اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ : روى الإمام مسلم عن أبي أيُّوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( مَن صام رمضان ثم أتبَعَه ستًّا من شوَّال، كان كصيام الدهر))؛ وروى الإمام الطبراني عن عبدالله ابن عمررضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من صام رمضانَ وأتبعه ستًّا من شوَّالٍ خرج من ذنوبِه كيومِ ولدته أمُّه ) .

اللهم ربنا تقبل منا الصيام والصلاة والقرآن والقيام والدعاء وسائر صالح الأعمال ،وأجعلنا ممن قام ليلة القدر واجعلنا فيها من الفائزين المقبولين وكل عام ونحن وجميع المسلمين في خيرورخاء وصحة وعافية وسعادة وأمن وأمان .


           :: " يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث " (آخر رد :طالب علم)       :: توحيد الله تعالى (آخر رد :طالب علم)       :: سر من أسرار الدنيا (آخر رد :طالب علم)       :: ‎ - علاقه الروح و جسد الانسان - الشيخ نشأت أحمد‎ . (آخر رد :طالب علم)       :: من هم ؟ أهل السنة والجماعة (آخر رد :طالب علم)       :: عقيدتنا هي ...! (آخر رد :طالب علم)       :: من فوائد ابن القيم ( مراتب الناس في الصلاة ) (آخر رد :طالب علم)       :: بحث في فضل فاتحة الكتاب ... (آخر رد :طالب علم)       :: درجات تسلط الشيطان على الانسان (آخر رد :طالب علم)       :: النفاثات في العقد . (آخر رد :طالب علم)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum عقيدة وفقه ومعاملات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 21 Mar 2017, 02:57 PM
أبو خالد
باحث جزاه الله تعالى خيرا
أبو خالد غير متصل
Saudi Arabia     Male
SMS ~ [ + ]
اللهم إني ظلمت نفسي
ظلـمآ كثيرآ
ولا يفغر الذنوب
الا أنت
فاغفر لي مفغرة من عندك
وأرحمني
إنك أنت الغفور الرحيم
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 25
 تاريخ التسجيل : Jun 2005
 فترة الأقامة : 6896 يوم
 أخر زيارة : 15 Jul 2018 (03:04 PM)
 المشاركات : 13,860 [ + ]
 التقييم : 21
 معدل التقييم : أبو خالد is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
تأملات قصار السور: سورة التكاثر



بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4)
كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)


مناسبتها لما قبلها:
جاء في سورة القارعة وصف القيامة وبعض أحوالها، وجزاء الأخيار والأشرار، وفي هذه السورة جاء ما يناسب ذلك وهو ذكر الجحيم وهو قوله: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} (التكاثر: 6)، وهي: (الهاوية) التي ذُكرت في القارعة، كذلك بدأت السورة بذكر السبب الرئيس في الوقوع في (الهاوية) وهو حب الدنيا والانشغال بها وبنعيمها، ثم جاء الوعيد وذكر السؤال عما قدّم المرء من الأعمال في الحياة الدنيا، والسؤال عن النعيم بقوله: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} وهذا بعض أحوال الآخرة.

{ألهاكم التكاثر} يقول الله تعالى موبخًا عباده عن انشغالهم عما خلقوا له؛ من عبادته وحده لا شريك له، ومعرفته، والإنابة إليه، وتقديم محبته على كل شيء: {ألهاكم التكاثر} شغلكم وأنساكم التباهي والتباري بالأمور الفانية عن عبادة الله، والقيام بطاعته، حتى لهوتم عن طلب الآخرة وابتغائها، وعمَّا ينجي من سخط الله وعقابه.

قال الله تعالى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (الأنعام: 32)، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ»[1].

واللهو: كل ما يصرف عن الجد في العمل، أو يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمه، ويطفئ نور الاستعداد وصفاء الفطرة والعقل، والكمالات المعنوية الباقية، قال تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (العنكبوت: 64).

وذكر (التكاثر) ولم يذكر المتكاثر به؛ ليشمل بذلك كل ما يتكاثر به المتكاثرون، ويفتخر به المفتخرون؛ من التباهي بكثرة المال والولد، كما في قوله تعالى: {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} (سبأ: 35). وعن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَادِيَانِ، وَلَنْ يَمْلَأَ فَاهُ إِلَّا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ»[2]. قال: أَنَسٍ، عَنْ أُبَيٍّ: " كُنَّا نَرَى هَذَا مِنَ القُرْآنِ، حَتَّى نَزَلَتْ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [3].

ومن التكاثر: التفاخر بالقبائل والعشائر والجاه؛ كقوله تعالى عن صاحب الجنة: {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} (الكهف: 34)، وأعز نفراً أي: أكثر عددا.

أو التشاغل بالمعاش والتجارة، وحب الدنيا ونعيمها وزهرتها, وكل ما هو صالح للتكاثر به؛ من بناءٍ وغراس؛ كما في قوله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا} (الحديد:20).

وترك ذكر المتَكَاثر به؛ لأن التكاثر في حد ذاته مذموم ينافي التقوى، والذي من معانيها: القناعة بالقليل، والرضا بما قسم الله للعباد؛ كما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَأْخُذُ عَنِّي هَؤُلَاءِ الكَلِمَاتِ فَيَعْمَلُ بِهِنَّ أَوْ يُعَلِّمُ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ»؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَعَدَّ خَمْسًا وَقَالَ: «اتَّقِ المَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ، وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا، وَلَا تُكْثِرِ الضَّحِكَ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ القَلْبَ»[4].

وهذا لا يعني أن جمع المال أو التجارة أمرٌ مذموم؛ قال تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} (البقرة: 198)، أي: ليس عليكم حرج في أن تطلبوا رزقًا من ربكم بالربح من التجارة، وإنما المذموم الانشغال بذلك عن ذكر الله، لذلك امتدح الله عز وجل أهل طاعته وذكره، الذين لا تشغلهم الدنيا والتجارة عن الطاعة والذكر، قال تعالى: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} (النور: 37).

إنما اللوم والتوبيخ والذم حينما يكون المال والجاه والدنيا مَدْعَاة للعبد أن يلهو عن النظر في دلائل القرآن ودعوة الإسلام، وعن ذكر الله تعالى، وعن الواجبات والمندوبات، مما يتعلق بالقلب؛ كالعلم والتفكر والاعتبار؛ كما بين الله ذلك بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (المنافقون: 9).

والخطاب في الآية لجميع الأمة، إلا أنه يدخل فيه المشركون والفاسقون الذين آثروا الدنيا على الآخرة دخولاً أوّليًّا، ثم سائر من انشغل عن الدار الباقية بأمور هذه الدار الفانية.

{حتى زرتم المقابر} واستمر لهوكم وغفلتكم وتشاغلكم حتى أدرككم الموت على تلك الحالة، وقد ضاعت الأعمار فيما لا يجدي، فمُتُّم ولحقتم بالقبور زُوَّارًا، ترجعون منها إلى منازلكم؛ من الجنة أو النار؛ فإن الزائر لابد أن يرجع إلى وطنه، والقبور ليست بدار إقامة.

ولذلك يُذكر عن بعض الأعراب أنه سمع قارئا يقرأ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ* حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ}، فقال: «والله ما الزائر بمقيم والله لنبعثن»[5].

لذا كان من باطل القول أن يقال إذا مات الإنسان: (انتقل إلى مثواه الأخير)[6]؛ لأن المثوى الأخير يكون في القيامة إما إلى الجنة وإما إلى النار.

والتعبير بصيغة الماضي في (زرتم)؛ لتنزيل المستقبل منزلة الماضي؛ لأنه محقق وقوعه؛ كقوله: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} (النحل: 1).

والإنسان مجبول على التكاثر إلى أن يموت؛ كلما ازداد به الكِبر ازداد به الأمل، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَتَشِبُّ مِنْهُ اثْنَتَانِ: الْحِرْصُ عَلَى الْمَالِ، وَالْحِرْصُ عَلَى الْعُمُرِ"[7].

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "يَقُولُ الْعَبْدُ: مَالِي، مَالِي، إِنَّمَا لَهُ مِنْ مَالِهِ ثَلَاثٌ: مَا أَكَلَ فَأَفْنَى، أَوْ لَبِسَ فَأَبْلَى، أَوْ أَعْطَى فَاقْتَنَى، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ ذَاهِبٌ، وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ"[8].

{كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} (كَلَّا) ردعٌ وزجرٌ عن التَّلهِّي والتَّكاثر، ومعنى {سوف تعلمون} أي: سوف تعلمون عاقبة التكاثر الذي ألهاكم عن قبول دعوة الإسلام عند نزول الموت ودخول القبور, فحينها لا ينفعكم بعد رحمة الله إلا العمل الصالح، عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلَاثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى وَاحِدٌ، يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَيَبْقَى عَمَلُهُ»[9].

{ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} ثم احذروا، سوف تعلمون سوء عاقبة انشغالكم عن الله واليوم الآخر، وذلك إذا رجعتم إلى الدار الآخرة في يوم القيامة.

{كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} أعيد الزجر زيادةً في إبطال ما هم عليه من اللهو عن التدبر في أقوال القرآن, والمعنى: حقًّا لو تعلمون الأمر الذي أنتم صائرون إليه علما يقينيا لعرفتم أنكم في ضلال وخطأ عظيم، ولفعلتم ما ينفعكم من الخير، وتركتم ما لا ينفعكم مما أنتم فيه، ولشَغَلَكم ما تعلمون عن التكاثر والتفاخر، ولكنكم لا تعلمون علم اليقين؛ لأنكم غافلون لاهون في هذه الدنيا. وفي هذا بيان لفضل العلم وخطر الجهل والغفلة؛ كما وصف الله الكافرين المعرضين بقوله: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم: 7].

{لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} هذا تفسير الوعيد المتقدم في قوله تعالى: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ* ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ}، فخوّفهم وتوعدهم ببعض ما ينتهي إليه هذا اللهو، وهو عذاب الآخرة بعد خزي الدنيا، و(الجحيم) اسمٌ من أسماء النار، يؤتى بها تُجر بسبعين ألف زمام، وفي كل زمام سبعون ألف ملك.

والمراد: والله لترونَّ الجحيم، رؤيةً بصريةً وسوف تشاهدون النار وهي نار كبيرة عظيمة, وتعاينون العذاب والمآل يقينًا, وتكون تلك الرؤية عندما يتكشَّف الحال في القبر, عند أول البعث، وعند الورود على النار، قال تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} (مريم: 71).

{ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} وتكرار القسم زيادةً في تأكيد الرؤية, أي: ثم لتبصرونها دون ريب. والمراد بعين اليقين: نفسه؛ لأن عين الشيء ذاته.

ومراتب اليقين ثلاثة: أولها: علم اليقين؛ وهو العلم المستفاد من الخبر؛ كعلم المرء بوجود النار من خلال إخبار القرآن والسنة. ثم عين اليقين؛ وهو العلم المدرك بحاسة البصر، مثل قوله تعالى: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا} (الكهف: 53)، ثم حق اليقين؛ وهو العلم المدرك بحاسة الذوق والمباشرة؛ كقوله تعالى: {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ} (الواقعة: 92 – 95)، وكذلك جاء وصف القرآن بقوله: {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ} (الحاقة: 51)؛ فإن ما فيه من العلوم المؤيدة بالبراهين القطعية، وما فيه من الحقائق والمعارف الإيمانية، يحصل به لمن ذاقه حق اليقين.

{ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قال ابْنِ عَبَّاسٍ: النَّعِيمُ: صِحَّةُ الْأَبْدَانِ وَالْأَسْمَاعِ وَالْأَبْصَارِ، قَالَ: يَسْأَلُ اللَّهُ الْعِبَادَ فِيمَ اسْتَعْمَلُوهَا، وَهُوَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْهُمْ، وَهُوَ قَوْلُهُ: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}"[10](الإسراء: 36).

والمراد: ثم لتسألن يوم القيامة عن كل أنواع النعيم الذي تنعمتم به في دار الدنيا؛ هل قمتم بشكره، وأديتم حق الله فيه، ولم تستعينوا به على معاصيه؟ فينعمكم نعيمًا أعلى منه وأفضل. أم اغتررتم به، ولم تقوموا بشكره؟ بل ربما استمتعتم به على معاصي الله فكنتم بذلك عُرْضَةً للجزاء والعقاب، فيعاقبكم على ذلك، قال تعالى: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} (الأحقاف: 20).

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ"[11]، ومعنى هذا: أنهم مقصرون في شكر هاتين النعمتين، لا يقومون بواجبهما، ومن لا يقوم بحق ما وجب عليه فهو مغبون.

والله جل وعلا سائلٌ جميع الناس، مؤمنهم وكافرهم, لكن الكافر يُسأل سؤال توبيخ وتقريع، والمؤمن يُسأل سؤال تذكير وإكرام، فعن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ - أَوْ لَيْلَةٍ - فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالَ: «مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ؟» قَالَا: الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللهِ،، قَالَ: «وَأَنَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا، قُومُوا»، فَقَامُوا مَعَهُ، فَأَتَى رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ فِي بَيْتِهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ، قَالَتْ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ فُلَانٌ؟» قَالَتْ: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنَ الْمَاءِ، إِذْ جَاءَ الْأَنْصَارِيُّ، فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي، قَالَ: فَانْطَلَقَ، فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ، فَقَالَ: كُلُوا مِنْ هَذِهِ، وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكَ، وَالْحَلُوبَ»، فَذَبَحَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ وَشَرِبُوا، فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ"[12]. وفي رواية أخرى: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، ظِلٌّ بَارِدٌ، وَرُطَبٌ طَيِّبٌ، وَمَاءٌ بَارِدٌ"[13].



----------------------------------------
[1] أخرجه مسلم (2742).
[2] ) ) أخرجه البخاري (6439) ومسلم (1048).
[3] ) ) أخرجه البخاري (6440).
[4])) أخرجه أحمد (8095)، والترمذي (2305) وقال حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث جعفر بن سليمان، والحسن لم يسمع من أبي هريرة شيئًا، وحسنه الألباني في الصحيحة (930).
[5] ) ) تفسير جزء عم لابن عثيمين (ص: 303).
[6] ) ) انظر معاجم المناهي اللفظة لبكر أبو زيد (ص: 476)، وفتاوى الشيخ ابن عثيمين (3/133).
[7]) ) أخرجه مسلم (1047).
[8] ) ) أخرجه مسلم (2959).
[9] ) ) أخرجه البخاري (6514)، ومسلم (2960).
[10] ) ) أخرجه الطبري (24/604).
[11] ) ) أخرجه البخاري (6412).
[12] ) ) أخرجه مسلم (2038).
[13] ) ) أخرجه الترمذي (2369)، وقال: حديث حسن صحيح غريب.


أنور إبراهيم النبراوي
باحث في الدراسات القرآنية والتربوية
ومستشار أسري




 توقيع : أبو خالد



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ»

الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود -
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلاتحرمونا دعائكم

رد مع اقتباس
قديم 26 Mar 2017, 09:43 PM   #2
شبوه نت
جزاه الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية شبوه نت
شبوه نت غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 12665
 تاريخ التسجيل :  Jul 2012
 أخر زيارة : 08 Apr 2024 (07:41 PM)
 المشاركات : 166 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
رد: تأملات قصار السور: سورة التكاثر



بارك الله فيك

على جهودك


الطيبه


 
 توقيع : شبوه نت



رد مع اقتباس
قديم 27 Mar 2017, 02:49 PM   #3
أبو خالد
باحث جزاه الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية أبو خالد
أبو خالد غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 25
 تاريخ التسجيل :  Jun 2005
 أخر زيارة : 15 Jul 2018 (03:04 PM)
 المشاركات : 13,860 [ + ]
 التقييم :  21
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 مزاجي
 وسائط MMS
وسائط MMS
 SMS ~
اللهم إني ظلمت نفسي
ظلـمآ كثيرآ
ولا يفغر الذنوب
الا أنت
فاغفر لي مفغرة من عندك
وأرحمني
إنك أنت الغفور الرحيم
لوني المفضل : Cadetblue
رد: تأملات قصار السور: سورة التكاثر



جزاكِ الله خير شاكر مرورك


 
 توقيع : أبو خالد



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ»

الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود -
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلاتحرمونا دعائكم


رد مع اقتباس
قديم 02 Apr 2017, 04:10 AM   #4
فتى الإسلام
منسق قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا


الصورة الرمزية فتى الإسلام
فتى الإسلام غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 13494
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : 11 Mar 2021 (03:08 AM)
 المشاركات : 684 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
رد: تأملات قصار السور: سورة التكاثر



جزاك الله خيرا


 

رد مع اقتباس
قديم 02 Apr 2017, 02:30 PM   #5
أبو خالد
باحث جزاه الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية أبو خالد
أبو خالد غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 25
 تاريخ التسجيل :  Jun 2005
 أخر زيارة : 15 Jul 2018 (03:04 PM)
 المشاركات : 13,860 [ + ]
 التقييم :  21
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 مزاجي
 وسائط MMS
وسائط MMS
 SMS ~
اللهم إني ظلمت نفسي
ظلـمآ كثيرآ
ولا يفغر الذنوب
الا أنت
فاغفر لي مفغرة من عندك
وأرحمني
إنك أنت الغفور الرحيم
لوني المفضل : Cadetblue
رد: تأملات قصار السور: سورة التكاثر



بارك الله فيك شاكر مرورك


 
 توقيع : أبو خالد



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ»

الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود -
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلاتحرمونا دعائكم


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 01:29 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي