العدوان الثلاثي على الإنسان (( نفسك التي بين جنبيك )) .

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فأعداؤك الذين أوقعوك في كثير من الذنوب واقتراف كثير من المعاصي هم ..

1 ) نفسك التي بين جنبيك

2 ) الشيطان

3 ) الدنيا

وإليك شرح كل عدو وكيفية التعامل معه في حالة الهجوم .

والخطه البديله في حالة الدفاع .

أولاً : نفسك التي بين جنبيك

ولعلك لا تدرك أنها أخطر الأعداء لك وأشدهن عداءً لك

وهي السبب الرئيسي في النصر بعد عون الله لك أو في الهزيمه .

قال تعالى : (( ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها ))

(( الشمس : 7 – 8 ))

فقال تعالى : (( فألهمها فجورها )) قبل تقواها . لأن الفجور أسهل وأقرب

إلى هوى النفس ولا يحتاج إلى تهذيب ولا إلى بذل مجهود .

أما التقوى فتحتاج إلى التهذيب والصبر على الطاعات وترك المنكرات

وتحتاج كثيراً من المثابرة والجهاد .

قال تعالى : (( فإذا جاءت الطامة الكبرى * يوم يتذكر الإنسان ماسعى *

وبرزت الجحيم لمن يرى * فأما من طغى * وآثر الحياة الدنيا * فإن الجحيم هي

المأوى * وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى ))

(( النازعات : 34 – 41 ))

(( فأما من طغى )) : أي جاوز الحد بأن تجرأ على

المعاصي الكبار ولم يقتصر على ما حده الله .

(( وآثر الحياة الدنيا )) : فصار سعيه لها ووقته مستغرقاً في

حظوظها وشهواتها ونسي الآخره وترك العمل .

(( فإن الجحيم هي المأوى )) : هي المقر والسكن له .

(( وأما من خاف مقام ربه )) : أي خاف القيام عليه ومجازاته بالعدل فأثر هذا الخوف

في قلبه فنهى نفسه عن هواها الذي يقيدها عن طاعة الله وصار هواه تبعاً لما جاء به الرسول

صلى الله عليه وسلم وجاهد الهوى والشهوة الصادين عن الخير فإن الجنة هي المئوى .

وقال نبينا صلى الله عليه وسلم لقوم قدموا من الجهاد

(( مرحباً بكم قدمتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ))

قيل : يا رسول الله وما الجهاد الأكبر ؟ قال (( جهاد النفس )) .

وقال صلى الله عليه وسلم :

(( المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله عز وجل )) .

وقال سفيان الثوري :

(( ما عالجت شيئاً أشد عليَّ من نفسي . مرةً لي ومرةً عليَّ )) .

وقال الحسن : ما الدابة الجموح بأحوج إلى اللجام الشديد من نفسك .

فهي كذلك والله . تجمح إلى المعاصي وتحب اللذات وتشتهي كثيراً من الشهوات

وهي مع صاحبها على ثلاث أحوال ..

إما أن يتركها لجماحها فتظل كذلك حتى تهلكه في الدنيا قبل الآخره .

وإما أن يقيدها فتموت كمداً وكآبةً وظلما .

وإما أن يوجهها ويمرنها فيمنع عنها الشهوة الحرام ويعطيها الشهوةً المباحه والحلال

حتى تشب وتكبر وتتعود هي بنفسها دون بذل جهدٍ منه على أخذ الحلال وترك الحرام .

وليس معنى هذا أنها ستقوده في يومٍ من الأيام أو أنها مضمونه لهذا الحد ..

بل لابد من توجيهها طوال الوقت وتحويلها إلى المسار الصحيح .

إلا أن المجهود الذي بُذل في البداية في التقويم والتوجيه سيقل قليلاً

وأحذركم من أن تتركوا لها اللجام حتى لا تفيقوا على كارثه أوقعتكم فيها .

قال بعض الحكماء : من استولت عليه النفس صار أسيراً في حب شهواتها ،

محصوراً في سجن هواها مقهوراً مغلولاً ذمامه في يدها

تجره حيث شائت فتمنع قلبه من الفوائد .

فجاهد نفسك قبل أن تجاهدك وقدها قبل أن تقودك إلى الهلاك ، وثق بالله أنه لن يضيعك .

قال تعالى : (( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ))

(( العنكبوت : 69 ))

وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه

عن ربه عز وجل قال : (( إذا تقرب العبد إليَّ شبراً تقربت إليه ذراعاً وإذا تقرب إليَّ

ذراعاً تقربت إليه باعاً وإذا أتاني يمشي أتيته هروله ))

واعلم أن الجنه حفت بالمكاره وحفت النار بالشهوات .

وإن النفس تهوى وتشتهي فلا تحرمها كل الحرمان ولا تتركها

تتمتع بالحرام قبل الحلال ولكن قومها ووجهها وقدها

إلى طريق الجنة بعون الرحمن .

وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

سأوافيكم بالمصدر عندما أنتهي

انتظروني في الجزء الثاني

تقبلوا تحياتي
ولا تنسوني من صالح دعائكم
فراشة الربيع