اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ : روى الإمام مسلم عن أبي أيُّوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( مَن صام رمضان ثم أتبَعَه ستًّا من شوَّال، كان كصيام الدهر))؛ وروى الإمام الطبراني عن عبدالله ابن عمررضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من صام رمضانَ وأتبعه ستًّا من شوَّالٍ خرج من ذنوبِه كيومِ ولدته أمُّه ) .

اللهم ربنا تقبل منا الصيام والصلاة والقرآن والقيام والدعاء وسائر صالح الأعمال ،وأجعلنا ممن قام ليلة القدر واجعلنا فيها من الفائزين المقبولين وكل عام ونحن وجميع المسلمين في خيرورخاء وصحة وعافية وسعادة وأمن وأمان .


           :: 9:12 / 1:18:21 #اللقاء_المفتوح 🔴 حقيقة وفاة سروال مونيكا في النرويج | المشاركة عامة (آخر رد :ابن الورد)       :: 2:05 / 4:54 ما حقيقة مقتل سلوان موميكا في النرويج ؟ (آخر رد :ابن الورد)       :: 0:49 / 3:43 مقتل سلوان موميكا في النرويج والعثور على الجثة في منزله التفاصيل الكاملة (آخر رد :ابن الورد)       :: بعد هربه إليها.. النرويج تعتقل المتطرف العراقي سلوان موميكا وتقررترحيله إلى السويد (آخر رد :ابن الورد)       :: خطبة جمعة - الحزن على وداع رمضان : الشيخ فيصل الحسني . (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " مع الجمهور "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ30ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثالث المهدي "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ29ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: خطبة عيد الفطر 1445هـ - الشيخ فيصل الحسني . (آخر رد :ابن الورد)       :: متى كانت ليلة القدر رمضان 1445 هجريا 2024 ميلاديا اسرع وأدق واوضح . (آخر رد :ابن الورد)       :: تحري ليلة القدر ومراقبة شروق شمس يوم 30 رمضان 1445 هجريا سنة 2024 م علامات ليلة القدر (آخر رد :ابن الورد)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum عقيدة وفقه ومعاملات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 24 May 2018, 11:09 AM
أبو خالد
باحث جزاه الله تعالى خيرا
أبو خالد غير متصل
Saudi Arabia     Male
SMS ~ [ + ]
اللهم إني ظلمت نفسي
ظلـمآ كثيرآ
ولا يفغر الذنوب
الا أنت
فاغفر لي مفغرة من عندك
وأرحمني
إنك أنت الغفور الرحيم
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 25
 تاريخ التسجيل : Jun 2005
 فترة الأقامة : 6893 يوم
 أخر زيارة : 15 Jul 2018 (03:04 PM)
 المشاركات : 13,860 [ + ]
 التقييم : 21
 معدل التقييم : أبو خالد is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
قبسات من هدي النبي في رمضان




الاستعداد لرمضان
لقد كان صلى الله عليه وسلم والسلف يستعدون لرمضان بالدعاء والأعمال الصالحة فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
(لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرا أكثر من شعبان) البخاري.
وقالت رضي الله عنها أيضا (ولم أره صائما من شهر قط أكثر من صيامه من شعبان) مسلم.
يقول "ابن رجب" في كتاب لطائف المعارف: (وقد قيل في صوم شعبان: إن صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده، ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط.) انتهى
وكذلك من الاستعداد لهذا الشهر أن يضع الإنسان ما في رقبته من صوم لم يقضه ,قبل رمضان فعن عائشة - رضي الله عنها- قالت: (كان يكون عليّ الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان) البخاري.
والاستعداد يكون بالدعاء أيضا فقد قال معلى بن الفضل عن السلف رحمهم الله: "كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم" ... وقال يحي بن أبى كثير: "كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه منى متقبلاً".
فحري بنا أن نعد العدة ونهيئ أنفسنا لاستقبال هذا الشهر العظيم بالدعاء والعبادة ومعرفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم وقراءة الكتب وقصص السلف في هذا الموضوع , وتنظيم أوقاتنا لكي تتكون لدينا قواعد متينه نبني عليها جهدنا فنعبد الله على علم ودراية.
اللهم بلغنا رمضان وأجعلنا ممن يصومه ويقومه إيمانا واحتسابا واجعلنا ممن يمضيه في طاعتك وتقبل منا يا رب العالمين فإنك أنت الهادي الى السراط المستقيم.

الاستبشار بقدوم رمضان
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم الاستبشار بقدوم رمضان فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه يقول: (قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تفتح أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغَلُّ فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حُرم) رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني بشواهد.
وقال صلى الله عليه وسلم (إذا كان رمضان فتحت أبواب الرحمة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين) وفي رواية: (إذا دخل رمضان بمثله) مسلم.
وكيف لا نستبشر ونفرح بفضل الله علينا ومنته, بأن بلغنا هذا الشهر المبارك.
قال تعالى (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) {يونس: 58}.

إثبات دخول شهر رمضان
قال صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا ثلاثين) البخاري.
قال ابن القيم في (زاد المعاد): (وكان من هديه صلى الله عليه وسلم , أن لا يدخل في صوم رمضان إلا برؤيا محققة ,أو بشهادة شاهد واحد , كما صام بشهادة ابن عمر, وصام مرة بشهادة أعرابي, واعتمد على خبرهما , ... ولم يكلفهما لفظ الشهادة , فإن كان ذلك خبرا فقد اكتفى في رمضان بخبر الواحد , وإن كان شهادة , فلم يكلف الشاهد لفظ الشهادة , فإن لم تكن رؤية , ولا شهادة , أكمل عدة شعبان ثلاثين يوما.) انتهى كلامه رحمه الله.
فيكفي في ثبوت دخول رمضان شهادة عدلٍ واحد, لما روي عن ابن عمر رضي الله عنه انه قال: ((تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصامه، وأمر الناس بصيامه)) رواه ابو داود وصححه ابن حزم وعبد الحق الإشبيلي وابن دقيق العيد. وقياسا على الأذان فالمؤذن واحد , ويؤخذ بأذانه في الإفطار والإمساك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم)). أخرجه البخاري ومسلم. ولكن ينبغي أن يكون الرائي سليم البصر , فلا يكون فيه ضعف في بصره أو ما شابه. وأن يكون عدلا, والعدالة هي (ملكه تحمل صاحبها على التقوى وملازمة المروءة).

صيام يوم الشك
سمي يوم الشك لأنه مشكوك في احتسابه من شعبان أو من رمضان. ... قال صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا ثلاثين) البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تصوموا قبل رمضان, صوموا لرؤيته ,وأفطروا لرؤيته, فإن حالت دونه غمامة فأكملوا ثلاثين) رواه الترمذي والنسائي وصححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال) رواه النسائي وابو داوود وصححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تقدموا رمضان) وفي لفظ (لا تقدموا بين يدي رمضان بيوم أو يومين إلا رجلا كان يصوم صياما فليصمه) البخاري ومسلم. وعن عمار بن ياسر أنه قال: " من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم "
فالأحاديث صريحة في النهي عن صيام يوم الشك , حتى وإن كان في يوم غيم للأحاديث السابق ذكرها ولقوله صلى الله عليه وسلم: (فإن حالت دونه غمامة. فأكملوا ثلاثين) ذكره ابن حبان في صحيحه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: ... (فإن حال بينكم وبينه سحاب فأكملوا العدة ثلاثين) رواه النسائي وصححه الألباني وقال الترمذي: حسن صحيح.
يقول الإمام القحطاني صاحب النونية:
لا تقصدن ليوم شك عامدا ... فتصومه وتقول من رمضان

الدعاء عند دخول الشهر وذكر رؤية الهلال
عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال يقول: (الله أكبر , اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان , والسلامة والإسلام, والتوفيق لما تحب وترضى , ربنا وربك الله).
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله تعالى في كتابه (تصحيح الدعاء): (وهذا عام في كل شهر وليس لدخول رمضان دعاء يخصه. والدعاء هو - ثم ذكر حديث ابن عمر السابق ذكره ثم قال- وقد قال ابن القيم رحمه الله تعالى لما ذكر أحاديث الدعاء عند رؤية الهلال: (وفي أسانيدها لين).ولذا قال ابو داود في سننه: (ليس في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث مسند صحيح
لكن حديث ابن عمر المذكور صححه ابن حبان وحسنه الترمذي وغيرهما.) انتهى كلامه رحمه الله.

العبادة في رمضان
قال ابن القيم رحمه الله في (زاد المعاد): (وكان من هديه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان الإكثار من أنواع العبادات , فكان جبريل عليه الصلاة والسلام يدارسه القرآن في رمضان ,وكان إذا لقيه جبريل أجود بالنحير من الريح المرسلة , وكان أجود الناس , وأجود ما يكون في رمضان , يكثر فيه من الصدقة والإحسان , وتلاوة القرآن والصلاة والذكر والاعتكاف. وكان يخص رمضان بالعبادة بما لا يخص غيره من الشهور) انتهى
فرمضان شهر عبادة وطاعة, واللبيب من ترك الملهيات , واشتغل بالفاضل عن المفضول , فمن منا من يعلم هل سيدرك هذه الفرصة مرة أخرى أم لا؟

السحور
لغة: السَّحُور بالفتح: طعامُ السَّحَرِ وشرابُه، وبالضم: أكل هذا الطعام. فهو بالفتح اسم ما يُتَسَحَّر به، وبالضم المصدر والفعل نفسه.
اصطلاحا: السَّحور هو: كلُّ طعام أو شراب يتغذَّى به آخر الليل من أراد الصيام.

حكم السحور
السحور سنة في حق من يريد الصيام لقوله صلى الله عليه وسلم (تسحروا فإن في السَّحور بركة) متفق عليه.

الحكمة من السحور وفضائله
1 - السحور بركة لقوله صلى الله عليه وسلم (تسحروا فإن في السَّحور بركة) متفق عليه.
((السحور أكله بركة، فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء .. )) رواه الامام أحمد وصححه أحمد شاكر وحسنه الالباني.
2 - أنه مخالفة لأهل الكتاب واتباع لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال صلى الله عليه وسلم ((فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب، أكلة السَّحَر)) مسلم.
3 - أن الله وملائكته يصلون على المتسحرين. فقد قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين) رواه ابن حبان في صحيحه وقال الشيخ الألباني: (حسن صحيح).
4 - أنه يتقوى به على عبادة الله تعالى.

وقت السحور
وقت السحور هو آخر الليل لأن السحر هو آخر الليل.
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تأخير السحور.
قال صلى الله عليه وسلم (بكروا بالإفطار وأخروا السحور) صحيح الجامع الصغير
وروي عن أنس رضي الله عنه أن زيد بن ثابت رضي الله عنه حدَّثه ((أنهم تسحروا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم قاموا إلى الصلاة، قلت - أي أنس -: كم بينهما؟ قال: قدر خمسين أو ستين آية)) البخاري.

ما يحصل به السحور
يحصل السحور بأي مطعوم أو مشروب مباح ولوكان قليلا. لقوله صلى الله عليه وسلم: ((السحور أكله بركة، فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء .. )) رواه الامام أحمد وصححه أحمد شاكر وحسنه الالباني.
ولكن خير السحور وأفضله التمر لقوله صلى الله عليه وسلم (نِعْمَ سحور المؤمن التمر) رواه أبو داوود وصححه الالباني.

الدعاء عند السحور
قال العلامة بكر بن عبد الله ابو زيد في (تصحيح الدعاء): (وليس له دعاء يخصه, وإنما لعموم قول الله تعالى (وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) {الذاريات:18}) انتهى
فليس للسحور دعاء معين ولكن يستحسن الدعاء في وقت السحر والاستغفار لأنه وقت استجابة لما روي عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَمْضِى ثُلُثُ اللَّيْلِ الأَوَّلُ فَيَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْمَلِكُ مَنْ ذَا الَّذِى يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ ذَا الَّذِى يَسْأَلُنِى فَأُعْطِيَهُ مَنْ ذَا الَّذِى يَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ فَلاَ يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُضِىءَ الْفَجْرُ». مسلم.
ولقوله تعالى (وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) {الذاريات:18}

إذا سمع المُتسحر النداء والإناء في يده
قال صلى الله عليه وسلم: (إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه) رواه أبو داود عن أبي هريرة وهو حديث صحيح ذكره الألباني في السلسلة الصحيحة،
قال المناوي في فيض القدير عند شرح هذا الحديث: (حتى يقضي حاجته. بأن يشرب منه كفايته ما لم يتحقق طلوع الفجر أو يظنه يقرب منه) انتهى.
فإذا كان المؤذن لايؤذن إلا بعد أن يتقين طلوع الفجر فإنه يجب الإمساك لقوله تعالى (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) {البقرة:187}
ولقوله صلى الله عليه وسلم (كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) البخاري.

الصيام
لغة: الإمساك مطلقا. ومنه قوله تعالى (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا) {مريم: 26}.: أي إمساكا عن الكلام.
شرعا: التعبد لله تعالى بالإمساك بالنية عن الأكل والشرب والجماع وسائر المفطرات من طلوع الفجر الى غروب الشمس
والصوم نوعان: 1 - فرض: كصيام رمضان وصيام النذر وغيره.
2 - نفل: كصوم الاثنين والخميس في غير رمضان وصوم يوم عرفة لغير الحاج وغيره.

حكم صيام رمضان
صيام رمضان ركن من أركان الإسلام الخمسة. قال تعالى (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) {البقرة:185}. ... وقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كُتِبَ عَلَى الذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) {البقرة:183}.
وقال صلى الله عليه وسلم: " بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلاّ الله وان محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت " متفق عليه.


فضل الصيام
الصيام كما ذكرنا مسبقا أنه من أركان الإسلام الخمسة وذلك لأهميته وعظيم فضله ولعلنا نذكر هنا بعض الفضائل الأخرى للصيام.
1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله عز وجل: كل عمل بن آدم له إلا الصيام؛ فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنّة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه) رواه البخاري ومسلم.
2 - وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره، تكّفرها الصلاة والصوم والصدقة، والأمر والنهي) متفق عليه.
3 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من صام يوما في سبيل الله، باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً) متفق عليه.
4 - عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (في الجنّة ثمانية أبواب، فيها باب يُسمى الريّان، لا يدخله إلا الصائمون) رواه البخاري.
5 - أن الصوم حصن من الشهوات. فقد قال صلى الله عليه وسلم (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإن له وجاء) البخاري.
6 - أن الصيام يشفع لصاحبه. قال صلى الله عليه وسلم "" الصيام والقرآن يشفعان للعبد، يقول الصيام: أي رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان "". رواه أحمد وصححه الألباني
ومع عظم فضل الصيام إلا أن الله تعالى خصص لصيام رمضان فضائل عن غيره منها قوله صلى الله عليه وسلم: ... (من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غُفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه.
وعن عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله, وأنك رسول الله , وصليت الصلوات الخمس , وأديت الزكاة وصمت رمضان وقمته، فممن أنا؟ قال صلى الله عليه وسلم: " مِنَ الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ ".رواه ابن حبان في صحيحه وصححه الألباني
فما أعظمه من فضل وما أجملها من بشرى.

على من يجب الصيام؟
يجب الصيام (أداء) على:
1 - المسلم. فلا يجب على الكافر لقوله تعالى (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَل مِنْهُمْ نَفَقَاتهمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله) ... {التوبة:54} ولكنهم يحاسبون على ماتركوه من الواجبات قال تعالى (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حتى أتانا اليقين) {المدثر}.
2 - البالغ. فلا يجب على الصبي الصغير لقوله صلى الله عليه وسلم (رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يكبر وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق) رواه النسائي وصححه الالباني.
3 - العاقل. فلا يجب على المجنون لقوله صلى الله عليه وسلم (رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يكبر وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق) النسائي وصححه الالباني.
4 - القادر. فلا يجب على العاجز لقوله تعالى (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) {البقرة:286}.

العاجز عن الصيام ماذا يفعل؟
العاجز نوعان:
1 - إذا كان عجزه مستمرا لا يرجى برؤه. فإنه يطعم عن كل يوم مسكين. لقوله تعالى (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) {البقرة: 184}.
2 - إذا كان عاجزا عجزا يرجى برؤه. فإنه يقضي صومه إذا انفكت عنه علته لقوله تعالى (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) {البقرة: 184}.

5 - المقيم. فلا يجب على المسافر لقوله تعالى (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) {البقرة: 184}.

صيام المسافر
سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فصام وأفطر وخير أصحابه بينهما فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان في يوم شديد الحر وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة) البخاري.
وعن أنس قال: (كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم) متفق عليه. ولما سأله حمزه بن عمرو الاسلمي: أأصوم في السفر؟ فقال صلى الله عليه وسلم (إن شئت فصم وإن شئت فأفطر) البخاري.
يقول الشيخ ابن عثيمين (أما إذا شق عليه الصوم فإنه يفطر ولابد لأن النبي صلى الله عليه وسلم شكي اليه أن الناس شق عليهم الصيام فأفطر ثم قيل له إن بعض الناس قد صام فقال (أولئك العصاة , أولئك العصاة) مسلم) انتهى
وللمسافر إذا كان نوى الصيام في السفر أن يغير نيته ويفطر لحديث ابن عباس (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ الكديد أفطر فأفطر الناس) البخاري.
6 - الخالي من الموانع. فلا يجب على الحائض والنفساء لقوله صلى الله عليه وسلم مقررا لذلك (أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم) البخاري.

نية الصيام
قال صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) متفق عليه. فالنية شرط في صحة الصيام.
وتبييت النية في الصوم الواجب, كصوم رمضان ,من الليل قبل طلوع الفجر. فعن حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له)) رواه ابو داود والنسائي وصححه الالباني. ... وفي رواية عن حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له)) رواه النسائي وصححه الالباني ولا يصح التردد في النية أو قطعها، أما في صيام التطوع كصوم يوم عرفة فلا يشترط تبييت النية من الليل لما روي عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، حيث قالت: ((دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: هل عندكم شيء؟ فقلنا: لا. قال: فإني إذاً صائم)). مسلم.

وقت الصيام
قال تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) {البقرة:187}. وقال صلى الله عليه وسلم (إذا اقبل الليل من ها هنا، وأدبر من ها هنا فقد أفطر الصائم) متفق عليه وقال صلى الله عليه وسلم (كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع لفجر) البخاري.

فالصيام يبدأ وقته من طلوع الفجر الصادق (الثاني) إلى غروب الشمس. ... مفسدات الصيام
مفسدات الصوم هي المفطرات وهي:
1 - الأكل
2 - الشرب
3 - الجماع.
دليلها قوله تعالى (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْر) {البقرة:187}.

كفارة الجماع
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن الأخر وقع على امرأته في رمضان فقال - صلى الله عليه وسلم- (أتجد ما تحرر رقبة) قال: لا. قال (أتجد ما تطعم به ستين مسكينا) قال: لا. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر وهو الزبيل قال (أطعم هذا عنك) .... الحديث. البخاري
قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله في (منهج السالكين): (من أفطر فعليه القضاء فقط إذا كان فطره بأكل أو بشرب أو قيء عمدا أو حجامه أو إمناء بمباشرة. إلا من أفطر بجماع فإنه يقضي ويعتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا) انتهى.
وما ذهب إليه الشيخ السعدي رحمه الله هو مذهب أحمد والشافعي , وهو أن الكفارة في الجماع فقط , وأما مذهب أبي حنيفة ومالك فلزوم الكفارة مع القضاء إذا أفطرت عمدا سواء أفطرت بجماع أم غيره. والصحيح القول الأول وهو أن الكفارة إنما تلزم في الفطر بالجماع وليس غيره في معناه.
4 - إنزال المني بشهوة. ودليله قوله تعالى في الحديث القدسي (يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) البخاري. وإنزال المني شهوة لقوله صلى الله عليه وسلم (في بضع أحدكم شهوة) قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال (أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعه في الحلال كان له أجر) مسلم. والذي يوضع إنما هو المني الدافق.
5 - ما كان بمعنى الأكل والشرب. وهي الإبر المغذية التي يستغنى بها عن الأكل والشرب , لأنها بمعنى الأكل والشرب حيث يستغنى بها عنه , وما كان بمعنى الشي فله حكمه, فالحكم يدور مع علته وجودا وعدما.
6 - القيء عمدا. أما من غلبه القيء فصيامه صحيح لقوله صلى الله عليه وسلم (من استقاء عمدا فليقض , ومن ضرعه القيء فلا قضاء عليه) رواه احمد وابو داود والترمذى وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه.
قال الخطابي: لا أعلم خلافاً بين اهل العلم فى أن من ذرعه القىء فإنه لا قضاء عليه , ولا فى ان من استقاء عامداً , فعليه القضاء.
7 - خروج دم الحجامة: لقول النبي صلى الله عليه وسلم (أفطر الحاجم والمحجوم) رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الالباني. وهناك من العلماء من قال بأن الحجامة لا تفطر واستدلوا بحديث ابن عباس -رضي الله عنه-:
(أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحتجم وهو صائم). رواه البخاري
والأحوط هو القول الأول وهو أن الحجامة تفطر.
8 - خروج دم الحيض والنفاس. لقول النبي صلى الله عليه وسلم (أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم) البخاري. (ملاحظة) قال ريحانة الفقهاء الشيخ ابن عثيمين رحمه الله (وهذه المفطرات وهي مفسدات الصوم لا تفسده إلا بشروط ثلاثة وهي: العلم , والذكر , والقصد) انتهى.
فيعذر الجاهل بالحكم والجاهل بالوقت , ويعذر الناسي , ويعذر الغير مختار ,
لقوله تعالى (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) {البقرة: 286}. فقال الله تعالى (قد فعلت) البخاري.
وقال تعالى (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) {النحل: 106}.
وقال صلى الله عليه وسلم (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه) حديث حسن رواه ابن ماجة.
وقال صلى الله عليه وسلم (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) البخاري.

خطر الإفطار عمدا بغير عذر في رمضان وعظم ذنبه
عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينا أنا نائم أتاني رجلان، فأخذا بضبعي فأتيا بي جبلا وعرا، فقالا: اصعد. فقلت: إني لا أطيقه. فقال: إنا سنسهله لك. فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصوات شديدة. قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء أهل النار، ثم انطلق بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دماً. قال: قلت: من هؤلاء؟
قال: الذين يفطرون قبل تحلة صومهم ..... ) رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما، وصححه الألباني.
وقال الحافظ الذهبي رحمه الله: (وعند المؤمنين مقرر: من ترك صوم رمضان بلا عذر بلا مرض ولا غرض فإنه شر من الزاني والمكَّاس ومدمن الخمر، بل يشكون في إسلامه، ويظنون به الزندقة والانحلال). انتهى

مما يباح للصائم فعله
1 - يباح للصائم أن يصبح جنبا: فعن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم) البخاري.
2 - يباح السواك للصائم: فبعض العلماء كره السواك للصائم بعد الزوال وعللوا ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) والسواك يزيل هذه الرائحة.
والصحيح هو عدم الكراهة لأن الخلوف -بضم الخاء المعجمة - على الصحيح تغير رائحة الفم من خلو المعدة وذلك لا يزال بالسواك.
وأيضا لعموم الأحاديث الآمرة بالسواك ,مثل قوله صلى الله عليه وسلم (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء) وغيره من الأحاديث التي لم يخص الرسول صلى الله عليه وسلم فيها الصائم عن غيره.
3 - والمضمضة والاستنشاق: لكن لا ينبغي للصائم أن يبالغ فيهما لقوله صلى الله عليه وسلم (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما). قال النووي هو حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بالأسانيد الصحيحة
4 - تباح المباشرة والقبلة للصائم: ولكن هذا لمن لم يخشى على نفسه الإنزال ولمن يملك نفسه, فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم ولكنه كان أملككم لإربه) البخاري وهذا هو الضابط: أن يملك أربه، ويقدر على ضبط نفسه.
5 - يباح ذوق الطعام للصائم: وهذا بشرط عدم دخوله الحلق, لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنه: "لا باس أن يذوق الخل أو الشيء ما لم يدخل حلقه وهو صائم" رواه البخاري. ويتجنبه إذا كان لغير حاجة.
6 - يباح الكحل والقطرة ونحوهما مما يدخل العين: هذه الأمور لا تفطر سواء وجد طعمه في حلقه أم لم يجده، وقال الإمام البخاري في صحيحه: "ولم ير أنس والحسن وإبراهيم بالكحل للصائم باساً " وهذا أصح قولي أهل العلم , لأن العين ليس بمنفذاً معتاداً فلا يضر استعماله، وإن تركه إلى الليل فهو أحوط وأفضل خروجا من الخلاف.
7 - يباح صب الماء على الرأس والاغتسال: لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصب الماء على رأسه من العطش في شدة الحر وهو صائم، رواه أبو داود وصححه الألباني
وعن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم) البخاري. فكان صلى الله عليه وسلم يغتسل بعد الفجر.

اجتناب الصائم للمحرمات
قال صلى الله عليه وسلم (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم (الصيام جنه فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم) متفق عليه
فعلى الصائم أن يصون جوراحه عن المحرمات ,ويلازم التقوى فالتقوى هي ثمرة الصيام ,قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كُتِبَ عَلَى الذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) {البقرة:183}.
فاحذر اخي الحبيب أن تعصي الله بجوارحك وحواسك التي خلقها الله لك وسخرها لخدمتك ولتؤدي بها الهدف الذي خلقت من أجله , قال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) {الذاريات:56}.
ومع الاسف نجد كثير من الصائمين يمسك عن الطعام والشراب ولا يمسك عن السماع والنظر الى محرم الله بل منهم من فرق بين نهار رمضان وليله فجعل لنهاره حرمه ولم يراعي حرمة ليله فتجده يرى المسلسات ويتحدث بالغيبة ويسمع الأغاني دون مبالاة وكأن رمضان محصور في النهار فهو نهار دون ليل ليس كسائر الشهور فسائر الشهور عنده نهار وليل أما رمضان فلا!.
واعلم أن شياطين الإنس تقوم بكل طاقتها لبث سمومها وفسادها فلا يغرنك الدعايات الزائفة عن المسلسلات الماجنة التي انسلخت من كل معنى للحياء والفضيلة, فكلها لذة ساعه وتفنى اللذة وتبقى الحسرة.
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها ... من الحرام ويبقى الوزر والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها ... لا خير في لذة من بعدها نار
ويقول الإمام القحطاني صاحب النونية
وإذا خلوت بريبة في ظلمة ... والنفس داعية إلى الطغياني
فاستحيي من نظر الإله وقل لها ... إن الذي خلق الظلام يراني

الإفطاروقته
بعد غروب الشمس لقولة تعالى (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) {البقرة:187}.
وقال صلى الله عليه وسلم (إذا اقبل الليل من ها هنا وأدبر من ها هنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم) البخاري.

تعجيله
كان من هديه صلى الله عليه وسلم تعجيل الفطور ,قال صلى الله عليه وسلم (لايزال الناس بخير ما عجلوا الفطر) متفق عليه. وقال الله في الحديث القدسي (أَحَبُّ عِبَادِي إِلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا) رواه ابن خزيمة في صحيحة والترمذي وصحح إسناده أحمد شاكر. وقال صلى الله عليه وسلم (لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر؛ لأن اليهود والنصارى يؤخرون) رواه ابو داود وصحح اسناده النووي ,وحسنه الالباني. وقال صلى الله عليه وسلم (بكروا بالإفطار وأخروا السحور) صحيح الجامع الصغير
وقال صلى الله عليه وسلم (لا تزال أمتي على سنتي مالم تنتظر بفطرها النجوم) رواه ابن خزيمة، وابن حبان في صحيحه، وقال الألباني: "صحيح. ولقد وافقت الشيعة الرافضة اليهود والنصارى في تأخيرهم الفطر إلى ظهور النجم.
وعن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت عن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم , أحدهما يؤخر الفطور ويؤخر الصلاة والآخر يعجل الفطور ويعجل الصلاة أيهما أفضل؟ فقالت: الذي يعجل الفطور ويعجل الصلاة. مسلم

متى الإفطار وعلى ماذا؟
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يفطر قبل صلاة المغرب على رطب فإن لم يجد فتمر فإن لم يجد فماء.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات، حسا حسوات من ماء)) رواه أحمد وقال الالباني: حسن صحيح.
وقال صلى الله عليه وسلم (إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور) رواه أحمد وصححه ابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان والحاكم.

ما يقال عند الإفطار
وكان صلى الله عليه وسلم يقول عند الإفطار: (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله) رواه ابو داود وحسنه ابن حجر والالباني. وهذا أصح ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من الدعاء عند الإفطار ولا يثبت في أدعية الإفطار غيره.
وأما بعد الطعام فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا رفعت مائدته قال (الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه غير مكفي ولا مودع ولا مستغني عنه ربنا) البخاري.
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أكل طعاما غير اللبن قال: " اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه " وإذا شرب لبنا قال: " اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه" رواه الترمذي وحسنه الألباني.
وكان صلى الله عليه وسلم اذا أفطر عند قوم قال (أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة) صحيح الجامع الصغير.
و (اللهُمَّ بَارِكْ لَهُم فيما رَزَقتهْمْ، واغْفِر لهم وارحَمْهُم) رواه مسلم ...
و (اللهُمَّ أَطْعِمْ مَنْ أطْعَمَني وأَسْقِ مَنْ أسْقَاني). رواه مسلم

الدعاء عند الفطر
ويستحب للصائم الدعاء عند فطره لما روى الامام أحمد عن ابي هريره قوله صلى الله عليه وسلم (ثَلاثَةٌ لا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الإِمَامُ الْعَادِلُ وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ وَتُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ).صححه شعيب الأرنؤوط. ورواه الترمذي بلفظ: " وَالصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ ... " صححه الألباني.

إطعام الصائم
قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا). صححه الألباني في صحيح الترمذي. فاحرص وفقك الله على نيل هذا الثواب العظيم.

الوصال (مواصلة الصوم)
كان من هديه صلى الله عليه وسلم مواصلة الصوم ولكن من رحمته بأمته نهاهم عن مواصلة الصوم دون الفطر
قالت عائشة رضي الله عنها (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة لهم) البخاري.
وكان صلى الله عليه وسلم ينهى أصحابه عن الوصال فيقولون له: إنك تواصل فيقول: (لست كهيئتكم إني أبيت -وفي رواية: إني أظل- عند ربي يطعمني ويسقيني) البخاري.
والنبي صلى الله عليه وسلم نهاهم عن الوصال فأبوا أن ينتهوا فتركهم وواصل بهم يوما ويوما حتى دخل الشهر أي: شهر شوال فقال صلى الله عليه وسلم (لو تأخر الهلال لزدتكم كالمنكل لهم) البخاري.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول (لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر) البخاري.

حكمه
قال ابن القيم في (زاد المعاد): (اختلف الناس في هذه المسألة على ثلاث أقوال:
أحدها: أنه جائز إن قدر عليه وهو مروي عن عبد الله بن الزبير وبعض من السلف وكان ابن الزبير يواصل الأيام.
وقالت طائفة أخرى لا يجوز الوصال , منهم مالك وأبو حنيفة والشافعي والثوري وغيرهم.
قال ابن عبد البر: وقد حكاه عنهم أنهم لا يجيزون لأحد ...
والقول الثالث: وهو أعدل الأقوال: إن الوصال يجوز من سحر إلى سحر وهذا هو المحفوظ عن أحمد وإسحاق
لحديث أبي سعيد الخدري المتقدم وهو اعدل الوصال وأسهلة على الصائم وهو في الحقيقة بمنزلة عشائه إلا أنه تأخر فالصائم له في اليوم والليلة أكلة فإذا أكلها في السحر كان قد نقلها من أول الليل إلى آخره والله أعلم) انتهى
ومن العلماء من قال بالكراهية.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: (والوصال مكروه في قول أكثر أهل العلم) انتهى
ولا شك بأن تعجيل الفطر أفضل لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث عليه ونهى عن الوصال. والتيسير من مقاصد الشريعة وقد قال تعالى (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بكم العسر) {البقرة:185}.

التراويح
حكم صلاة التراويح
هو قيام رمضان , وسميت بهذا الاسم لأنه يُجلس بعد كل أربع ركعات فيها للإستراحة, وهي سنة مؤكدة ,لما روي عن أبو هريرة رضي الله عنه: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة، فيقول: من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)). متفق عليه.

فضل صلاة التراويح
1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة، فيقول: من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)). متفق عليه
2 - عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: ((قلت: يا رسول الله لو نفلتنا قيام هذه الليلة؟ فقال: إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف، حُسِبَ له قيام ليلة)) رواه ابو داود وصححه الالباني. فيسن للمرء أن يصلي مع إمامه كامل الصلاة لينال هذا الاجر العظيم.
3 - وعن عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت إن شهد أن لا إله إلا الله, وأنك رسول الله , وصليت الصلوات الخمس , وأديت الزكاة وصمت رمضان وقمته، فممن أنا؟ قال صلى الله عليه وسلم: " مِنَ الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ ".رواه ابن حبان في صحيحه وصححه الألباني
4 - أن فعلها اتباع لهدي النبي صلى الله عليه وسلم.

وقتها
وقت صلاة التراويح يمتد من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر. فيصح أداؤها في أي جزء من هذا الوقت.
ولكن إذا كان الرجل سيصلي في المسجد إماماً بالناس فالأولى أن يصليها بعد صلاة العشاء، ولا يؤخرها إلى نصف الليل أو آخره حتى لا يشق ذلك على المصلين، وربما ينام بعضهم فتفوته الصلاة. وعلى هذا جرى عمل المسلمين، أنهم يصلون التراويح بعد صلاة العشاء ولا يؤخرونها.
ففي حديث عبد الرحمن بن عبد القارئ ((وكان الناس يقومون أوله)). أخرجه البخاري أي أول الليل. وكان ذلك في زمن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه
وقال ابن قدامة في "المغني": قِيلَ للإمام أَحْمَدَ: (تُؤَخِّرُ الْقِيَامَ يَعْنِي فِي التَّرَاوِيحِ إلَى آخِرِ اللَّيْلِ؟ قَالَ: لا , سُنَّةُ الْمُسْلِمِينَ أَحَبُّ إلَيَّ) انتهى
أما من كان سيصليها في بيته فالأفضل أن يصليها في ثلث الليل بعد نصفه لقوله صلى الله عليه وسلم (أحب الصلاة عند الله صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه) متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم (فإن صلاة آخر الليل مشهودة) مسلم.

صلاة التراويح جماعة في المسجد
والسنة أن تصلى جماعة في المسجد , فعن عائشة رضي الله عنها ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد ذات ليلة فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة، فكثر الناس ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح قال: قد رأيت الذي صنعتم، فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تُفرَض عليكم. قال: وذلك في رمضان)). متفق عليه.
وعن عبد الرحمن بن عبدٍ القارئ قال: ((خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط. فقال عمر رضي الله عنه: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارىء واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم إلى أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم. فقال عمر: نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل. يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله)). أخرجه البخاري.

(فائدة) هل يدل قول عمر رضي الله عنه (نعم البدعة هذه) على أن هناك بدعة حسنة؟
قال الشيخ صالح الفوزان في (الارشاد الى صحيح الاعتقاد): (من قسم البدعة الى بدعة حسنة وبدعة سيئة فهو غالط ومخطئ ومخالف لقوله صلى الله عليه وسلم ( ... وكل بدعة ضلالة) لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حكم على كل بدعة بأنها ضلالة وهذا يقول: بل هناك بدعة حسنة) الى أن قال حفظه الله (وقول عمر (نعم البدعة) يريد البدعة اللغوية لا الشرعية فما كان له اصل في الشرع يرجع إليه كصلاة التراويح إذا قيل أنه بدعة فهو بدعة لغة لا شرعا لأن البدعة شرعا: ما ليس له أصلى في الشرع يرجع إليه) إلى أن قال (والتراويح قد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه ليالي وتخلف عنهم في الأخير خشية أن تفرض عليهم واستمر الصحابة رضي الله عنهم يصلونها أوزاعا ومتفرقين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته إلى أن جمعهم عمر بن الخطاب رضي الله عنهم خلف إمام واحد , كما كانوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم وليس هذا بدعة في الدين) انتهى كلامه
يقول الامام القحطاني صاحب النونية:
والله ماجعل التراويح منكرا ... إلا المجوس وشيعة الصلبان

صلاة النساء في المسجد
والأفضل أن تصلي المرأة وتقوم في بيتها ,فإن خرجت الى المسجد فلا بأس لقوله صلى الله عليه وسلم (لا تمنعوا نساءكم المساجد، وبيوتهن خيرٌ لهن) رواه أبو داود وصححه الالباني.

عدد ركعات صلاة التراويح
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ((أنه سأل عائشة رضي الله عنها: كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ فقالت: ما كان يزيد في رمضان، ولا في غيرها على إحدى عشرة ركعة يصلي أربع ركعات فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثاً)). متفق عليه
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((كان صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة. يعني: بالليل)). متفق عليه ففعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصليها احدى عشرة ركعة أو ثلاثة عشر ركعة ولكن هذا لا يدل على الاقتصار على هذا العدد فقد وسع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر فعن ابن عمر رضي الله عنه: ((أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى)). متفق عليه.
فهنا لم يحدد صلى الله عليه وسلم عدد معين, والمقام مقام تعليم والنبي صلى الله عليه وسلم خير معلم ولم يقيد صلاة الليل بركعات معينة.
وعن السائب بن يزيد أنه قال: (أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ جَمَعَ النَّاسَ فِي رَمَضَانَ عَلَى أُبَيِّ بنِ كَعبٍ وَعَلَى تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عَلَى إِحدَى وَعِشرِينَ رَكعَةً، يَقرَؤُونَ بِالمِئِينَ، وَيَنصَرِفُونَ عِندَ فُرُوعِ الفَجرِ) رواه عن السائب جماعة من الرواة: ومنهم من يذكر (العشرين) أو (إحدى وعشرين) أو (ثلاث وعشرين)
والزيادة في رواية (إحدى وعشرين) أو (ثلاث وعشرين) إنما هو باعتبار القيام مع الوتر. ولم ينكر أحد من الصحابة رضي الله عنهم على عمر.
فالأمر واسع ومن صلاها إحدى عشرة ركعة وأطال فهو فعل النبي صلى الله عليه وسلم وهو أفضل. ومن صلاها أو ثلاث عشرة فهو حسن وسنة , والعبرة في الإطالة والخشوع فكم من ركعتين خير من عشر ركعات.

القراءة في صلاة التراويح
قراءة القرآن في صلاة التراويح مستحبةٌ باتفاق أئمة المسلمين دون تحديدٍ لمقدار القراءة فيها، فالأمر فيه واسع؛ وذلك لأنه لم يرد ما يدل على تحديده.
ومن العلماء من استحب أن يسمعهم جميع القرآن. والأمر في ذلك واسع والأفضل الإطالة لقول عائشة رضي الله عنها في قيام الرسول صلى الله عليه وسلم (فلا تسأل عن حسنهن وطولهن) وعن السائب بن يزيد أنه قال: (أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ جَمَعَ النَّاسَ فِي رَمَضَانَ عَلَى أُبَيِّ بنِ كَعبٍ وَعَلَى تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عَلَى إِحدَى وَعِشرِينَ رَكعَةً، يَقرَؤُونَ بِالمِئِينَ، وَيَنصَرِفُونَ عِندَ فُرُوعِ الفَجرِ)
إلا إذا كان ذلك يشق على الجماعة , وعلى الجماعة أن يتعاونوا على البر والتقوى.
وكما أنه يسحب أن يفتتح صلاته بركعتين خفيفتين لقوله صلى الله عليه وسلم (إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين) مسلم

حمل المصحف أثناء قراءة الإمام
لا ينبغي للمصلي حمل المصحف والإمام يقرأ لما في ذلك من انشغال للذهن عن السماع والتدبر والخشوع ولقد قال تعالى (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) {الأعراف:204}.
وكذلك فإن في حمل المصحف تفويت لسنة وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة.

الوتر
وهو سنة مؤكدة لمداومة الرسول صلى الله عليه وسلم في حضره وسفره ولقوله صلى الله (الوتر حق) رواه ابو داود

وقته
من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الثاني لقوله صلى الله عليه وسلم (إن الله زادكم صلاة وهي الوتر فصلوها بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر) أخرجه أحمد وصححه الألباني،
وآخر الليل لمن وثق بنفسه أفضل، لقول عائشة رضي الله عنها: من كلِّ الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أول الليل، وأوسطه، وآخره، فانتهى وتره إلى السحر. متفق عليه
ومن خشي ألا يقوم أوتر قبل أن ينام لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر من أوله ومن طمع أن يقوم من آخره فليوتر من آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل) مسلم.
وكذلك من صلى مع الامام التراويح فإنه يوتر معه وإن كان في أول الليل لقوله صلى الله عليه وسلم (إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف، حُسِبَ له قيام ليلة) رواه ابو داود وصححه الالباني.
ومن من أوتر أول الليل أو أوتر في التراويح مع الإمام، ثم قام آخره، صلى شفعاً بدون وتر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا وتران في ليلة)). أخرجه أبو داود والترمذي
فإن نوى وأراد أن يوتر آخر الليل قام اذا سلم الإمام وأتى بركعة لكي لا يوتر فيكون بذلك أدرك فضيلة الصلاة مع الامام حتى ينصرف ,وفضيلة تأخير الوتر, وامتثل لقوله صلى الله عليه وسلم (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)، البخاري. وهذا للإستحاب وليس للوجوب, وإلا أوتر مع الامام وصلى في آخر الليل دون أن يوتر ,
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان يصلي ثلاث عشرة ركعة، يصلى ثماني ركعات، ثم يوتر، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فإذا أراد أن يركع قام فركع، ثم يصلي ركعتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح). مسلم
قال النووي رحمه الله: (الصَّوَاب: أَنَّ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ فَعَلَهُمَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْد الْوِتْر جَالِسًا ; لِبَيَانِ جَوَاز الصَّلَاة بَعْد الْوِتْر , وَبَيَان جَوَاز النَّفْل جَالِسًا , وَلَمْ يُوَاظِب عَلَى ذَلِكَ , بَلْ فَعَلَهُ مَرَّة أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ مَرَّات قَلِيلَة) انتهى
وقال ابن باز: (والحكمة في ذلك - والله أعلم- أن يبين للناس جواز الصلاة بعد الوتر) انتهى

القراءة في الوتر وما يقال بعده
ويتسحب أن يقرأ في الركعة الأولى سورة (الأعلى) وفي الثانية (الكافرون) وفي الثالثة (الإخلاص) ويقول بعد فراغه من الوتر (سبحان الملك القدوس) ثلاث مرات يرفع صوته ويمده في آخرهن.
لما ورد عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الأولى ب (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى). وفي الثانية بـ قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ. وفي الثالثة بـ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ. فإذا فرغ قال عند فراغه: (سبحان الملك القدوس) ثلاث مرات يطيل آخرهن. رواه النسائي وابن ماجه. وصححه الألباني

القنوت
هو الدعاء في الصلاة في محلٍّ مخصوصٍ من القيام.

حكمه
ويسن القنوت في الوتر لما روي عن الحسن رضي الله عنه ((علمني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلمات أقولهن في قنوت الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت ... )) رواه الترمذي وصححه أحمد شاكر والألباني.
وثبت عن الصَّحابة القنوت في الوتر، وسئل عطاء عن القنوت، فقال: كان أصحاب النبي يفعلونه، فقد ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما عند أحمد وأبي داود والترمذي، وقال: "حديث حسن"، وثبت عن ابن عمر عند ابن أبي شيبة.

المداومة عليه
ويستحب ترك المداومة عليها وذلك لأن الأحاديث الواردة في إيتاره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهي كثيرة -؛ أكثرها لا يتعرض لذكر القنوت مطلقاً. بل إن بعض المحدثين قال بأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قنت في الوتر.
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في فتاويه: (الذي أرى أن الأفضل عدم المداومة لأن الظاهر من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يقنت ولهذا لم يرد عنه القنوت في الوتر في حديث صحيح أي أنه لم يكن هو صلى الله عليه وسلم يقنت وقد ورد عنه أنه علم الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما دعاء يدعو به في قنوت الوتر فإذا اقنت أحياناً وتركه أحياناً فهو عندي أفضل.) انتهى

موضعه
والقنوت يكون في الركعة الأخيرة بعد الركوع ويجوز قبل الركوع بعد القراءة.
فعن أنس رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قنت شهرا بعد الركوع يدعو على أحياء من بني سليم) رواه البخاري
وثبت عن الأئمة في عهد عمر - رضي الله عنه - القنوت بعد الركوع، فعن عبد الرحمن بن عبد القاريّ قال: ((وكانوا يلعنون الكفرة في النصف: اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ... ثم يكبر ويهوى ساجداً)) رواه ابن خزيمة في صحيحه وقال الألباني إسناده صحيح. فهذه أدلة القنوت بعد الركوع.
وأما قبل الركوع فعن أبي بن كعب: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر فيقنت قبل الركوع) رواه ابن ماجة وصححه الالباني.

رفع اليدين فيه
عن أنس رضي الله عنه - في قصة القرَّاء الذين قُتِلوا - قال: ((لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما صلى الغداة رفع يديه يدعو عليهم - يعني على الذين قتلوهم)) رواه أحمد وقال الالباني إسنادة صحيح. والقنوت في الوتر من جنس القنوت في النوازل.
وعن أبي رافع ((أنه صلى خلف عمر رضي الله عنه فقنت بعد الركوع ورفع يديه وجهر بالدعاء)) رواه البيهقي وقال صحيح وقال الالباني (وقد ثبت ذلك عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب) يعني رفع اليدين.
ويرفعهما إلى صدره ويبسط يديه وبطنهما إلى السماء ويضم اليدين بعضهما إلى بعض كحال المستجدي.
ولا يمسح وجهه بيديه بعد الفراغ منه لأنه لم يصح في ذلك دليل تقوم به الحجة والأصل في العبادات التوقيف.

دعاء القنوت
عن الحسن بن علي رضي الله عنه أنه قال: ((علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت)) رواه الترمذي وصححه احمد شاكر والالباني.
وقال الشيخ بكر ابو زيد: (قد يحصل من الأمور العارضة ما يأتي لها الداعي من إمام وغيره بدعاء مناسب لها، كالاستغاثة حال الجدب لكن لا يجعله راتبا لا يتغير بحال.
ومن أعمل هذا الفرق بين الدعاء الراتب والدعاء لأمر عارض كسب السنة وانحلت عنه إشكالات كثيرة.
ومن ذلك دعاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وهو:
((اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ولا نكفرك، ونخلع من يفجرك. اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك الجد بالكفار ملحق
اللَّهُمَّ عَذّبِ الكَفَرَةَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ، ويُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، وَيُقاتِلُونَ أوْلِيَاءَكَ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ للْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ والمُسْلِمِيَن والمُسْلِماتِ، وأصْلِح ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْعَلْ فِي قُلُوبِهِم الإِيمَانَ وَالحِكْمَةَ، وَثَبِّتْهُمْ على مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَوْزِعْهُمْ أنْ يُوفُوا بِعَهْدِكَ الَّذي عاهَدْتَهُمْ عَلَيْهِ، وَانْصُرْهُمْ على عَدُّوَكَ وَعَدُوِّهِمْ إِلهَ الحَقّ وَاجْعَلْنا مِنْهُمْ))
ومن العلماء من قال بعمومه في الوتر , وهو مذهب الحنابلة.) انتهى
وقد ثبت عن أَمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أَن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره: ((اللهم إِنَّا نعوذ برضاك من سخطك, وبعفوك من عقوبتك, وبك منك, لاَ نُحْصي ثَنَاءً عليك, أَنت كما أَثنيت على نفسك)).
واختلف في لفظ (آخر وتره) هل المراد بها في القنوت أم قبل أو بعد السلام أم إذا أراد أن ينام بعد الوتر؟ ... ذهب بعض العلماء إلى أنه في القنوت ومنهم الشيخ بكر أبو زيد
وذهب البعض الآخر إلى أنه بعد أو قبل السلام على خلاف بينهم ومنهم الشيخ الألباني في (قيام رمضان)

حين قال رحمه الله: ومن السنة أن يقول في آخر وتره (قبل السلام أو بعده): (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك). انتهى
والقول الثالث هو أن هذا الدعاء يقال إذا أراد أن ينام بعد الوتر ودليلهم: أنه في رواية أخرى كان يصلي الوتر ثم يضطجع فيقول: ((اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ... )) الحديث.
فعند أصحاب القول الثالث أن الروايات الأخرى محمولة على هذا الوارد.
والأمر في ذلك واسع خاصة إذا علمنا مشروعية الزيادة في دعاء القنوت على الوارد المذكور- كما سيأتي ذكره- فمن باب أولى قبول هذا المختلف فيه.

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في آخر القنوت
يسن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ من دعاء القنوت
لأنه ثبت عن بعض الصحابة رضي الله عنهم في آخر قنوت الوتر, ومن ذلك:
1 - أثر أُبي بن كعب كما في حديث عبد الرحمن بن عبدٍ القاري قال: ((وكان يلعنون الكفرة في النصف: اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك، ويكذبون رسلك، ولا يؤمنون بوعدك، وخالف بين كلمتهم، وألق في قلوبهم الرعب، وألق عليهم رجزك وعذابك، إله الحق. ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو للمسلمين بما استطاع من خير، ثم يستغفر للمؤمنين. قال: وكان يقول إذا فرغ من لعنه الكفرة وصلاته على النبي واستغفاره للمؤمنين والمؤمنات ومسألته: اللهم ...... )) رواه ابن خزيمة وقال الالباني: اسناده صحيح
2 - أثر: معاذ الأنصاري رضي الله عنه ((أنه كان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت)) رواه إسماعيل بن اسحاق القاضي في (فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم) وقال الالباني (إسناده موقوف صحيح).
وقال الشيخ بكر ابو زيد (ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كما عن بعض الصحابة رضي الله عنهم في آخر قنوت الوتر منهم: أبي ابن كعب , ومعاذ الأنصاري). انتهى.

الزيادة في القنوت على الوارد المذكور
يجوز أن يدعو المصلي في قنوت الوتر بما شاء، سواء دعا معه بالوارد المأثور أو لا. وذلك لأنه ورد عن الصحابة أدعية مختلفة في حال القنوت.
* قال الشيخ بكر أبو زيد (إن زاد على الوارد المذكور فعليه مراعاة خمسة أمور:
أن تكون الزيادة من جنس المدعو به في دعاء القنوت المذكور. وأن تكون الزيادة من الأدعية العامة في القرآن والسنة. وأن يكون محلها بعد القنوت الوارد في حديث الحسن وقبل الوارد في حديث علي رضي الله عنهما.
وأن لا يتخذ الزيادة فيه شعارا يداوم عليه. وأن لا يطيل إطالة تشق على المأمومين). انتهى

دعاء ختمة القرآن
اختلف العلماء في دعاء ختمة القرآن , فمنهم من قال بالمشروعية
قال ابن قدامة في (الكافي): (قال أحمد فإذا أنت فرغت من (قل أعوذ برب الناس) فأرفع يديك في الدعاء قبل الركوع وادع وأطل القيام رأيت أهل مكة وسفيان بن عيينة يفعلونه) انتهى. والمراد بـ (إذا فرغت من (قل أعوذ برب الناس)) أي: إذا ختمت القرآن.
وقال الشيخ ابن باز (لم يزل أهل العلم يفعلونه من أهل الصحابة إلى يومنا هذا، لا حرج في ذلك، وليس ببدعة،) انتهى
ومنهم من قال بخلاف ذلك كالشيخ ابن عثيمين وبكر ابو زيد والالباني رحمهم الله تعالى
قال الشيخ ابن عثيمين (ان دعاء ختم القران في الصلاة لا أصل له ولا ينبغي فعله حتي يقوم دليل من الشرع علي ان هذا مشروع في الصلاة) انتهى
وقال الشيخ بكر ابو زيد (فهذه الأمور السبعة - وذكر منها دعاء الختم داخل الصلاة - لا يصح فيها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته رضي الله عنهم وعامة ما يروى في بعضها مما لا تقوم به الحجة فالصحيح عدم شرعية شيء منها) انتهى كلامه رحمه الله وله رسالة قيمة في هذا الموضوع وهي (جُزءٌ: في مرويات دعَاء خَتم القرآن وَحكمه دَاخل الصَّلاة وخَارجها).
والصحيح أنه لم يثبت في هذا الموضوع إلا حديث أنس أنه كان يجمع أهله حين ختم القرآن، ويدعو وهذا في خارج الصلاة.
قال الشيخ بكر او زيد (الرواية في حضور الأهل والأولاد للختم: ثابتة من فعل الصحابي الجليل أنس رضي الله عنه, وروايته له مرفوعاً لا تصح). انتهى
وثبت أيضا عن بعض السلف رحمهم الله تعالى فعل ذلك ,مثل سفيان بن عيينة وأهل مكة كما روى الإمام أحمد.
وعلى هذا فلم يرد شيء ثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم في دعاء ختمة القرآن داخل الصلاة ولا يصح تعيين هذا الدعاء.
ومما لاشك فيه أن دعاء ختمة القرآن داخل الفريضة مخالف للسنة.
أما في النافلة فقد ثبت ذلك عن بعض السلف مثل سفيان بن عيينة وكما قال الشيخ عبد العزيز الطريفي: سفيان بن عيينة فقيه محدث مشربه الفقهي من عمرو ابن دينار وعمروا ابن دينار مشربه الفقهي من عبد الله بن العباس وعبد الله بن العباس لاشك أنه من كبار فقهاء الصحابة ومن أهل الاختصاص في القرآن الكريم.
وكذلك فإن مثل هذه الأعمال إذا جاءت عن فقهاء وقراء مكة والمدينة فغالبا أنهم يكونون على شيء من الأثر.
فالأقرب والله أعلم هو جواز الدعاء ولا نقول ببدعيته ولا بسنيته. خاصة إذا علمنا أن الزيادة على الدعاء في القنوت جائز - كما ذكرنا سابقا- وكذلك فإن في حديث أنس (أنه كان يجمع أهله حين ختم القرآن، ويدعو)
دليل على أنه يحسن الدعاء عند ختم القرآن.
والمسألة من المسائل التي يسوغ فيها الخلاف فلا يصح مفارقة من لا يرى بمشروعيتها إمامه كما قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله،, في (الشرح الممتع): (وحتى المتابعة بالختمة لابأس بها أيضاً, لأن الختمة نص الإمام أحمد رحمه الله وغيره من أهل العلم: على أنه يستحب أن يختم بعد انتهاء القرآن قبل الركوع, وهي وإن كانت من ناحية السنة ليس لها دليل, لكن مادام أنه ليس محرماً فلماذا نخرج أو نسفه أو نخطئ أو نبدع من فعل شيئاً نحن لا نراه؟ ومادام أن الأمر ليس إليك, ولكن إمامك يفعلها فلا مانع من فعلها,) انتهى

التعقيب
وهو الصلاة بعد التراويح والوتر نافلة في جماعة.
واختلف العلماء في حكمها فمنهم من قال بالكراهة مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)، البخاري والتعقيب يكون بعد الوتر
واستدلوا أيضا بما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه حين سؤل عن التَّعْقِيْب في رمضان، فأمرهم أن يُصلوا في البيوت.
ومن العلماء من قال بعدم الكراهة مستدلين بقول أنس رضي الله عنه: ما يرجعون إلا لخير يرجونه أو شر يحذرونه.
والأقرب والله أعلم هو القول الأول لقوة دليله وللاختلاف الذي وقع في رأي أنس وقد سؤل الإمام أحمد عن التعقيب في رمضان؟ قال: (عن أنس فيه اختلاف)
وقول أنس: ما يرجعون إلا لخير يرجونه أو شر يحذرونه-إن صح- مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا).
هذا إن كانت الصلاة بعد الوتر أما إذا صلوا الجماعة التراويح ولم يوتروا ثم رجعوا في آخر الليل فصلوا وأوتروا كما يفعله بعض الأئمة في العشر الأواخر فلا بأس لأنها انتفت علة الكراهة وهي (عدم جعل الجماعة آخر صلاتهم بالليل وترا) والحكم يدور مع علته وجودا وعدما.
وهذه المسائل في التعقيب (صلاة الجماعة بعد الوتر والتراويح) أما صلاة الفرد بعد التراويح والوتر فهي جائزه وقد سبق ذكر ذلك. ودليل جوازها ما روي عن عائشة أنها قالت تصف قيام النبي صلى الله عليه وسلم: ... (ثم يوتر، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فإذا أراد أن يركع قام فركع، ثم يصلي ركعتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح). مسلم
وما روي عن أنس حين سؤل عن التَّعْقِيْب في رمضان، (فأمرهم أن يُصلوا في البيوت).

قراءة القرآن
قال صلى الله عليه وسلم "" الصيام والقرآن يشفعان للعبد، يقول الصيام: أي رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان "". رواه أحمد وصححه الألباني
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول (الم) حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف) رواه الترمذي.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (اقرؤا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه) مسلم.
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (الماهر في القرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران) البخاري.
وقراءة القرآن هي التجارة الرابحة التي لا تبور قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ) {فاطر: 29}.
وقال صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لايقرأ القرآن مثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لايقرا القرآن كمثل الحنظله طعمها مر ولاريح لها) متفق عليه.
قراءة القرآن في رمضان
رمضان هو شهر القرآن فقد قال تعالى (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) {البقرة:185}.
وقال تعالى (إنَّا أَنْزَلْناهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ) {القدر:1}
وكان من هدية صلى الله عليه وسلم الإكثار من قراءة القرآن في رمضان فقد كان صلى الله عليه وسلم يتدارس القرآن طيلة شهر رمضان، وكان جبريل -عليه السلام- ينزل عليه في كل رمضان فيدارسه القرآن، وفي العام الذي توفي فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- دارسه جبريل -عليه السلام- مرتين، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ) متفق عليه.
وأخذ أهل العلم من ذلك استحباب ختم القرآن في رمضان لأن النبي صلى الله عليه وسلم وجبريل عليه السلام كانا ينهيان في كل رمضان ما سبق نزوله من القرآن وفي آخر سنة أنهياه مرتين.
وقال الإمام ابن رجب في (لطائف المعارف): (دل الحديث على استحباب دراسة القرآن في رمضان والاجتماع على ذلك، وعرض القرآن على من هو أحفظ له ... وفيه دليل على استحباب الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان، وفي حديث فاطمة عليها السلام عن أبيها أنه أخبرها أن جبريل عليه السلام كان يعارضه القرآن كل عام مرة وأنه عارضه في عام وفاته مرتين.) انتهى

هديه صلى الله عليه وسلم في قراءة القرآن
قال ابن القيم في (زاد المعاد): (كان له صلى الله عليه وسلم حزب يقرأه , ولايخل به, وكانت قراءته ترتيلا لا هذا ولا عجلة , بل قراءة مفسرة حرفا حرفا, وكان يُقطِّع قراءته آية آية , وكان يمد عند حروف المد , فيمد (الرحمن) ويمد (الرحيم) وكان يستعين بالله من الشيطان الرجيم في أول قراءته فيقول (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) وربما كان يقول (اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه) رواه ابن ماجة وصححه الالباني وكان تعوذه قبل القراءة. وكان يحب أن يسمع القرآن من غيره , وأمر عبد الله ابن مسعود فقرأ عليه وهو يسمع , وخشع صلى الله عليه وسلم لسماع القرآن منه حتى ذرفت عيناه.
وكان يقرأ قائما وقاعداً ومضطجعاً ومتوضئاً ومحدثاً ولم يكن يمنعه من قراءته إلا الجنابة
وكان صلى الله عليه وسلم يتغنى به ويرجع صوته فيه أحيانا كما رجع يوم الفتح في قراءته (إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا) وحكى عبد الله بن مغفل ترجيعه ,آآآ ثلاث مرات , ذكره البخاري.
وإذا جمعت هذه الأحاديث إلى قوله (زيِّنوا القرآن بأصواتكم) رواه ابن ماجة وصححه الألباني وقوله (ليس منا من لم يتغنى بالقرآن) البخاري وقوله (ما أذن الله لشيء كأذنه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن) متفق عليه.
علمت أن هذا الترجيع منه صلى الله عليه وسلم كان اختيارا لا اضطرارًا لهز ناقته ... ) انتهى

السلف والقرآن في رمضان
وقد كان للسلف رحمهم الله اجتهاد عجيب في قراءة القرآن في رمضان بل لم يكونوا يشتغلون فيه بغيره.
كان الزهري إذا دخل رمضان يقول: إنما هو قراءة القرآن وإطعام الطعام.
قال ابن الحكم: كان مالك إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم.
قال عبد الرزاق: كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن.
وقال سفيان: كان زبيد اليامي إذا حضر رمضان أحضر المصاحف وجمع إليه أصحابه. [لطائف المعارف]

ملاحظة مهمة:
بعض الناس يقرأ القرآن لمجرد الختمة دون تدبر وخشوع متناسي قول الله تعالى (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَاب) {ص:29}.
فأعلم يا رعاك الله أن التدبر مطلوب بل هو الأساس.
فتدبر القرآن إن رمت الهدى ... فالعلم تحت تدبر القرآن
* (عباد الله هذا شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، وفي بقيته للعابدين مستمتع، وهذا كتاب الله يتلى فيه بين أظهركم ويسمع، وهو القرآن الذي لو أنزل على جبل لرأيته خاشعا يتصدع، ومع هذا فلا قلب يخشع ولاعين تدمع ولا صيام يصان عن الحرام فينفع ولا قيام استقام فيرجى في صاحبه أن يشفع). [لطائف المعارف]

الإنفاق
لقد ذكرنا أن قراءة القرآن تجارة رابحة لن تبور , وكذلك فإن الإنفاق تجارة رابحة لن تبور، قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ) {فاطر: 29}
وقال صلى الله عليه وسلم: (ما نقصت صدقة من مال) مسلم
وقال صلى الله عليه وسلم: (ثلاث أقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه فأما الذي أقسم عليهن فإنه ما نقص مال عبد من صدقة ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله بها عزا ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر وأما الذي أحدثكم فاحفظوه " فقال: " إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل رحمه ويعمل لله فيه بحقه فهذا بأفضل المنازل. وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية ويقول: لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان فأجرهما سواء. وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يتخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعمل فيه بحق فهذا بأخبث المنازل وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول: لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو نيته ووزرهما سواء) أخرجه الترمذي وصححه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم (اتقوا النار ولو بشق تمرة) البخاري.
وقال (الصدقة برهان) مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: (ما تصدق أحد بصدقة من طيب ولا يقبل الله إلا الطيب إلا أخذها الرحمن بيمينه وإن كانت تمرة فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله) مسلم.

الإنفاق في رمضان
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم كثرة الإنفاق في رمضان بل إنه مع عظيم كرمه في كل حين إلا أنه كان أجود ما يكون في رمضان كما قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ) متفق عليه

التوبة
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَار) {التحريم:8}.
وقال تعالى ("قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " {الزمر:53}.
إن رمضان فرصة عظيمة للتوبة ومغفرة الذنوب فمن لم تغفر ذنوبه في رمضان فإنه وربي راغمٌ أنفه فقد قال صلى الله عليه وسلم " رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له " رواه مسلم.
وللتوبة الصادقة النصوح ستة شروط
1 - الإخلاص لله تعالى
2 - أن تكون قبل طلوع الشمس من مغربها وقبل أن تبلغ الروح الحلقوم ويغرغر.
3 - الإقلاع
4 - الندم على ما مضى.
5 - العدم على عدم الرجوع إلى الذنب
6 - رد حق المخلوقين والتحلل منهم.

الدعاء
على الصائم الاجتهاد في الدعاء لأن حاله حال إجابة وهو في زمان إجابة فعليه أن يدعي القريب المجيب.
قال الشيخ بكر أبو زيد في (تصحيح الدعاء): (قال تعالى في وسط آيات الصيام:
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) {البقرة:186}.
وهذا من أسرار القرآن العظيم، إذ ذكرها الله تعالى بعد إكمال عدة رمضان وقبل آية إتمام الصيام إلى الليل
وهذا والله أعلم إيماء وإشعار للصائم بالاجتهاد بالدعاء في هذا الشهر المبارك وبخاصة عند إكمال العدة
وعند الفطر) انتهى
وعلى الداعي أن ينتقي جوامع الدعاء والأدعية التي وردت في القرآن والسنة.

الجهاد
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض " البخاري.
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " لغدوة في سبيل الله أو روحةٌ خيرٌ من الدنيا وما فيها " متفق عليه
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأُجري عليه رزقه، وأمن الفتّان " مسلم
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " لن يبرح هذا الدين قائما يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة " مسلم.

الجهاد في رمضان
شهر رمضان هو شهر الجهاد والتضحيات والهمم فقد كانت أعظم معركتين في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في رمضان ألا وهما غزوة بدر , وفتح مكة.
ولكن مع الأسف أن كثيرا من المسلمين صار عندهم رمضان شهر النوم والكسل وهذا انتكاس خطير وخطأ كبير فعليهم أن يصححوا مفاهيمهم ويسعوا في هذا الشهر للجهاد بشتى أنواعه سواءً كان بالسلاح أو بالمال أو باللسان.
وذلك على حسب طاقتهم.
وعليهم نصرة إخوانهم المجاهدين الذين ينافحون عن الملة بالدعاء والنفس والمال والعتاد
قال تعالى (وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْر) {الأنفال: 72}. وقال صلى الله عليه وسلم (من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيا في سبيل الله بخير فقد غزا) متفق عليه.

العمرة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) متفق عليه.
وهذا الفضل العظيم للعمرة في كل حين
ولكن الله تعالى قد خص العمرة في رمضان بفضل أعظم، فعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من حجة الوداع قال لامرأة من الأنصار اسمها أم سنان (ما منعك أن تحجي معنا)؟
قالت: أبو فلان -زوجها- له ناضحان حج على أحدهما والأخرى نسقي عليه فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم (فإذا جاء رمضان فاعتمر فإن عمرة فيه تعدل حجة) أو قال (حجة معي) متفق عليه فما أعظمه من فضل.

الاعتكاف
لغة: مأخوذ من عكف على الشي أي: لزومه والدوام عليه. ومنه قول إبراهيم عليه السلام لقومه (ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون) {الأنبياء: 52}.أي: لها ملازمون.
شرعا: هو لزوم مسجد بنية مخصوصة لطاعة الله تعالى.

حكمه
مسنون ودل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب فقال تعالى (وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) {سورة البقرة: 187}.
وأما السنة فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتف العشر الأواخر من رمضان) البخاري.
وعن عائشة رضي الله عنها ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده)). متفق عليه
وأما الإجماع فقد حكى الإجماع على ذلك كثير من العلماء منهم ابن عبد البر فقد قال في التمهيد (وأجمع علماء المسلمين على أن الاعتكاف ليس بواجب وأن فاعله محمود عليه مأجور فيه)
وقد قال الإمام أحمد فيما رواه عنه أبو داود (لا أعلم عن أحد من العلماء إلا أنه مسنون)

الحكمة من الاعتكاف
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في (زاد المعاد): (وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى، وجمعيته عليه، والخلوة به، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده سبحانه، بحيث يصير ذكره وحبه، والاقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته، فيستولي عليه بدلها، ويصير الهمّ كلّه به، والخطرات كلّها بذكره، والتفكير في تحصيل مراضيه وما يقرب منه، فيصير أنسه بالله بدلاً عن أنسه بالخلق، فيعده بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له، ولا ما يفرح به سواه، فهذا مقصود الاعتكاف الأعظم. ولما كان هذا المقصود إنما يتمّ مع الصوم، شرع الاعتكاف في أفضل أيام الصوم، وهو العشر الأخير من رمضان) انتهى

المسجد المُعتكف فيه
يلزم أن تقام فيه الجماعة لأن الاعتكاف في المسجد الذي لا تقام فيه الجماعة يؤدي إلى تفويت الواجب من أجل مسنون. ولأن المسجد الذي لا تقام فيه جماعة لا يصدق عليه كلمة مسجد بالمعنى الصحيح.
وإن كان يتخلل مدة اعتكافه صلاة جمعة فالاعتكاف في مسجد تقام فيه الجمعة أفضل وأحوط فمنهم من قال بلزوم الاعتكاف في الجامع إذا تخلل مدة الاعتكاف جمعة.
والصحيح هو القول الأول لعموم قوله تعالى (وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) {سورة البقرة: 187}
وخروجه إلى الجمعة ضرورة لا تبطل الاعتكاف.
ويصح الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة (المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى) على أكثر قول أهل العلم وذلك لعموم قوله تعالى (وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) {سورة البقرة: 187}.
وعن حذيفة أنه قال لعبد الله ابن مسعود رضي الله عنهما: مررت على أناس عكوف بين دارك، ودار أبي موسى، (يعني في المسجد) وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة: المسجد الحرام). فقال عبد الله بن مسعود: لعلك نسيت وحفظوا، وأخطأت وأصابوا. رواه البيهقي وصححه الألباني. فأوهن ابن مسعود حديث (لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة) حكما ورواية
أما حكما ففي قوله (أصابوا فأخطأت) وأما رواية ففي قوله (وذكروا فنسيت) فالصحيح هو جواز الاعتكاف في كل مسجد تقام في الجماعة.

هل الصيام شرط في الاعتكاف؟
هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء:
القول الأول: أنه لا يصح إلا بصوم واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتكف إلا بصوم إلا ما كان قضاءً.
القول الثاني: أنه لا يشترط له الصوم وهو الراجح لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما، ((أن عمر سأل النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلةً في المسجد الحرام؟ قال: فأوف بنذرك)).
متفق عليه فالنبي صلى الله عليه وسلم قد أذن لعمر رضي الله عنه بالاعتكاف ليلاً، ومعلومٌ أن الليل لا صوم فيه. فالصحيح أن غير الصائم كمن أفطر لعذر يصح منه الاعتكاف. ولكن الأفضل أن يصوم.

اعتكاف المرأة
اعتكاف المرأة مشروع سواء مع زوجها أو لوحدها إذا أمنت الفتنة. فعن عائشة رضي الله عنها ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده)). أخرجه البخاري ومسلم ويلزم أن تعتكف في مسجد فلا يصح اعتكافها في مصلى بيتها لأنه ليس بمسجد حقيقة ولا حكما.
ويلزم إذن الزوج لزوجته: فعن عائشة رضي الله عنها: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فاستأذنته عائشة، فأذن لها، وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت، فلما رأت ذلك زينب ابنة جحش أمرت ببناء، فبني لها، قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى انصرف إلى بنائه، فبصر بالأبنية فقال: ما هذا؟ قالوا: بناء عائشة وحفصة وزينب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: آلبر أردن بهذا؟! ما أنا بمعتكف. فرجع، فلما أفطر اعتكف عشراً من شوال)). متفق عليه.
ولا يشترط أن تعتكف في مسجد تقام فيه الجماعة لأنها ليست ممن تجب عليهم الجماعة. ولا تعتكف إلا إذا أمنت الفتنة أما إذا لم تأمن الفتنة فلا. فإنه لما أراد أن يعتكف صلى الله عليه وسلم خرج ذات يوم، وإذا خباء لعائشة وخباء لفلانة وخباء لفلانة فقال صلى الله عليه وسلم (آلبر يردن) ثم أمر بنقضها متفق عليه.
وكذلك فإن سد الذرائع مقدم على جلب المنافع.
ويجوز للمرأة أن تزور زوجها المُعتكف لأنه صح عن صفية أنها زارت الرسول - صلى الله عليه وسلم - ... وهو معتكف. البخاري
ملاحظة: من لا تجب عليه الجماعة فحكمه كحكم المرأة فلا يشترط أن يعتكف في مسجد تقام فيه الجماعة.
فلو اعتكف إنسان معذور بمرض أو بغيره مما يبيح له ترك الجماعة في مسجد لا تقام فيه الجماعة فلا بأس.

الطهارة مما يوجب الغسل
لا يصح الاعتكاف ابتداءً إلا بطهارة المعتكف مما يوجب الغسل كجنابةٍ أو حيضٍ أو نفاس ل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) {النساء:43} وعن أم عطية قالت: ((أمرنا - تعني النبي صلى الله عليه وسلم - أن نُخرِجَ في العيدين العواتق، وذوات الخدور، وأمر الحُيَّض أن يعتزلن مصلَّى المسلمين)). متفق عليه فلا يصح للجنب ولا الحائض ولا النفساء اللبوث في المسجد. ولكن يصح اعتكاف المستحاضة ولبوثها في المسجد فعن عائشة رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف معه بعض نسائه وهي مستحاضة ترى الدم فربما وضعت الطست تحتها من الدم) البخاري

زمان الاعتكاف
يجوز الاعتكاف في رمضان وفي غيره, إلا أنه أفضل في رمضان ,وأفضله في العشر الأواخر من رمضان
الأدلة:
1 - عن عائشة رضي الله عنها ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده)). متفق عليه وفيه استحباب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان.
2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً)). البخاري وفيه جواز الاعتكاف في العشر وفي غير العشر.
3 - عن عائشة رضي الله عنها: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فاستأذنته عائشة، فأذن لها، وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت، فلما رأت ذلك زينب ابنة جحش أمرت ببناء، فبني لها، قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى انصرف إلى بنائه، فبصر بالأبنية فقال: ما هذا؟ قالوا: بناء عائشة وحفصة وزينب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: آلبر أردن بهذا؟! ما أنا بمعتكف. فرجع، فلما أفطر اعتكف عشراً من شوال)). متفق عليه وفيه أن الاعتكاف يكون في رمضان وفي غيره. وكذلك إذن النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بالاعتكاف ليوفي بنذره دل على مشروعيته في غير رمضان.

بداية وقت الاعتكاف ونهايته
اختلف اهل العلم في بداية وقت الاعتكاف على قولين
(القول الأول) وهو قول الجمهور
أن من أراد الاعتكاف فإنه يدخل قبل غروب الشمس. فإذا أراد الاعتكاف في العشر الأواخر دخل قبل غروب الشمس من ليلة الحادي والعشرين فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأوسط من رمضان، فاعتكف عاماً، حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين، وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافه، قال: من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر)). متفق عليه
وعن عائشة رضي الله عنها: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده)). متفق عليه
وجه الدلالة: أن العشر بغير هاء، عدد الليالي, فإنها عدد المؤنث, كما قال الله تعالى: وَليالٍ عَشْر. وأول الليالي العشر ليلة إحدى وعشرين.
(القول الثاني) وهو رواية عن أحمد واختيار ابن القيم وابن باز وغيرهم.
أنه يبدأ الاعتكاف من بعد صلاة الفجر فمن أراد أن يعتكف في العشر الأواخر من رمضان فإنه يدخل المُعتكف من بعد صلاة فجر اليوم الواحد والعشرين فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف، صلى الفجر، ثم دخل معتكفه)).متفق عليه
وحمل الجمهور الحديث على أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان معتكفاً قبل غروب الشمس ولكنه لم يدخل المكان الخاص بالاعتكاف إلا بعد صلاة الفجر. فقد كان يعتكف صلى الله عليه وسلم في مكان مخصص لذلك كما ورد في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم اعتكف في قبة تركية.
أما نهاية وقت الاعتكاف
ينتهي وقت الاعتكاف من بعد غروب شمس آخر يومٍ من رمضان أو من الأيام التي نوى اعتكافها.
أقل مدة للاعتكاف وأكثره
قال بعض أهل العلم أن أقل مدة للاعتكاف (لحظة) لعموم قوله تعالى: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) {البقرة: 187} فكل إقامةٍ في مسجدٍ لله تعالى بنية التقرب إليه، فهي اعتكاف، سواء قلت المدة أو كثرت حيث لم يخص الشارع عدداً أو وقتاً. وكذلك فإن الاعتكاف في اللغة الإقامة وهذا يصدق على الزمن الطويل والقصير.
وقيل: بأن أقله يوما وليلة.
وقيل: بأن أقله يوماً أو ليلة لأنه أقل ما ورد فيه
أما أكثره: فلا حد لأكثر زمان الاعتكاف ما لم يتضمن أية محذوراتٍ شرعية. لأن الشارع لم يحده بوقت معين ولم يقدره بمده.

مبطلات الاعتكاف
1 - الخروج من المسجد لغير حاجة: لأنه ينافي مقصود الاعتكاف
لحديث عائشة رضي الله عنها (وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل رأسه وهو في المسجد فأرجّله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً) متفق عليه
وعند أبي داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: (السنة على المعتكف أن لايعود مريضاً ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ولايباشرها ولا يخرج لحاجة إلا لما لابد منه)
وقال ابن حزم في (مراتب الإجماع): (واتفقوا على أن من خرج من معتكفه في المسجد لغير حاجة ولا ضرورة
ولا برأ مر به أو نُدب إليه فإن اعتكافه قد يبطل) انتهى
2 - الجماع: لقوله تعالى (وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) {سورة البقرة: 187}.
قال ابن المنذر في (الإجماع): (وأجمعوا على أن من جامع امرأته وهو معتكف عامدا لذلك في فرجها أنه مفسد لاعتكافه) انتهى

مما يجوز للمعتكف فعله
1 - الخروج من المسجد لحاجة , أما بغير حاجة فلا , ويجوز أن يخرج بعض بدنه لحديث عائشة رضي الله عنها: وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل علي رأسه وهو معتكف في المسجد، وأنا في حجرتي فأرجله (وفي رواية: فأغسله)، وإن بيني وبينه لعتبة الباب، وأنا حائض، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً متفق عليه
2 - وله أن يتوضأ في المسجد لقول رجل خدم النبي صلى الله عليه وسلم (توضأ النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد وضوءا خفيفا) رواه البيهقي بسند جيد وأحمد مختصرا بسند صحيح
3 - وله أن يتخذ خيمة يعتكف فيها في مؤخرة المسجد لأن عائشة رضي الله عنها كانت تضرب للنبي صلى الله عليه وسلم خباء إذا أعتكف (كما جاء في البخاري) وكان ذلك بأمر منه صلى الله عليه وسلم (كما جاء في مسلم)
وله أن يضع فراشه أو سريره فيها لما رواه ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا اعتكف طُرح له فراشا أو يوضع له سرير وراء اسطوانة التوبة أخرجه ابن ماجة والبيهقي بسند حسن.
4 - ويجوز له الأكل والشرب في المسجد لما روي عن عبد الله بن الحارث الزبيدي أنه قال (كنا نأكل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الخبز واللحم) رواه أحمد وابن ماجة وصححه الألباني والوادعي.
5 - ويجوز للمعتكف التحدث مع أهله لأنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك مع صفية بنت حيي رضي الله عنها كما في الصحيحين.

ما ينبغي على المعتكف فعله
على المعتكف أن ينشغل بطاعة الله تعالى وعبادته والتقرب إليه لأن هذا هو المقصود من الاعتكاف فلا ينبغي أن يكثر من الكلام ومما يشغله عن ذكر الله.


أبواب الخير
إن أبواب الخير كثيرة ولاتنحصر فيما ذكرناه وعلى المسلم أن يسابق إليها، قال تعالى (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) {البقرة:148}
فالبدار البدار أخي الحبيب في استجابة نداء الله ,فإن أبواب الخير كثيرة متعددة, وذلك من لطف الله بنا ورحمته فكن حيثما تود أن يراك الله تعالى وأعمل لآخرتك فإن الآخرة هي دار البقاء.

العشر الأواخر
إذا حلت العشر الأواخر من رمضان فقد قرب موعد رحيل هذا الشهر المبارك وقرب الوداع المر الذي لا بد منه
فعلينا أن نستدرك ما بقي منه , وتذكر أن السعادة الحقيقة في عبادة الله تعالى أما لذة الدنيا فإنها فانية فها نحن ودعنا رمضان الماضي وذهب ما كان فيه من تعب وفرح وحزن ولم يبقى معنى إلا ما قدمته أيدينا.
يا نفس فاز الصالحون بالتقى ... وأبصروا الحق وقلبي قد عمي
مضى الزمان في توان وهوى ... فاستدركي ما قد بقى واغتنمي
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يجتهد في العشر الأواخر من رمضان مالا يجتهد في غيرها فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت (كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره) مسلم.
وعنها أيضا رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان إذا دخل العشر أحيا ليله وأيقظ أهله وشد مئزره) متفق عليه وقولها (شد مئزره) كناية عن الاستعداد للعبادة والاجتهاد فيها زيادة عن المعتاد.
وقيل: هو كناية عن اعتزال النساء، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر والجماع يبطل الاعتكاف. ومن ذلك قول الشاعر
قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم ... عن النساء ولو باتت بأطهار
وقولها (أحيا ليلها) أي: استغرقه بالسهر في الصلاة وغيرها , وهو محمول على أنه يقوم أغلب الليل لقول عائشة رضي الله عنها: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ لَيْلَةً حَتَّى الصَّبَاحِ، وَمَا صَامَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا إِلاَّ رَمَضَانَ. رواه مسلم
فالمقصود بقولها (أحيا ليلها) أي: معظم ليلها. لأن الليل يتخلله العشاء والسحور وغيرهما.
وقولها (وأيقظ أهله): أي أيقظ أزواجه للقيام. والرسول صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله في سائر السنة فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلة فقال: (سبحان الله ماذا أنزل الله الليلة من الفتنة! ماذا أنزل من الخزائن! من يوقظ صواحب الحجرات؟ يا رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة) البخاري.
ولكن إيقاظه صلى الله عليه وسلم لأهله في العشر الأواخر من رمضان كان أبرز منه في سائر السنة.
وفي هذا دلالة أنه ينبغي على المسلم أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه فيعاونه على التقوى. فقد قال جل وعلا (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) {المائدة:2}.

الاغتسال بين العشاءين
وقد ورد عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بين الأذانين
أي: بين أذان المغرب والعشاء، في العشر الأواخر
قال ابن رجب رحمه الله في (لطائف المعارف): (ولفظ حديث عائشة: [كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان رمضان قام ونام فإذا دخل العشر شد المئزر واجتنب النساء واغتسل بين الأذانين وجعل العشاء سحورا] أخرجه ابن أبي عاصم وإسناده مقارب. وقال منها: اغتساله بين العشاءين: وقد تقدم من حديث عائشة واغتسل بين الأذانين والمراد أذان المغرب والعشاء) انتهى
وقد روي عن السلف كذلك فعل هذا فقد قال ابن جرير - رحمه الله -: كانوا يستحبون أن يغتسلوا كل ليلة من ليالي العشر الأواخر , وكان النخعي يغتسل في العشر الأواخر كل ليلة.
ومنهم من كان يغتسل ويتطيب في الليالي التي تكون أرجى لليلة القدر , فأمر زر ابن حبيش بالاغتسال ليلة سبع وعشرين من رمضان.
وروي عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه إذا كانت ليلة أربع وعشرين اغتسل وتطيب ولبس حلة إزار ورداء فإذا أصبح طواها فلم يلبسها إلى مثلها من قبل.
وهذا يدخل في قوله تعالى (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) {الأعراف:31}.

ليلة القدر
قال تعالى (إنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَة الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر (3) تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيَها بِإِذْنِ رَبِّهم مِّن كُلِّ أَمْر (4) سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ).
وقال تعالى (إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (2) ِفيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (3) أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) {الدخان}.
والقدر بمعنى الشرف والتعظيم أو بمعنى التقدير والقضاء.

فضائل ليلة القدر
1 - أن الله أنزل فيها القرآن الذي به هداية البشر وسعادتهم في الدنيا والآخرة.
2 - ما يدل عليه الاستفهام من التفخيم والتعظيم في قوله: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ).
3 - أنها خير من ألف شهر.
4 - أن الملائكة تتنزل فيها وهم لا ينزلون إلا بالخير والبركة.
5 - أنها سلام , لكثرة السلامة فيها من العقاب والعذاب بما يقوم به العبد من طاعة الله عز وجل.
6 - أن الله أنزل فيها سورة كاملة تتلى إلى يوم القيامة.
7 - أن قيامها سبب لغفران الذنوب , فقد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) وقوله (إيمانا واحتسابا) يعني إيمانا بما أعد الله من الثواب للقائمين فيها , واحتسابا للأجر وطلب الثواب. وهذا حاصل لمن علم بها ومن لم يعلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط العلم بها في حصول هذا الأجر.
8 - أن فيها يفرق كل أمر حكيم.

وقتها
ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان وقد أُختلف في تعيينها فقيل:
1 - أنها ليلة إحدى وعشرين ويدل على ذلك حديث ابن مسعود الذي رواه البخاري ومسلم قال (أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة القدر ثم أنسيها , وقال: أراني أسجد في ماء وطين , فو الذي أكرمه , لرأيته يصلي بنا صلاة المغرب ليلة إحدى وعشرين وإن جبهته وأرنبة أنفه لفي الماء والطين).
2 - أنها ليلة ثلاث وعشرين لما روي في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر (إني أسجد صبيحتها في ماء وطين فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم من صلاة الصبح يوم ثلاث وعشرين وعلى جبهته أثر الماء والطين)
3 - أنها ليلة أربع وعشرين لما وروي عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه إذا كانت ليلة أربع وعشرين اغتسل وتطيب ولبس حلة إزار ورداء فإذا أصبح طواها فلم يلبسها إلى مثلها من قبل.
ويقول أيوب (ليلة أربع وعشرين ليلة أهل البصرة) وهو قول ضعيف لقوله صلى الله عليه وسلم (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان) البخاري.
4 - أنها ليلة خمس وعشرين لما رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ليلة القدر في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة تبقى)
5 - أنها ليلة سبع وعشرين لما روي عن ابن عمر رضي الله عنمها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كان متحريها فليتحر بها ليلة سبع وعشرين وقال تحرروها ليلة سبع وعشرين) رواه أحمد
وعن أبي ابن كعب رضي الله عنهما قال (إني والله لأعلم أي ليلة هي ليلة القدر هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها وهي ليلة سبع وعشرين) مسلم.
6 - أنها التاسع والعشرين لقوله صلى الله عليه وسلم (ليلة القدر ليلة السابعة أو التاسعة والعشرين، وإن الملائكة تلك الليلة أكثر في الأرض من عدد الحصي) رواه أحمد وحسنه الألباني.
7 - أنها آخر ليلة من رمضان لما روي عن معاوية رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: ((التمسوا ليلة القدر آخر ليلة من رمضان)) رواه محمد بن نصر في الصلاة وصححه الألباني.
8 - أنها في العشر الأواخر من أوتارها لما روى البخاري من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسو الله صلى الله عليه وسلم (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر)
9 - أنها في العشر الأواخر كلها شفعها اشفاعها واوتارها لقوله صلى الله عليه وسلم (تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان) البخاري.
10 - أنها في السبع الأواخر من رمضان لقوله صلى الله عليه وسلم (أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر) متفق عليه
ولقوله صلى الله عليه وسلم التمسوها في العشر الأواخر فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي) متفق عليه
وبعد النظر في هذه الأحاديث يظهر والله أعلم أن ليلة القدر ليست متعينة ثابتة فقد تكون في هذا العام -مثلا- ليلة خمس وعشرين وفي العام الثاني ليلة سبع وعشرين وفي العام الثالث ليلة تسع وعشرين وهكذا ...
فهي في العشر الأواخر والقول أنه في أوتارها قوي لأن الأحاديث التي تشير إلى أن ليلة القدر في العشر الأواخر عامة خُصصت بالأحاديث التي تشير إلى أن ليلة القدر في أوتار العشر الأواخر.
وجاءت أحاديث تشير على أنها في السبع الأواخر وهذه مقيدة بالعجز والضعف.
وعلى المسلم أن يجتهد في العشر الأواخر ويخلص النية لله تعالى ويكون صيامه وقيامه إيمانا واحتسابا.

الحكمة من إبهام ليلة القدر
قال الشيخ ابن عثيمين: (وإنما أبهمها الله تعالى لفائدتين عظيمتين:
الفائدة الأولى: بيان الصادق في طلبها من المتكاسل , لأن الصادق في طلبها لا يهمه أن يتعب عشر ليالي من أجل أن يدركها , والمتكاسل يكسل أن يقوم عشر ليالي من أجل ليلة واحدة.
الفائدة الثانية: كثرة ثواب المسلمين بكثرة الأعمال , لأنه كلما كثر العمل كثر الثواب.) انتهى

علامات ليلة القدر
1 - تطلع الشمس صبيحتها لا شعاع لها
قال صلى الله عليه وسلم (صبيحة ليلة القدر تطلع الشمس لا شعاع لها كأنها طست حتى ترتفع) مسلم.
2 - يطلع القمر فيها مثل شق جفنة
عن أبي هرير رضي الله عنه قال: تذاكرنا ليلة القدر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (أيكم يذكر حين طلع القمر وهو مثل شق جفنة) مسلم
والشق: هو النصف شق الشيء نصفه
والجفنة: القصعة.
3 - تكون الليلة معتدلة لا حارة ولا باردة
قال صلى الله عليه وسلم (ليلة طلقة لا حارة ولا باردة تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة) رواه ابن خزيمة وصححه الألباني.

وهناك علامات ذكرها بعض أهل العلم ولا أصل لها ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها شيء, منها:
1 - أن الأشجار تسقط حتى تصل الأرض ثم تعود إلى أوضاعها.
2 - أن ماء البحر ليلتها يصبح عذبا.
3 - أن الكلاب لا تنبح فيها
4 - أن الملائكة تنزل وتسلم على المسلمين.
فكل هذا وغيره مما لا أصل له ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم , حتى وإن ذكره بعض أهل العلم.

ما ينبغي فعله على من أدركها
ينغي على المسلم في العشر الأواخر أن يكون حريص على الطاعة وحريصا على القيام فقد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) وكذلك فعليه أن يحرص على الدعاء خاصة ما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة القدر ما أقول فيها , قال: (قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح وصححه النووي.
(تنبيه) وزيادة (كريم) في الدعاء (اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني) لا أصل لها في هذا الحديث.
فحري بالمسلم أن يبادر إلى الخيرات في مثل هذه الأيام الفاضلة ولا يُضيِّعُ وقته في سفاسف الأمور لكي لا يضيع هذا الأجر العظيم.



الخاتمة

أخي الكريم ها هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان بين يديك فأحرص بارك الله فيك على اتباع سنته وهديه صلى الله عليه وسلم وإياك والبدعة فإن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
وأسأل الله العلي العظيم أن يكون ما قدمته خالصاً لوجهه الكريم كما أسأله جل وعلا أن تعم الفائدة من هذا البحث وأن أكون قد أفدت واستفدت منه.

وإن أصبت فمن الله تعالى وان أخطأت فمن نفسي والشيطان ...

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


كتبه
الفقير إلى الله
ناصر بن عبد الله بن محمد ابن متعب
غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين
22 شعبان 1433هـ





 توقيع : أبو خالد



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ»

الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود -
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلاتحرمونا دعائكم

رد مع اقتباس
قديم 24 May 2018, 01:30 PM   #2
ابن الورد
الحسني


الصورة الرمزية ابن الورد
ابن الورد متصل الآن

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 1
 تاريخ التسجيل :  Feb 2005
 أخر زيارة : اليوم (02:18 AM)
 المشاركات : 17,387 [ + ]
 التقييم :  24
 الدولهـ
Saudi Arabia
 وسائط MMS
وسائط MMS
لوني المفضل : Cadetblue
رد: قبسات من هدي النبي في رمضان



مديرنا الغالي الحبيب
نشكر لكم مشاركاتكم المباركة
وجزاكم الله تعالى عن الجميع خير الجزاء
وكل عام وأنتم بخير


 
 توقيع : ابن الورد



رد مع اقتباس
قديم 24 May 2018, 06:54 PM   #3
سلطانه
وسام الشرف
SULTANA


الصورة الرمزية سلطانه
سلطانه غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 19311
 تاريخ التسجيل :  Jan 2018
 أخر زيارة : 06 Nov 2023 (09:05 PM)
 المشاركات : 1,395 [ + ]
 التقييم :  20
 الدولهـ
Saudi Arabia
لوني المفضل : Black
رد: قبسات من هدي النبي في رمضان



جزاك الله خير


 

رد مع اقتباس
قديم 28 May 2018, 10:17 AM   #4
أبو خالد
باحث جزاه الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية أبو خالد
أبو خالد غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 25
 تاريخ التسجيل :  Jun 2005
 أخر زيارة : 15 Jul 2018 (03:04 PM)
 المشاركات : 13,860 [ + ]
 التقييم :  21
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 مزاجي
 وسائط MMS
وسائط MMS
 SMS ~
اللهم إني ظلمت نفسي
ظلـمآ كثيرآ
ولا يفغر الذنوب
الا أنت
فاغفر لي مفغرة من عندك
وأرحمني
إنك أنت الغفور الرحيم
لوني المفضل : Cadetblue
رد: قبسات من هدي النبي في رمضان



جزاكم الله خير

شاكر مروركم الطيب


 
 توقيع : أبو خالد



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ»

الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود -
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلاتحرمونا دعائكم


رد مع اقتباس
قديم 03 Jun 2018, 11:38 PM   #5
نور الشمس
وسام الشرف - مشرفة قروب - أخوات البحث العلمي - جزاها الله تعالى خيرا
** أم عمـــر **


الصورة الرمزية نور الشمس
نور الشمس غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 13417
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : 21 Aug 2023 (03:12 PM)
 المشاركات : 11,240 [ + ]
 التقييم :  35
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 مزاجي
لوني المفضل : Olivedrab
رد: قبسات من هدي النبي في رمضان



جزاك الله خير ..


 
 توقيع : نور الشمس



قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

‏🌱 اجعل نفسك دائماً في تفاؤل والذي يريده الله سيكون

‏ وكن مسروراً فرحاً واسع الصدر ،،

‏فالدنيا أمامك واسعة والطريق مفتوح ✨

‏فهذا هو الخير ،،،

‏ 📚 شرح رياض الصالحين - ج4 ص87

🦋🍃


رد مع اقتباس
قديم 05 Jun 2018, 02:47 PM   #6
أبو خالد
باحث جزاه الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية أبو خالد
أبو خالد غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 25
 تاريخ التسجيل :  Jun 2005
 أخر زيارة : 15 Jul 2018 (03:04 PM)
 المشاركات : 13,860 [ + ]
 التقييم :  21
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 مزاجي
 وسائط MMS
وسائط MMS
 SMS ~
اللهم إني ظلمت نفسي
ظلـمآ كثيرآ
ولا يفغر الذنوب
الا أنت
فاغفر لي مفغرة من عندك
وأرحمني
إنك أنت الغفور الرحيم
لوني المفضل : Cadetblue
رد: قبسات من هدي النبي في رمضان



جزاكِ الله خير شاكر مرورك


 
 توقيع : أبو خالد



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ»

الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود -
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلاتحرمونا دعائكم


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 08:39 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي