اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأيَّامِ الْخَالِيَةِ [الحاقة : ۲٤] . قال وكيع وغيره : هي أيام الصوم ، إذ تركوا فيها الأكل والشرب .

روى الإمام البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة بابا يقال له : الريان ، يدخل منه الصائمون يوم القيامة ، لا يدخل منه أحد غيرهم .


           :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ13ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ12ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ11ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: درس جامع العروة الوثقى : علاج القرآن للصحة النفسية السليمة - الشيخ فيصل الحسني . (آخر رد :ابن الورد)       :: خطبة جمعة : واقع الناس في شهر رمضان - الشيخ فيصل الحسني . (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ10ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ09ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: معاناة (آخر رد :هاجر هاجر)       :: ثواب تعجيل الفطر . (آخر رد :ابن الورد)       :: ثواب السحور . (آخر رد :ابن الورد)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

إدارة الطب الإلهي والنبوي ـ االإستشارات العلاجية والإستشفاء ـ Department of Medicine and the Prophet يختص بالمرضى والمصابين شفاهم الله وعافاهم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 23 Apr 2018, 10:12 AM
أبو خالد
باحث جزاه الله تعالى خيرا
أبو خالد غير متصل
Saudi Arabia     Male
SMS ~ [ + ]
اللهم إني ظلمت نفسي
ظلـمآ كثيرآ
ولا يفغر الذنوب
الا أنت
فاغفر لي مفغرة من عندك
وأرحمني
إنك أنت الغفور الرحيم
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 25
 تاريخ التسجيل : Jun 2005
 فترة الأقامة : 6874 يوم
 أخر زيارة : 15 Jul 2018 (03:04 PM)
 المشاركات : 13,860 [ + ]
 التقييم : 21
 معدل التقييم : أبو خالد is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
في بيان معنى الرقى، وأنواعها ومسائل مهمة متعلقة بها




أولاً: التعريف بالرقية:
* الرُّقْيَة: - بالضمّ - هي العُوذة التي يُتعوَّذ بها (1) ، ويُرقى بها صاحب الآفة كالحُمَّى والصَّرْع، وغير ذلك من الآفات (2) ، فهي إذًا: [كلام يُستشفى به من كل عارض] (3) ، وجمعها: رُقًى - بالضم فالفتح - والراقي أو الراقيهْ، بالهاء: هو صانع الرقية أو الرُّقَى، وجمعه رُقاة، ويقال في تأنيث ذلك: هي راقية، وتجمع على رَوَاقٍ (4) ، وكذلك يقال: رجل رقّاء، أي: صاحب رُقًى، وجمعه: راقون (5) .
ثانيًا: أنواع الرقى:
الرقى خمسة أقسام، هاك بيانها وأحكامها (6) :
الأول: ... ما كان بكلام الله تعالى، وبأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، فهذا جائز، بل مستحب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
(1) انظر: معجم المقاييس لابن فارس (1/480) .
(2) انظر: النهاية لابن الأثير (2/231) .
(3) كما ذكره ابن حجر رحمه الله، بنقلٍ عن ابن درستويه. انظر: الفتح (4/530) .
(4) انظر: المعجم الوسيط ص: 367، مادة (رقى) .
(5) انظر: لسان العرب لابن منظور: (3/1711) مادة (رقا) .
(6) أقسام الرقى، وأحكامها، مستفاد من كلام الإمام ابن حجر رحمه الله. انظر: "فتح الباري" (4/534-535) ، وكذا انظر نقلَه عن الإمام القرطبي رحمه الله، في "الفتح" (10/207) .





الثاني: ... ما يلتحق بذلك مما كان بالذكر والدعاء المأثور، وهذا حكمه كسابقه، جائز مستحب.
الثالث: ما كان منها بالذكر والدعاء غير المأثور، مما لا يخالف ما في المأثور، وهذا جائز.
الرابع: ... الرقى بما لا يعقل معناه، كالرقى التي كانت في الجاهلية، فهذه يجب اجتنابها لئلا يكون فيه شرك أو ما يؤدي إلى الشرك.
الخامس: ما كان بأسماء غير الله من مَلَكٍ، أو صالح، أو معظَّمٍ من المخلوقات كالعرش، كأن يقول: أرقيك بحق جبريل عليه السلام، ونحو ذلك، فهذا ليس من المشروع الذي يتضمن الالتجاء إلى الله والتبرك بأسمائه وصفاته فيُترك (1) .
ولعل مجمع ما سبق يمكن استنباطه من إرشاد النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته رضي الله عنهم، بقوله: اِعْرِضُوا عَلَيَّ رُقاكُمْ، لاَ بَأْسَ بِالرُّقى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ (2) . مَا أَرَى بَأْسًا، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ (3) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
(1) فإن تضمن التعظيم نوع مناداة أو استغاثه كقوله: يا حملة العرش، أو أغثنا يا جبريل، ونحو ذلك، معتقداً قدرة المخلوق جلب نفع أو دفع ضر، كان فعله شركاً صريحاً، والعياذ بالله، وهذا النوع من التعظيم لا يدخل - أصلاً - في مسمى الرقية، لذا فهو لم يُجعل قسماً مستقلاً لها.
(2) سبق تخريجه ص 94 بالهامش ذي الرقم (5) .
(3) سبق تخريجه ص 94 بالهامش ذي الرقم (3) .





ثالثًا: ضابط الرقية المشروعة:
[أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط:
- ... أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته.
- ... أن تكون باللسان العربي، أو بما يُعرف معناه من غيره.
- ... أن يعتقد - كل من الراقي والمَرْقِيِّ - أن الرقية لا تؤثر بذاتها، بل بذات الله تعالى]
(1) (فمهما كان فيه استعاذة بالله تعالى، أو استعانة به وحده، أو ما يعطي معنى ذلك، فالاسترقاء به مشروع) (2) .
رابعًا: بيان عشر مسائل مهمة متعلقةٍ بالرقى:
المسألة الأولى: ما حكم الاسترقاء - طلب الرقية ممن يعرف الرقى، بسبب العين - وهل فيه منافاة للتوكل؟
الجواب: [قد جاء في بعض الأحاديث جواز الاسترقاء، وفي بعضها النهي عنه، فمن الجواز: قوله صلى الله عليه وسلم حين رأى في بيت أم سَلَمة رضي الله عنها جارية في وجهها سَفْعةٌ (3) : اسْتَرْقُوا لَهَا فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ (4) ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
(1) أفاده الإمام ابن حجر رحمه الله، كما في "الفتح" (10/206) .
(2) من قول الإمام ابن حجر رحمه الله، كما في "الفتح" أيضًا: (10/208) .
(3) سَفْعة: أي بوجهها صُفْرة، كما فُسِّرت بالحديث. انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (14/407) ، أو السَّفْعة: هو أن يكون بالوجه موضعًا على غير لونه الأصلي، وقد يكون سوادًا، أو صُفْرةً، أو حمرة يعلوها سواد. انظر: "الفتح" لابن حجر (10/212) ، والمعنى: أن في وجهها علامة من الشيطان، وأن هذا الأثر في الوجه (السَّفْعة: الصُّفْرة) قد أدرك الجارية من قِبَل النظرة. انظر: "النهاية" لابن الأثير (2/337) .
(4) متفق عليه؛ من حديث السيدة أم سَلَمة رضي الله عنها: أخرجه البخاري؛ كتاب: الطب، باب: رقية العين، برقم (5739) ، ومسلمٌ؛ كتاب: السلام، باب: استحباب الرقية من العين ... ، برقم (2197) .





وكانت عائشة رضي الله عنها تقول: أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم - أَوْ: أَمَرَ - أَنْ يُسْتَرْقَى مِنَ الْعَيْنِ (1) ، ومن النهي قوله صلى الله عليه وسلم في الثناء على خواص أولياء الله تعالى، المتوكلين حق التوكل عليه سبحانه، بكونهم لاَ يَتَطَيَّرُونَ، وَلاَ يَكْتَوُونَ، وَلاَ يَسْتَرْقُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) .
[والأحاديث في القسمين كثيرة، ووجه الجمع في ذلك أن الرقى يُكره منها ما كان بغير اللسان العربي، وبغير أسماء الله تعالى وصفاته وكلامه في كتبه المنزّلة، وأن يعتقد أن الرقية نافعة لا محالة فيتكل عليها] (3) ، [فالمراد إذًا بترك الرقى والكيّ هو ضرورة الاعتماد على الله تعالى في دفع الداء، مع تمام الرضا بقَدَره سبحانه، لا القدح في جواز ذلك - أي الاسترقاء - لثبوت وقوعه في الأحاديث الصحيحة وعن السلف الصالح، لكن مقام الرضا والتسليم أعلى من تعاطي الأسباب] (4) . فيتبين من ذلك أن الاسترقاء مشروع، ولا منافاة بينه وبين التوكل، لكن بالشروط المعتبرة في جواز الرقية، إلا أن بعضًا من عباد الله الصالحين (5) قد تم استسلامهم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(1) متفق عليه؛ من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها: أخرجه البخاري ومسلم؛ بالتخريج السابق، البخاري برقم (5738) ، ومسلم برقم (2195) .
(2) جزء من حديث أخرجه البخاري؛ كتاب: الطب، باب: من لم يَرْقِ، برقم (5752) ، عن ابن عباس رضي الله عنهما. ومسلم؛ كتاب: الإيمان، باب: الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، برقم (218) ، عن عمران بن حُصَيْن رضي الله عنهما.
(3) انظر: النهاية لابن الأثير، (2/231) .
(4) وجه الجمع هذا، نقله الإمام ابن حجر رحمه اللهعن الإمام الخطابي ومن تبعه. انظر: الفتح (10/224) .
(5) وعِدَّتهم «سَبْعُونَ أَلْفًا - أو سَبْعُ مِائَةِ أَلْفٍ - يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، مُتَمَاسِكُونَ، آخذٌ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، لاَ يَدْخُلُ أوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ، وُجُوهُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ» . وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابي الجليل عُكَّاشة بن مِحْصَنٍ الأَسَدِيِّ رضي الله عنه بقوله: [اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ] » . انظر: البخاري، برقم (3247) ، ومسلم؛ برقم (219) .





لقضاء الله وقدره، فهم لا يلتفتون إلى سبب قد يجلب نفعًا أو يدفع ضرًا، لاعتقادهم يقينًا بأن تمام التوكل على الله يلزمه عدم التعلق بالأسباب الظاهرة، والله سبحانه أعلم.
المسألة الثانية: ما حكم ما يُعطاه الراقي، أجرةً على الرقية المشروعة؟
الجواب: لقد أقر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أخذَ بعضٍ من صحابته - عليهم رضوان الله - أجرةً على رقية رقى بها أحدهم (1) سيدَ قومٍ في حيٍّ من أحياء العرب بفاتحة الكتاب، كانوا قد نزلوا عند واحة ماءٍ، وقد صالحهم الصحابة على ثلاثين شاةً (2) ، فقال عليه الصلاة والسلام: وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ قَدْ أَصَبْتُمُ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ بِسَهْمٍ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (3) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
(1) قال الإمام النووي رحمه اللهفي شرحه لصحيح مسلم (14/408) : (هذا الراقي هو أبو سعيد الخُدْرِي الراوي رضي الله عنه. كذا جاء مبينًا في رواية أخرى في غير مسلم) . اهـ. فانظر رحمك الله إلى مزيد فضل أبي سعيد رضي الله عنه وجمّ أدبه، حيث [صرّح عن نفسه تارة وكنّى أخرى] ، كما أفاده الإمام ابن حجر رحمه اللهفي الفتح (4/533) . والتصريح هو عند أبي داود؛ كتاب الطب، باب: في الرقى، برقم (3900) ، والترمذي، في الطب، باب: ما جاء في أخذ الأجرة على التعويذ، برقم (2063) ، وابن ماجَهْ؛ كتاب: التجارات، باب: أجر الراقي، برقم (2156) . والتصريح عند أحمد أيضًا، في مسند المكثرين من حديث أبي سعيد رضي الله عنه، برقم (11086) .
(2) قال النووي رحمه الله: والمراد بالقطيع المذكور في هذا الحديث ثلاثون شاة. كذا جاء مبينًا - أي: في غير مسلم -. اهـ. انظر: مسلم بشرح النووي (14/409) .
(3) متفق عليه، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ أخرجه البخاري؛ كتاب: الإجارة، باب: ما يعطَى على الرقية ... ، برقم (2276) ، ومسلم؛ كتاب: السلام، باب: جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار، برقم (2201) .





[وهذا تصريح منه صلى الله عليه وسلم بجواز أخذ الأجرة على الرقية بالفاتحة والذِّكر، وأنها حلال لا كراهة فيها، وقوله صلى الله عليه وسلم:وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ مَعَكُمْ إنما قاله صلى الله عليه وسلم تطييبًا لقلوبهم، ومبالغةً في تعريفهم أنه حلال لا شبهة فيه] (1) . وعليه، فقد اتفق الفقهاء على جواز أخذ الراقي الأجرة على الرقية وتمام تملّكه لهذه الأجرة، لكنِ الأَوْلى عندهم ترك طلبها، بل وتركها احتسابًا للأجر عند الله، على أن الراقي لا يستحق أجرًا إلا إذا صحَّ الانتفاع بالرقية. ونحن نرى أن كثيرًا ممن عرفوا بالعلاج عن طريق الرقى، - للأسف البالغ - لم يفقهوا كلام النبي صلى الله عليه وسلم إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللهِ (2) ، حق الفقه، فأوّلوه بالتوسع في طلب الأجرة على الرقية، دونما نظر لحال المرقي، أو احتسابٍ للأجر والمثوبة عند الله تعالى في قصد نفع المسلمين، وذلك هو المشاهد من حال العديد ممن يتصدر - في عصرنا - لادعاء السبق إلى الولاية الخاصة، مع حيازته تمام التقوى والصلاح، ودفع الداء وجلب الشفاء، للعامة والخاصة!! فإلى الله المشتكى، وهو المستعان المرتجى.
المسألة الثالثة: في بيان معنى النفث وهل يشرع في الرقية؟
النَّفْثُ: شبيه بالنفخ، وهو أقل من التَّفْل، لأن التفل لا يكون إلا ومعه شيء من الريق (3) . فكأنه بصفة بين النفخ الذي هو بلا ريق، والتفل الذي لا بد فيه من ريق، [والصواب أن النفث فيه ريق خفيف] (4) ، ولعله المقصود فيما صح من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كَانَ صلى الله عليه وسلم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
(1) انظر: مسلم بشرح النووي (14/410) .
(2) أخرجه البخاري؛ كتاب: الطب، باب: الشرط في الرقية ... ، برقم (5737) ، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
(3) انظر: مادة (نفث) : النهاية لابن الأثير، (5/75) ، والقاموس للفيروزآبادي؛ ص: 227.
(4) كما صوَّبه الإمام ابن حجر رحمه الله. انظر: "الفتح" (10/220) .





إِذَا اشْتَكى، يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، وَيَنْفُثُ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ صلى الله عليه وسلم كَانَتِ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ رضي الله عنها تَقْرَأُ عَلَيْهِ، وَتَمْسَحُ بِيَدِهِ، رَجَاءَ بَرَكَتِهَا (1) .
أما حكم النفث في الرقية، [فقد أجمعوا على جوازه، واستحبه الجمهور، من الصحابة والتابعين، ومن بعدَهم] (2) .
وأما [محل التفل في الرقية فإنه يكون بعد القراءة، لتحصيل بركة القراءة في الجوارح التي يمر عليها الريق ... ] (3) . [وقد يكون على سبيل التفاؤل بزوال ذلك الألم عن المريض كانفصال ذلك عن الراقي] (4) .
المسألة الرابعة: هل يُشرَع المسح في الرقية؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه حين شكا إليه وجعًا يجده في جسده منذ أسلم: ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ: بِسْمِ اللهِ، ثَلاَثًا، وَقُلْ، سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ (5) [ومقصود الحديث أنه يستحب وضع يده

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) متفق عليه؛ من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها: أخرجه البخاري؛ كتاب: فضائل القرآن، باب فضل المعوّذات، برقم (5016) ، ومسلم؛ كتاب السلام، باب: رقية المريض بالمعوّذات والنفث، برقم (2192) .
(2) انظر: المنهاج، شرح مسلم بن الحجاج للنووي، (14/403) .
(3) القول للإمام ابن أبي جمرة، كما نقله عنه الحافظ في الفتح: (4/533) .
(4) القول للقاضي عياض، كما ينقله ابن حجر عنه في الفتح: (10/208) .
(5) أخرجه مسلم؛ كتاب: السلام، باب: استحباب وضع يده على موضع الألم، مع الدعاء، برقم (2202) ، عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه. وعند أبي داود، برقم (3891) ، بلفظ «امْسَحْهُ بِيَمِينِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَقُلْ ... » . وكذا عند الترمذي برقم (2080) ، وعند ابن ماجه برقم (3522) بلفظ: «اجْعَلْ يَدَكَ الْيُمْنى عَلَيْهِ، وَقُلْ ... » .





على موضع الألم] (1) في الرقية. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمسح بيده اليمنى (2) ، ومسحت السيدة عائشة رضي الله عنها بيد النبي صلى الله عليه وسلم رجاء بركتها، كما مر آنفاً. وكَانَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ إِذَا اشْتَكى إِنْسَانٌ، مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ، ثم قال: أَذْهِبِ الْبَاسَ، رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا (3) . وفائدة المسح باليمنى [حصول التفاؤل لدى كل من الراقي والمرقي بزوال ذلك الوجع] (4) . [وفي مسح جسد المريض تأنيس له وتعرُّف لشدة مرضه، ليدعو له بالعافية على حسب ما يبدو له منه، وربما رقاه بيده ومسح على ألمه بما ينتفع به العليل إذا كان العائد صالحاً] (5) .
المسألة الخامسة: في بيان فرقٍ بين معنى الرقية المشروعة والعُوذة:
من المعلوم أن الرقية ليست مختصة بوقت ما، فهي أعم من التعوّذ، بهذا الاعتبار، فهي قد تكون قبل وقوع البلاء وبعده، لكن التعوذ يكون - غالبًا - قبل وقوع البلاء، مخافة أن يقع، قال صلى الله عليه وسلم: مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ (6) . [لكن يحتمل أن يقال - أيضًا -:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (14/411) .
(2) كما في البخاري برقم (5743) ، ومسلم برقم (2191) .
(3) متفق عليه من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها: أخرجه البخاري؛ كتاب الطب، باب: مسح الراقي الوجع بيده اليمنى، برقم (5750) ، ومسلم، كتاب: السلام، باب: استحباب رقية المريض، برقم (2191) .
(4) كما قال الطبري، ونقله عنه ابن حجر في الفتح: (10/218) .
(5) انظر: فتح الباري لابن حجر (10/126) ، ينقله عن الإمام ابن بطال رحمه الله.
(6) أخرجه مسلم؛ كتاب: الذكر والدعاء، باب: في التعوّذ من سوء القضاء ودَرَك الشقاء وغيره، برقم (2708) ، عن خولة بنت حكيم رضي الله عنها.




إن الرقى أخص من التعوذ، وإلا فالخلاف في الرقى مشهور، ولا خلاف في مشروعية الفزع إلى الله تعالى والالتجاء إليه في كل ما وقع وما يتوقع] (1) ، ويتحصل مما سبق أن الرقية هي أعم من التعوذ من حيث وقت وقوعها، لكنها أخص منه من حيث مشروعيتها بضوابط - سبق تفصيل لها (2) -، وأن بعضها منهي عنه، لكونه حوى شركًا، أو ما يحتمل الشرك، بينما يكون التعوّذ مشروعاً مستحباً في جميع الأوقات، فهو إن أطلق لفظه، انصرف إلى معنى التعوذ بالله تعالى والالتجاء إليه، لذا فلا خلاف في استحبابه بحال. لكن يبقى - بعد ذلك - أن الأغلب من أقوال العلماء - من أهل اللغة والحديث والفقه -يقضي بعدم التفريق بينهما، وعلى أن الرقية والتعويذ هما صنوان مترادفان، والله أعلم.
المسألة السادسة: في ذكر معانٍ لطيفة، وحكم بالغة، في اعتبار فاتحة الكتاب، والمعوّذات، أمهات الرقى المشروعة، وأنه - لجلالتها - لو اقتُصِر عليها لكفى.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: (إذا ثبت أن لبعض الكلام خواص ومنافع، فما الظن بكلام رب العالمين، ثم بالفاتحة: التي لم ينزل في القرآن ولا غيره من الكتب مثلها، لتضمنها جميع معاني الكتاب، فقد اشتملت على ذكر أصول أسماء الله تعالى ومجامعها، وإثبات المعاد، وذكر التوحيد، والافتقار إلى الرب في طلب الإعانة والهداية منه، وذكر أفضل الدعاء، وهو طلب الهداية إلى الصراط المستقيم المتضمن كمال معرفة الله وتوحيده وعبادته، بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه والاستقامة عليه، ولتضمنها ذكر أصناف الخلائق وقسمتهم إلى: مُنْعَمٍ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: فتح الباري لابن حجر، (10/207) .
(2) انظر: ص 257 من هذا الكتاب.




عليه لمعرفته بالحق والعمل به، ومغضوب عليه لعدوله عن الحق بعد معرفته، وضالٍ لعدم معرفته له، مع ما تضمنَتْه من إثبات القَدَر والشرع والأسماء والمَعاد والتوبة وتزكية النفس، وإصلاح القلب، والرد على جميع أهل البدع، وحقيقٌ بسورة هذا بعض شأنها أن يُستشفى بها من كل داء، والله أعلم) (1) .
وقال الإمام النووي رحمه الله: (وإنما رقى بالمعوّذات: لأنهم جامعات للاستعاذة من كل المكروهات جملة وتفصيلاً. ففيها الاستعاذة من شر ما خلق فيدخل فيه كل شيء، ومن شر النفاثات في العقد وهن السواحر، ومن شر الحاسدين، ومن شر الوسواس الخناس، والله أعلم) (2) . وقال الإمام ابن بطّال رحمه الله: (في المعوّذات جوامع من الدعاء. نعم، أكثر المكروهات من السحر والحسد وشر الشيطان ووسوسته، وغير ذلك، فلهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكتفي بها) (3) .
ويتفرع على هذه المسألة: بيان سبب (اكتفاء النبي صلى الله عليه وسلم بالمعوّذات وترك ما سواها) (4) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
(1) انظر: زاد المعاد لابن القيم، (3/143) . والمثبت هنا ما نقله الإمام ابن حجر عنه - بتصرف يسير - في الفتح (10/209) .
(2) انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (14/404) .
(3) كما نقله الإمام ابن حجر عنه في الفتح (10/208) .
(4) كما في الترمذي - وحسَّنه - كتاب: الطب، باب: ما جاء في الرقية بالمعوذتين، برقم (2058) ، عن أبي سعيد رضي الله عنه. بلفظ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَعَوَّذُ مِنَ الْجَانِّ وَعَيْنِ الإِْنْسَانِ، حَتَّى نَزَلَتِ الْمُعَوِّذَتَانِ، فَلَمَّا نَزَلَتَا أَخَذَ بِهِمَا، وَتَرَكَ مَا سِوَاهُمَا» . وعند أبي داود؛ كتاب: الخاتم، باب: ما جاء في خاتم الذهب، برقم (4222) عن ابن مسعود رضي الله عنه، بلفظ: «كَانَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَكْرَهُ عَشْرَ خِلاَلٍ ... » ، فذكر منها: «والرُّقى إِلاَّ بِالْمُعَوِّذَاتِ ... » الحديث. قال أبو داود: انفرد بإسناد هذا الحديث أهل البصرة، والله أعلم. اهـ. وهو في ضعيف سنن أبي داود (904) . وعند النسائي؛ كتاب: الزانية، باب: الخضاب بالصفرة، برقم (5091) ، عن ابن مسعود رضي الله عنه أيضًا بلفظ: «أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَكْرَهُ عَشْرَ خِصَالٍ ... » ، وذكر منها: «الرُّقى إِلاَّ بِالْمُعَوِّذَاتِ ... » الحديث.




الجواب: (أن هذا لا يدل على المنع من التعوّذ بغير هاتين السورتين، بل يدل على الأولوية، ولا سيما مع ثبوت التعوذ بغيرهما، وإنما اجتزأ - اكتفى - بهما لما اشتملتا عليه من جوامع الاستعاذة من كل مكروه جملة وتفصيلاً) (1) .
المسألة السابعة: أيرقي أهلُ الكتاب المسلمين؟
الجواب: (اختُلف في استرقاء أهل الكتاب، فأجازها قوم وكرهها مالك رحمه الله، لئلا يكون مما بدلوه - أي حرّفوه من الكتاب - وأجاب من أجاز: بأن مثل هذا يبعد أن يقولوه، وهو كالطب سواء كان غير الحاذق لا يحسن أن يقول - أي: في الطب - والحاذق يأنف أن يبدّل حرصًا على استمرار وصفه بالحذق لترويج صناعته. والحق أنه - أي: استرقاء أهل الكتاب - يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال) (2) . فالحاصل في ذلك أن الراقي من أهل الكتاب، إن عُرف عنه أنه رقّاء، وكان حافظًا للكتاب، ويرقي بما يُعرف من ذكر الله، وكان المريض بحاجة ماسة، وليس مِنْ راقٍ من المسلمين، جاز، والله أعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
(1) الجواب من كلام الإمام ابن حجر رحمه الله. انظر: الفتح (10/206) .
(2) هذا من كلام الإمام المازري رحمه الله، ينقله ابن حجر عنه في الفتح (10/207) . ... - وما سُطِّر تحته هو ترجيح للإمام ابن حجر رحمه الله، في جواز ذلك باعتبار الأشخاص واختلاف الأحوال.





المسألة الثامنة: قال قوم: لا تجوز الرقية إلا من العين واللدغة، واحتجوا بما صح أنْ: لاَ رُقْيَةَ إِلاَّ مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ (1) ، فهل الرقية مختصة فعلاً بهاتين العلتين؟
الجواب: (إن معنى الحصر في ذلك أنهما - أي العين واللدغة - أصل كل ما يحتاج إلى الرقية، فيلتحق بالعين جواز رقية من به خَبَل أو مسّ، ونحو ذلك، لاشتراكها في كونها تنشأ عن أحوال شيطانية من إنسي أو جني، كما يلتحق بالسم أيضًا كل ما عرض للبدن من قَرْح ونحوه من المواد السَّمِّيَّة، خاصة وأنه قد وقع في روايات أخرى (2) : الترخيص بالرقية من الدم والنَّمْلة) (3) .
هذا جواب، وجواب آخر: (قيل: المراد بالحصر معنى الأفضل، أي: لا رقية أنفع، كما قيل: لا سيف إلا ذو الفقار) (4) . (فليس معنى الحديث إذاً تخصيص جواز الرقية بهذه الثلاثة - أي مع النَّملة - وإنما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
(1) أخرجه البخاري؛ كتاب: الطب، باب: من اكتوى أو كوى غيره....، برقم (5704) ، عن عمران بن حصين رضي الله عنهما موقوفًا. ومسلم؛ كتاب: الإيمان، باب: الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، برقم (220) ، عن بريدة بن حُصَيْبٍ رضي الله عنه، موقوفًا أيضًا.
والحُمَة: بالتخفيف: السَّمّ، ويطلق على إبرة العقرب للمجاورة، لأن السَّمّ منها يخرج. انظر: النهاية لابن الأثير (1/429) .
(2) انظر: أبا داود (3884) ، والترمذي (2057) ، وابن ماجه (3513) .
(3) النَّمْلَة: قروح تخرج في الجَنْب، وغيره من الجسد، وهي أيضًا: بثرة تخرج بالتهاب واحتراق ويرمّ مكانُها يسيرًا ثم يَدُبُّ إلى موضع آخر كالنَّمْلة. لذا فإن داء النملة سمي بذلك لكون المصاب به يحس كإحساس من تدبّ عليه نملة وتعضّه. ... انظر: "النهاية" لابن الأثير (5/105) ، والتاج للزبيدي (8/146) .
(4) نص الجوابَيْن للإمام ابن حجر رحمه الله. انظر: الفتح (10/206) . وقد أجاب الإمام ابن القيم، بمثل الجواب الثاني أيضًا. انظر: زاد المعاد (3/142) .





معناه: سئل عن هذه الثلاثة فأذِن فيها، ولو سئل عن غيرها لأذِن فيه. وقد أذِن صلى الله عليه وسلم لغير هؤلاء، وقد رقى هو صلى الله عليه وسلم في غير هذه الثلاثة، والله أعلم) (1) .
المسألة التاسعة: هل تَرُدُّ الرقى من قَدَر الله من شيء؟
الجواب: أن الرقى، والتداوي بعامة، لا يعارض قدر الله تعالى، بل هي مما قدَّره الله تعالى، فجعله سببًا عظيمًا للاستشفاء، فكما أن الْعَيْنُ حقٌّ (2) ، والإصابة بالعين شيء ثابت موجود، أو هو من جملة ما تحقق كونه، كذلك فإن الرقية تحقَّقَ كونُها سببًا للاستشفاء بها من العين وغيرها.
والحاصل: أنه كما أن المرض، ووقوع ضرر العين، والحسد، والسحر، والمس، لا يكون إلا بإذن الله، [البَقَرَة: 102] {وَمَا هُمْ بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ ... } . كذلك فإن الرقى المشروعة لا يقع نفعها إلا بإذن الله تعالى. وقد بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرقية هي مما قدَّره الله سببًا للنفع بإذنه، وذلك حين استشكل أبو خزامة رضي الله عنه - من بني الحارث بن سعد - ذلك المعنى فقال: يا رسول الله، أرأيت رقًى نسترقيها، ودواءً نتداوى به، وتُقاةً نتقيها، هل ترد من قَدَر الله شيئًا؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(1) هذا الجواب الأخير، للإمام النووي رحمه الله. انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (14/406) .
(2) جزء من حديث أخرجه البخاري؛ كتاب: الطب، باب: «العين حق» ، برقم (5740) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه. ومسلمٌ؛ كتاب: السلام، باب: الطب والمرض والرقى، بالاقتصار على لفظ: «الْعَيْنُ حَقٌّ» ، برقم (2187) ، وبزيادة: «وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ، وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا» برقم (2188) .




قال صلى الله عليه وسلم: هِيَ مِنْ قَدَرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ (1) . وكذا وقع مثل هذا لكعب بن مالك رضي الله عنه، فقال عليه الصلاة والسلام: يَا كَعْبُ، بَلْ هِيَ مِنْ قَدَرِ اللهِ (2) ، فدل ذلك كلُّه على أن الرقية لا ترد القدر (3) ، بل إن القدر شامل لحدوث المرض، وطلب الاستشفاء، وتحقيق الشفاء أو عدمه، فلا يتحقق الشفاء إلا بإذن الله وتقديره، قال تعالى: [الشُّعَرَاء: 80] {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ *} فالرقية ليست تشفي بذاتها بل الشفاء بذات الله تعالى، والله أعلم.
المسألة العاشرة: وهي آخر المسائل: يحتج بعضٌ من المعالجين بالرقى، بقولهم: هذا مجرّب نافع، فهل تكون كل رقية - جُرِّبَتْ منفعتُها - جائزة؟
الجواب: أن احتجاج هؤلاء بالتجريب والمنفعة، باب للفتنة في ذلك عظيم، حيث يجر بعده ما لا حصر له من [المجرَّبات] ، فتستحب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) أخرجه الترمذي؛ كتاب القَدَر، باب: ما جاء لا تردّ الرقى ولا الدواء من قَدَر الله شيئًا، برقم (2148) ، عن أبي خزامة بن يعمُر رضي الله عنه. وأخرجه أيضًا: في كتاب الطب، باب: ما جاء في الرقى والأدوية، برقم (2065) ، عنه أيضًا، وقال: (هذا حديث حسن صحيح) . وابن ماجَهْ؛ كتاب: الطب، باب: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، برقم (3437) ، عنه أيضًا. وهو عند أحمد في مسنده، في مسند المكيِّين، من حديث أبي خزامة أيضًا. وكذا في مستدرك الحاكم (4/199) .
(2) أخرجه ابن حبَّان برقم (1396) .
(3) وقد سبق للتوّ في الهامش ذي الرقم (1) عنونةٌ للإمام الترمذي: باب ما جاء لا تردّ الرقى ولا الدواء من قَدَر الله شيئًا، وهذا - لا ريبَ - دالٌّ على عظيم فقه الإمام رحمه الله لمعنى الحديث. لكنْ عنون ابن ماجَهْ رحمه الله - باب: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، فلعله بمثابة بيان - من الإمام رحمه الله - أن الرقى والأدوية هي مما قدر أن يكون سببًا للشفاء، كما قدر أن يكون الداء سببًا للمرض، والله أعلم.




عندهم لنفعها المجرَّب، لكنِ الفيصلُ في ذلك كلِّه، [أن الأفعال إنما يثبت استحبابها واتخاذها دينًا، إذا وافقت كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه السابقون الأولون، وما سوى ذلك من الأمور المحدثة فلا يستحب، وإن اشتملت أحيانًا على فوائد، لأن مفاسدها تكون راجحة على فوائدها] (1) ، ولعل بعضًا من هؤلاء قد [تمسك بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: اِعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لاَ بَأْسَ بِالرُّقى مَا لَمْ يَكُنْ شِرْكًا (2) ، أو بقوله صلى الله عليه وسلم: مَا أَرَى بَأْسًا، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ (3) ، فأجازوا بذلك العموم كل رقية جُرِّبَتْ منفعتُها، ولو لم يُعقل معناها، لكن الحديث الأول - وهو حديث عوف رضي الله عنه - قد دل أنه مهما كان من الرقى يؤدي إلى الشرك يُمنع، وما لا يعقل معناه لا يُؤمَن أن يؤدي إلى الشرك فيمتنع احتياطًا] (4) .
خامساً: في أمور: ينبغي توافرها في كلٍّ من الراقي والمرقي، ليتم الانتفاع بالرقية، بإذن الله عزّ وجلّ.
قال العلاّمة الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله تعالى: لا تفيد القراءة على المريض إلا بشروط:
أولاً: أهلية الراقي: بأن يكون من أهل الخير والصلاح والاستقامة والمحافظة على الصلوات والعبادات والأذكار والقراءة والأعمال الصالحة وكثرة الحسنات، والبعد عن المعاصي والبدع والمُحْدَثات والمنكرات وكبائر الذنوب وصغائرها، والحرصِ على الأكل الحلال
ـــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم، لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ص: 322.
(2) سبق تخريجه ص 94، بالهامش ذي الرقم (5) .
(3) سبق تخريجه ص 95، بالهامش ذي الرقم (1) .
(4) انظر: فتح الباري لابن حجر، (10/206) .




والحذر من المال الحرام أو المشتَبَه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَة (1) ، ... وَذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّمَاءِ، يا ربِّ يا ربِّ، ومَطْعَمُهُ حَرَامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بالحرام، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟ (2) .
فطِيب المطعم من أسباب قبول الدعاء، ومن ذلك عدم فرض الأجرة على المرضى، والتنزه عن أخذ ما زاد على نفقته، فذلك أقرب إلى الانتفاع برقيته.
الشرط الثاني: معرفة الرقى الجائزة من الآيات القرآنية: كالفاتحة، والمعوذتين، وسورة الإخلاص، وآخر سورة البقرة، وأول سورة آل عمران، وآخرها، وآية الكرسي، وآخر سورة التوبة، وأول سورة يونس، وأول سورة النحل، وآخر سورة الإسراء، وأول سورة طه، وآخر سورة المؤمنون، وأول سورة الصافّات، وأول سورة غافر، وآخر سورة الجاثية، وآخر سورة الحشر، ومن الأدعية القرآنية المذكورة في الكَلِم الطيب ونحوه، مع النَّفْثِ بعد كل قراءة، وتكرار الآية مثلاً (ثلاثًا) وأكثر.
الشرط الثالث: أن يكون المريض من أهل الإيمان والصلاح والخير والتقوى والاستقامة على الدين، والبعدِ عن المحرمات والمعاصي والمظالم، لقوله تعالى: [الإسرَاء: 82] {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا *} ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
(1) أخرجه الطبراني في «الأوسط» ، (7/255) برقم (6491) ، ويشهد له الحديث الذي يليه.
(2) أخرجه مسلم؛ كتاب: الزكاة، باب: قبول الصدقة من الكسب الطيب، برقم (1015) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه.




وقوله: [فُصّلَت: 44] {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً} ، فلا تؤثر الرقى غالبًا في أهل المعاصي وترك الطاعات وأهل التكبّر والخُيَلاء والإسبال وحلق اللحى والتخلف عن الصلاة وتأخيرها والتهاون بالعبادات، ونحو ذلك.
الشرط الرابع: أن يجزم المريض بأن القرآن شفاء ورحمة وعلاج نافع، فلا يفيد إذا كان مترددًا يقول: افعل الرقية كتجربة إن نفعت وإلا لم تضر، بل يجزم بأنها نافعة حقًا وأنها هي الشفاء الصحيح كما أخبر الله تعالى.
فمتى تمت هذه الشروط نفعت بإذن الله تعالى، والله أعلم (1) .
وقد يضاف إلى ذلك: - توجه كل من الراقي والمرقي أثناء الرقية إلى الله عز وجل بإخلاص واستحضار كل منهما الافتقار إلى قدرة الله ورحمته ولطفه، والصدق في طلب كشف الضر والبلاء، ليوافق القلبُ اللسان، ورقية الإنسان نفسه قد تكون أرجى للشفاء، لقوله تعالى: [النَّمل: 62] {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} .
- كذلك ألا يستبطئ كلٌ من الراقي والمرقي أثرَ الرقية بالشفاء أو زوال الكرب، لأن الرقية هي من جنس الدعاء، وقد قال عليه الصلاة والسلام: يُسْتَجَابُ لأَِحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، فَيَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ فلا، أو فلم يُسْتَجَبْ لِي (2) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
(1) فتوى لفضيلة العلامة عبد الله بن جبرين حفظه الله، ونفع بعلمه، عليها توقيعه. انظر: سلسلة الفتاوى الشرعية، فتاوى الرقى والتمائم، ص: 8. إعداد المؤلف.
(2) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. أخرجه البخاري؛ كتاب الدعوات، باب: يُستجاب للعبد ما لم يَعْجَل، برقم (6340) ، ومسلم؛ كتاب: الذِّكر والدعاء، باب: بيان أنه يُستجاب للداعي ما لم يَعْجل....، برقم (2735) .




- ومن ذلك أيضاً علم الراقي بطرق الرقية المشروعة، وهي أربعة: القراءة يتبعها النَّفْث، أو القراءة بغير نفث، أو جعل بعض الريق على طرف السبابة، ثم وضعها في تراب طاهر، مع قول الرقية المأثورة في ذلك (1) ، أو مسح موضع الألم عند القراءة بعامة، وبخاصة عند الدعاء المأثور (2) .
- كذلك، فإن من مهمات شروط الانتفاع بالرقية: ألا يتجاوز أي منهما - الراقي والمرقي - إلى معصية عند الرقية، كالتسهّل في رقية النساء: ككشف عورة، أو مسٍّ من غير حائل، أو نظر مُحدِق في العيون، بحجة مايسمُّونه: الكشف بالنظر، إلى ما هنالك مما هو واقع - للأسف البالغ - وتأنف الأنامل عن تسطير مثله.
هذا، ويحسن بنا في هذا المقام ذكر نص فتوى كريمة للشيخ ابن جبرين نفع الله بعلومه، حيث سئل حفظه الله:
إذا احتاجت المرأة إلى القراءة عليها، فهل يجوز للقارئ أن يمسَّ شيئًا من جسدها أثناء القراءة، أو يكشف شيئًا من اليدين أو الصدر للنفث عليه؟ فأجاب - أكرمه الله -:
- ... لا مانع من استعمال الرقية على المرأة مع النفث والنفخ، لكنْ لا يَحِلّ لها أن تكشف شيئًا من جسدها لغير النساء أو المحارم، ولا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
(1) الرقية المأثورة هي قوله صلى الله عليه وسلم: «بِسْمِ اللهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، يُشْفَى سَقِيمُنَا، بِإِذْنِ رَبِّنَا» . وهو متفق عليه من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها: أخرجه البخاري، كتاب: الطب، باب: رقية النبي صلى الله عليه وسلم. ومسلمٌ؛ كتاب: السلام، باب: استحباب الرقية....، برقم (2194) .
(2) كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «ضَعْ يَدَكَ عَلَى الّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ: بِسْمِ اللهِ، ثَلاَثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ» . انظر تخريجه ص 261، بالهامش ذي الرقم (5) .




يحل للقارئ الأَجنبي أن يباشر لمس بشرتها بدون حائل، بل يقرأ عليها وهي متحجبة، أو يقرأ عليها أحد نسائها أو محارمها، أو تقرأ هي على نفسها بما تيسَّر من القرآن، فالكلُّ يُرجى فيه الشفاء والنفع من الله تعالى. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم (1) .
هذا، ومن شروط الرقية في حق الراقي بآيات الله تعالى، بخاصةٍ: أن يكون على طهارة من الحدث الأكبر (الجنابة) ويضاف إليه - في حق الراقية - أن تكون متطهرة من حيض ونحوه، أما المرقي - ذكراً كان أو أنثى - فإن كان يتضرر بتأخير الرقية لأجل أن يتطهر، فلا بأس بأن يُرقَى على حاله، وإن كان الأكمل في حقه أن يكون طاهرًا (2) .
من أدب الرقية أيضًا: أن يكونا - الراقي والمرقي - على وضوء، وأن يتوجها إلى جهة القبلة، وأن تُفتتح الرقية بحمد الله تعالى والثناء عليه والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن تختتم بذلك، (ذلك أن الرقية هي من جنس الدعاء) ، فيتأدب بها بآدابه، لكن الأكمل في حق الراقي رفع صوته، بما يُسمِع المرقيَّ، ليُعلِم بما يرقي، والأكمل في حق الداعي أن يخفض صوته ما أمكن، مع لزوم حضور قلب كلٍّ منهما، والخشوع وإظهار الخضوع والافتقار إلى الله تعالى، والله سبحانه أجلُّ وأعلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نص فتوى للشيخ العلاّمة ابن جبرين حفظه الله. انظر: النذير العريان لمؤلفه فتحي الجندي، ص: 267. كذلك انظر: فتوى بمعناها، في سلسلة الفتاوى الشرعية، فتاوى الرقى والتمائم، ص: 108، إعداد المؤلف.
(2) كما أفتى بجواز ذلك فضيلة الشيخ ابن جبرين حفظه الله، انظر: سلسلة الفتاوى الشرعية فتاوى الرقى والتمائم، ص: 20 وص: 22. إعداد المؤلف.



الكتاب: التحصين من كيد الشياطين
المؤلف: د خالد بن عبد الرحمن بن علي الجريسي




 توقيع : أبو خالد



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ»

الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود -
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلاتحرمونا دعائكم

رد مع اقتباس
قديم 24 Apr 2018, 08:03 PM   #2
نور الشمس
وسام الشرف - مشرفة قروب - أخوات البحث العلمي - جزاها الله تعالى خيرا
** أم عمـــر **


الصورة الرمزية نور الشمس
نور الشمس غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 13417
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : 21 Aug 2023 (03:12 PM)
 المشاركات : 11,240 [ + ]
 التقييم :  35
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 مزاجي
لوني المفضل : Olivedrab
رد: في بيان معنى الرقى، وأنواعها ومسائل مهمة متعلقة بها



جزاك الله خير ..


 
 توقيع : نور الشمس



قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

‏🌱 اجعل نفسك دائماً في تفاؤل والذي يريده الله سيكون

‏ وكن مسروراً فرحاً واسع الصدر ،،

‏فالدنيا أمامك واسعة والطريق مفتوح ✨

‏فهذا هو الخير ،،،

‏ 📚 شرح رياض الصالحين - ج4 ص87

🦋🍃


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 11:05 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي