل وألفاظ من كتب فيها، معبرًا عن رأيه وفهمه وكان ذلك مزهقًا لروحها ذاهبًا بحكمتها كان لابد لهم من إصلاح عيسوي يبين لهم أسرار الشريعة وروح الدين وأدبه الحقيقي، وكل ذلك مطوي في القرآن الذي حجبوا عنه بالتقليد الذي هو آفة الحق وعدوّ الدين في كل زمان، فزمان عيسى على هذا التأويل هو الزمان الذي يأخذ الناس فيه بروح الدين والشريعة الإسلامية، لإصلاح السرائر من غير تقيد بالرسوم والظواهر، هذا ما قاله الأستاذ في الدرس مع بسط وإيضاح، ولكن ظواهر الأحاديث الواردة في ذلك تأباه، ولأهل هذا التأويل أن يقولوا: إن هذه الأحاديث قد نقلت بالمعنى كأكثر الأحاديث، والناقل للمعنى ينقل ما فهمه. وسئل عن المسيح الدجال وقتل عيسى له فقال: إن الدجال رمز للخرافات والدجل والقبائح التي تزول بتقرير الشريعة على وجهها والأخذ بأسرارها وحكمها، وإن القرآن أعظم هاد إلى هذه الحكم والأسرار، وسنة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم مبينة لذلك فلا حاجة للبشر إلى إصلاح وراء الرجوع إلى ذلك، وسنعود إلى مبحث ما جرى للمسيح عليه السلام مع الماكرين الذين أرادوا قتله وصلبه في تفسير سورة النساء إن شاء الله تعالى. اهـ
وأحاديث نزول عيسى وخروج الدجال لدى أهل العلم متواترة، ولكن سهل على هؤلاء الذين سلكوا مسلك جمال الدين الإيراني المتأفغن ردها والقدح فيها وتحريفها، وإني أنصح للشباب المصري ولعلماء مصر أن يطهروا مصر من هذه الأفكار الإلحادية. وفّقهم الله لذلك إنه على كل شيء قدير.
وبما أنه ليس لدي وقت لتفنيد ما في هذا الكتاب من الضلال فإني أكتفي بهذا وما تركته أكثر وأكثر. وقد اخترت هذا الكتاب من بين سائر كتبهم الزائغة لأن كثيرًا من الناس يغترون بالكتاب وبالمؤلف، ففي ذات مرة ونحن بفصل الدراسة بالجامعة الإسلامية تحدّث مدرس التفسير عن التفاسير وما دخل عليها من الدخيل، فسأله طالب أي تفسير أحسن؟ فقال: تفسير المنار، فروجع الأستاذ ولم يقبل.
وفى أخرى كنت أحذر من أئمة الضلال وذكرت منهم جمال الدين الإيراني المتأفغن، ومحمد عبده المصري، ومحمد رشيد رضا، وكان ذلك بمسجد (النزيلي) بصنعاء وبعد أيام التقيت بأخ محب للخير فنصحني أن لا أذكرهم فإنّهم قدموا خدمات جليلة للإسلام، ولم يكن الوقت متسعًا لتفهيم الأخ ببعض ضلالهم.
وفى أخرى كتب إليّ من مصر بعض الأخوة يقول: إنه قيل له: لم ذكرت محمد رشيد في الصحيح المسند من دلائل النبوة وشاركته مع أولئك في الضلال، وهو معروف بالسلفية، فكتبت للأخ: إقرأ كتابه "المنار"
الذي هو بالظلام أشبه، وكذا مجلة "المنار" وستقول إن شاء الله: أف لهذه السلفية، ستجده بعيدًا عن السلفية، والسلفية بعيدة عنه، فأنا أحيل طلبة العلم الذين قد عرفوا الحق من الباطل أن يرجعوا إلى كتبه، وأنا متأكد أنّهم سيعلمون أنه بريء من السلفية، والسلفية بريئة منه.
لا نكتفي من محمد رشيد رضا بمحاربة التقليد، وهو أكبر المقلدين لجمال الدين، ومحمد عبده، لا نكتفي بمهاجمة الشرك والبدع، وهو يحرّف كتاب الله ويرد من سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما لا يتمشى مع أفكار جمال الدين ومحمد عبده.
نحن بحمد الله لا نكتفي بالدعاوي، بل لابد من البراهين والاستقامة، وسلوك طريقة السلف. والله المستعان.
فإن قلت: أين أضر على الإسلام محمد عبده وجمال الدين الأفغاني، أم محمد رشيد رضا؟ قلت: محمد رشيد رضا، لأنه عالم بعلم الحديث، فهو يستطيع أن يلبّس على الجهال بعلم السنة ولذا فقد أكثر النقل عنه أبوريّة في ظلماته، ولما سئل عن ذلك قال ما معناه: إن محمد رشيد رضا عالم كبير ومشهور بالسلفية فأحب أن يكون كلامي مقبولاً.
هذا وقد طلب بعض إخواني في الله مزيدًا من البراهين على بعد محمد رشيد رضا عن السلفية. فأقول: الذي نفهمه عن النسبة السلفية أن معناها الانقياد لشرع الله انقيادًا شموليًا كما قال تعالى: ياأيّها الّذين ءامنوا ادخلوا في السّلم كافّةً (1)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
(1) سورة البقرة، الآية: 208.


وقد أنكر الله على من أخذ من الدين ما يوافق هواه فقال عز من قائل: أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلاّ خزي في الحياة الدّنيا ويوم القيامة يردّون إلى أشدّ العذاب وما الله بغافل عمّا تعملون (1).
وقال سبحانه وتعالى: إنّ الّذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرّقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتّخذوا بين ذلك سبيلاً أولئك هم الكافرون حقًّا وأعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا (2).
وقال سبحانه وتعالى: فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يحكّموك فيما شجر بينهم ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجًا ممّا قضيت ويسلّموا تسليمًا (3).
أولئك الانْهزاميون الذين انْهزموا أمام أعداء الإسلام وأصبحوا يحرفون ما لا تتقبله عقولهم، كأنّهم مفوضون في شرع الله فأصبحوا يتبعون أهواء الملحدين في تحريف المعجزات وغيرها من شرع الله، ورب العزة يقول لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتّبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولّوا فاعلم أنّما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإنّ كثيرًا من النّاس لفاسقون (4).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
(1) سورة البقرة، الآية: 85.
(2) سورة النساء، الآية: 151.
(3) سورة النساء، الآية: 65.
(4) سورة المائدة، الآية: 49.



ويقول سبحانه وتعالى: ولئن اتّبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنّك إذًا لمن الظّالمين (1).
ويقول سبحانه وتعالى: ثمّ جعلناك على شريعة من الأمر فاتّبعها ولا تتّبع أهواء الّذين لا يعلمون إنّهم لن يغنوا عنك من الله شيئًا وإنّ الظّالمين بعضهم أولياء بعض والله وليّ المتّقين (2).
ويقول سبحانه وتعالى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلّ ضلالاً مبينًا (3).
ويقول سبحانه وتعالى: وإن كادوا ليفتنونك عن الّذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذًا لاتّخذوك خليلا ولولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلا إذًا لاذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثمّ لا تجد لك علينا نصيرًا (4).
هذا ومما ينبغي أن يعلم أنه ليس بيني وبين محمد رشيد عداوة دنيوية، فهو شاميّ وأنا يمنيّ، وكلانا يجمعنا الإسلام، ولكني رأيت له ولجمال الدين الأفغاني ولمحمد عبده ومن سلك مسلكهم أخطاءً اشمأز منها قلبي، ورأيت أنه لا يجوز السكوت عليها، وأنا بحمد الله أعلم أنه ردّ على كثير من المبتدعة،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة البقرة، الآية: 145.
(2) سورة الجاثية، الآيتان: 18 - 19.
(3) سورة الأحزاب، الآية: 36.
(4) سورة الإسراء، الآيات: 73 - 75.



منهم الرافضة فقد رأيت الرافضي الأثيم محسن أمين العاملي في كتابه "كشف الارتياب في أتباع محمد بن عبد الوهاب" ذلك الكتاب الذي يدعو إلى الوثنيّة، رأيته فيه يرد على محمد رشيد رضا، ويتوجع من ردود محمد رشيد رضا عليهم، لكني أريد أن أبيّن أن الرجل ليس ملتزمًا بمذهب السلف الذي هو قبول ما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، من غير تأويل ولا تحريف ولا تعطيل ولا تضعيف لأحاديث صحيحة، ولا تصحيح لأحاديث ضعيفة، وقد تقدمت بعض الآيات وتحريفها عما يخرجها عن تفسير السلف رحمهم الله، وإليك ما يتيسر لي الآن:
1 - قال في "المنار" (ج11 ص155): ولولا حكاية القران لآيات الله التي أيّد بها موسى وعيسى عليهما السلام لكان إقبال أحرار الإفرنج عليه أكثر، واهتداؤهم به أعم وأسرع، لأن أساسه قد بني على العقل والعلم وموافقة الفطرة البشرية، وتزكية أنفس الأفراد وترقية مصالح الاجتماع. اهـ المراد منه.
فهل هذا الكلام يتمشى مع ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ما من الأنبياء من نبيّ إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنّما كان الّذي أوتيت وحيًا (1) أوحى الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة)).
الله سبحانه وتعالى وصف القرآن بأنه يهدي للتي هي أقوم وأنه شفاء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
(1) الوحي يشمل الكتاب والسنة فإن قال قائل: المراد به هنا القرآن، قلنا: سلّمنا جدلاً فالمراد المعجزة العظمى الخالدة، ولا ينفي ما عداها من المعجزات.


وأنه نور، وقد تأثر بالقرآن بعض كفار قريش، كما في قصة جبير بن مطعم أنه قدم على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلي بأصحابه المغرب يقرأ سورة الطور، قال: فلما بلغ إلى قوله تعالى: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} كاد قلبي أن يطير-وفي رواية- فوقع الإيمان في قلبي.
وتأثر به الجن كما في سورة الأحقاف والجن، وهؤلاء الإفرنج يجوز أنّهم لم يبلّغوا القرآن على الوجه الصحيح، أو أنّهم بلّغوا ولكنهم معاندون كما حصل لبعض مشركي قريش.
وقد ذكرت شيئًا من هذا في مقدمة الصحيح المسند من دلائل النبوة.
ويجوز أن الله ما قدّر هدايتهم كما قال تعالى: {ولو جعلناه قرءانًا أعجميًّا لقالوا لولا فصّلت ءاياته ءأعجميّ وعربيّ قل هو للّذين ءامنوا هدًى وشفاء والّذين لا يؤمنون في ءاذانهم وقر وهو عليهم عمًى أولئك ينادون من مكان بعيد (1)}.
وتأثر النجاشي عند أن قرأ عليه جعفر بن أبي طالب القرآن ثم إسلامه معروف رواه أحمد في "مسنده".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
(1) سورة فصلت، الآية: 44.


وقال الله سبحانه وتعالى: {ولتجدنّ أقربهم مودّةً للّذين ءامنوا الّذين قالوا إنّا نصارى ذلك بأنّ منهم قسّيسين ورهبانًا وأنّهم لا يستكبرون وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرّسول ترى أعينهم تفيض من الدّمع ممّا عرفوا من الحقّ يقولون ربّنا ءامنّا فاكتبنا مع الشّاهدين وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحقّ ونطمع أن يدخلنا ربّنا مع القوم الصّالحين فأثابهم الله بما قالوا جنّات تجري من تحتها الأنْهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين (1)}.
وأخيرًا نقول لأفراخ الإفرنج: {ءأنتم أعلم أم الله} (2).
2 - قوله تعالى: {ولقد علمتم الّذين اعتدوا منكم في السّبت فقلنا لهم كونوا قردةً خاسئين فجعلناها نكالاً لما بين يديها وما خلفها وموعظةً للمتّقين (3)}.
أبعد النجعة محمد رشيد رضا في "المنار" (ج1 ص345) واختار أنه مسخ معنوي، تابعًا في ذلك مجاهدًا لأن رأي مجاهد موافق لهواه.
وفي (ج9 ص379) من "المنار"، ذكر القولين وسكت، وجمهور المفسرين رحمهم الله على أنه مسخ حقيقي، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله بعد أن ذكر أثر مجاهد (ج1 ص190): وهذا سند جيد عن مجاهد، وقول غريب خلاف الظاهر من السياق في هذا المقام وفي غيره قال الله تعالى: {قل هل أنبّئكم بشرّ من ذلك مثوبةً عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطّاغوت (4)}. اهـ
ثم قال ابن كثير رحمه الله ص (192) قلت: والغرض من هذا السياق عن هؤلاء الأئمة بيان خلاف ما ذهب إليه مجاهد رحمه الله من أن مسخهم إنما كان معنويًا لا صوريًّا، بل الصحيح أنه معنوي صوري، والله تعالى أعلم. اهـ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة المائدة، الآيات: 82 - 85.
(2) سورة البقرة، الآية: 140.
(3) سورة البقرة، الآيتان: 65 - 66.
(4) سورة المائدة، الآية: 60.


يعني أنه يشمل مسخ صورهم، ويشمل مسخ أخلاقهم.
3 - قال البخاري رحمه الله (ج8 ص164): حدثني محمد حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن ابن المبارك عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((قيل لبني إسرائيل {ادخلوا الباب سجّدًا وقولوا حطّة} (1) فدخلوا يزحفون على أستاههم فبدّلوا وقالوا حطّة حبّة في شعرة)).
محمد رشيد رضا في تفسير سورة البقرة بعد أن اعترف أنه في الصحيح يقول: ولكنه لا يخلو من علّة إسرائيلية، وسنبين ذلك في تفسير المسألة من سورة الأعراف.
وقال في سورة الأعراف (ج9 ص373): ولا ثقة لنا بشيء مما روي في هذا التبديل من ألفاظ عبرانية ولا عربية، فكله من الإسرائيليات الوضعيّة كما قاله الأستاذ الإمام هنالك، وإن خرّج بعضه في الصحيح والسنن موقوفًا ومرفوعًا كحديث أبي هريرة المرفوع في الصحيحين وغيرهما لبني إسرائيل: {وادخلوا الباب سجّدًا وقولوا حطّة} فدخلوا يزحفون على أستاههم فبدّلوا وقالوا حطّة حبّة في شعرة))، وفي رواية: ((شعيرة)). رواه البخاري في تفسير السورتين من طريق همام بن منبه أخي وهب، وهما صاحبا الغرائب في الإسرائيليات، ولم يصرح أبوهريرة بسماع هذا من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فيحتمل أنه سمعه من كعب الأحبار، إذ ثبت أنه روى عنه، وهذا مدرك عدم اعتماد الأستاذ رحمه الله على مثل هذا من الإسرائيليات, وإن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
(1) سورة البقرة، الآية: 58.


صح سنده، ولكن قلّ ما يوجد في الصحيح المرفوع شيء يقتضي الطعن في سندها. اهـ
وهذا يدل أن محمد رشيد رضا لم يغيّر منهجه عن شيخه في التفسير بالرأي، ولكنه يستكثر من الاستدلال بالسنة إذا كانت موافقة لهواه، بل أقبح من هذا أنه يستدل بأقوال الصوفية والرافضة إذا كانت موافقةً لهواه.
4 - {ياأيّها الّذين ءامنوا لا تأكلوا الرّبا أضعافًا مضاعفةً واتّقوا الله لعلّكم تفلحون (1)}.
يهوّن الأمر في ربا الفضل، "المنار" (ج4 ص23 - إلى ص130) وفي رسالة بعنوان الربا والمعاملات في الإسلام (ص127)، وهو في (ج3 ص116) لا يرى بأسًا أن تعطي شخصًا مالاً يستغلّه ويجعل لك من كسبه حظًا معينًا، وهذا من ربا النسيئة فهو يهوّن الأمر في ربا الفضل ويتسامح في القليل من ربا النسيئة.
5 - من اجتهادات محمد عبده الباطلة، أنه يرى جواز التيمم للمسافر وإن كان واجدًا للماء، "المنار" (ج5 ص121و122).
6 - قال الإمام مسلم رحمه الله (ج8 ص78): حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث وحجاج بن الشاعر كلاهما عن عبد الصمد واللفظ لعبد الوارث بن عبد الصمد حدثنا أبي عن جدي عن الحسين بن ذكوان حدثنا ابن بريدة حدثني عامر بن شراحيل الشعبي شعب همدان، أنه سأل فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس وكانت من

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(1) سورة آل عمران، الآية: 130.

المهاجرات الأول فقال: حدّثيني حديثًا سمعتيه من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا تسنديه إلى أحد غيره ... فذكرت الحديث وفيه ذكر الجساسة والدجال، ثم ذكر له مسلم طرقًا إلى الشعبي.
هذا الحديث يشكك فيه محمد رشيد رضا كما في "المنار" (ج9 ص197) ولا أعلم عالماً من علماء المسلمين تكلم فيه، بل يمثّل به أهل المصطلح لرواية الأكابر عن الأصاغر، وقد شرحه تقي الدين أحمد بن على المقريزي بكتاب سماه ضوء الساري في معرفة خبر تميم الداري.
7 - قوله تعالى: {فمن جاءه موعظة من ربّه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون (1)}.
يدفع شيخه القول بخروج مرتكبي كبيرة الربا من النار، ويقرّه محمد رشيد رضا (ج3 ص98،99) من "المنار".
ويقول محمد عبده (ص102) في الكلام على قول الله عز وجل: {ياأيّها الّذين ءامنوا اتّقوا الله وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين (2)}:
وهذا يؤيد ما قلنا في مسألة خلود من عاد إلى الربا بعد تحريمه في النار. اهـ
وهو ينكر خروج القاتل الموحد من النار، فقال محمد رشيد رضا في ... "المنار" (ج5 ص341): أقول: وقد استكبر الجمهور خلود القاتل في النار، وأوّله بعضهم بطول المكث فيها، وهذا يفتح باب التأويل لخلود الكفار- إلى آخر كلامه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
(1) سورة البقرة، الآية: 275.
(2) سورة البقرة، الآية: 278.




وأنت خبير أن الأحاديث متواترة بخروج الموحّدين من النار، وهو قول أهل السنة والجماعة.
8 - تشكيكه في أحاديث الدجال (ج9 ص490) إلى ص (499) وقد ألّف الأخ أحمد بن عيسى رسالة ماجستير في أحاديث الدجال، وطعنه في أحاديث المهدي (ج9 ص499 - 504) وقد ألّف الشيخ عبد المحسن العباد رسالة قيمة في أحاديث المهدي.
9 - قول محمد رشيد رضا إنه يصح أن تكون الميكروبات نوعًا من الجن، "المنار" (ج3 ص96) وهذا كلام ما أنزل الله به من سلطان، بل هو مناف لصفات الجن الواردة في الكتاب والسنة.
10 - طعنه في معجزة انشقاق القمر كما في "منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير" (ص580) -إلى ص (586) وعزاه إلى مجلة "المنار".
ومحمد رشيد رضا يشكك في المعجزات النبوية التي لم ترد في القرآن كلها كما في "المنار" (ج11 ص155).
11 - تشكيك محمد عبده في أن آدم هو أبو البشر كلهم، وإقرار محمد رشيد له بل تأييده (ج4 ص323،324،325)، وعدم إنكاره على الذين يقولون: إن أصل الإنسان قرد (ج4 ص327) من "المنار".
12 - قول محمد عبده: إن الملائكة قوًى طبيعية أودعها الله في المخلوقات. بمعنى أن الملائكة ليسوا مخلوقين خلقًا مستقلاً يصعدون وينْزلون، ويكتبون، وغير ذلك من تصرفاتهم الواردة في الكتاب والسنة، ومحمد رشيد رضا يؤيد قول شيخه -راجع "المنار" (ج1 ص267 - 275).
13 - يشكك في رفع عيسى بروحه وجسده حيًا حياة دنيوية بهما ... وليس في القرآن نص صريح بأنه ينزل من السماء، وإنما هذه عقيدة أكثر النصارى، وقد حاولوا في كل زمان منذ ظهور الإسلام إلى الآن بثها في المسلمين. اهـ بالمعنى من "منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير" (ص712) وعزاه إلى مجلة "المنار" (الجزء العاشر من المجلد28 ص756)، وهذا يخالف ظاهر القرآن بدون برهان، ثم إن نزول عيسى من أمارات الساعة، والأحاديث في ذلك متواترة، ولو لم تكن متواترة وورد حديث واحد صحيح السند سالم من العلة والشذوذ لوجب قبوله.
14 - قال البخاري رحمه الله (ج8 ص296): حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الواحد حدثنا عمارة حدثنا أبوزرعة حدثنا أبوهريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لا تقوم السّاعة حتّى تطلع الشّمس من مغربها، فإذا رآها النّاس آمن من عليها، فذاك حين لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل)).
ثم قال البخاري رحمه الله: حدثني إسحاق أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لا تقوم السّاعة حتّى تطلع الشّمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها النّاس آمنوا أجمعون، وذلك حين لا ينفع نفسًا إيمانها)) ثم قرأ الآية.
ورواه البخاري (ج1 ص352) من حديث الأعرج عن أبي هريرة به.
وأخرجه مسلم (ج2 ص371) من حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة به.
هذا الحديث من الأحاديث التي طعن فيها محمد رشيد رضا، "المنار" (ج8 ص210،211).
15 - قال الإمام البخاري رحمه الله (ج6 ص297): حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأبي ذر حين غربت الشمس: ((أتدري أين تذهب))؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: ((فإنّها تذهب حتّى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها، وتستأذن فلا يؤذن لها، يقال لها: ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله تعالى: {والشّمس تجري لمستقرّ لها ذلك تقدير العزيز العليم))}.
وأخرجه مسلم (ج2 ص372) رقم (397).
هذا الحديث يطعن فيه كما في "المنار" (ج8 ص211) ويقول: إن الإمام أحمد قال: إن إبراهيم بن يزيد لم يسمع من أبي ذر، وقد ذكره هو عن إبراهيم عن أبيه عن أبي ذر، فسبحان من أعمى بصيرته، أعني أن الحديث مرويّ عن يزيد والد إبراهيم عن أبي ذر، لا عن إبراهيم عن أبي ذر.
وبعد فإن الحديث مرويّ عن جماعة من الصحابة كما في "تفسير ابن كثير" (ج2 ص194) منهم: حذيفة بن أسيد، رواه مسلم (ج18 ص235) برقم (7215) ومنهم: صفوان بن عسال، رواه الترمذي (ج5 ص545) والنسائي في "الكبرى" وابن ماجة (ج2 ص1353)، ومنهم: عبد الله بن عمرو، رواه مسلم (ج18 ص280) برقم (7359).
ولا أعلم عالمًا من علماء المسلمين طعن فيه.
16 - قدحه في كعب الأحبار ووهب بن منبه، "المنار" (ج9 ص480) وهو لم يسبق إلى هذا، اللهم إلا قول معاوية رضي الله عنه في كعب الأحبار: إنه يكذب، ولكنه مؤول على أنه بمعنى الخطأ، كما في "الفتح" (ج13 ص346) طبعة الريان.
ووهب وثقه أبوزرعة والنسائي، وقال عمرو بن علي: كان ضعيفًا كما في "تهذيب التهذيب"، ووهب من رجال الشيخين، وكعب الأحبار روى له البخاري تعليقًا، ومسلم موصولاً، كما ذكره الحافظ في "تهذيب التهذيب".
17 - ثناؤه على جمال الدين الأفغاني:
وقد أنكر عليه بعض معاصريه فقال أبوالهدى الصيادي لمحمد رشيد رضا: (إني أرى جريدتك طافحة بشقاشق المتأفغن جمال الدين الملفقة، وقد تدرجت به الحسينية التي يزعمها زورًا، وقد ثبت في دوائر الدولة رسميًا أنه مازندراني من أحلاف الشيعة). اهـ من "منهج المدرسة العقلية في التفسير" ص (76).
وإذا أردت أن تعرف شيئًا عن ضلال جمال الدين قرأت "منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير" للأخ فهد بن عبد الرحمن الرومي، وكتاب "دعوة جمال الدين الأفغاني في الميزان الإسلامي" للأخ: مصطفى فوزي بن عبد اللطيف غزال.
18 - ثناؤه على محمد عبده وفتنته به:
فتن محمد رشيد رضا بمحمد عبده، حتى أنكر عليه يوسف النبهاني فقال:
فذاكرته في شيخه وهو عبده ... تملكه الشيطان عن قومه قسرًا
فقلت له لو كابن سيناء زعمتم ... وعالم فاراب وأرفعهم قدرًا
لقلنا لكم: حقًا وإن كان باطلاً ... ولم نر من هذا على ديننا ضرًا
ولكنكم مع تركه الحج مرة ... وحج لباريز وللندن عشرًا
ومع تركه فرض الصلاة ولم يكن ... يسر بذا بل كان يتركها جهرًا
ومع كونه شيخ المسون مجاهرًا ... بذلك لا يخفي إخوتهم سرًا
ومع غير هذا من ضلالاته التي تقولون: أستاذ إمام لديننا ... بها سار مثل السهم للجهة الأخرى
ونحن نراه عندنا شر فاسق ... فما أكذب الدعوى وما أقبح الأمرا
فيقتل فسقًا بالشريعة أو كفرًا

قال أبوعبد الرحمن: ابن سيناء والفارابي ملحدان، ويوسف النبهاني مخرّف، ولا مانع من قبول الحق ممن كان.
وأما كون شخص هداه الله للسنة على يدي محمد رشيد رضا، فهو يرى أنه لزامًا عليه أن يدافع عنه، فهذا أمر عجيب، فما أكثر الناس الذين هداهم الله على أيدي جماعة التبليغ ثم تحولوا إلى السنة، ثم أصبحوا بحمد الله يحذّرون من بدع جماعة التبليغ.
ومن الناس من يهديه الله للإسلام على أيدي الصوفية، ثم يرى هزة الرءوس عند الذكر، ويلتمس طريقة أهل السنة التي هي الطريق القويم، ومن الناس من يكون قد هداه الله على أيدي بعض الإخوان المسلمين، فتدعوه إلى السنة فيقول: أنا يا أخي كنت ضائعًا فهداني الله على أيدي الإخوان المسلمين، فتقول له: أنت انتقلت من ضياع سهل إلى ضياع مستصعب، وأنا أدعوك إلى الطريق القويم، إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى تعلّمها ثم العمل بها ثم الدعوة إليها، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
فكونك قد هداك الله للسنة على يدي محمد رشيد رضا، لا يدل أنه على الصراط المستقيم، وإذا أردنا أن نثْبت للشخص السلفية فلابد أن نعرض أعماله على أعمال السلف الذين لا يرفعون رأسًا إلا لقول الله وقول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد أصبحت السلفيّة ستارًا يندرج تحته حالق اللحية المتشبه بأعداء الإسلام، مهلاً مهلاً أيها المسلمون اتقوا الله، ودعوا هذه الإدّعاءات، فقد أصبح عوام المسلمين وطلبة العلم المبتدئين أضحيتهما، ياأيّها الّذين ءامنوا اتّقوا الله وكونوا مع الصّادقين (1).

ليس بأمانيّكم ولا أمانيّ أهل الكتاب من يعمل سوءًا يجز به ولا يجد له من دون الله وليًّا ولا نصيرًا ومن يعمل من الصّالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنّة ولا يظلمون نقيرًا ومن أحسن دينًا ممّن أسلم وجهه لله وهو محسن واتّبع ملّة إبراهيم حنيفًا واتّخذ الله إبراهيم خليلاً (2).
فليست السلفية بالإدعاءات، ولكنها استسلام لله وقبول ما جاء عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
(1) سورة التوبة، الآية: 119.
(2) سورة النساء، الآية: 123.



وبعض الصحابة رضوان الله عليهم عند أن أنزل الله سبحانه وتعالى: وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله (1) شق عليهم ذلك فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أتريدون أن تقولوا كما قال أهْل الكتابين من قبْلكم: سمعْنا وعصينا، بل قولوا: سمعنا وأطعْنا، فلما أذعن القوم أنزل الله في إثرها: آمن الرّسول بما أنزل إليه من ربّه والمؤمنون إلى قوله: لا يكلّف الله نفسًا إلاّ وسْعها. إلى آخر السورة. رواه بهذا المعنى مسلم من حديث أبي هريرة وابن عباس.
لسنا نقبل أن يتحمس الشخص للدين من جوانب، ويهدمه من جانب، فأصحاب المدرسة العقلية الحديثة لا يرون حجيّة حديث الآحاد، والدين أغلبه من طريق الآحاد، ويقدمون العقل على النقل فهل هذه طريقة السلف؟. وليس عندي من كتب محمد رشيد رضا إلا "المنار" ورسالة في الربا، ولو أردت استقصاء ما ردّ من الأحاديث أو شكك فيه، لكان مجلدًا، أفكان سلفنا كذلك.
ائتوني بسلفي حرّف ما تقدم من الآيات، ورد ما تقدم من الأحاديث، وأضعاف أضعافها، والرجل لم يؤت من جهل فقد بهرتني كثرة استدلالاته، وسعة اطلاعه، ولكنه صاحب هوى، فتن بجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده.
أما آثار المدرسة العقلية على الدين فإفساد الأزهر، والتبرج والسفور، ومهاجمة السنة، وما ذكرت شيئًا بالنسبة لكتاب "منهج المدرسة العقلية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
(1) سورة البقرة، الآية: 284.


الحديثة في التفسير" وكتاب "دعوة جمال الدين الأفغاني في ميزان الإسلام".
وكون محمد رشيد خالف أستاذه بعد وفاة أستاذه كما ذكره في "المنار" ص (16) فهل أقصر عن رد الأحاديث التي لا توافق هواه؟ الجواب: لا، فقد انتهى شيخه محمد عبده عند تفسير: وكان الله بكلّ شيء محيطًا آية (125) من سورة النساء كما في "المنار" ثم مشى على تضعيف ما لم يوافق هواه، وهل تراجع عن الأحاديث التي وافق شيخه على تضعيفها، وكان الواجب عليه أن ينبّه في أثناء التفسير وعند مناسبات المواضيع من الأحاديث.
ولما كان فعل أصحاب المدرسة العقلية الحديثة يهدم الإسلام وكثير من الناس لا يعلمون أن الطعن في حديث الآحاد طعن في الدين كله، وقد اهتم العلماء رحمهم الله برد هذه الفكرة الخطيرة على الدين فرد عليهم الإمام الشافعي رحمه الله في "الرسالة"، والإمام البخاري في "صحيحه" عقد كتابًا للرد عليهم وأبومحمد ابن حزم في كتاب "إحكام الأحكام" وابن القيم رحمه الله في كتاب "الصواعق المرسلة"، وردّهم لما يخالف أهواءهم من السنة أمر قد أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
قال الإمام أبوداود رحمه الله (ج12 ص354): حدثنا عبد الوهاب بن نجدة أخبرنا أبوعمرو بن كثير بن دينار عن حريز بن عثمان عن عبد الرحمن ابن أبي عوف عن المقدام بن معدي كرب عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((ألا إنّي أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلّوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرّموه، ألا لا يحلّ لكم الحمار الأهليّ، ولا كلّ ذي ناب من السّبع، ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه، فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه)).
عبد الرحمن بن أبي عوف مستور الحال يصلح حديثه في الشواهد والمتابعات.
والحديث له شواهد، منها الذي بعده على أنه قد تابعه الحسن بن جابر اللخمي، كما عند الترمذي، وهو مستور الحال، فالحديث حسن لغيره.
قال أبوداود رحمه الله (ج12 ص356): حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل وعبد الله بن محمد النفيلي قالا أخبرنا سفيان.
حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل وعبد الله بن محمد النفيلي وابن كثير قالوا حدثنا سفيان عن أبي النضر عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((لا ألفينّ أحدكم متّكئًا على أريكته يأتيه الأمر من أمري ممّا أمرت به أو نهيت عنه، فيقول: لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتّبعناه)).
فإن رأينا من يجادل أو يدافع عن بعد محمد رشيد رضا عن السلفية، فإننا إن شاء الله سنكلف بعض إخواننا بجمع ما ردّه أو شك فيه أو شكّك من السنن، ولكننا يعلم الله (نستثقل) هذا أو نراه تحصيل حاصل، فأحاديث الدجال قد جمعت وحكم العلماء بتواترها، وأحاديث المهدي قد جمعت وحكم العلماء بتواترها، وكان قدح ابن خلدون فيها نقيصة فيه، ودليل على قصوره في علم الحديث، وهكذا حديث انشقاق القمر وغيرها من دلائل النبوة، قد جمعت الصحيح منها في "الصحيح المسند من دلائل النبوة" والذي أعتقده وأدين الله به أن دعوة جمال الدين الأفغاني ومن سلك مسلكه، نكبة على الإسلام، وجناية على العلم، وفتح باب للشر بجميع أنواعه، وفتح باب لأعداء الإسلام، وللفسقة من المسلمين، للطعن فيما لا يوافقهم من السنن.
على أنني أحمد الله فقد استيقظ الشباب المصري، وعلموا أن هذه دعوة هدّامة للدين فجزاهم الله خيرًا، وإذا كنا لا نرضى بتقليد أئمة الهدى، مثل: مالك والشافعي وأحمد، فنحن بحمد الله عن تقليد هؤلاء أبعد. وهذا من فضل الله علينا والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.



ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر
ترجمة المؤلف: مقبل بن هادي الوادعي
الناشر: دَارُ الآثَار للنشر وَالتوزيع، صَنعاء - اليمن
الطبعة: الثانية، 1420 هـ - 1999 م




 توقيع : أبو خالد



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ»

الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود -
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلاتحرمونا دعائكم


آخر تعديل ابن الورد يوم 29 Mar 2018 في 08:38 AM.
رد مع اقتباس
قديم 28 Mar 2018, 05:26 PM   #2
نور الشمس
وسام الشرف - مشرفة قروب - أخوات البحث العلمي - جزاها الله تعالى خيرا
** أم عمـــر **


الصورة الرمزية نور الشمس
نور الشمس غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 13417
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : 21 Aug 2023 (03:12 PM)
 المشاركات : 11,240 [ + ]
 التقييم :  35
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 مزاجي
لوني المفضل : Olivedrab
رد: ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر



جزاك الله خير ..


 
 توقيع : نور الشمس



قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

‏🌱 اجعل نفسك دائماً في تفاؤل والذي يريده الله سيكون

‏ وكن مسروراً فرحاً واسع الصدر ،،

‏فالدنيا أمامك واسعة والطريق مفتوح ✨

‏فهذا هو الخير ،،،

‏ 📚 شرح رياض الصالحين - ج4 ص87

🦋🍃


رد مع اقتباس
قديم 29 Mar 2018, 08:01 AM   #3
أبو خالد
باحث جزاه الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية أبو خالد
أبو خالد غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 25
 تاريخ التسجيل :  Jun 2005
 أخر زيارة : 15 Jul 2018 (03:04 PM)
 المشاركات : 13,860 [ + ]
 التقييم :  21
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 مزاجي
 وسائط MMS
وسائط MMS
 SMS ~
اللهم إني ظلمت نفسي
ظلـمآ كثيرآ
ولا يفغر الذنوب
الا أنت
فاغفر لي مفغرة من عندك
وأرحمني
إنك أنت الغفور الرحيم
لوني المفضل : Cadetblue
رد: ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر



جزاكِ الله خير شاكر مرورك


 
 توقيع : أبو خالد



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ»

الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود -
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلاتحرمونا دعائكم


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 05:11 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي