اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأيَّامِ الْخَالِيَةِ [الحاقة : ۲٤] . قال وكيع وغيره : هي أيام الصوم ، إذ تركوا فيها الأكل والشرب .

روى الإمام البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة بابا يقال له : الريان ، يدخل منه الصائمون يوم القيامة ، لا يدخل منه أحد غيرهم .


           :: انهدم المعبد (آخر رد :طالبة علم شرعي)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ18ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ17ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ15ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ16ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ14ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ13ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ12ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: كلمة سواء - رمضان " الموضوع الثاني الإمامة "⎜ 2024-1445⎜ الحلقـــ11ـــة (آخر رد :ابن الورد)       :: درس جامع العروة الوثقى : علاج القرآن للصحة النفسية السليمة - الشيخ فيصل الحسني . (آخر رد :ابن الورد)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum عقيدة وفقه ومعاملات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 05 Apr 2018, 02:04 PM
أبو خالد
باحث جزاه الله تعالى خيرا
أبو خالد غير متصل
Saudi Arabia     Male
SMS ~ [ + ]
اللهم إني ظلمت نفسي
ظلـمآ كثيرآ
ولا يفغر الذنوب
الا أنت
فاغفر لي مفغرة من عندك
وأرحمني
إنك أنت الغفور الرحيم
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 25
 تاريخ التسجيل : Jun 2005
 فترة الأقامة : 6875 يوم
 أخر زيارة : 15 Jul 2018 (03:04 PM)
 المشاركات : 13,860 [ + ]
 التقييم : 21
 معدل التقييم : أبو خالد is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
المسلم مع نفسه






تمهيد:
يريد الإسلام من المسلمين أن يكونوا شامة في الناس، متميزين في زيهم وهيئاتهم وتصرفاتهم وأعمالهم، حت يكونوا قدوة حسنة، تجعلهم جديرين بحمل رسالتهم العظمى للناس، ففي حديث الصحابي الجليل ابن الحنظلية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه وكانوا في سفر قادمين على إخوانهم:
((نكم قادمون على إخوانكم، فأصلحوا رحالكم، وأحسنوا لباسكم، حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس؛ فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش)) (1). والرحال هنا: ما يوضع على ظهر الجمل عند ركوبه. والفحش والتفحش: كل ما يشتد قبحه. فقد عد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الهيئة الرديئة، والحالة الزرية، وإهمال العناية بالمظهر، والتبذل في اللباس أو المرافق المفروشة: فحشا وتفحشا، وهو مما يكرهه الإسلام الحنيف، وينهى عنه.
إن المسلم الحق لا يهمل نفسه، ولا ينسى ذاته، مع التكاليف العليا التي يحملها في هذه الحياة؛ إذ لا ينفصل في تصوره مظهر الإنسان عن مخبره، فإن الشكل المرتب الحسن أليق بالمحتوى الجليل والجوهر النبيل، ومن هذا كله يتكون المسلم الداعية إلى الله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه أبو داود والحاكم في المستدرك، وإسناده حسن.


فالمسلم الحق الواعي الحصيف هو الذي يوازن بين جسمه وعقله وروحه، فيعطي لكل حقه، ولا يغالي في جانب من هذه الجوانب على حساب جانب، مستهديا بهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتوازن الحكيم، وذلك فيما يروي عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علم بمغالاته في العبادة فقال له: ((ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟ قال: بلى يارسول الله. قال: ((فلا تفعل، صم وأفطر، ونم وقم؛ فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينيك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، وإن لزورك عليك حقا ... )) (1).
فكيف يحقق المسلم هذا التوازن بين جسمه وعقله وروحه؟.

أ - جسمه
معتدل في طعامه وشرابه:
يحرص المسلم كل الحرص على أن يكون صحيح الجسم، قوي البنية. ولهذا، فهو يعتدل في طعامه وشرابه، لا يقبل على الطعام إقبال الشره النهم، وإنما يصيب منه ما يقيم به صلبه، ويحفظ عليه صحته وقوته ونشاطه، مستهديا بقول الله تعالى في محكم كتابه:
{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (2).
وبقول الرسول الكريم وهديه في الاعتدال في الطعام والشراب:
((ما ملأ آدمى وعاء شرا من بطنه، فإذا كان لا محالة فاعلا، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه (3).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
(1) رواه البخاري ومسلم.
(2) الأعراف: 31.
(3) حديث حسن، أخرجه أحمد والترمذي وغيرهما، وصححه الحاكم.


وبقول عمر رضي الله عنه:
((إياكم والبطنة في الطعام والشراب، فإنها مفسدة للجسد، مورثة للسقم، مكسلة عن الصلاة. وعليكم بالقصد فيهما، فإنه أصلح للجسد، وأبعد من السرف. وإن الله تعالى ليبغض الحبر السمين، وإن الرجل لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه)) (1).
ويجتنب المسلم المخذرات والمنبهات، بله المحرمات منها، ينام مبكرا ويستيقظ مبكرا، ولا يتناول الدواء إلا في حالة المرض. أما فيما عداها، فكل ما في نظام حياته يساعد على الصحة والنشاط الطبيعيين.
والمسلم الواعي يعلم أن المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف، كما قرر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن هنا هو يعمل على تقوية جسمه باتباع نظام صحي في حياته.

يزاول الرياضة البدنية:
إن المسلم الحق، وإن كان في الغالب صحيح الجسم قوي البدن، لبعده عن المنهكات والمهلكات من المأكولات والمشروبات الضارة الخبيثة المحرمة، ولتجنبه العادات السيئة المجهدة المنهكة كالسهر والآنهماك بما يوهي العزيمة ويحط الجسم، ليعمل جاهدا على كسب المزيد من القوة لجسمه، فلا يكتفي بالأسلوب الحياتي الصحي الذي رسمه لنفسه، بل يزاول الرياضة المدروسة التي تناسب جسمه وعمره ووضعه الاجتماعي، وتهب جسمه قوة ونشاطا وحيوية ومناعة من العلل والأمراض، ويضع لذلك مواعيد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(1) الكنز 8/ 47. وانظر المقال القيم في مضار الشبع المفرط على الجسم والعقل والنفس للدكتور الطبيب محمد ناظم نسيمي في مجلة حضارة الإسلام، العددين: 5، 6 من السنة: 15.


لا تخلف، لتؤتي هذه التمارين أكلها، وتعطي نتاجها الطيب لجسمه، كل ذلك باعتدال وتوازن ونظام اتسم به المسلم الحق الواعي في كل زمان ومكان.

نظيف الجسم والثياب:
والمسلم الذي يريده الإسلام شامة بين الناس نظيف جدا، نظيف في جسمه، يستحم كثيرا، وفي فترات متقاربة مستجيبا في ذلك لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي حث على الاغتسال الكامل والتطيب، وبخاصة يوم الجمعة، فقال:
((إغتسلوا يوم الجمعة، واغسلوا رؤوسكم، وإن لم تكونوا جنبا، وأصيبوا من الطيب)) (1).
وبلغ من شدة حضه على النظافة بالاستحمام أن بعض الأئمة ذهب إلى أن الاغتسال واجب لصلاة الجمعة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوما. يغسل فيه رأسه وجسدها (2).
والمسلم الحق نظيف في ثوبه وجوربه، يتفقد ثيابه وجوربه بين الحين والحين، فلا يرضى أن تفوح من أردانه أو قدميه رائحة منفرة، ويستعين على ذلك بالطيب أيضا، فلقد حكي عن سيدنا عمر رضي الله عنه أنه كان يقول: ((من أنفق ثلث ماله في الطيب ما كان مسرفا)).
ويتعهد المسلم الواعي فمه، فلا يشم أحد منه رائحة مؤذية، وذلك بتنظيف أسنانه يوميا بالسواك والفرشاة والمطهرات والمنظفات، ويتفقد فمه، فيعرضه على طبيب الأسنان مرة في كل سنة على الأقل، وعلى غيره من أطباء الفم والحنجرة والبلعوم، إن احتاج الأمر إلى ذلك، بحيث يبقى فمه نقيا معطر الأنفاس.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
(1) رواه البخاري.
(2) متفق عليه.



تروي السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((كان لا يرقد ليلا ولا نهارا، فيستيقظ إلا تسوك قبل أن يتوضأ، (1).
وتبلغ عناية الرسول الكريم بنظافة الفم حدا يجعله يقول: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)) (2).
وسئلت السيدة عائشة عن أي شيء يبدأ به الرسول الكريم إذا دخل بيته، فقالت: ((السواك)) (3).
إنه لمما يؤسف له أن نرى بعض المسلمين يهملون هذه الجوانب، وإنها لمن لب الإسلام وصميمه، فلا يعتنون بنظافة أفواههم وأبدانهم وملابسهم، فتراهم يغشون المساجد وغيرها من مجالس الذكر وحلقات الدرس والمذاكرة، وروائحهم البشعة تؤذي إخوانهم الحاضرين، وتنفر الملائكة التي تحف هذه الأماكن الجليلة المباركة. ومن عجب أنهم يسمعون ويرددون قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيمن أكل ثوما أو بصلا أو كراثا، ألا يقرب المساجد لكيلا يؤذي برائحة فمه الملائكة والناس:
((من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأدى مما يتأدى منه بنو آدم)) (4).
لقد حظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الذين أكلوا بعض البقول ذات الرائحة الخبيثة الاقتراب من المسجد، لئلا تتاذى الملائكة والناس من أنفاسهم المشبعة بتلك الرائحة، ولعمري إنها لأهون شانا وأخف وقعا على النفس من كثير من روائح الملابس والجوارب المتسخة، والأبدان القذرة المنتنة، والأفواه البخر، التي تفوح من بعض الأفراد المتساهلين أو الغافلين عن النظافة، فيتأدى الناس منها في مجامعهم.
وروى الإمام أحمد والنسائي عن جابر رضي الله عنه، أنه قال: أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زائرا، فرأى رجلا عليه ثياب وسخة، فقال: ((ما كان يجد هذا ما يغسل به ثوتة؟)).
لقد أنكر الرسول الكريم أن يظهر الإنسان على الملأ بثياب وسخة ما دام قادرا على غسلها وتنظيفها، إشعارا منه، صلوات الله عليه، للمسلم بأن يكون دوما نظيف الثياب، حسن المظهر، محبب المنظر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حديث حسن، رواه أحمد وأبو داود.
(2) رواه الشيخان.
(3) رواه مسلم.
(4) رواه مسلم.



وكان يقول:
((ما على أحدكم إن وجد أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته)) (1).
إن الإسلام ليحض أبناءه جميعا في عديد من النصوص على النظافة؛ فهو يريد منهم أن يكونوا نظيفين دوما، تفوح ثيابهم بالطيب، وتفوح من أجسامهم الروائح النظيفة العطرة الزكية. وهذا ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه الإمام مسلم بإسناده عن أنس بن مالك رضي الله عنهما، قال: ((ما شممت عنبرا قط، ولا مسكا، ولا شيئا أطيب من ريح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)).
والأحاديث والأخبار في نظافة جسمه وملابسه، وطيب ريحه وعرقه، - صلى الله عليه وسلم -، كثيرة مستفيضة. منها: أنه كان إذا صافح المصافح، ظل يومه يجد ريح الطيب في يده، وإذا وضع يده على رأس الصبي، عرف من بين الصبيان بالرائحة الزكية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه أبو داود وابن ماجه بإسناد صحيح.


وذكر البخاري في تاريخه الكبير عن جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يمر في طريق، فيتبعه أحد، إلا عرف أنه سلكه من طيبه. ونام مرة في دار أنس، فعرق، فجاءت أم أنس بقارورة تجمع فيها عرقه، فسألها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقالت: هذا عرقك، نجعله في طيبنا، وهو من أطيب الطيب (1).
ألا ما أحوج المسلمين إلى قبسات من هدي هذا الرسول العظيم!.
ومن هدي هذا الرسول العظيم أمره - صلى الله عليه وسلم - برعاية الشعر وإصلاحه وتجميله التجميل المشروع في الإسلام؛ وذلك في الحديث الذي رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((من كان له شعر فليكرمه)).
وإكرام الشعر في الذوق الإسلامي يكون بتنظيفه وتمشيطه وتطييبه وتحسين شكله وهيئته.
وقد كره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدع الإنسان شعره مرسلا مهملا شعثا منفوشا، بحيث يبدو للأعين كأنه الغول الهائج، وشبهه لقبح منظره بالشيطان، وذلك في الحديث الذي رواه الإمام مالك في الموطأ مرسلا عن عطاء بن يسار، قال:
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد، فدخل رجل ثائر الرأس واللحية، فأشار إليه الرسول بيده، كأنه يأمره بإصلاح شعره ولحيته، ففعل ثم رجع، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أليس هذا خيرا من أن يأتي أحدكم وهو ثائر الرأس، كأنه شيطان؟!)).
وواضح أن في تشبيه الرسول الكريم الرجل المنتفش الشعر بالشيطان تعبيرا عن شدة عناية الإسلام بحسن المنظر وجمال الهيئة، وإنكاره التبذل وقبح المظهر.
ولقد كان الرسول الكريم دائم التنبيه إلى هذه الملاحظ الجمالية في هيئة الإنسان، ما رأى رجلا زري الهيئة، مهملا ترجيل شعره إلا أنكر عليه إهماله وتقصيره وزرايته بنفسه.
روى الإمام أحمد والنسائي عن جابر رضي الله عنه، قال: ((أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زائرا، فرأى رجلا شعثا قد تفرق شعره، فقال: ((ما كان يجد هذا ما يسكن به رئسه؟!)).


حسن الهيئة:
والمسلم الحق يعنى بلباسه وهندامه؛ لذلك تراه حسن الهيئة، أنيق المظهر، من غير مغالاة ولا سرف، ترتاح لمرآه العيون، وتأنس به النفوس، لا يغدو على الناس في هيئة مزرية قميئة مهلهلة، بل يتفقد نفسه دوما قبل خروجه على الناس، فيتجمل لهم باعتدال؛ فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتجمل لأصحابه، فضلا عن تجمله لأهله.
قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}: (روى مكحول عن عائشة (رضي الله عنها) قالت: كان نفر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظرونه على الباب، فخرج يريدهم، وفي الدار ركوة فيها ماء، فجعل ينظر في الماء، ويسوي لحيته وشعره. قالت عائشة: فقلت له: يا رسول الله، وأنت تفعل هذا؟ قال: نعم، إذا خرج الرجل إلى إخوانه، فليهيىء من نفسه، فإن الله جميل يحب الجمال)).
والمسلم يفعل هذا كله وفق نظرية الإسلام الوسط في الأمور كلها،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه مسلم.

وهي نظرية الاعتدال التي لا إفراط فيها ولا تفريط: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (1).
لقد أراد الإسلام لأبنائه ودعاته على وجه الخصوص أن يغشوا المجتمعات، وهم شامات مشتهاة، لا مناظر مؤذية تقتحمها الأعين وتصد عنها النفوس؛ فليس من الإسلام في شيء أن يسف الإنسان في مظهره إلى درجة الإهمال المزري بصاحبه، بدعوى أن ذلك من الزهد والتواضع؛ فرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو سيد الزهاد والمتواضعين، كان يلبس اللباس الحسن، ويتجمل لأهله وأصحابه، ويرى في هذا التجمل وحسن الهندام إظهارا لنعمة الله عليه:
((إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده)) (2).
وفي طبقات ابن سعد (3): عن جندب بن مكيث رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قدم الوفد لبس أحسن ثيابه وأمر علية أصحابه بذلك، فلقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم قدم وفد كندة، وعليه حلة يمانية، وعلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مثل ذلك)).
وأخرج ابن المبارك والطبراني والحاكم والبيهقي وغيرهم عن عمر رضي الله عنه قال: ((رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا بثياب جدد، فلبسها، فلما بلغت تراقيه قال: الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في حياتي)) (4).
وكان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يلبس البرد أو الحلة تساوي خمسمئة أو أربعمئة (5).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الفرقان:68.
(2) حديث حسن، رواه الترمذي والحاكم.
(3) 4/ 346.
(4) انظر الترغيب والترهيب 3/ 93 كتاب اللباس والزينة.
(5) طبقات ابن سعد 3/ 131.



واشترى ابن عباس رضي الله عنه ثوبا بألف درهم فلبسه (1).
وما دام التجمل لا يبلغ حد التأنق المفرط، فهو من الزينة الطيبة التي أباحها الله لعباده وحض عليها:
{يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (2)
وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة- يعني: أيعد هذا من الكبر؟ - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله جميل يحب الجمال. الكبر بطر الحق (3)، وغمط الناس)) (4).
وهذا ما فهمه الصحابة الكرام ومن تبعهم بإحسان وساروا عليه. ومن هنا كان الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه حسن الهيئة والثياب، طيب الريح، حريصا على دوام التأنق في الملبس، بلغ من حرصه على إصلاح الشأن وتحسين الثياب والهندام أنه كان يحث الناس على ذلك، ويبالغ في حثهم على إصلاح هيئتهم، ولقد رأى ذات يوم أحد جلسائه في ثياب رثة، فانفرد به وقدم إليه ألف درهم ليصلح بها هيئته، فقال له الرجل: إني موسر، وفي نعمة، ولا أحتاج إليها، فقال له أبو حنيفة معاتبا: أما بلغك الحديث: ((إن الله يجب أن يرى أثر نعمته على عبده؟)) فينبغي لك أن تغير حالك، حتى لا يغتم بك صديقك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
(1) الحلية 1/ 321.
(2) الأعراف: 32 - 33.
(3) أي أن يتكبر الرجل على الحق فلا يقبله.
(4) أي احتقارهم والاستهانة بهم.



وبدهي أن الدعاة إلى الله ينبغي أن يكونوا أحسن هيئة، وأجمل مظهرا، وأتم أناقة، وأكثر جاذبية من غيرهم، ليكونوا أقدر على التغلغل في مسارب القلوب، والوصول بدعوتهم إلى دخائل النفوس.
بل إنهم لمطالبون دون غيرهم بأن يكونوا كذلك، وإن لم يظهروا على الناس؛ فالدعاة إلى الله ينبغي أن يعنوا بهيئاتهم ونظافة أبدانهم وثيابهم وأظافرهم وشعورهم، ولو كانوا في خلوة مع أنفسهم، مستجيبين بذلك لنداء الفطرة السليمة التي أخبر بها وبمستلزماتها الرسول الكريم في قوله:
((خمس من الفطرة: الختان، وحلق العانة، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر، وقص الشارب)) (1).
فرعاية جمال الفطرة الإنسانية مما حبب به هذا الدين، ورغب فيه كل ذي طبع راق وذوق سليم.
على أن هذه العناية بالمظهر لا تنزلق بالمسلم الحق الصادق إلى المغالاة في التزين، والإفراط في التأنق، إلى حد يختل فيه التوازن الذي أقام الإسلام عليه تشريعاته جميعا؛ فالمسلم الواعي يقظ متنبه دوما إلى الاعتدال في كل شيء، بحيث لا يطغى جانب في حياته على جانب.
ولا يغيب عن باله أن الإسلام الذي حض على التزين والاهتمام بالمظهر وأخذ الزينة عند كل مسجد، هو هو الذي حذر من الإفراط والمبالغة في الزينة، بحيث تستعبد الإنسان في هذه الحياة، وتغدو شغله الشاغل وهمه الدائم الكبير،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(1) رواه البخاري ومسلم.
(2) القطيفة: الثوب الذي له خمل.
(3) الخميصة: الكساء المربع من خز أو صوف.



وذلك في الحديث الشريف القائل:
((تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة (2) والخميضة (3)، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرضى)) (1).
ولا ريب أن الدعاة إلى الله في منجاة من هذا المنزلق وعصمة، بما أحاطوا به أنفسهم من هدي هذا الدين العظيم، وبأخذهم بنظرية الاعتدال والوسط التي جاءت بها تشريعاته السمحة الغراء.

ب - عقله
العلم عند المسلم فريضة وشرف:
يعتقد المسلم أن تعهد العقل بالعلم، واستخدامه في الكشف عن آلاء الله في الكون فريضة؛ لقول الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -.
((طلب العلم فريضة على كل مسلم)) (2).
ومن هنا كان فرضا عليه أن يقبل على تعهد عقله بالعلم والمعرفة تعهدا دائما، لا يقف ما دامت أنفاس الحياة تتردد في صدره، ونبضها يدفع الدم في عروقه.
وحسب المسلم تشجيعا على طلب العلم أن الله تبارك وتعالى رفع من شأن العلماء، فخصهم بخشيته وتقواه، وجعل ذلك الشرف مقصورا عليهم دون سائر الناس، فقال:
{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (3).
فما يخشى الله حق خشيته إلا الذين استنار فكرهم، وتجلت لهم قدرة الله وعظمته في خلق الكون والحياة والأحياء، وهم العلماء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
(1) رواه البخاري.
(2) حديث حسن، رواه ابن ماجه.
(3) فاطر: 28.



ثم فضلهم على غير العالمين بقوله:
{هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} (1).
وجاء صفوان بن عسال المرادي رضي الله عنه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو في المسجد، فقال له: يا رسول الله، إني جئت أطلب العلم، فقال: ((مرحبا بطالب العلم، إن طالب العلم تحفه الملائكة بأجنحتها، ثم يركب بعضهم بعضا حتى يبلغوا السماء الدنيا من محبتهم لما يطلب)) (2).
والنصوص والشواهد على فضل العلم والترغيب في طلبه كثيرة. ومن هنا كان المسلم الحق عالما أو متعلما، وليس غير.

طلب العلم مستمر حتى الممات:
وليس التعلم الحق أن تحصل على شهادة عالية، تحقق لك المورد المالي الثر، وتضمن العيش الرضي الخفض، ثم تطوي كشحك عن المطالعة أو الاستزادة من كنوز المعرفة، بل التعلم الحق أن تستمر في مطالعاتك، وتزداد كل يوم علما، عملا بقوله تعالى:
{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (3).
وقد كان سلفنا الصالح مهما عظمت منزلتهم العلمية لا يكفون عن الاستزادة من التعلم ومتابعة التحصيل حتى آخر العمر، ويرون أن العلم يحيا وينمو بالمتابعة، ويذبل ويجف بالهجر والآنقطاع، ولهم في ذلك أقوال رائعة تدل على احترامهم وتقديرهم للعلم، وحرصهم على متابعته، والنهل المستمر من مناهله العذبة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الزمر:9.
(2) رواه أحمد والطبراني وابن حبان والحاكم بإسناد صحيح.
(3) طه: 113.



ومن هذه الأقوال الرائعة ما رواه الإمام ابن عبد البر عن ابن أبي غسان، قال: ((لا تزال عالما ما كنت متعلما، فإذا استغنيت كنت جاهلا)) (1).
وقال الإمام مالك رضي الله عنه: لا ينبغي لأحد يكون عنده العلم أن يترك التعلم)) (2).
وقيل للإمام عبد الله بن المبارك: ((إلى متى تطلب العلم؟ قال: حتى الممات، ولعل الكلمة التي أنتفع بها لم أكتبها بعد)) (3).
وسئل الإمام أبو عمرو بن العلاء، فقيل له: ((حتى متى يحسن بالمرء أن يتعلم؟ فقال: ما دام تحسن به الحياة)) (4).
وما أجمل جواب الإمام سفيان بن عيينة حين قيل له: من أحوج الناس إلى
طلب العلم؟ فقال: ((أعلمهم، قيل: ولماذا؟ قال: لأن الخطأ منه أقبح)) (5). وهذا الإمام فخر الدين الرازي المفكر الكبير، ذو التصانيف الكثيرة، والمتفرد بالإمامة في عصره بعلم الكلام والمعقولات وغيرها من العلوم، المتوفى سنة 606، قد آتاه الله من الشهرة العلمية وبعد الصيت ما جعل العلماء يتقاطرون عليه من كل حدب وصوب، في كل بلدة زارها أو مدينة دخلها. ولما ورد هذا الإمام مدينة مرو، توافدت عليه جموع العلماء والطلبة ليأخذوا عنه، ويعتزوا بالآنتساب إلى التلقي منه، وكان في جملة جموع الطلبة الذين يحضرون مجالسه طالب أديب عالم بالأنساب، لا يبلغ العشرين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جامع بيان العلم لابن عبد البر 1/ 96.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) المصدر السابق.
(5) المصدر السابق.



من العمر، فلما آنس الإمام فخر الدين الرازي من هذا الطالب تمكنه من علم الأنساب، وكان الإمام فخر الدين لا يحسن هذا العلم، طلب من تلميذه هذا أن يعلمه إياه، ولم يجد كضاضة من التتلمذ عليه، فأجلسه مجلس الأستاذ، وجلس هو بين يديه، فكان هذا وسام تواضع ورفعة ازدانت به سيرة الإمام فخر الدين الرازي، وما نقص ذلك من مقامه العظيم، وهو إمام عصره.
وقد روى هذه الواقعة النادرة المؤرخ الأديب ياقوت الحموي في كتابه ((معجم الأدباء)) في ترجمته عزيز الدين إسماعيل بن الحسن المروزي النسابة الحسيني، ولقد لقيه ياقوت وعاشره وصاحبه وترجم له ترجمة وافية، وقال في ترجمته: ((حدثني عزيز الدين قال: ورد الإمام فخر الدين الرازي إلى مرو، وكان من جلالة القدر، وعظيم الذكر، وضخامة الهيبة، بحيث لا يراجع في كلامه، ولا يتنفس أحد بين يديه لإعظامه، على ما هو مشهور متعارف، فدخلت إليه، وترددت للقراءة عليه، فقال لي يوما: أحب أن تصنف لي كتابا لطيفا في أنساب الطالبيين لأنظر فيه، فلا أحب أن أكون جاهلا به، فقلت له: أتريده مشجرا (1) أم منثورا؟ فقال: المشجر لا ينضبط بالحفظ، وأنا أريد شيئا أحفظه، فقلت: السمع والطاعة. ومضيت، وصنفت له الكتاب الذي سميته بالفخري، وجئته به، فلما وقف عليه، نزل عن طراحته (2)، وجلس هو على الحصير، وقال لي: اجلس على هذه الطراحة، فأعظمت ذلك، وقلت له: أنا خادمك، فانتهرني نهرة مزعجة، وزعق علي، وقال: اجلس بحيث أقول لك، فتداخلني - علم الله- من هيبته ما لم أتمالك إلا أن جلست حيث أمرني. ثم أخذ يقرأ علي ذلك الكتاب، وهو جالس بين يدي، ويستفهمني عما يستغلق عليه إلى أن أنهاه قراءة. فلما فرغ منه قال لي: اجلس الآن حيث شئت، فإن هذا علم، أنت أستاذي فيه، وأنا أستفيد منه، وأتتلمذ عليك، وليس من الأدب أن يجلس التلميذ إلا بين يدي الأستاذ فقمت من مقامي، وجلس هو في منصبه، ثم أخذت أقرأ عليه، وأنا جالس بحيث كان أولا)).
وقال ياقوت بعد إيراده هذا الخبر: ((وهذا لعمري من حسن الأدب حسن، ولا سيما من مثل ذلك الرجل العظيم المرتبة)).
ألا ما أحب العلم إلى قلوب هؤلاء العلماء! وما أجله في نفوسهم! وما أرفعه في أعينهم! وما أحرج الخلف إلى الاقتداء بهذا السلف العظيم!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
(1) أي أن يكون كتاب الأنساب على هيئة شجرة.
(2) أي وسادته التي كان يجلس عليها حين الدرس.



ما ينبغي للمسلم إتقانه:
وأول ما ينبغي للمسلم أن يتقنه من العلم كتاب الله تعالى: تلاوة، وتجويدا، وتفسيرا. ثم يلم بعلوم الحديث، والسيرة وأخبار الصحابة والتابعين من أعلام الإسلام، ويطلع من الفقه على ما يلزمه لإقامة عباداته ومعاملاته، ومعرفة أحكام دينه على أساس قويم. هذا، إذا كان المسلم مختصا في غير علوم الشريعة. أما إذا كان مختصا في علم من علوم الشريعة، فينطبق عليه ما ينبغي للمسلم الحق أن يحققه في مجال اختصاصه عن إتقان ودقة ونجاح. ومن نافلة القول أن يكون المسلم متقنا اللغة العربية، متمكنا منها.

يتقن ما تخصص به:
ويلتفت المسلم الواعي بعد ذلك إلى اختصاصه، فيهبه كل طاقاته، ويمنحه جل اهتماماته، ويقبل عليه إقبال المسلم المعتقد أن عمله في دائرة اختصاصه فريضة، سواء أكان اختصاصه في علم من علوم الشريعة والدين، أم في علم من علوم الدنيا، كالرياضيات والفيزياء والكيمياء والهندسة والفلك والطب والصناعة والتجارة وغيرها، ومن هنا يتوجب عليه أن يتقن العلم الذي اختص فيه كل الإتقان، فلا يدخر وسعا في الإحاطة بكل ما كتب عنه في شتى اللغات إن استطاع، ويبقى دوما يرفد عقله بالجديد من مستحدثات ذلك العلم، بالمطالعة الدائبة، والاطلاع المستمر، في شتى وجوهه وألوانه. ذلك أن المسلم الواعي الحق في هذا العصر هو الذي يحقق نجاحا علميا عاليا، يكسبه في أعين الناس مهابة وإجلالا وتقديرا، ويرفعه إلى أعلى مراتب المجد والشرف والتكريم، وترتفع بارتفاعه دعوته إلى الشأو الذي بلغه، ما دام يمثلها في إخلاصه وجده ودأبه، وما دام ينطلق من الروح التي أشاعها الإسلام في جو العلم، إذ جعله فريضة، يتقرب بها فاعلها إلى الله، ويتخذ من العلم وسيله لمرضاته. ومن هنا كنا نجد علماء السلف يحرصون في مقدمات كتبهم على تأكيد هذه المعاني السامية؛ ذلك أنهم كانوا يبتغون من العلوم التي أفنوا أعمارهم في نشرها مرضاة الله عز وجل، مقدمين ثمرات قرائحهم خالصة لوجهه الكريم.

يفتح نوافذ على فكره:
ولا يكتفي المسلم الواعي الحصيف بدائرة اختصاصه، بل يفتح نوافذ على فكره وعقله، فيقرأ شتى الكتب والمجلات العلمية والأدبية والثقافية في مختلف العلوم والفنون النافعة، وبخاصة القريبة منها إلى دائرة اختصاصه، فيأخذ بذلك من كل لون من ألوان المعرفة بطرف، ينشط بها ذهنه، ويوسع أفقه، وينمي ملكاته العقلية.

يتقن لغة أجنبية:
ولا ينسى أن يكون لبعض اللغات الأجنبية من اهتمامه نصيب، فاللغة الأجنبية في هذا العصر من ألزم مستلزمات الثقافة للمسلم النابه النشيط المتفهم متطلبات الحياة الإسلامية المحاصرة.
وإن للمسلم الواعي من هدي دينه العظيم خير مشجع على إتقان اللغة الأجنبية؛ ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا إلى تعلم اللغات الأجنبية منذ خمسة عشر قرنا، ليكون المسلمون دوما قادرين على الاتصال بشتى الأمم والأجناس، ودعوتها إلى الحق الذي كلفهم الله بحمله إلى العالمين. نرى مصداق ذلك فى الحديث الذي رواه زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: ((يا زيد، تعلم لي كتاب يهود، فإني والله ما آمن يهود على كتابي))، قال زيد: فتعلمته، فما مضى لي نصف شهر حتى حذقته، فكنت أكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كتب إليهم، وأقرأ كتبهم إذا كتبوا إليه وفي رواية: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أتحسن السريانية؟ فإنها تأتيني كتب))، قلت: لا، قال: ((فتعلمها))، فتعلمتها (1).
ومن هنا كان ابن الزبير رضي الله عنه يتقن عددا من اللغات دون أن تشغله هذه اللغات عن دينه ودخرته، فقد كان له مئة غلام يتكلم كل غلام فيهم بلغة أخرى، وكان ابن الزبير يكلم كل واحد منهم بلغته، وكنت إذا نظرت إليه في أمر دنياه قلت: هذا رجل لم يرد الله طرفة عين، وإذا نظرت إليه في أمر آخرته قلت: هذا رجل لم يرد الدنيا طرفة عين (2).
والمسلم المعاصر مطالب أكثر من أي وقت مضى بإتقان بعض اللغات الأجنبية، ليعيش عصره، ويطلع على الجوانب الإيجابية والسلبية مما يتصل بثقافة أمته وتراثها ودينها فيما كتب بغير لغته، ليكون درعها الواقي يدرأ عنها الشر، ولسانها الأمين يجلب إليها الخير.

ج - روحه
لا ينسى المسلم الحق، وهو يتعهد نفسه، ويبني كيانه الجسمي والعقلي، أنه ليس مكونا من جسم وعقل فحسب، وإنما يدرك أن له قلبا يخفق، وروحا تهفو، ونفسا تحس، وأشواقا عليا تدفعه إلى السمو والاستغراق في عالم العبادة، والتطلع إلى ما عند الله من نعيم، والخشية مما لديه من أنكال وجحيم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
(1) أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
(2) أخرجه الحاكم في المستدرك 3/ 549، وأبو نعيم في الحلية 1/ 334.



يصقل روحه بالعبادة:
ومن هنا كان لزاما على المسلم أن يعنى بروحه، فيقبل على صقلها بالعبادة والمراقبة لله عز وجل آناء الليل وأطراف النهار، بحيث يبقى يقظا متنبها، متقيا أحابيل الشيطان الماكرة، ووسوساته المردية. فإذا مسه طائف من الشيطان في لحظة من لحظات الضعف البشري، هزته الذكرى، فارتد بصيرا متيقظا تائبا مستغفرا:
{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} (1).
ولهذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول لأصحابه: ((جددوا إيمانكم)). قيل: يا رسول الله، وكيف نجدد إيماننا؟ قال: ((أكثروا من قول لا إله إلا الله)) (2).
والمسلم يستعين على تقوية روحه وإصلاح نفسه بضروب من العبادة يقوم بها لله طائعا مخبتا قانتا، كتلاوة القرآن في أناة وتدبر وخشوع، والذكر في إخبات وحضور قلب، والصلاة القويمة المستكملة شروط الصحة والخشوع وحضور الذهن، وغير ذلك من ألوان العبادة والرياضة الروحية، مدربا نفسه على القيام بهذه الطاعات، بحيث تصبح ديدنه وعاداته وسجاياه التي لا فكاك له عنها ولا انفصام. وبذلك ترهف نفسه، ويرق شعوره، وتتيقظ حواسه، فإذا هو في غالب الأحيان يقظ، متنته، مراقب لله في السر والعلانية، مستحضر خشية الله ومراقبته إياه في تعامله مع الناس، لا يجور، ولا يحيد عن الحق، ولا ينحرف عن جادة السبيل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
(1) الأعر اف: 201.
(2) وراه أحمد بسند جيد
.

يلزم الرفيق الصالح ومجالس الإيمان:
ويستعين المسلم أيضا على بلوغ هذا المرتقى الصعب بالرفيق الصالح الذي يتواصى وإياه بالحق، ويتواصيان بالصبر، وبالإكثار من مجالس الإيمان الروحية التي يكثر فيها ذكر الله، وتدور فيها الأحاديث عن الإسلام وعظمته في تربية الفرد والأسرة والمجتمع، ويتملى فيها الحاضرون قدرة الله العظيم القهار الجبار الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ويستعرضون فيها عظيم خلقه وبديع صنعه في الكون والحياة والإنسان؛ ففي مثل هذه المجالس تزكو الروح، وتصقل النفس، ويصفو القلب، وتخالط كيان الإنسان كله بشاشة الإيمان.
ولهذا كان عبد الله بن رواحة رضي الله عنه إذا لقي الرجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((تعال نؤمن بربنا ساعة))، ويبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقول: ((يرحم الله ابن رواحة، إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة)) (1).
وكان الخليفة الراشد سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه ينتزع نفسه من شواغل الخلافة وأعباء الحكم، ويأخذ بيد الرجل والرجلين، فيقول: ((قم بنا نزداد إيمانا))، فيذكرون الله عز وجل (2).
لقد كان عمر رضي الله عنه يحس، وهو من هو تقى وصلاحا وحسن عبادة، الحاجة إلى جلاء النفس بين الحين والحين، فيختلس هذه الساعة من أوهاق الدنيا وضرورات الحياة، ليفرغ فيها إلى ترويح قلبه، وجلاء نفسه،وتصفية روحه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
(1) وراه أحمد بإسناد حسن.
(2) حياة الصحابة 3/ 329.



وكذلك كان معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول لأصحابه، وهم يمشون: ((اجلسوا بنا نؤمن ساعة)) (1).
إن المسلم مسؤول عن تقوية روحه وتزكية نفسه، ودفعها دوما إلى أعلى، وحمايتها أبدا من الارتكاس إلى أدنى:
{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} (2).
ومن هنا كان المسلم مطالبا بأن يحسن اختيار الأخلاء والبيئات التي لا تزيده إلا إيمانا وصلاحا وتقوى وتبصرة، وأن يعرض عن رفاق السوء من شياطين الإنس، وعن مجالس الفحش والمعصية التي تظلم فيها النفس ويصدأ القلب:
{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (3).

يكثر من ترديد الصيغ والأدعية المأثورة:
ومما يستعين به المسلم على تقوية روحه وربط قلبه بالله، ترديده الصيغ المأثورة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل عمل من الأعمال التي ورد فيها للرسول الكريم دعاء. فلقد كان له في الخروج من البيت دعاء، وللدخول فيه دعاء،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(1) حياة الصحابة 3/ 329.
(2) الشمس:7 - 10.
(3) الكهف: 28.



ولوداع المسافر دعاء، ولاستقباله دعاء، وللبس الثوب الجديد دعاء، وللاضطجاع في الفراش دعاء، وللاستيقاظ من النوم دعاء ... وهكذا لم يكد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم بعمل إلا وكان له فيه دعاء، يتوجه به لله تعالى أن يلهمه القصد، ويجنبه العثار، ويلطف به، ويكتب له الخير، مما هو مبسوط في كتب الحديث الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (1)، وكان يعلم الصحابة الكرام هذه الأدعية والأذكار، ويحضهم على قولهم في أوقاتها.
والمسلم التقي الواعي يحرص على تعلم هذه الصيغ المأثورة الرائعة، تأسيا بالرسول الكريم وصحبه الأبرار، ويثابر على تردادها في أوقاتها ومناسباتها، ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وبذلك يبقى قلبه موصولا بالله عز وجل، وتزكو نفسه، وتسمو روحه، ويرهف وجدانه.
بهذه الرياضة الروحية راض الرسول الكريم أرواح الجيل الأول من الصحابة الغز الميامين، وصقل نفوسهم، فإذا هي متألقة صافية مجلوة، لا غبش فيها ولا كدر ولا دخل، فحقق بهم معجزة الإسلام الكبرى في إيجاد الجيل المهذب الراقي الفريد في حياة الإنسانية، الذي صنع المعجزات في سنوات معدودات.
والمسلم الصادق الحق مدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى أن يروض جناح روحه على التحليق والارتفاع إلى هذا الأفق الوضيء السامي، ليكون على مستوى دعوته، وما تتطلبه من أعباء باهظة ومسؤوليات جسام.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
(1) انظر كتاب الأذكار للنووي، والمأثورات لحسن البنا.


من كتاب: شخصية المسلم كما يصوغها الإسلام في الكتاب والسنة
المؤلف: الدكتور محمد علي الهاشمي
الناشر: دار البشائر الإسلامية




 توقيع : أبو خالد



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ»

الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود -
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلاتحرمونا دعائكم

رد مع اقتباس
قديم 05 Apr 2018, 10:51 PM   #2
نور الشمس
وسام الشرف - مشرفة قروب - أخوات البحث العلمي - جزاها الله تعالى خيرا
** أم عمـــر **


الصورة الرمزية نور الشمس
نور الشمس غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 13417
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : 21 Aug 2023 (03:12 PM)
 المشاركات : 11,240 [ + ]
 التقييم :  35
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 مزاجي
لوني المفضل : Olivedrab
رد: المسلم مع نفسه



جزاك الله خير ..


 
 توقيع : نور الشمس



قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

‏🌱 اجعل نفسك دائماً في تفاؤل والذي يريده الله سيكون

‏ وكن مسروراً فرحاً واسع الصدر ،،

‏فالدنيا أمامك واسعة والطريق مفتوح ✨

‏فهذا هو الخير ،،،

‏ 📚 شرح رياض الصالحين - ج4 ص87

🦋🍃


رد مع اقتباس
قديم 12 Apr 2018, 09:08 AM   #3
أبو خالد
باحث جزاه الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية أبو خالد
أبو خالد غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 25
 تاريخ التسجيل :  Jun 2005
 أخر زيارة : 15 Jul 2018 (03:04 PM)
 المشاركات : 13,860 [ + ]
 التقييم :  21
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 مزاجي
 وسائط MMS
وسائط MMS
 SMS ~
اللهم إني ظلمت نفسي
ظلـمآ كثيرآ
ولا يفغر الذنوب
الا أنت
فاغفر لي مفغرة من عندك
وأرحمني
إنك أنت الغفور الرحيم
لوني المفضل : Cadetblue
رد: المسلم مع نفسه



شاكر مرورك جزاكِ الله خير


 
 توقيع : أبو خالد



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ»

الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود -
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلاتحرمونا دعائكم


رد مع اقتباس
قديم 14 Apr 2018, 03:25 AM   #4
سلطانه
وسام الشرف
SULTANA


الصورة الرمزية سلطانه
سلطانه غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 19311
 تاريخ التسجيل :  Jan 2018
 أخر زيارة : 06 Nov 2023 (09:05 PM)
 المشاركات : 1,395 [ + ]
 التقييم :  20
 الدولهـ
Saudi Arabia
لوني المفضل : Black
رد: المسلم مع نفسه



جزاك الله خير


 

رد مع اقتباس
قديم 15 Apr 2018, 07:31 AM   #5
أبو خالد
باحث جزاه الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية أبو خالد
أبو خالد غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 25
 تاريخ التسجيل :  Jun 2005
 أخر زيارة : 15 Jul 2018 (03:04 PM)
 المشاركات : 13,860 [ + ]
 التقييم :  21
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 مزاجي
 وسائط MMS
وسائط MMS
 SMS ~
اللهم إني ظلمت نفسي
ظلـمآ كثيرآ
ولا يفغر الذنوب
الا أنت
فاغفر لي مفغرة من عندك
وأرحمني
إنك أنت الغفور الرحيم
لوني المفضل : Cadetblue
رد: المسلم مع نفسه



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلطانه مشاهدة المشاركة
جزاك الله خير
شاكر مرورك جزاكِ الله خير


 
 توقيع : أبو خالد



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ»

الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود -
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلاتحرمونا دعائكم


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 12:18 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي