اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأيَّامِ الْخَالِيَةِ [الحاقة : ۲٤] . قال وكيع وغيره : هي أيام الصوم ، إذ تركوا فيها الأكل والشرب .

روى الإمام البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة بابا يقال له : الريان ، يدخل منه الصائمون يوم القيامة ، لا يدخل منه أحد غيرهم .


           :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ13ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ12ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ11ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: درس جامع العروة الوثقى : علاج القرآن للصحة النفسية السليمة - الشيخ فيصل الحسني . (آخر رد :ابن الورد)       :: خطبة جمعة : واقع الناس في شهر رمضان - الشيخ فيصل الحسني . (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ10ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ09ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: معاناة (آخر رد :هاجر هاجر)       :: ثواب تعجيل الفطر . (آخر رد :ابن الورد)       :: ثواب السحور . (آخر رد :ابن الورد)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 16 Apr 2018, 02:25 PM
أبو خالد
باحث جزاه الله تعالى خيرا
أبو خالد غير متصل
Saudi Arabia     Male
SMS ~ [ + ]
اللهم إني ظلمت نفسي
ظلـمآ كثيرآ
ولا يفغر الذنوب
الا أنت
فاغفر لي مفغرة من عندك
وأرحمني
إنك أنت الغفور الرحيم
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 25
 تاريخ التسجيل : Jun 2005
 فترة الأقامة : 6874 يوم
 أخر زيارة : 15 Jul 2018 (03:04 PM)
 المشاركات : 13,860 [ + ]
 التقييم : 21
 معدل التقييم : أبو خالد is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
السحر 2




الطِّلَّسْم
أو الطِّلَّسْم، والشائع في نُطقه: طَلْسَم، بوزن جعفر، وهو ما يكتبه الساحر، ويزعم أنه رقية، ويكون محتوياً غالباً على جداول، ضمت في مربعاتها ومن حولها أرقاماً معينة وحروفاً، ويكتب لأغراض مختلفة - كما يدعون -: لشفاء من مرض عضوي كحمى وصداع، أو نفسي كهمٍّ واكتئاب، ونحو ذلك [فهي نوع من أنواع السحر من نفسٍ ساحرة مؤثرة بالهمة، وبمعين لها من مزاج الأفلاك أو العناصر، أو خواص الأعداد] (3) .
وخلاصة ما يزعمه الكاتبون للطلاسم من هؤلاء، أن للحروف في خواصها عجائب لا يمكن إدراك كنهها لكنها تكون مؤثرة بطبائعها، كما أن لها خصوصية بالأفلاك وملاءمة لها إذا مازجتها، فغير المنقوط منها - مثلاً - يتوافق مع نجوم السعود، والمنقوط يتوافق بالنحوس، ثم إنهم قد قسموا طبائعها سبعاً سبعاً، فسبعة منها ذات طبيعة حارة يابسة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر مقدمة ابن خلدون ص 497.



كالنار، تورث الغضب مثلاً لمن كتبت له أو تقوي فكره، وتجعله حادّ الذكاء، وسبعة أُخَر باردة يابسة كطبيعة التراب، تورث الثبات والصبر، وسبعة منها حارة رطبة كالهواء، تفرج الهم وتنفّس الكرب، والسبعة الأخيرة منها باردة رطبة كخاصية الماء، وهذه - بزعمهم - لتيسير الأمور وتسهيل الحاجات. ثم إنهم تعدَّوا الحروف إلى الأعداد بحسب ترقيمها في حساب الجُمَّل (أبجد هوز ... ) ، فقالوا بأنها قسمين متحابة ومتنافرة؛ فما تكامل منها في الحساب كان متحاباً، فكان له أثر في إيقاع الإلفة بين المتحابَّيْنِ، وما لا يتكامل يوقع الفرقة، لكن بشرط أن يوضع الأول إذا طلع نجم الزُّهرة متقابلاً مع القمر، وأن يوضع الثاني إذا تفارقا. وهكذا ضلّ هؤلاء المنجمون السحرة ضلالاً بعيداً، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً. وحاصل ذلك كله أن كاتب الطلسمات بأعداد أو بحروف هو منجّم ساحر "يستعين - بزعمهم - بروحانيات الكواكب وأسرار الأعداد، وخواص العناصر والموجودات، وأوضاع الفلك المؤثرة في عالم العناصر، ولم تفرق الشريعة بين السحر والطلسمات، وجعلته كله باباً واحداً محظوراً" (1) .
والذي يدعو إلى العجب حقاً جَرْيُ أقلام بعض أهل العلم بإثبات مثل هذا التأثير لخواص الأعداد متمازجة ومنفردة، واتصالها بروحانيات الكواكب ومسارات الأفلاك، وحجتهم في ذلك واهية، ولا تعدو قولهم: وعلى الجواز عمل الناس اليوم، وشهدت لذلك التجربة، حتى إن بعضهم قال بكتابة فواتح السور من الحروف الأربعة عشر المجموعة في قولك: (نص حكيم له سر قاطع) ، واعلم - رحمك الله - أن المحققين من الأئمة قد منعوا من ذلك كله، ومن هؤلاء الإمام الشوكاني رحمه الله في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: مقدمة ابن خلدون ص 501 - 502.


الإرشاد حيث قال: (ويا لله العجب من جري أقلام أهل العلم بمثل هذه الأقوال التي لا ترجع إلى عقل ولا نقل ... فليؤخذ عند ذلك الحذر من التقليد، وليُبحث عن الأدلة التي هي شرع الله الذي شرعه لعباده، فإنه لم يشرع لهم إلا ما في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم) (1) .
هذا، وإني مكتفٍ بما سلف، ومن شاء مزيد تفصيل في ذلك فدونه مصنفات منها: "الغاية" للمجريطي (2) ، و"لسان العرب" لابن منظور (3) والمقدمة لابن خلدون، و"رشد الغافل" وشرحه، للشيخ عبد الله الشنقيطي، وقد بين فيه بتفصيلٍ أنواع علوم الشر لتتقى وتجتنب، وغير ذلك كثير.
21 - النَّفْث:
وهو نفخ مع ريق، أو دونه، يقوم به أناس من ذوي النفوس الساحرة والمؤثرة، من رجال أو نساء، ينفخون في عقدة أو أكثر من عُقَد الخيوط حين يسحرون بها، وأكثر من يقوم بذلك السواحر، وهن النساء اللواتي يتعاطين السحر، ويقمن بذلك خاصة، في حال طَمْثهن (4) (حال الحيض) ، فيعقدْن في سحرهن وينفثن في عُقَدِهن (5) . قال الله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ *} [الفَلَق: 4] .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
(1) انظر: "إرشاد الفحول" للإمام الشوكاني. ص 48، بتصرف في العبارة يسير، واختيار لموضع الشاهد من كلامه رحمه الله.
(2) المجريطي؛ هو مَسْلَمة بن أحمد، أبو القاسم (338-398) ، فيلسوف رياضي فلكي، أوسع علماء الأندلس إحاطة بعلم الأفلاك وحركات النجوم، مولده ووفاته بمجريط = [مدريد] ، وكتابه «غاية الحكيم وأَوْلى النتيجتين بالتقديم» ، مطبوع. اهـ. انظر: الأعلام للزركلي (7/224) . والكتاب طَبَعَتْه المطبعة اليوسُفية بمصر.
(3) عقد ابن منظور بابًا مفصلاً في ألقاب الحروف وطبائعها وخواصها (1/17) بعد المقدمة، وباب تفسير الحروف المقطعة، فلينظر.
(4) انظر: الجامع لأحكام القرآن، للإمام القرطبي (2/50) .
(5) انظر: أضواء البيان للإمام الشنقيطي (4/474) .




وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ، وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ تَعَلَّقَ شَيْئاً وُكِلَ إِلَيْهِ)) (1) . ومن معاني النّفْث، المضافة إلى الشيطان، والعياذ بالله: نَفْث الشيطان، ومعناه: شِعره الخبيث الداعي إلى ضلال، أو شك، أو كفر، أو المثير لشهوة محرمة، أو الآمر بفحشاء أو منكر أو بغي، والعياذ بالله. يقول عليه الصلاة والسلام: ... وَأَمَّا نَفْثُهُ - أي الشيطان - فَالشِّعْرُ (2) ويشار هنا - للفائدة - إلى أن النفث في الماء، ليسقى منه المريض استشفاء بريق ذلك النافث، وما على لسانه حينئذ من ذكر الله تعالى، أو شيء من القرآن، هو جائز، ويعتبر من طرق الرقية المشروعة (3) .
22 - النفخ:
وهو خُلُق مذموم، يتصف به أهل الضلال من السحرة وغيرهم. ومعناه: مزيد التكبر والغرور والتعالي على خَلْق الله تعالى، وهو من صفات الشيطان التي يستعاذ منها.
قال الله تعالى: {وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً *} [الإسرَاء: 37] . وقال صلى الله عليه وسلم: وَأَمَّا نَفْخُهُ فَالْكِبْرُ ... (4) .
23 - الهَمْز:
ومعناه المس الشيطاني، والعياذ بالله، إذا بلغ أثرُه الصَّرْعَ والإغماء، الشبيه بالموت المؤقت، وقد سبق بيان المس، وأنه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
(1) أخرجه الترمذي؛ كتاب: الطب، باب: ما جاء في كراهية التعليق، برقم (2072) ، عن أبي معبد الجهني رضي الله عنه.
(2) أخرجه أبو داود؛ كتاب: الصلاة، باب: من رأى الاستفتاح بسبحانك اللهم وبحمدك، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (775) ، والترمذي؛ كتاب: الصلاة، باب: ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (242) ، عنه أيضًا. وعند أحمد في المسند، برقم (16860) ، من حديث جبير بن مُطعِم رضي الله عنه. وقد صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي.
(3) انظر: الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية، إعداد: المؤلف، ص106.
(4) سبق تخريجه للتوّ، بالهامش ذي الرقم (2) .




من تسلط شيطان من شياطين الجن بأذىً على إنسي وأنه قد يصرعه بسيطرة تامة على العقل والجسد، وقد يصل الأمر إلى جنون مؤقت أو موت ظاهر مؤقت بسبب ذلك، وهو المسمى بـ (الهمز) . قال تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ *وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ *} [المؤمنون: 97-98] .
وقال عليه الصلاة والسلام: أَمَّا هَمْزُهُ فَهَذِهِ الْمَوْتَةُ الَّتِي تَأْخُذُ ابْنَ آدَمَ ... (1) .
24- النَّزْغ،
أو الوسوسة أو طائف الشيطان: وهي لمة (خاطرة) تكون بمثابة القول والصوت الخفي من الشيطان، وهي تشبه لمّة الخَيَال (2) ، تعتري قلبَ ابن آدم وذلك عند غفلته عن ذكر ربه، فيفهم ذلك المرءُ في نفسه مؤداها، فتسوّل له نفسه بسببها مقارفة معصية، أو مفارقة طاعة. ومن المعصية - التي تكون بأثر النزغ -: أن يُلقِيَ الشيطانُ في القلب وسوسة يحمل بها الإنسانَ على مجازاة المسيء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(1) جزء من الحديث السابق. ... والحديث بتمامه: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في التطوع: "الله أكبر كبيرًا - ثلاث مرار -، والحمد لله كثيرًا - ثلاث مرار -، وسبحان الله بكرة وأصيلاً - ثلاث مرار - اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم، من همزه ونَفْثه ونفخه"، قلت: يا رسول الله! ما همزه ونفثه ونفخه؟ قال: "أما همزه: فالموتة التي تأخذ ابن آدم، وأما نفخه: الكِبر، ونفثه: الشعر". ... - «وفي التطوع» : أي في دعاء الاستفتاح من صلاة النفل، كما تفيده بعض روايات الحديث. ... - والصحابي المتسائل عن معنى الهمز والنفث والنفخ، هو جبير بن مطعم رضي الله عنه. ... انظر مسند الإمام أحمد، الأحاديث ذوات الأرقام (16860، 16861، 16882، 16906) ، ط - بيت الأفكار.
(2) انظر: فتح القدير، للإمام الشوكاني (2/279) .




بالإساءة (1) ، فيفسد بذلك ذات البَيْن. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ لِلشَّيْطَانِ لَمَّةً بِابْنِ آدَمَ وَلِلْمَلَكِ لَمَّةً، فَأَمَّا لَمَّةُ الشَّيْطَانِ فَإِيعَادٌ بِالشَّرِّ، وَتَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ، وَأَمَّا لَمَّةُ الْمَلَكِ فَإِيعادٌ بِالْخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ، فَمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ مِنَ اللهِ، فَيَحْمَدِ اللهَ، وَمَنْ وَجَدَ الأُْخْرى فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ [الرَّجِيمِ] . ثُمَّ قَرَأَ صلى الله عليه وسلم: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ *} [البَقَرَة: 268] (2) ، ومن معاني الوسوسة أيضاً، ما يكون من حديث النفس الأمّارة بالسوء، بفعل معصية أو بترك طاعة، وهذا مما تجاوز الله تعالى عنه، لأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك ما لم يتحول حديث النفس هذا إلى معصية واقعة، أو هَجْرٍ لطاعة مفترضة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ تَجَاوَزَ لأُِمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، [مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا] مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ (3) .
مسألة: هل تقع الوسوسة من الإنسي لنظيره من الإنس، أم هي مختصة بوسوسة الجن للإنس؟
قال تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ *مَلِكِ النَّاسِ *إِلَهِ النَّاسِ *مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ *الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ *مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ *} [النَّاس: 1-6] .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: مختصر تفسير الطبري، باختصار الشيخين محمد علي الصابوني، وصالح أحمد رضا. (2/421) .
(2) أخرجه الترمذي؛ كتاب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة البقرة، برقم (2988) ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. قال الترمذي: حسن صحيح غريب، لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث أبي الأحوص. اهـ.
(3) أخرجه البخاري بنحوه في مواضع عدة، منها: كتاب: العتق، باب: الخطأ والنسيان ... ، برقم (2528) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه. ومسلم واللفظ له، كتاب: الإيمان، باب: تجاوز الله عن حديث النفس، برقم (127) ، عنه أيضًا. ... وما بين المعقوفين من لفظ البخاري رحمه الله.



قال الإمام القرطبي رحمه الله: (أخبر تعالى أن الموسوِس قد يكون من الناس، وقال الحسن - أي البصري - رحمه الله: هما شيطانان، أما شيطان الجن فيوسوس في صدور الناس، وأما شيطان الإنس فيأتي علانية. وقال قتادة - أي ابن دعامة السدوسي -: تعوّذ بالله من شياطين الإنس والجن) (1) .
وقد ذكر الإمام ابن كثير رحمه الله النظائر من الآيات الكريمات، الدالة بتناظر معانيها إلى إثبات وقوع الوسوسة من شياطين الإنس. وهي: قول الله تعالى: [الأعرَاف: 199-200] {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ *وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *} . وقوله سبحانه: [الإسرَاء: 53] {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِيناً *} . وقوله جلّ ذكره: [المؤمنون: 96-98] {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ *وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ *وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ *} . وقوله عزّ ثناؤه: [فُصّلَت: 34-36] {وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ *وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ *وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ *} .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (20/244) .



ثم ذكر الإمام رحمه الله: أن شيطان الإنس ربما ينخدع بالإحسان إليه، وأما شيطان الجن، فإنه لا حيلة فيه إذا وسوس إلا الاستعاذة بخالقه الذي سلّطه عليك، فإذا استعذت بالله ولجأت إليه، كفَّه عنك وردّ كيده. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يقول: أَعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ (1) .
والحاصل في ذلك إثبات وجود شياطين من الإنس، وشياطين من الجن، كما في قوله تعالى: [الأنعَام: 112] {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ *} . والحال أن وسوسة الإنسي لمثيله يمكن صرفها بحُسن القول معه، والإعراض عن سَفَهه، وعدم مماراته في جهله، وكما قال عمر رضي الله عنه: عاقبتَ من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه -أي: عاقبته بالحِلْم على جهله، وبالصبر على سفهه ... ، - وكما قال ابن عباس رضي الله عنهما: أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم. اهـ (2) .
قال تعالى: [فُصّلَت: 34] {وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ *} .
مسألة: يتجرأ إبليس وجنوده - عياذاً بالله منهم - على الوسوسة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سبق تخريج الحديث ص82 بالهامش ذي الرقم (2) .
(2) انظر تفسير ابن كثير ص730 ط - بيت الأفكار الدولية.




لمؤمني الإنس، بقصد صرفهم عن إيمانهم أو إيقاع الشك في قلوبهم، فما يقول من وجد ذلك؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم: يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا، مَنْ خَلَقَ كَذَا، حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ وَلْيَنْتَهِ (1) .
وقد جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه قائلين: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ ، قالوا: نعم. قال: ذَاكَ صَرِيحُ الإِْيْمَانِ، أو قال: تِلْكَ مَحْضُ الإِْيمَانِ (2) . وقال عليه الصلاة والسلام: لاَ يَزَالُ النَّاسُ يَسْأَلُونَكُمْ عَنِ الْعِلْمِ، حَتّى يَقُولُوا: هَذَا اللهُ خَلَقَنَا، فَمَنْ خَلَقَ اللهَ؟ (3) .
يتبين من مجموع ما سلف ذكره، أن هذا النوع من الوسوسة لا يضر صاحبَه، بل هو دالٌّ على بلوغه شأواً في الإيمان لكراهته الشديدة لهذا الوسواس، ومحاولته دفعه عن قلبه، واستعظامه النطق به، فيغتاظ بذلك الشيطان وجنده، فيحاولون عند ذلك ثَنْيَه عما هو فيه. والواجب على من وجد شيئاً من ذلك أن ينتهي عن التفكّر بذلك حتى لا يستهوينه الشيطان، ويصدِّق عليه ظنَّه، ويُوقِع به كيدَه، وأن يقول النبي - كما أرشدت إليه السُّنة -: آمنت بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وصدق الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، [الحَديد: 3] {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ *} .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) أخرجه البخاري، واللفظ له، كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنودِه، برقم (3276) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، ومسلم، كتاب: الإيمان، باب: بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها، برقم (134) ، عنه أيضًا.
(2) أخرجه مسلم، بالتخريج السابق.
(3) التخريج الأسبق كذلك، عند مسلم رحمه الله.




الحمد لله الذي رد كيد الشيطان وأَمْرَه إلى الوسوسة (1) .
25 - الرَّكْضة:
أو ركضة الشيطان، وهي تعني معاناة الحائض من النساء بسبب جِرْيةٍ جراها الشيطان بقوة في عرق عند الرَّحِم، تسبّب فيها باستمرار تدفق الدم مهراقًا شديدًا، متعديًا في ذلك زمن تحيُّضِها المعتاد، فيمنعها ذلك عن الصلاة والصيام والطواف وتلاوة القرآن وعن المكوث في المسجد، ظنًا منها بأن حيضها مستمر، وقد جرى مثل ذلك لبعض الصحابيات رضي الله عنهن، منهن: أم حبيبة حَمْنة بنت جحش زوج عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما، وهي أخت زينب أم المؤمنين رضي الله عنها، ومنهن فاطمة بنت أبي حبيش، وكذا سهلة بنت سهيل رضي الله عنها. فلما أن استفتت كلٌّ منهن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، بيّن لهن عليه الصلاة والسلام بأن الأمر لا يعدو أن يكون داءً عَرَض للمرأة، فهي تُستحاض، أو هو عِرْق انقطع، بسبب ركضة من ركضات الشيطان فيه، فإن الشيطان - كما في الصحيح -: يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرى الدَّمِ (2) ، وهذه الركضة قد تكون بتسليط ساحر لشيطان على تلك المرأة، فإن كان ذلك فهو ما يعبّر عنه بـ (سحر النزيف) فتُرقى المرأة بالمشروع، فتشفى بإذن الله، وإلا فهو داء استحاضةٍ عضوي يمكن علاجه عند أهل الطب. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيَّن لمن شكت مثل ذلك طُرقاً للقيام بالعبادة فعلى أيهما قويت المرأة، فهي أعلم بحالها، وهذه الطرق ثلاثة مستفادة من أحاديث صحاح، وهي كما يلي:
1- ... أن تغتسل لكل صلاة، بعد انقضاء مثل أيام حيضها، حتى تحيض فترى دم الحيض الأسود الذي يَعْرِف، ويُعْرَف (تعرفه النساء) .
2- ... إن شق عليها ذلك، فإنها تغتسل لصلاة الفجر، وتؤخر الظهر، وتقدم العصر، وتغتسل لأداء الصلاتين، كذلك تفعل للمغرب والعشاء، فتؤخر المغرب وتعجل العشاء، وتغتسل وتصلي الصلاتين.
3- ... فإن وجدت حرجًا في ذلك أيضًا، فإنها تغتسل إذا انقضت مثل أيام حيضها (ستة أو سبعة أيام) ، ثم تتوضأ بعدُ لكل صلاة، ثلاثًا وعشرين ليلة أو أربعًا وعشرين ليلة، فإن ذلك يجزئها، ولو استمر تدفق الدم، لكن لونه مختلف عن دم الحيض، ليس بأسود مثله وذلك غاية في التيسير عليها.
وقد استحب النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة المستحاضة أن تفعل الأمر الأول إنْ هي قَوِيت عليه، وقد فعلت ذلك حمنة رضي الله عنها، كما سيأتي من قول السيدة عائشة رضي الله عنها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(1) طريق رد الوسوسة مستفاد من مجموع المرويِّ في الصحيحين، كما مر تخريجه قريباً، كذلك هو في سنن أبي داود رحمه الله، كتاب: الأدب، باب: في ردّ الوسوسة، برقم (5110) و (5112) ، كلاهما عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(2) سبق تخريجه ص 30، بالهامش ذي الرقم (1) . ... فائدة: لم يكن عند مسلم من حديث صفية رضي الله عنها إلا هذا الحديث. وقد أورده البخاري في ست مواضع، والله أعلم. ... ولفظ الحديث بتمامه: "على رِسْلكما، إنها صفية بنت حُيَيّ، إن الشيطان يجري (يبلغ) من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيتُ أن يقذف في قلوبكما شرًا" قاله النبي صلى الله عليه وسلم لرجلين من الأنصار لما رأياه صلى الله عليه وسلم منصرفًا من مُعتَكَفه، ترافقه صفية رضي الله عنها، فسلّما وأسرعا رضي الله عنهما.




وهاك أخي القارئ أدلة من السنة المطهرة دالَّة بمجموعها على ما أسلفت بيانه:
1- ... سألت أم حبيبة حَمْنَةُ بنت جحش رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الدم؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سُبْحَانَ اللهِ!، إِنَّ هَذا مِنَ الشَّيْطَانِ)) (1) . ((إِنَّمَا هِيَ رَكْضَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ)) (2) . ((امْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي)) (3) ، قالت عائشة رضي الله عنها: فكانت تغتسل لكل صلاة (4) .
2- ... وكانت سهلة بنت سهيل رضي الله عنها قد استُحيضت، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، ((فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ، فَلَمَّا جَهَدَهَا ذَلِكَ أَمَرَهَا أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِغُسْلٍ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِغُسْلٍ، وَتَغْتَسِلَ لِلصُّبْحِ)) (5) .
3- ... وقالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! إني لا أطهُر، أَفَأَدع الصلاة،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
(1) جزء من حديث أخرجه أبو داود، كتاب: الطهارة، باب: من قال تجمع بين الصلاتين وتغتسل لهما غسلاً، برقم (296) ، عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها.
(2) جزء من حديث أخرجه الترمذي مطوّلاً - وصحّحه -؛ كتاب الطهارة، باب: ما جاء في المستحاضة ... ، برقم (128) ، عن حَمْنة بنت جحش رضي الله عنها.
(3) أخرجه مسلم، كتاب: الحيض، باب: المستحاضة وغسلها وصلاتها، برقم (334) ، عن عائشة رضي الله عنها.
(4) قول السيدة عائشة رضي الله عنها، أخرجه أبو داود، كتاب: الطهارة، باب: ما روي أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة، برقم (289) .
(5) أخرجه أبو داود، كتاب الطهارة، باب: من قال تجمع بين الصلاتين وتغتسل لهما غُسلاً، برقم (295) ، عن عائشة رضي الله عنها. ومعنى جَهَدها ذلك، أي: شقّ عليها. ... هذا، وقد أخرج الإمام أحمد رحمه الله في مسنده، أربع روايات، تبين حكم المستحاضة أيضًا، وجميعها من مسند النساء، فلتنظر بأرقامها (27685 - 27904 - 28022 - 28182) - طبعة بيت الأفكار - لمن شاء مزيد علم في ذلك.




فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلاَةَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا [قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها] ، فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي (1) . زاد هشام بن عروة عن أبيه رحمهما الله: "ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاَةٍ، حَتّى يَجِيءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ" (2) .
هذا، ومحلّ تفصيل أحكام ذلك كتب الفروع، إلا أني أردت بيانه لشرف تعلُّقه بأعظم العبادات البدنية، ركنِ الدين: (الصلاة) .
26- الرَّبْط (العَقْد أو العَصْب) ،
وهو نوع من أنواع سحر التفريق بين الزوجين، ويسمى بـ (الصَّرف) أيضًا، وله صور عديدة، منها الحِسِّي، كأنْ يؤخذ الرجلُ عن زوجه فلا يستطيع جماعَها إما بعُنةٍ يجدها عند الاقتراب من امرأته وإرادته الجماع، وإما بحدوث إمناء سريع ونحو ذلك، ومنها المعنوي: كانعدام شهوة أو تقبيح صورة، أو معاناةٍ من كثرة غَيرة مع عدم وجود مسوّغ شرعي لذلك، أو الإحساس براحة نفسية في حال ابتعاده عن امرأته (3) .
وقد يحدث الربط أيضًا للمرأة، ومن أنواعه ما يسمى بـ (التغوير) ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري؛ واللفظ له كتاب: الحيض، باب: الاستحاضة، برقم (306) ، عن عائشة رضي الله عنها. ومسلم؛ كتاب: الحيض، باب: المستحاضة وغُسلُها وصلاتُها، برقم (333) ، عنها أيضًا.
(2) الزيادة عند البخاري، من رواية هشام بن عروة عن أبيه، هي في كتاب: الوضوء، باب: غسل الدم، برقم (228) . والعبارة المفسِّرة بين معقوفين هي: جزء من رواية عند البخاري أيضًا، كتاب: الحيض، باب: إذا حاضت في شهر ثلاث حِيَض ... ، برقم (325) ، عن عائشة رضي الله عنها.
(3) انظر: المنقذ القرآني. محمد الصايم ص 106.




وهو شعور الزوج بأن الفتاة البكر التي وقع اختياره عليها ليست كذلك، مما يتسبب بالتفريق بينهما في مرحلة مبكرة من الزواج - والعياذ بالله-، ومن رَبْط المرأة أيضًا: [التصفيح أو الانسداد، فلا يتمكن الرجل من الجماع، ومنه ربط (نزيف الجماع) فكلما أتاها زوجها ركض الشيطان في عِرْقٍ عند الرحم، فينفجر العرق، فيسيل الدم، فلا يتمكن الزوج من مجامعتها، وقد لا يكون الربط للمرأة محسوسًا كما سبق، بل قد تمنع المرأة من غير إرادة منها إتيانَ زوجها لها، أو قد تتبلّد تبلُّدًا تامًا عند عملية الجماع، فلا تستجيب لزوجها، مما ينفِّره من جماعها، فالأول منهما يسمى ربط المنع، والآخر ربط البرود أو التبلد] (1) .
ويشار هنا، إلى أن ما كان من أنواع الربط للرجل محسوسًا، فإنه قد يكون مرضًا عضويًا أو توهمًا نفسيًا لديه، قد أثَّر في قدرته الجنسية، وليس ربطاً أو عَصْبًا، فالواجب علاجه - عند أهل الاختصاص - في ذلك، والمرأة كذلك قد يكون داءً عضويًا أو نفسيًا عَرَض لها، فتُعرَض ابتداءً على أهل الطب فإن جزموا بأنْ لا علةَ عضوية أو نفسية لما تشكو منه، غلب على الظن عند ذلك حدوث عقد أو ربط، تسبب به ساحر مفرّقٌ لَعِينٌ، أو شيطان جنٍّ محبٌّ للمرأة، يبغي إبعادها عن زوجها، أو شيطانة خبيثة تولهت حبًا بالرجل الإنسي، فهي تعمل جاهدة على حجزه عن امرأته، لتظفر هي به.
27- التِّوَلة:
(سحر المحبة) ، وهو الذي يسمى بـ (العطف) ، ويكون - غالبًا - بطلب المرأة من ساحر أن يوقع محبةً بها في قلب زوجها وشغفًا زائداً؛ فيأمرها عند ذلك بإحضار أثر من ثياب زوجها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
(1) مستفاد من: الصارم البتار في التصدي للسحرة الأشرار. وحيد عبد السلام بالي ص 185.



مثلاً، غيرَ منظَّفٍ ولا طاهر، ثم يأخذ خيوطاً منه، فيعقدها وينفث بها، ثم تدفن في مكان مهجور، أو يقرأ ما يأمره به شيطانه من أقوال بغير العربية تتضمن شركًا بالله، والعياذ بالله، يقرأ ذلك على ماء نجس، أو على قطرات من دم ونحوه، ثم تخلطه المرأة بما يَطْعَمُه أو يُسقاه زوجُها، فيصير الزوج - والعياذ بالله - منقادًا لامرأته لا يرى أحب منها في قلبه، ولو أنها عصت وفسقت، وأضرّت به، وتشتد غَيْرته عليها، ويُفرِط في جماعها، ولا يصبر على البعد عنها، ثم إنه لا يُخالِف لها أمراً، ولا يُحبِط لها مسعى، ولا يُخيِّب لها ظنًا، ولا يعارض لها هوىً، حتى لَوْ أَنَّهَا دَخَلَتْ جُحْرَ ضَبٍّ لَتَبِعَها!! (1) . [وبئسما صنعَتْ، ولو أنها عمدت إلى التحبُّب إلى زوجها، فكانت عَروبًا تكثر التزين والتجمل له، تستقبله بتبسُّمٍ مشرق، وتُحسِن عشرته، وتخاطبه بلين القول، وتريه جميل الفعال في رعاية أبنائه، والحفاظ على ماله، والحرص على طاعته، لوجدت - بإذن الله - تعلقًا عاقلاً حكيمًا،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(1) ذكرتُ ما بين قوسين، تشبيهًا مجازًا، وهو مستفاد من معنى حديث، بيّن شدة تعلُّقِ شرار هذه الأمة - في آخر الزمان - بسَنن اليهود والنصارى، ونص الحديث بتمامه: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَن مَنْ كَانَ قَبْلَكُم شِبْرًا شِبْرًا، وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ، حَتّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ» قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: «فَمَنْ؟» . ... والحديث متفق عليه؛ من حديث أبي سعيد رضي الله عنه: أخرجه البخاري؛ كتاب: الاعتصام، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم «لتتبعن سَنَن من كان قبلكم» ، برقم (7319) . ومسلم؛ كتاب: العِلْم، باب: اتباع سَنن اليهود والنصارى، برقم (2669) . ... - وأما اختصاص شرار هذه الأمة باتباع أهل الكتاب، فلقوله صلى الله عليه وسلم: «لَيَحْمِلَنّ شِرَارُ هَذِهِ الأُْمَّةِ عَلَى سَنَنِ الّذِينَ خَلَوا مِنْ قَبْلِهِمْ، أَهْلِ الْكِتَابِ، حَذْوَ القُذَّة بالقُذَّةِ» كما في مسند أحمد؛ برقم (17265) ، من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه. وهذا كناية عن شدة المطابقة في الاتباع. [والقُذَّة: ريشة السهم، فكما تُقدَّر كلُّ واحدة من الريشتَيْن على قَدْر صاحبتها وتُقْطَع، يُضْرَب مثلاً للشيئين يستويان ولا يتفاوتان] . انظر: النهاية لابن الأثير (4/25) .



مستمرًا غير منقطع، في قلب زوجها، لا تعلقًا أبلهَ ذاهلٌ صاحبُه، لا يدري ما يصنع!! ثم إذا انتهت (صلاحية هذه التِّوَلة) ، فسدت، وانقلبت بغضًا وكرهًا ربما لم تنفع معه تولة أخرى مستجدة الصلاحية] !! (1) .
قال النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الرُّقى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ (2) .
مسألة: قد يُشكل على أحدهم التعارضُ الظاهر، بين قوله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الرُّقى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ، وقوله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) استفدت ذلك النصح من: الصارم البتار، لوحيد بالي، ص 139، بتصرف.
(2) أخرجه أبو داود، كتاب: الطب، باب: في تعليق التمائم، برقم (3883) ، عن زينب رضي الله عنها. وابن ماجه، كتاب: الطب، باب: تعليق التمائم، برقم (3530) ، عنها أيضًا. وأخرجه أحمد في مسنده (1/381) ، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.




صلى الله عليه وسلم: مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ (1) .
فكيف يمكن الجمع بين اعتبار الرقى شركًا وبين الإذن النبوي بالاسترقاء والانتفاع بذلك؟
الجواب (2) : أن الرقى المنهي عنها هي الرقى التي فيها شرك أو توسّل بغير الله تعالى، أو ألفاظ مجهولة لا يُعرَف معناها، أما الرقى السليمة من ذلك فهي مشروعة، وهي من أعظم أسباب الشفاء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اِعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لاَ بَأْسَ بِالرُّقى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكُ (3) . وقوله صلى الله عليه وسلم: مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ (4) ، وَقَدْ رَخَّصَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فِي الرُّقْيَةِ مِنَ الْعَيْنِ، وَالْحُمَةِ، وَالنَّمْلَةِ (5) .
28- النُّشْرة:
وهي لفظ يطلق ويراد به ما ينشّر (أي يُكشف ويزال به الضرر) عمن يُظنُّ أن به مس من الجن (6) ، وتكون النشرة على أحد ضربين:
الأول: تعويذة مشروعة أو رقية جائزة مَقُولة أو مكتوبة (لتقرأ على المريض، ولينفث عليه بها، لا لتُعَلَّقَ وتكونَ تميمة) ، ويقصد بهذه النُّشرة معالجة من كان به طِبُّ (أي: سحر أو عين أو مس أو عَصْب عن امرأته) .
والثاني: حل السحر عن المسحور؛ بسحر أو بألفاظ أعجمية، أو بطلاسم لا يُفهم معناها، أو بألفاظ شركية، ونحوه مما كان معهودًا من النُّشرة في الجاهلية.
فالنُّشرة الأولى لا بأس بها لما فيها من المصلحة وطلب المنفعة، وعدم المفسدة، بل ربما تكون مطلوبة لأنها مصلحة بلا مضرّة (7) .
وأما الثانية: فالتحقيقُ الذي لا ينبغي العدول عنه: أن استخراج السحر بسحر أو ألفاظ أعجمية أو بما لا يُفهم معناه، أو بنوع آخر مما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه مسلم، كتاب السلام، باب: استحباب الرقية ... ، برقم (2199) ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(2) الجواب مستفاد من كلامٍ للعلاّمة ابن باز رحمه الله، انظر: الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية، إعداد المؤلف ص 265.
(3) أخرجه مسلم، كتاب: السلام، باب: لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك، برقم (2200) عن عوفِ بن مالكٍ الأشجعي رضي الله عنه.
(4) التخريج السابق، وفي رواية: «فَلْيَفْعَلْ» .
(5) أخرجه مسلم، كتاب: السلام، باب: استحباب الرقية من العين والنملة والحُمَة والنظرة، برقم (2196) ، عن أنس رضي الله عنه. بلفظ: "رَخَّصَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الرُّقْيَةِ مِنَ الْعَيْنِ وَالْحُمَةِ وَالنَّمْلَةِ".
(6) انظر: لسان العرب، لابن منظور (6/4424) ، مادة: نَشَر.
(7) المنقول هو من كلام العلامة ابن عثيمين رحمه الله. انظر: الفتاوى الذهبية ص 156. إعداد المؤلف.




لا يجوز، فإنه ممنوع (1) .
وعلى هذا التفصيل يُحمَل قول أهل العلم (2) الذين أجاز بعضهم النُّشرة - وعلل جوازها بحصول النفع، وكونها بالعربية - ومنهم الأئمة: سعيد بن المسيَّب، والمُزَنِيُّ، والشَّعبي، والطبري، وكذلك يفسّر بهذا التفصيل قولُ من منعها منهم كالحسن البصري، وابن تيمية وابن القيم عليهم رحمة الله جميعًا.
ومن أدلة جواز النشرة (بالمعنى الذي سلف) :
قول النبي صلى الله عليه وسلم، حين سألته السيدة عائشة رضي الله عنها: أفلا؟ - أي تنشَّرْتَ - فقال عليه الصلاة والسلام: أَمَّا اللهُ فَقَدْ شَفَانِي اللهُ، وَأَكْرَهُ أَنْ أُثيرَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ شَرًّا (3) . وكان ذلك حين أبطل النبي صلى الله عليه وسلم سحرًا، جُعِل في بئر ذروان، - (أو: ذي أروان) - أبطله بالمعوذتين ثم أَمَرَ بالبئر فدُفنَتْ. وكان الذي صنع ذلك السحر رجل من بني زُريقٍ منافق حليف ليهود، يدعى لَبيد بن الأعصم.
ووجه الاستدلال في ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على السيدة عائشة سؤالها، ثم إنه صلى الله عليه وسلم لم يذكر حرمة النشرة، مع أن الموضع موضع بيان الحكم، مع شدة الحاجة إليه، فعُلم بذلك مشروعيتها. والله أعلم.
وقد سأل قتادةُ سعيدَ بن المسيَّب قائلاً: رجل به طبٌّ أو: يؤخذ عن امرأته، أَيُحلّ عنه أو ينشَّر؟ قال: لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع الناس فلم يُنْهَ عنه. اهـ (4) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: أضواء البيان، للإمام الشنقيطي رحمه الله (4/505) .
(2) ممن ذهب إلى هذا التفصيل الإمام ابن القيم رحمه الله، انظر: إعلام الموقعين: (4/396) .
(3) جزء من رواية مطولّة، سبق ذكرها بتمامها وتخريجها ص53 بالهامش ذي الرقم (1) .
(4) قول ابن المسيّب - عند البخاري -، وهو في الرواية المخرّجة أيضًا ص53 بالهامش ذي الرقم (1) .




ومن أدلة القائلين بتحريم النشرة:
1- ... الآيات الكريمة التي تنص على أن السحر ضُرٌّ محض، لا يتأتّى منه نفع قَطُّ، منها قوله تعالى: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ} [البَقَرَة: 102] .
2- ... قول النبي صلى الله عليه وسلم: اعْرُضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لاَ بَأْسَ بِالرُّقى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ (1) .
3- ... وقوله عليه الصلاة والسلام حين سئل عن النشرة، فقال: هُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ (2) .
ووجه الاستدلال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَيّد في الحديث الأول جواز الاسترقاء، بما لم يكن فيه شرك، ومعلوم أن النشرة بالسحر قد تتضمن شركًا. كذلك في الحديث الثاني فقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم النشرة من عمل الشيطان، لكونها النشرة المعهودة في الجاهلية، وهي حلّ السحر بسحر مثله (3) .
29- التميمة :
وهي الرقية المعلقة، وتسمى أيضًا: الحِرزُ، أو الحجاب، أو الجامعة، وهي: ما يُعلَّق على الأولاد أو غيرهم من الناس، لدفع العين أو الجن أو المرض ونحو ذلك، وهي نوعان:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
(1) سبق تخريجه ص 94 بالهامش ذي الرقم (5) .
(2) أخرجه أبو داود، كتاب: الطب، باب: في النشرة، برقم (3868) ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. وهو في مسند الإمام أحمد، من حديث جابر أيضًا. وقد جوَّد إسناده الشيخان: ابنُ باز وابنُ عثيمين عليهما رحمة الله. انظر: الفتاوى الذهبية، ص 88، وص 156. إعداد: المؤلف.
(3) قد بسطت القول في مسألة النشرة بما يتسع له المقام، وذلك لشدة الحاجة إليها، وكثرة وقوع المسألة فيها.





الأول: ما يكون فيه من أسماء الشياطين، أو احتوى على عظمٍ، أو حرزٍ أو مساميرَ أو طلاسم، أو خَرَزٍ ونحوه. وهذا النوع محرّم بلا شك، وهو من أنواع الشرك الأصغر، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الرُّقى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ (1) ، ومَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلاَ أَتَمَّ اللهُ لَهُ، وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدْعَةً فَلاَ وَدَعَ اللهُ لَهُ (2) . وقد يكون هذا النوع شركًا أكبر إذا اعتقد معلِّق التميمة أنها تحفظه أو تكشف عنه المرض أو تدفع عنه الضرّ من دون الله.
أما النوع الثاني من التمائم: فهو ما يُعلَّق من الآيات القرآنية والأدعية النبوية أو أشباه ذلك من الأدعية الطيبة، فقد اختلف فيه العلماء، فأجازه البعض، مُلحِقًا إياه بجنس الرقية الجائزة، ومنعه آخرون واحتجوا:
أ- ... بأن الرقى قد جاء ما يخصص عمومَ تحريمها، نحو قوله صلى الله عليه وسلم: لاَ بَأْسَ بِالرُّقى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ (3) ، بينما لم يرد في شيء من الأحاديث استثناءُ شيء من التمائم. لذا، فالصحيح تحريم التمائم جميعِها عملاً بالأدلة العامة.
ب- ... وكذلك احتجّوا بالقول بسد الذريعة الموصلة إلى الشرك، وهذا أمر عظيم في الشريعة، ومعلوم أنا إذا جوّزنا التمائم من الآيات القرآنية، والدعوات المباحة، انفتح باب الشرك، واشتبهت التميمة الجائزة بالممنوعة، وتعذّر التمييز بينهما إلا بمشقة عظيمة، فوجب سد الباب وقفل هذا الطريق المُفضي إلى الشرك. اهـ (4) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
(1) سبق تخريجه ص94 بالهامش ذي الرقم (2) .
(2) سبق تخريجه ص38 بالهامش ذي الرقم (1) .
(3) سبق التخريج ص94 بالهامش ذي الرقم (5) .
(4) انظر: النذير العُريان، فتحي الجندي. ص 162، نقلاً عن نص فتوى لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى.



جـ- ... واحتجّوا أيضًا بأن القول بجواز تعليق التميمة من القرآن قد يفضي إلى امتهان ذلك، فقد يَحْمِل المعلِّقُ التميمةَ في حالٍ لا تليق، كقضاء حاجة أو جماع ونحو ذلك (1) .
30- تحضير الأرواح (2) :
وهو مذهب استجدّ لأهل الغرب، قعّدوا له قواعد، واجترحوا له مصطلحات، وشَرَطوا له شروطًا، وأيقنوا به أيما يقين، وإن المُطالِع لما ابتدعوه وزعموه في ذلك تكاد نفسه تُشَقُّ رهقًا فيُحتضَر، وتَحْضُرُ نفسُه عالمَ البرزخ!! نعم، إن دعاة تحضير الأرواح (مذهب الرُّوحية الحديثة) قد بَنَوْا مذهبهم على وقع طَرْقَاتٍ سُمعت في منزل، أو صوتٍ صدر في جلسة فاعتبروا ذلك ظواهر صادرة عن أرواح الموتى، قد حضرت، ترشدهم وتنصحهم، وتُعلِمُهم بحقائقَ غابت عنهم في عالم الشهادة. وقد ألَّفوا بذلك كتبًا منها - على سبيل المثال -: (الأبحاث التجريبية على الظواهر الروحية) لروبيرهار، ويدعّمها بعضهم بصور كاميراتٍ خاصة تعمل بالأشعة ما تحت الحمراء، وما فوق البنفسجية، لأرواح حَضَرَتْ - بزعمهم -، فتخرج تلك الصور واضحة أحيانًا وملتبسة أحيانًا أُخَر، حتى إن أحدهم (د. علي عبد الجليل راضي) ، يزعم أن جبريل عليه السلام حضر جلسة من جلساته، لكنه أَسِفٌ لعدم امتلاكه في تلك الجلسة كاميرا من هذا النوع!! ويعتمد هؤلاء في ادعائهم في تحضير الأرواح من العالم الماورائي (الميتافيزيقي) ، إلى عالمنا الفيزيقي (المشهود) ، - وعذرًا لاستخدام مصطلحاتهم -، يعتمدون على مادة تنبعث من جسمِ مَنْ يسمونه وسيطًا للتحضير، تكون هذه المادة هالة بصورة ضبابية باهتة في أول انبعاثها منه، ثم تتكثف وتتشكل بحسب الكائن (الروح) المهيمن على جلسة التحضير، ويسمونها (الأكتوبلازم) ، لكن مهلاً - أخي القارئ - فلو صدرت من الوسيط هذه المادة في غرفة مضاءة كليًا أو جزئيًا، فإنها سترتد إلى جسم المُحَضِّر مصطدمةً به اصطدامًا عنيفًا مما قد يتسبب في موت مباغت له؛ فعليه إذًا أن يطلق هذه المادة في غرفة مظلمة تمامًا، أو مضاءةٍ بلون أحمر باهت حرصًا على تشكلها البطيء، وإعادتها إلى عالم البرزخ له بهدوء وسكينة تامة!!
هذا ما يدعيه أهل الغرب الروحانيون من قدرة على تحضير أرواح الموتى، ثم إن بعض المسلمين قد انساق - عجبًا - متأثرًا بتلك الدعوة، بل ودعا المسلمين إلى السير في ركابها، واتباع سَنَن الغرب في ذلك، بل قد وجّه اللوم وأبدى المعاتبة لتأخرهم في اللحاق بالركب الروحاني، مع أن أدلة شرعية دلت - من وجهة نظره - على أحقية هذا العلم بالتعلم والسبق إليه، وذلك لأجل مقارعة منكري البعث، وإثبات بطلان دعواهم. وممن ارتضى مسلك التحضير لأجل ذلك: الشيخ طنطاوي جوهري في تفسيره، فزعم أن سلوك تحضير الأرواح هو مسلك سيدنا إبراهيم عليه السلام، حيث طلب عليه السلام ما يَطْمَئِنُّ به قلبُه بعد تيقنّه بقدرة الله تعالى على إحياء الموتى، كما زعم أن طريق ذلك هو كمثل ضرب البقرة في زمن سيدنا موسى عليه السلام ببعض منها (وهو ذنبها) ، ثم يعلق قائلاً: ولا جَرَمَ أن إيماننا أقل من إيمان الأنبياء، فنحن أولى بطلب المعاينة، وطريق الخليل (إبراهيم عليه السلام) مقفل بابها علينا، فمن فضله تعالى ذكر هنا أن القتيل من بني

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
(1) انظر: الفتاوى الذهبية، إعداد المؤلف ص 251، نقلاً من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/204 - 205) .
(2) شرح هذا المصطلح بتمامه، مقتبس بتصرف من (عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة) . د. عبد الكريم عبيدات ص 425 وما بعده.




إسرائيل قد حيي بضربه ببعض البقرة، وهذا فتحُ بابٍ لإحضار الأرواح، فكأنه - أي الله تبارك وتعالى - قال في مسألة إبراهيم: اطلبوا الحقائق لتطمئنوا، وهنا يقول: اسلكوا السبل التي بها تستحضرونها ... فإذا وجدتم أن طريق موسى في إحياء الموتى يصعب عليكم فالتمسوا غيره. اهـ (1) . - أي من طرق التحضير -، بل لقد عَمَد الشيخ طنطاوي جوهري إلى تأليف كتاب سماه: كتاب الأرواح، ضمّنه كثيرًا من حوادث التحضير التي قام بها الغربيون، والشروط الواجب توافرها في المحضِّر، وفوائد هذا العلم، وغير ذلك.
والحق الذي عليه مَنْ يُعْتَدُّ بقوله من أهل العلم في ذلك كله هو: إنكار إمكان استحضار أرواح الموتى إلى الحياة الدنيا، بعد انتقالها إلى عالم البرزخ (الحياة الفاصل بين الحياتين الدنيا والآخرة، وهذه الحياة هي حاجز دون الرجعة إلى الدنيا) ، ومن أدلتهم قوله تبارك اسمه: [المؤمنون: 99-100] {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ *لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ *} . وقوله تعالى: [العَنكبوت: 57] {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ *} . وقوله سبحانه: [يس: 31] {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ *} .
فالعجب كيف غفل البعض - أو تغافل - عن صريح دلالة هذه النصوص وأمثالها!! خاصة وأن بعض دعاة الروحية الحديثة قد استفحل خطرهم وعَظُمت فِرْيَتُهم، فزعم بعضهم (مثل سلفر برش) ، بأن محضري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(1) انظر: الجواهر في تفسير القرآن الكريم لطنطاوي جوهري (1/89) .



الأرواح، ومن استحضروهم يكونون بمجموعهم الروح الأعظم (1) ، يقصد الله - تعالى عما يقول الظالمون -، والخلاصة في ذلك أن دعاة تحضير الأرواح هم بالمآل دعاة مذهب اتحادٍ وحلول وتوحّد أديان، وادعاء نبوة ورسالة (كما فعل القس سنتون موزي) ، وفي الحال دعاة روحانية خارقة، تجتذب بسطاء الناس، فتتملّك عليهم كيانهم، وتبهرهم بأشكال تظهر، وأصوات تُسمع، ووسيط يتمتع بـ (كاريزما: قدرة على التأثير) ، كما يتمتع بكم هائل من مادة الاكتوبلازم القابلة للتشكل في الظلام!!
لعلك، أخي المسلم! قد استنبطت مما سلف حقيقة ما يفعله هؤلاء، إنهم - ولا شك - يستحضرون الجن، ممن عَلِمَ ما لم يعلموا لسرعةٍ بالحركة أو لطولِ مكث في الدنيا، فيزعم بأنه روح فلان الذي عاش منذ مائة عام مثلاً، وقد كان قرينه أو عَلِمَ من أحواله دقائقَها، ومن أفعاله تفاصيلها، فيُصدِّق الحضور ما ينطق به ذلك الجني، وبخاصة أنه قد يتشكل لهم بخيالات هي أشبه بالسراب، فيوحي إليهم زخرف القول، ويزجهم في حظيرة الشرك. فحقيقة تحضير الأرواح أنها استعانة بالشياطين واستحضار لهم بتلبية طلباتهم الشركية، وتلاوة العزائم الكفرية، ثم استجوابهم عن أمور تتعلق بمن توفاهم الله، فيخبرون بما علموا من أحوالهم، فيتوهم الحاضرون أن الحاضر هو فعلاً روح فلان أو فلانة.
يقول الشيخ العلاّمة عبد الله بن جبرين حفظه الله: لا شك أن المحضِّر إما أن يكون من خُدّام الشياطين الذين يتقربون إليهم بما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
(1) انظر: ركائز الإيمان بين العقل والقلب، الشيخ محمد الغزالي رحمه الله ص 353.



يحبون، أو يكتبون حروفًا غير مفهومة تحتوي على شرك أو دعاء لغير الله، فتجيبه الجن ويسمع كلامها الحاضرون، والغالب أنه يُحْضِرُ شخصًا ضعيف العقل والدين، قليل الاهتمام بالذكر والدعاء، حتى يلابسه الجني ويتكلم على لسانه، ولا يفعل ذلك إلا السحرة والكهنة ونحوهم (1) .
ويقول الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله: تحضير الأرواح يتم عن طريق الشعوذة وتحضير الجن وتلبية طلباتهم، ودعوى تحضير الأرواح كذب وتدليس، وترى أحدهم - ممن يعمد إلى التحضير - لا يستطيع نفع أحد حتى نفسه، ولا تنتهي حياته بخير أبدًا (2) .
ويقول الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله -: لا شك أن تحضير الأرواح نوع من أنواع السحر، أو هو من الكهانة، وهذه الأرواح ليست أرواح الموتى، كما يقولون، وإنما هي شياطين تتمثل بصور الموتى، وتقول: إنها روح فلان أو أنا فلان، وهو من الشياطين، فلا يجوز هذا.
أخي القارئ، أكتفي بهذه النقول من كلام أهل العلم الذين أنكروا دعوى التحضير، على أن ثَمَّ جمّ غفير منهم قد أنكر ذلك أيضًا، أذكر منهم: (الشيخ محمد الغزالي، الدكتور عمر الأشقر، الدكتور عبد الحليم محمود، الدكتور أحمد البيانوني، وغيرهم كثير) (3) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
(1) جزء من جواب الشيخ حفظه الله، عن مسألة تحضير الأرواح. انظر: الفتاوى الذهبية، إعداد المؤلف ص 201.
(2) انظر: الشيخ الشعراوي، الإنس والجن. جمع وترتيب محمود فوزي ص 32.
(3) انظر: القول المعين في مرتكزات معالجي الصَّرْع والسحر والعين. أسامة المعاني ص 183، وما بعدها.


الكتاب: التحصين من كيد الشياطين
المؤلف: د خالد بن عبد الرحمن بن علي الجريسي




 توقيع : أبو خالد



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ»

الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود -
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلاتحرمونا دعائكم

رد مع اقتباس
قديم 16 Apr 2018, 05:48 PM   #2
ابن الورد
الحسني


الصورة الرمزية ابن الورد
ابن الورد متصل الآن

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 1
 تاريخ التسجيل :  Feb 2005
 أخر زيارة : اليوم (05:06 AM)
 المشاركات : 17,334 [ + ]
 التقييم :  24
 الدولهـ
Saudi Arabia
 وسائط MMS
وسائط MMS
لوني المفضل : Cadetblue
رد: السحر 2



حياك الله تعالى مديرنا الحبيب الغالي أبوخالد
نشكر لكم مشاركاتكم المباركة
وجزاكم الله تعالى عن الجميع خير الجزاء


 
 توقيع : ابن الورد



رد مع اقتباس
قديم 17 Apr 2018, 12:01 AM   #3
نور الشمس
وسام الشرف - مشرفة قروب - أخوات البحث العلمي - جزاها الله تعالى خيرا
** أم عمـــر **


الصورة الرمزية نور الشمس
نور الشمس غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 13417
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : 21 Aug 2023 (03:12 PM)
 المشاركات : 11,240 [ + ]
 التقييم :  35
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 مزاجي
لوني المفضل : Olivedrab
رد: السحر 2



جزاك الله خير ..


 
 توقيع : نور الشمس



قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

‏🌱 اجعل نفسك دائماً في تفاؤل والذي يريده الله سيكون

‏ وكن مسروراً فرحاً واسع الصدر ،،

‏فالدنيا أمامك واسعة والطريق مفتوح ✨

‏فهذا هو الخير ،،،

‏ 📚 شرح رياض الصالحين - ج4 ص87

🦋🍃


رد مع اقتباس
قديم 17 Apr 2018, 08:48 AM   #4
أبو خالد
باحث جزاه الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية أبو خالد
أبو خالد غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 25
 تاريخ التسجيل :  Jun 2005
 أخر زيارة : 15 Jul 2018 (03:04 PM)
 المشاركات : 13,860 [ + ]
 التقييم :  21
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 مزاجي
 وسائط MMS
وسائط MMS
 SMS ~
اللهم إني ظلمت نفسي
ظلـمآ كثيرآ
ولا يفغر الذنوب
الا أنت
فاغفر لي مفغرة من عندك
وأرحمني
إنك أنت الغفور الرحيم
لوني المفضل : Cadetblue
رد: السحر 2



شاكر مروركم جزاكم الله خير


 
 توقيع : أبو خالد



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ»

الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود -
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلاتحرمونا دعائكم


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 01:57 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي